غيم أوف ثرونز، الموسم 8 الحلقة 4: لماذا لا يصاب التنين بقرحة المعدة؟

إنه سؤال عادي، منطقيّ حتى، ”لماذا لا يصاب التنين بقرحة المعدة؟ ﻻ أعلم، هل من المنطقي أن يصاب التنين بقرحة المعدة؟ لا أعلم حقاً، كيف يمكنك فعلياً أن تقوم بتشخيص ألم ”حريق في المعدة“ عند كائنات تنفث ناراً؟

قد أبدو وكأنني أهذي، لكنني أيضاً أعتقدت أنني أهذي عندما شاهدت يورون يطيح بهدف متحرك على متن منصة متحركة (أي أن يورون والتنين كلاهما كانا يتحركان) بواسطة 3 ضربات متتالية مثالية. لم يسبق لي أن قمت بالتصويب على تنين من على سفينة متحركة، لكن رغم ذلك أجد ذلك صعب التصديق أكثر من إصابة تنين بقرحة المعدة.

هذه ليست أول مرة سأنتقد فيها الكتابة في هذا المسلسل، واقع أنني أنتقد كتابة المسلسل بسنوات طويلة قبل أن تصبح عيوبها واضحة بشكل مفضوح هيأني لما يحدث للمسلسل في آخر موسمين بشكل كبير، مشاكل المنطق في المسلسل ليست حديثة العهد، هل تذكرون عندما نجت أريا من عدة طعنات مباشرة للصدر؟ قلتم أنني أبالغ في الانتقاد، لماذا إذا أصبح قتل أريا لملك الليل أمراً غير قابل للتصديق بالنسبة لكم؟ عجبي. لماذا هذا مهم؟ لأن مشاكل القصة الحالية هي نتاج لسنوات من الكتابة السيئة وليست شيئاً حدث للوهلة، أي أن كل تلك المشاكل الصغيرة تراكمت لتصنع لنا مشكلة كبيرة.

عندما سمعت أن الموسم الثامن سيتكون من 6 حلقات ممتدة، ردة فعلي كانت الامتعاض لأن ذلك كان يعني أنه في كل حلقة هناك المزيد من الأحداث التي يجب علي التحدث عنها، الآن أشعر بامتعاض أكبر، ﻷنه هناك الكثير من الأحداث لكن أغلبها لا معنى لها بسبب الطريقة التي يتعامل المسلسل معها. في العادة، كانت كل حلقة تتمحور حول 3 محاور، يحصل كل منها على حوالي 15 إلى 20 دقيقة من السرد، وقت كافي لتحدث بعض الأشياء، ثم خلال حلقة أو حلقتين نرى رد فعل على تلك الأشياء، يعني أن هذه الأحداث لها وزن وتعني شيئاً ما، وهو نقيض ما يحدث في المسلسل حالياً. الآن، في كل حلقة يحدث شيئ ما وخلال 5 دقائق نرى رد فعل عليه، وفي بعض الأحيان يتم قص رد الفعل بالمرة وننتقل مباشرة إلى مابعد رد الفعل، الأشياء تحدث فقط لأنه يجب عليها أن تحدث بنظر الكتاب ولا يبدو أن لها أي اهمية بعيداً عن كونها حدثت.

مثال، جون يخبر سانسا وأريا بحقيقة نسله، المشهد ينتهي قبل أن نرى رد فعل الأختين على الخبر، وخلال 5 دقائق تخون سانسا وعدها لأخيها بكل سهولة. حسناً، من الجائز أن هناك فترة زمنية بين المشهدين، أيام وربما أسابيع، والتي خلالها عاشت سانسا صراعاً داخلياً مابين وفائها لأخيها الذي ليس أخاها وشعب الشمال الذي يواليها، وبعد صراع طويل قررت أن مصلحة الشمال أهم من سر جون، وأن هذه معلومة يمكن استخدامها في صالح جون والشمال في آن واحد، وبهذا قررت أن تخبر تيريون الذي تكن له نوعاً من المحبة أو شيء من هذا القبيل. عندما تنظر للأمر هكذا يبدو طبيعياً ويمكن استيعابه بشكل أسهل، لكن عندما يقوم المسلسل باختصار الرحلة الداخلية التي تقوم بها سانسا من إكتشافها لهذا السر إلى إفشائها به، يختزل المسلسل معه أي نوع من المعنى الذي يصاحبه. نحن نتكلم عن سانسا يا جماعة، وخيانتها لأخيها، أخيها يا جماعة، لتخبر تيريون (يا جماعة)، هذا أمر جلل، لكنه لا يبدو أنه كذلك على الإطلاق عندما تشاهد الحلقة.

بالحديث عن سانسا، أعتقد أننا نتفق جميعاً أن الحوارات الجيدة منعدمة في المسلسل، لكن الأشياء التي يظن الكتاب أنها مقولات عميقة تثير ضحكي حقاً. عندما يتحدث الدموم مع سانسا ويذكرها بمحاولته لتهريبها من بوريال، تقول سانسا أنه لولا ما تعرضت له لما أصبحت ما هي عليه. حقاً؟ هل تعرفون أي شخص في الحقيقة قد يقول أنه لا يفضل أن لا يتعرض للاختطاف، التعذيب، الاغتصاب، وعدة مصائب أخرى فقط لأنها جعلته ”ماهو عليه الآن“؟ هذا لا يبدو كأي شيء قد يقوله شخص حقيقي في العالم الحقيقي بقدر ماهو تخيل كاتب سيء لما يجعل شخصية ما ”قوية“.

ثم لدينا جايمي، الذي ترك سيرسي على سبيل الإعارة لحلقتين والآن سيعود لها لأن بريان ليس لديها حق الشراء. ﻻ أفهم ما الهدف من إقتياد شخصيته نحو وينترفل لثلاثة حلقات إذا كان سيعود من حيث أتى في الحلقة الرابعة، وﻻ أفهم أكثر من هذا التطور الحديث الذي حدث على علاقته ببريان. حسناً، لربما جزء صغير مني كان يود أن يراه في علاقة مع بريان، لكن ليس بهذه الطريقة، ما يجعل علاقته ببريان شيئاً مثيراً للاهتمام هو ﻷنها تجعله شخصاً أفضل على ما يبدو، وتحول جايمي (شخصية مكروهة) إلى جايمي اليد الذهبية (شخصية مكروهة بشكل أقل) هو شيء جيد لأن تطور الشخصيات هو أساس كل قصة جيدة، فلذلك عندما تقوم بإعادة شخصية قيد التطور إلى النقطة التي بدأت منها فإن هذا شيء محبط للمشاهد ومهدر للتعاطف الذي كوّنه المشاهد مع هذه الشخصية خلال رحلة تطوره. إذا ما شاهدناه هو خاتمة محبطة لسنوات من التوتر العاطفي بين الشخصيتين على مدار عدة مواسم، ياله من احباط.

سيرسي كانت الشخصية الشريرة التي أحببناها ﻷنها كانت متعددة الأبعاد، كانت هناك الكثير من الأشياء المثيرة للاهتمام حولها، لكنها الآن تم تحويلها إلى كاريكاتير مريع لطاغية مستبد، وتم تجريدها من كل تلك الأبعاد التي جعلتها شخصية مثيرة للاهتمام، هي الآن شخصية شريرة وحسب. من أكثر الأشياء التي كنت أحبها في الثرونز هو أنه في كل صراع كبير كان بإمكانك أن تنظر للطرفين وتفهمهم، تفهم وجهة نظرهم، وربما تتعاطف معهم (واحد منهم على الأقل)، شخصيات مثل والدر فراي، تايوين، روز بولتون، جوفري، رامسي، الخنصر… الخ، هذه كلها شخصيات تم قضاء حلقات طويلة في بناءها وإعطاءها دوافع وجعلها مفهومة بحيث عندما تقوم بشيء ما يكون بإمكاننا نحن المشاهدين أن نفهم من أين يأتي وما الهدف منه، لقد كانت شخصيات شريرة لكن أبعادها المتعددة هي ما جعلتها مثيرة للاهتمام. الآن سيرسي بالكاد أصبحت تتحدث، عندما تظهر تقول جملة أو جملتين فقط، كما أن أفعالها متناقضة، ترسل برون لتقتل أخويها وعندما يصل تيريون إلى بابها تتركه بلا أذى.

ثم هناك دينيريس، التي أتفاجئ حلقة بعد حلقة من أداء إميليا كلارك لها في هذا الموسم، إذ بعد مواسم طويلة من التعبيرات الوجهية الغاضبة، تقوم إميليا بعمل يستحق الإشادة في إظهار شخصية دينيريس في مواقف ضعفها، مثل مشهدها في هذه الحلقة وهي تتوسل إلى جون أن لا يخبر عائلته بسرّه. بصراحة دينيريس كانت هي الشيء الوحيد الجيد في هذه الحلقة، الكتاب كانوا يحاولون منذ فترة وضع عدة تلميحات وتصرفات في شخصية داني لتتحول إلى ما يمكن وصفه بالملكة المجنونة. الفكرة باختصار هو أن دينيريس ستصل إلى ويستيروس، ستلتقي بشخص يجعلها تتخلص من دفاعاتها وتفتح قلبه لها (أي أن تجعل نفسها في موقف ضعف، على غير عادتها)، ثم تفقد حاشيتها فرداً فرداً، بداية بتنين، ثم جوراه، ثم تنين أخر، ثم ميساندي، ووسط كل هذا تكتشف أنها وحيدة في بلاد غريبة وهي محاطة بمجموعة من الأشخاص الغرباء عنها والذين ولائهم لها في محل شك. الفكرة كانت على الأرجح هو أن تكون وفاة جوراه هي النقطة المفصلية في تحولها هذا باعتباره خسارة كبيرة لأنه شخص أحبها حباً جماً ووفاءه لها فاق أي شخص آخر في حياتها.

لكن الأمور ليست هكذا، أليس كذلك؟ لم يظهر جوراه ودينيريس معاً في ما يكفي من المشاهد مؤخراً ليكون لعلاقتهما أي نوع من الوزن، جوراه كان واحد من ضحايا استراتيجية الكتاب المعروفة في إبعاد الشخصيات إلى الهامش ﻷنهم لا يعرفون ماذا يفعلون بها، ليقوموا باستدعائها في وقت لاحق عندما تبرز حاجة مستعجلة إلى ظهورهم، فلذلك عندما ظهر جوراه في بداية هذا الموسم ومات، كان موته حزينا بسبب طبيعة شخصيته، لم يكن الأمر حزيناً بسبب علاقته مع دينيريس، أي أننا حزننا ﻷننا فقدنا فارساً شهماً، وليس ﻷن دينيريس فقدت آخر رجل وفي لها، ما زاد الطين بلة هو أننا انتقلنا بسرعة من معركته إلى جنازته إلى فقدان دينيريس لتنين آخر، بحيث أصبحت تبدو وفاته شيئاً صغيراً ضمن عدة أشياء صغيرة يجب أن تحدث لدينيريس، أي أنه هي الأخرى تم اختزال رحلتها الداخلية بحيث أصبحت عديمة المعنى، فلذلك عندما تتحول إلى طاغية كما يتوقع الجميع، لن يبدو الأمر وكأنه نتيجة طبيعية لتراكم مجموعة من الخسارات الشخصية لدينيريس التي أحدثت تأثيراً مهماً على شخصيتها وجعلتها تتحول إلى شخصية مليئة بالغضب، سيبدو وكأن دينيريس شخصية غيورة تريد السلطة بأي ثمن، أي من هذه الشخصيتين تود أن تشاهد؟

ثم لدينا جون، جون جون جون، الملك الذي لا يريد المُلك، والذي يحاول كتاب المسلسل إقناعنا جاهدين بأنه القائد الأفضل. لا أعلم من أين تأتي هذه الفكرة، شخصيته في المسلسل مكتوبة وكأن الكتاب يحاولون أن يقنعونا بأنه شخصية قيادية، بدل أن يكون مكتوباً بشكل يقنعنا بأنه قائد، إن كان هذا مفهوماً. ما الذي يجعل جون قائداً رائعاً؟ هل هو داهية في التخطيط؟ ﻻ، هل لديه خصال قيادية معينة؟ لا. نعم، ينجذب الناس نحوه بشكل غريب، لكن مالذي يجذبهم نحوه على وجه التحديد؟ ﻻ أعلم في الحقيقة. لنرَ، تم اختياره قائداً لحرس الليل بغير رغبة منه، تم اختياره ملكاً للشمال بغير رغبة منه، والآن يود المسلسل أن يجعله ملكاً بغير رغبة منه، هل هذا منطقي بالنسبة لكم يا جماعة؟ هل من خصال الشخصيات القيادية أن يتم اقتيادها حرفياً من طرف الشخصيات الأخرى؟ ﻻ يبدو هذا جد منطقي بالنسبة لي. مشكلة كبيرة في هذا هو طريقة تمثيل كيت هارنتون التي لا توحي بالإلهام حقاً، صحيح يمكنه أن يقوم بخطابات رائعة، لكن ماذا غير ذلك؟

وأخيراً يوجد يورون غريجوي، الذي لحد الساعة لم يرتكب خطأً واحداً منذ ظهوره في المسلسل. صحيح أن تنانين دينيريس تعطيها ميزة على خصومها، لكن سيريسي هي الأخرى لديها ميزة قوية في رجل يفعل لها كل شيء، يدمر أسطولاً، يختطف أسرى، يجلب جيشا (بدون أفيال)، يقتل تنانين، هذا الرجل لحد الساعة كل شيء يلمسه يتحول إلى ذهب، وهو الاخر تم تحويله إلى شخصية أحادية البعد مما يجعلها بغيضة جداً وغير مثيرة للاهتمام. كنت قد وصفته ذات مرة في هذه التغطية بأنه بهلوان المسلسل، هو الآن بهلوان بغيض.

كخلاصة، المسلسل تضرر كثيراً بقرار تقليص الموسم إلى 6 حلقات مطولة، في العادة الحلقات تدوم ساعة، حلقة اليوم دامت أكثر من ذلك بثلث ساعة، لكنها احتوت على أحداث تكفي لثلاثة حلقات، أي أننا حصلنا على ثلاثة حلقات مختزلة في مدة لا تسع لحلقة ونصف حتى. صحيح أن D&D يتحملان معظم اللوم (أو كله) في هذا، لكنني أحمل اللوم الأكبر هنا لـHBO لسماحها بحدوث شيء كهذا. لا يمكنك أن تلوم D&D على رغبتهما في التخلص من المشروع الذي استغرق 10 سنوات من حياتهما لإخراج أفلام ستار وورز والقيام بأشياء أخرى غير غيم أوف ثرونز، لكن موافقة HBO على هذه النسخة المقزّمة من Game of Thrones تجعلني أشك في قيادة القناة التي اتخذت الكثير من القرارات الغريبة في السنوات القليلة الماضية. كان بإمكان القناة التوصل لإتفاق مع D&D بحيث يتم نقل انتاج المسلسل إلى أشخاص أخرين شغوفين بالعمل ولديهم رغبة بالقيام به بشكل صحيح بدل هذه الكارثة التي حصلنا عليها، والتي ستتسبب لي أنا بقرحة في المعدة.

في الحلقة المقبلة

أوه أنظروا… إنها شخصيات… تنظر… تريلر حماسيّ جداً. لا أطيق الانتظار (لأتخلص من هذا المسلسل).