غيم أوف ثرونز، الموسم 7 الحلقة 1: بداية النهاية

يعود غيم/قيم/جيم اوف ثرونز بعد غياب أطول من المعتاد ليعيدنا لعالم التنانين والنهود بحلقة افتتاحية تشبه ما تعودنا عليه طوال المواسم الخمسة الماضية، باستثناء أن لا تنانين أو نهود ظهرت فيها. هذا يعني أنه باستثناء ما إذا كانت حلقة هذا الأسبوع هي أول حلقة رأيتها في المسلسل كله، محتوى الحلقة هو ما تتوقعه تماماً من إفتتاحية الثرونز: تذكير بالأشياء التي حدثت في ختام الموسم الماضي، وضع قطع الشطرنج في أماكنها على لوحة اللعب، تحريك قطعة أو إثنتين بما فيه الكفاية لجعل الناس يتحدثون عن الحلقة، وترك الكثير من التساؤلات حول المسار الذي سيتخذه المسلسل هذا الموسم.

أيضاً عند هذه النقطة من المسلسل، أي: الموسم ما قبل الأخير، لا داعي للتذكير بأن هذا ليس حقاً مسلسلاً عظيماً، بل جيد، فلذلك اذا ظللت تشاهده بمستوى عالٍ من التوقعات فلن يسبب لك سوى خيبة الأمل. ستركز على طول أريا وهي تتقمص والدر فراي، وستتسائل كيف استطاع يورون غريجوي بناء أسطول كامل بهذه السرعة بعد أن سرقت يارا وثيون أسطوله بأكمله، أو كيف وقعت غيلي مباشرة على الصفحة التي تخبرنا بمكان تواجد زجاج التنين، وما إلى ذلك من هذه الأشياء التي اعتدنا عليها في مواسم المسلسل الستة. بدلاً عن ذلك، اذا افترضت أن هذه الأشياء هي ”ما يفعله غيم اوف ثرونز عادة“ فستسمح لنفسك ان تتجاوزها وتحب المسلسل لما هو عليه: مسلسل جيد. ممتع، مسلي، لكن ليس مثالياً بأي شكل من الأشكال. لا يعني هذا أن هناك مسلسلا مثالياً، لكن بعض منها اقترب من ذلك على قدر الإمكان.

مع تبقي 12 حلقة من النهاية، يتوقع أن يبني المسلسل على ختامية الموسم الماضي بالتقليل قدر الإمكان من المحاور الجانبية وقتل (أو، بدلاً عن ذلك، التأثير بشكل جذري على) أكبر قدر من الشخصيات بأقل قدر ممكن من الحركات في سبيل دمج كل تلك الخطوط السردية المتبقية إلى خط واحد، وهو ما افترض أنه خط ”البشر ضد السائرين البيض“، فلذلك حتى لو لم تكن هذه الحلقة مليئة بالحركة، أتوقع أن تكون الحلقات الستة الباقية (نعم، يصعب حقاً التصديق أن 7 حلقات هو كل ما سنحصل عليه هذه السنة) مُسيّرة بشكل أكبر بالأحداث مع أقل مساحة ممكنة لتطوير الشخصيات، وربما لاحظ بعضكم من خلال هذه الحلقة وبريفيو الحلقة المقبلة ان هناك عجلة واضحة في تحريك القصة هذا الموسم على غرار المواسم السابقة (هل هذا بسبب عدد الحلقات ام قرب النهاية؟ لا نعلم، ربما مزيج من الإثنين) وهذا شيء قد يراه بعضكم جيداً أو سيئاً، على حسب نظرة كل مشاهد للمسلسل. لقد ولى زمن الدهاء والمكر والسياسات الخبيثة مع موت تايوين، الآن وقت الحركة.

مشهد أريا لم يفعل سوى تكرار ما حدث في ختامية الموسم الماضي، بطريقة ”غير شخصية“. أي نعم، من الجميل رؤية أريا تحصل على انتقامها، لكن قتل مجموعة من الأشخاص الذين لا نعرفهم ليس بنفس تأثير أن تقتل أريا والدر فراي وتطعمه أولاده في فطيرة، ذلك قتل شخصيّ للغاية في مشهد يحمل قيمة عاطفية كبيرة بالنسبة للمشاهد. نعم، المسلسل لم يكن يحتاج هذا المشهد، لكن هذه الحلقة كانت تحتاجه، لأنه رغم أنه ليس مفاجئاً بشكل كبير، إلا أنه يعطي للمشاهد وهماً بأن الأمور تحدث أو بدأت بالحدوث، وكأن هذا هو البداية لمزيد من مشاهد القتل، مؤسف أن ذلك لم يشمل مشهد إد شيران. لن أسامح أريا أبداً لعدم قتلها لإد شيران عندما سنحت لها الفرصة.

مشهد شيران كذلك لم يكن ضرورياً البتة، وغير منطقي إلى حد ما. نعم، أنا أحب أغنية Hands of Gold وهي من الأشياء المفضلة لدي في الرواية (نظراً لارتباطها الشديد بقصة تيريون وشاي، ولأنها من الأشياء التي يرددها تيريون كثيراً وأجد نفسي أغنيها أحياناً في مواقف لا تستدعي ذلك البتة)، وأحب رؤية شباب This is England في أي من مشاريعهم الأخرى، لكن ماذا كان الهدف حقاً من ذلك المشهد؟ نعم، إخبار أريا لنا بوجهتها القادمة، وكأن إعلان هذا في وقت مبكر من الموسم أمر ضروري. أشك أنه محاولة بائسة لدحض فكرة لم شمل أطفال نيد ستارك هذا الموسم، خصوصاً مع كل ذلك الحديث حول الحنين إلى العائلة.

ما لم يتم التركيز عليه هو أن مقتل والدر فراي يحرر بشكل مباشر إدميور تولي ويجعل إبنه الوريث الشرعي للتوأمين (أو القنيطرة، كما أحب تسميتها) ويجعل منطقة رئيسية جداً في صراع العروش لصالح الشماليين، الذين يقودهم جون سنو حالياً.

على ذكر جون سنو، يستكمل المسلسل من حيث توقف في ذلك المحور في قاعة الطعام تلك حيث يظهر جون مهاراته القيادية وتبدأ علامات التوتر بينه وبين سانسا بالظهور، الأمر الذي يُسعد الخنصر. لو سألتني قبل 3 مواسم عن الخنصر، لقلت لك أنه ربما أهم شخصية في المسلسل، الآن؟ لست متأكداً حقاً. سانسا يبدو أنها فطنت لمكره ودهاءه، لكن جون سنو لا يزال ساذجاً كما أسلفت سانسا، وإذا استصعب على الخنصر التلاعب بسانسا، فجون سنو سيكون أسهل منه بكثير. جون اتخذ القرار الصحيح على الأرجح فيما يخص بيت أمبر وكارستارك، لكن سانسا محقة، نيد وروب كانا أيضاً قائدين جيدين، لكنهما ارتكبا في نهاية المطاف أخطاء غبية أودت بحياتهم، وعلى جون أن ينتبه إلى القرارات التي يتخذها. هذا أيضاً يوضح لنا نضجاً بارزاً في سانسا، التي هي مختلفة تماماً عن سانسا المواسم الأولى، سانسا تلك ما كانت لتخبر الخنصر أنه لا حاجة له بأن يحصل على الكلمة الأخيرة، مهما بلغت حذاقتها، وربما هذا من الأشياء التي تعلمتها من سيرسي على حد قولها.

لكن حتى رغم اعتقادي بأن جون اتخذ القرار الصحيح، هناك احتمال كبير أن يكون هذا هو الأمر الذي يحدث شرخاً في علاقته بسانسا مستقبلاً، لأنه حتى لو افترضنا ان هذين الطفلين سيلتزمان بقسم الولاء الذي نطقوا به، لا يعني هذا أن بيت أمبر وبيت كارستارك بكل أفراده سيصبح وفياً لجون سنو، هذه الخيانات لا تحدث في فراغ، وقطع ذيل الثعبان ليس مثل قطع الرأس. دعونا لا ننسى أن هذين لا يزالان طفلين، هناك احتمال كبير أن يقفز فرد أخر من عائلاتهم ليغتصب منهم قيادة البيت، وفي هذه الحالة ستشعر سانسا بالحاجة إلى حماية بيتها، خصوصاً بعد رؤيتها لردة فعل جون سنو على تهديد سيرسي. جون منشغل جداً بالحرب العظمى لدرجة انه لا يعير أهمية كبيرة لبيته. المشكلة أن أي عدم اتفاق بين جون وسانسا سيجعل الأمور تمشي حسب ما يحبه ويتمناه الخنصر، وربما هذا الأخير سيكون له دور في هذه الخيانة المفترضة. توقّع أي شيء من اللورد Twatbeard.

قبل أن أنتقل للحديث عن المحاور الأخرى، أود أن أكرر ملاحظتي من الموسم الماضي حول شخصية ليانا مورمونت، وكيف أنها صعبة التصديق. كانت مشاهدة هذه الشخصية أمراً مسلياً لبعض الوقت، لكنه الآن أصبح أمراً سخيفاً. هل تريد مني أن أصدق أنه في مكان خيالي يشبه قلعة من العصور الوسطى، قاعة كبيرة مليئة بقادة قبائل وعشائر الشمال من الذكور، وكل هؤلاء لديهم احترام أكبر للنساء، بل لطفلة، أكثر من زمننا الحالي؟ قليل من الاحترام أمر منطقي، لكن الأمر وصل لمرحلة التبجيل وربما المهابة حتى، كل ما تقوله ليانا مورمونت يكون هو نهاية الحديث. ثم من وضع هذه الشخصية محامية لجون سنو؟

بينما نحن نتحدث عن الأمر، دعونا نتوقف عن اعطاء شخصيات الأطفال حوارات بالغين، لا طفل في الحقيقة يتحدث مثلما يتحدث الأطفال في الافلام والمسلسلات، الأمر سخيف جداً. شكراً لكم.

يورون غريجوي كان من أكثر الشخصيات التي كان هناك حماس حولها في الموسم الماضي وخاب أملنا جميعاً عندما لم نر منه ولا من محوره أي شيء يثير الاعجاب، فلذلك يمكن القول انه التوقعات حوله في هذا الموسم كانت منخفضة جداً، لكن بيلو أسبيك بأداء كاريزماتيّ للغاية (والذي كل من شاهد Borgen يعرف بقدرة الممثل على أداءه) أعاد اهتمام الجميع بهذه الشخصية للواجهة. المشهد كان مسلي للغاية وكان شيء مرحب به جداً في هذه الحلقة، لكنه تركنا بسؤال كبير: ماذا سيجلب عين الزاغ لسيرسي؟ الجميع يتوقع أنه سيحاول أن يجلب لها تيريون، خصوصاً بعد الحديث حول مدى استمتاعه بقتل أخيه أمام جايمي، الذي بدى على محياه مزيج غريب من الغيرة والحيرة والخوف من تحول اخته إلى نسخة انثوية من الملك المجنون.

شخصياً، أجد فكرة اختطاف تيريون ليقابل ملكة أخرى شيئاً مبتذلاً للغاية، هناك أشياء أخرى من محور بني حديد يمكن ليورون أن يجلبها غير تيريون. أعني، ليس وكأن اختطاف الزعبوب هذه المرة سيكون بنفس السهولة، خصوصاً مع جيش الدوثراك والطاهرين الذي يحميه كما يحمي دينيريس. لنأمل فقط أن هذه الشخصية لن يتم تجاهلها إلى حين انتهاء الموسم أو شيء من هذا القبيل، خصوصاً بعد هذا المشهد، سيكون هذا شيئاً محبطاً أكثر من الموسم الماضي.

بالحديث عن جايمي وسيرسي، لابد أن الأمر صعب عليه، مشاهدة حاكم أخر على حافة الجنون، خصوصاً وأن الحاكم في هذه الحالة هي اخته. لكن اذا كان هناك شيء واضح حول علاقة هذين الإثنين فهو أنها لن تنتهي بسهولة، في مرات كثيرة كنا نقول (أو أنا على الأقل) أن هذه هي بداية النهاية لعلاقتهما، وفي كل مرة يجد الاثنان طريقة ما للبقاء معاً. بجانب هذا، ما يمكننا التأكد منه كذلك هو أن نظرة جايمي لسيرسي تغيرت، هذا شيء واضح بعض الشيء، لكن هل سيفعل شيئاً بهذا الشأن؟ أسأل هذا لأننا رأينا جميعاً كيف يمكن أن تكون شخصية جايمي مثيرة للاهتمام، أكثر من مجرد ديكور في قاعة مزينة، إته شخصية فريدة من نوعها، هناك عدة أوجه له، لكن في دوره الحالي في المسلسل لا توجد أي مساحة له ليتطور كشخصية. لكن الموسم ما زال طويل وقد نرى منه شيئاً.

على ذكر المساحات الضيقة لتطوير الشخصيات، فعلاً هي ضيقة، لكن عندما تحدث، الأمر يكون يستحق العناء في كل مرة. في حلقة هذا الأسبوع نرى الدموم وهو يشعر بالذنب حول ما فعله للمزارع وبنته، والذي أدى بهما للموت جوعاًّ، هذا تطور مذهل لشخصية ساندور كليغين، ولربما تستدعي أن نختلق له اسم دلع. ماذا عن ساندي؟ اسم جميل، أليس كذلك؟

على أيّ، ساندي ينظر إلى النار ويرى ما يبدو أنه قلعة محصنة الشرق المتواجدة في أقصى شمال السور، والتي تطل بوابتها على خليج الفقمات، وهي نفسها القلعة التي أرسل جون سنو الهمج ليحرسوها. النبوءات مهمة في عالم غيم اوف ثرونز، هذا شيء نعرفه جميعاً، لكن يجب أن تؤخذ كل هذه النبوؤات بشكل حرفيّ؟ دعونا لا ننسى أن ميليساندري كانت ترى نصر ستانيس في النار، ولم يحدث أي من هذا. الأمر مختلف في هذه الحالة طبعاً، السائرون البيض يشكلون فعلاً خطراً على ويستيروس، ورأيناهم في بداية الحلقة وهم قادمون، مرفوقين بعمالقة وكائنات أخرى، لكن هل هذا يعني أن نأخذ النبوءة بشكل حرفيّ؟ لا، خصوصا وأن الجزء حول الجبل لا يبدو مألوفاً لأي شخص قرأ الروايات او شاهد المسلسل، وربما قد يكون اسقاطاً على أخيه الذي لقبه… الجبل.

تطور شخصية ساندي مثير للاعجاب، نتمنى أن نراه في المزيد من المشاهد، فهو يضفي فكاهة لا نضير لها على أي حلقة يظهر فيها.

بعد أن تم بيعها كزوجة لخال دوثراكيّ، فقس ثلاثة تنانين، ضياعها في دار الخالدين، القضاء على ثلاثة مدن للرق، تحرير العبيد من مالكيهم، العودة للدوثراكيين، تحرير العبيد مرة أخرى، والركوب على متن أسطول مسروق من جزر الحديد، دينيريس تارغيريان، أم التنانين، ملكة الأندليين، الروينار، وأوائل الرجال؛ ملكة ميرين، خاليسي البحر الدوثراكيّ وكاسرة القيود، تتجه مباشرة إلى بوريال وتقضي على كل من فيها مستغلة ضعف اللانيسترز الذين لا يملكون أي داعم حالياً ويعيشون في حالة عدم استقرار بعد مجموعة من الأحداث الكارثية مستعينة بقوتها المتمثلة في أسطول يتضمن أفضل المقاتلين على البحر من جزر الحديد وأفضل المقاتلين على البر من الدوثراك وجيشاً من القتلة الذين يجيدون القتل ولا يستطيعون الإنجاب.

لا، عفواً، هذا ليس ما حدث.

دعوني أصحح، دينيريس تتجه نحو مسقط رأسها في قلعة صخر التنين لتوسخ يديها قليلاً بتراب البحر ولتتخلص من ستائر ستانيس القبيحة وتمسح الغبار عن الطاولة القديمة في مشهد طويل تضمن جملة واحدةً فقط. من الطيب جداً أن توضب ملكة التنانين قلعة ستانيس في غيابه إلى حين عودته (لدي أمل صغير أنه لم يمت حقاً).

أعني، ربما من غير المنطقي ان اتوقع ان يحدث الشيء المنطقي مباشرة في الحلقة الاولى، لكن لما لا؟ المسلسل على عجلة من أمره، وهذه حركة منطقية كلياً، لكن لابأس، هذا الموسم قصير فلذلك لن ننتظر طويلاً لنرى هذا يحدث.

أتفهم أن للقلعة اهمية عاطفية لدينيريس، وأن تواجدها هنا بالذات مهم بعد اكتشاف سامويل تارلي لوجود زجاج التنين هناك (يقال أيضاً ان زجاج التنين هو ما أوقف انتشار المرض لدى شيرين، فربما هناك أمل لجوراه؟)، مما يعني أن هذه المادة المهمة للفوز بالحرب العظمى تقع تحت سيطرة عمة جون سنو، لكن… يمكن للمرء أن يحلم. المهم أنه دينيريس وصلت أخيراً لويستيروس، أمر بدا وكأنه شبه مستحيل قبل 6 مواسم و 5 كتب.

الكل في الكل، كانت هذه افتتاحية تقليدية لغيم أوف ثرونز، الذي حتى وهو في عجلة من أمره يجد نفسه يقوم بمونتاجات طويلة تدمج الحساء بالافرازات الجسدية، إنها إفتتاحيتك المفضلة من بين كل افتتاحيات مواسم غيم أوف ثرونز لأنك حقاً لا تتذكر كيف كان شعورك تجاه إفتتاحية الموسم الماضي والذي قبله والأربعة الذين سبقوه. إنه مسلسل ممتع، وإذا كان صناعه لا يخضعون أنفسهم لمعايير عالية في صنعه فلا أرى ما الذي يجعلنا نحاسبه بمعايير عالية، دعونا نستمتع به كما هو.

هلا بدأنا؟

بريفيو الحلقة القادمة

أسئلة كثيرة تطرح نفسها، لكن أهمها: هل سنرى إد شيران ميتاً بحلول نهاية هذا الموسم؟ ربما برأس مخوزق؟ يمكن للمرء أن يحلم.