4- The Affair
عندما تلتقي الأعين، ويبدأ ذلك التوتّر الّذي يخالج الطرفين، وتبدأ الإشارات بينهما لتقودهما إلى علاقة محرّمة. يظن كلا الطرفين أنّه تمّ جرّهما لا إرادياً إلى الخيانة. لكن كيف حصل الأمر في عقل كلّ واحد منهما. من كان يبعث الإشارات للآخر. من كان مصراً على التقرّب من الآخر.
هذا هو محور العمل تقريباً. فسنرى هنا هذه العلاقة من جانبين. جانب نوح وجانب أليسون. قصة كل واحد منها لا تختلف كثيراً عن قصة الآخر، لكن متعة العمل في اختلاف التفاصيل الصغيرة عند سردهما للقصة، هذا ما أعطى العمل صبغة واقعية جداً وجعله فريداً من نوعه. والأهم من ذلك، جعله عملاً نفسياً بامتياز.
العمل تحصّل على جائزة غولدن غلوب عن أحسن عمل درامي لسنة 2014، بالطبع الأمر ليس من فراغ فالعمل قدّم حاجة فخمة جداً، خاصة من ناحية الكتابة، الدقّة في التفاصيل (وهذا أكثر ما يجذبني في أيّ عمل، التفاصيل) كانت بطريقة متقنة جداً جعلت الأحداث واقعية للغاية، خاصّة عند الوصول إلى الاختلافات في جانبي القصّة التّي تمثل عنصر القوة في هذا النص. فالعمل يضع بين يديك جانبين للقصة ولك أن تقرر أيّهما صحيح، رغم أنّ النهاية واحدة. لكن كأي قصة تُروى لك من جانبين ستتعاطف مع الراوي في وقت سرده للقصّة.
إذا انتقلنا للجانب الفني للعمل، بجانب الكتابة، الحوارات كانت قمّة في الروعة مع وجود الرائعين دومينيك ويست و روث ويلسون لإخراجها بأحلى حلّة ما يوصلنا إلى الكاست الرائع بقيادة هذين الممثلين الفذّين اللذان غالباً تعرفونها عن أدوارهما في The Wire، Luther
فمجرّد نظرة من الرائع دومينيك ويست أو الفاتنة روث ويلسون تستطيع تلخيص مشهد بأكمله فما بالك بنص ممتاز وحوارات عميقة وعفوية.
الإخراج في العمل كان مميزاً خاصة في إظهار التفاصيل الّتي تبين الاختلاف في رواية كل واحد منهما، فالطريقة الّتي مشى بها العمل من بدايته كانت موسومة بلمسات إخراجية تناسب جو العمل إلى حد كبير وتمهّد له الطريق لقول المزيد والمزيد.
في الأخير العمل أعتبره شخصياً أحسن عمل جديد لهذا العام وأكثرهم تكاملاً، وبالطبع مع نهايته المفتوحة نتطلّع إلى الموسم الثاني. وما يثير فضولي هو كيف سيتعاملون مع القصّة الآن خاصة أنّ العديد من الأشياء تغيّرت.
The Affair عمل أقلّ ما يقال عنه أنّه رائعة قادمة بقوّة تمثّل مبدأ التغير الكبير الّذي يحدث في التلفاز حالياً.