لقد عاد! المسلسل الذي يحب كل من لم يشاهده أن يخبرك أنه لم يشاهده، لقد عاد! ويالها من حلقة، كان فيها كل شيء تعودنا عليه من غيم أوف ثرونز: عريّ لا داعي له، تنانين، نكات سيئة لكنها تجعلك تضحك من شدة سوءها، المزيد من التنانين، طفل صغير يموت، تنانين تتعشى!
لست أول شخص قد يخبركم عن هذا، لكن كان هناك الكثير من الإشارات في هذه الحلقة إلى بايلوت المسلسل (هذه كلمة تعني الحلقة الاولى، لمن شاهدوا 5 مسلسلات أو أقل منكم) بداية بالطفل الذي يركض بين الثلوج (حارس الليل الهارب)، وصعوده فوق الشجرة (بران، لحظات قبل الكارثة)، وقدوم موكب ملكي كبير إلى وينترفل (روبرت براثيون)… الخ، وامتد هذا الموضوع من أول الحلقة إلى أخرها حيث رأينا ذلك الطفل مرتبة أشلاءه بذلك الشكل الذي رأيناه أكثر من مرة بالمسلسل.
وقبل أن أبداً بالحديث عن الحلقة، دعونا نأخذ لحظة لتقدير ثقافة وفنون السائرين البيض، ملك الليل هو هتلر، لم يقم أحد بتقدير فنه التشكيليّ فقرر أن يلعن أبو العالم. لا يمكنك أن تجد هذا في أي مسلسل أخر، ولهذا غيم أوف ثرونز هو أفضل مسلسل في التاريخ.
أي شخص شاهد المواسم السبعة الماضية للمسلسل بتمعن (وكتب عنها مقالات أسبوعية مابين 800 إلى 1500 كلمة) كان ليتوقع فورمة الحلقة بكل سهولة، بعض المشاهدين أضحك الله سنّهم كانوا يتوقعون معاركاً في الحلقة الأولى، ويحك يا رجل! افتتاحيات الثرونز كانت دائماً تمهيدية في غالبها مع حدث واحد متوسط-الحجم (قيل لي أن أفضل شيء في تغطيتي هو دقتها، أعتقد أن هذا ما يقصدونه) والذي يتم الاحتفاظ به للخمسة دقائق الأخيرة من الحلقة، وعندما تشاهد الحلقة بهذه التوقعات فلا يمكنك أن تعيب عليها حقاً كونها بطيئة بعض الشيء ولم تحتوي على أي أشياء ضخمة، بما في ذلك جيش من الفيلة.
بالنسبة لي، الحلقة كانت محاولة كبيرة لتصحيح الكثير من أخطاء الموسم الماضي، على سبيل المثال، تم تحرير يارا من الأسر، إذا لم تكن تذكر كيف تم أسر يارا من الاساس ولأي سبب فذلك لأن محورها كان من أسوء محاور الموسم الماضي وهذه الحلقة اثبتت لنا انه كان بلا هدف، لكن بدل الاستمرار في الاخطاء يبدو ان المسلسل يحاول تصحيح أكبر قدر ممكن منها في أسرع وقت ممكن، وهذا شيء يمكنني احترام المسلسل لأجله.
وينترفل
كانت هذه الحلقة في معظم لحظاتها أشبه بتجمع عائلي كبير، ليس فقط لأنه تضمن أكبر تجمع عائلي لأفراد عائلة ستارك منذ الموسم الأول، بل ﻷنه تضمن كل الأشياء التي تعرفها تجمعات عائلتك: شخص كبير يخبر شخصاً صغيراً أنه تغيّر عن أخر مرة رأه فيها أو أنه ”أصبح رجلاً“، عمّ يتظاهر بأنه يعرف ما يتحدث عنه وشخص أصغر منه يظن أنه لا يعرف أي شيء، شخص ما يقترح تزويج فردين من نفس العائلة، وامرأة تشتكي أنه ليس في مطبخها ما يكفي لإطعام الجميع.
أول المشاهد المهمة في هذه الحلقة كان بين تيريون وسانسا، والذي شككت فيه هذه الأخيرة في ذكاء تيريون لتصديقه بسذاجة وعود اخته في دعم الشماليين ودينيريس في معركتهم ضد الموت القادم من الشمال. سانسا محقة بطبيعة الحال، والمشهد يذكرنا بمدى غباء خطة تيريون في اقناع سيرسي عن طريق اختطاف أحد السائرين البيض وعرضه عليها، لقد كانت مهمة خطيرة وغبية للغاية ولا يزال يتعصب علي فهمها أو استيعابها، وهذا المشهد هو طريقة المسلسل في تصحيح هذا الخطأ عن طريق اخبارنا ان تيريون ربما ليس بتلك العبقرية التي اخبرنا المسلسل عنها طوال 60 حلقة في 6 مواسم.
أهم مشهد في هذه الحلقة كان بطبيعة الحال هو مشهد معرفة جون سنو بهوية والديه ورفضه المبدأي لهذه الفكرة ومحاولته لاستيعابها. هناك الكثير من الأشياء التي تستحق المناقشة هنا، لكن سأبدأ بشيء لم اتوقع أن أقوله أبداً في هذه التغطية: أداء كيت هارنتون في هذا المشهد كان رائع، صحيح أنني أنتقد الرجل كثيراً على تمثيله في هذا المسلسل لكنه في هذا المشهد كان ممتاز وأفضل بكثير من البطل لرئيسي لمسلسل فنتازي أخر. شيء أخر وهو الوقت الضئيل الذي تم تخصيصه لهذا المشهد المهم جداً في عالم القصة، وهو أمر تكرر مع العديد من المشاهد في هذه الحلقة حيث يحدث أمر كبير لكن بسرعة شديدة لا تترك أي مجال للمرء ليفكر فيما شاهده للتوّ أو لرؤية الشخصيات تتعامل مع ما حدث، هذا سبب رئيسي في شعور الكثير من المشاهدين بأن الحلقة كانت محبطة مقارنة بمستوى التوقعات بالرغم من أنها احتوت على الكثير من الأشياء المهمة.
على سبيل المقارنة، مشهد برون و الثلاثة عاهرات، أو هروب جون وداني على ظهر التنانين ليخطفا قبلة أمام شلال، كلاهما أخذ حيزاً زمنياً أطول في الحلقة مقارنة بما يمكن اعتباره واحد من أكثر اللحظات المنتظرة لعشاق المسلسل والكتب على حد سواء. ما كنت لأشتكي من هذا الأمر لو أن المنتجين لم يكفوا عن اخبارنا بأن الحلقات ستصبح مدتها بطول أفلام السينما (وهو شيء يحبه كل الاشخاص المضطرين لكتابة مراجعات أسبوعية للمسلسل) ومع ذلك هذه الحلقة كان فيها تسارع شديد وبالكاد أي وزن عاطفي.
الشيء الأهم حول هذا المشهد هو السؤال الجوهري الذي يتركنا أمامه: إذا كان المسلسل يتوجه نحو صراع البشر ضد السائرين، فماذا يهم حقاً أن يكون جون هو الوريث الشرعي للعرش أو دينريس؟ هذه القصة تحمل علامات عديدة من ”حركات“ سردية انتهجها كتاب المسلسل خلال المواسم الماضية عبر خلق مشاكل جانبية لتسلية المشاهدين المفتوحة أفواههم إلى حين وصول القصة إلى أقرب معركة، وهو أمر يزعج المشاهدين الذين يحتفظون بأفواههم مغلقة. لكنني رغم ذلك أمل أنني مخطئ وأن الكتاب سيتعاملون مع الأمر بشكل أفضل بما أنه الموسم الأخير، لكن هذه القصة تفتح لنا منظوراً جديداً يمكننا النظر للمسلسل به، وهو ”من سيكون الحاكم الأفضل لويستيروس؟“. فكما رأينا لحد الساعة، جون شخص صالح مستعد للتضحية بحياته لأجل فعل الشيء الصائب، دينيريس تريد أيضاً أن تفعل صواباً لكنها تقوم بذلك بطرق ديكتاتورية أحياناً ونراها في كثير من الأحيان مهتمة بالحصول على الاحترام الذي ترى أنها تستحقه، فلهذا لا يعجبها أن تكون مضطرة للقيام بشيء ما لتستحق ذلك الاحترام.
ما أتمناه هو ان يتم استغلال موضوع أصول جون سنو لإبراز أن الانتصار على ملك الليل أهم من العرش الحديديّ، وأنه في الواقع يجب أن يتم تذويبه وتحويله إلى أيدٍ اصطناعية يتم توزيعها على الجنود المصابين عن طريق برنامج حكومي يترأسه وزير الرياضة والشباب جايمي لانستر.
آه، دعونا لا ننسى ظهور جايمي — أظن أنه هو ”الصديق القديم“ المقصود — في نهاية الحلقة ونظرة بران له. لا أظن أن بران يهمه الانتقام الآن، لعدة أسباب أبرزها هو أنه لم يعد بران الآن، هو الغراب ذو الثلاثة أعين، أمر يذكرنا به بران مرة أخرى في مشهده مع سامويل تارلي حيث يقول أن جون ليس أخاه، بمعنى مزدوج أنه ليس بينهما صلة دم وأيضاً أنه لم يعد أخ جون سنو، بران ستارك.
أحد أصدقائي قال أنه يعتقد أن بران هو من كان ينظر إلى قبلة جون وداني عبر التنين (لا أعرف أسماءهم ولن أتعلمهم، ولا يمكنكم أن تجبروني على ذلك أيها الملاعين!) وهي فكرة مجنونة استوقفتني للحظة لأنها مجنونة بالقدر الكافي لأن تكون قابلة للتصديق، لكن مجنونة بنفس الوقت بطريقة تجعلك تشكك في كل مشهد يظهر فيه كائن غير بشري بعد الآن. شخصياً، لا أعتقد أن بران كان ينظر إلى جون عبر التنين، ليس لأنها فكرة مجنونة، بل ﻷنني لا أود أن أفكر في أن هذا الفتى لديه ولع بمشاهدة اللحظات الحميمية لأشخاص من سلالة واحدة.
عدى عن هذا، احتوى محور وينترفل على الكثير من اللقاءات والعناقات بين شخصيات لم تر بعضها البعض منذ زمن طويل، والتي لا داعي للدخول في تفاصيلها. لكن حدث شيء صغير والذي أظن أنه سيكون مهم، وهو ذلك السلاح الذي طلبته أريا من غيندري، أنا متأكد أن هناك حوالي 500 نظرية حول الأمر منتشرة على الانترنت بحلول هذا الوقت، لكنني متحمس لاكتشاف السر من وراءه بنفسي عندما يخبرني المسلسل بذلك، لا داعي للعجلة.
بوريال
المحور الآخر في الحلقة كان هو محور سيرسي وعين الزاغ يورون غريجوي، كتلخيص، هذا ما حدث: حصلت سيرسي على جيش من المرتزقة يدعى الفرقة الذهبية، يورون حصل على ملكة، تم فك أسر يارا، سيرسي تطلب من برون قتل أخويها، ثيون سيعود إلى وينترفل. كل هذه المشاهد عانت من نفس المشكل في كونها قصيرة رغم أنها تشمل أشياء مهمة.
الأهم من بين هذه الأشياء كان تحرير يارا لأنه كما قلت هو خطوة تصحيحية من الكتاب لواحد من أكثر القصص المملة في الموسم الماضي، الأمر برمته يجعلك تتسائل لماذا تم أسر يارا من الأساس إذا كان سيتم تحريرها بهذه السرعة، لا أحد من المشاهدين اهتم وبنهاية المطاف لم يكن ذلك مهماً من الأساس.
السؤال الذي تركني به هذا المحور في هذه الحلقة هو: ماهي خطة سيرسي يا ترى؟ الأمر محيّر، شخصياً أظن أنها كانت تريد فيلاً يقوم برش الماء على التنين ليقتله، لابد أن هذا هو سبب احباطها من قدوم الفرقة الذهبية بلا أفيال.
هذا المحور كان في معظمه محاولة لكسر أجواء وينترفل في هذه الحلقة عبر تقديم بعض الترفيه المتمثل في عاهرات برون وشخصية يورون الشديدة الإلحاح، ويمكن القول انه نجح نسبياً في ذلك، كما أنه نجح في خلق بعض الاهتمام في بعض من هذه الشخصيات إذ سنتطلع جميعاً للخيار الذي سيضطر برون لاتخاذه مابين أصدقاءه وصناديق الذهب، وسنتطلع إلى ما سيؤول إليه مصير ثيون المفعم بالحياة، وسنتسائل عن الدور الذي سيلعبه الجبل الزومبي في هذا الموسم (لا يزال لدي بعض الأمل في حدوث CleganeBowl حتى وإن لم تعد له أهمية الآن)، وهذا أقصى ما قد تأمل له حلقات الثرونز الافتتاحية: خلق بعض الاهتمام في الحلقات القادمة.
هذا تقريباً كل ما حدث في الحلقة اذا ما استثنينا مشهد وصول تورموند وبيريك إلى قلعة بيت أمبر والنكتة الغبية حول كون عينيّ تورموند زرقاوتين، لقد ضحكت (ﻷنني معتاد على الضحك عندما يقوم المسلسل بشيء غبي) لكن هذا لا يمنع انها نكتة غبية، ويمكنني القول أنها كانت حلقة جيدة لأنها كانت تهدف بالاساس إلى خلق جو لطيف عبر الكثير من المشاهد الحنونة وقد نجحت في ذلك، هذه حلقة يجب أن تشعر بها أكثر من أن تفكر فيها، وﻻ ضير في ذلك حقاً.
بصراحة عند هذه النقطة من المسلسل كل ما أطلبه من الحلقات هو أن لا تحتوي على أية مشاكل كبرى، فعندما تأتي حلقة كهذه لا تحتوي على مشاكل كبرى فلا يمكنك التذمر حقاً، لا يزال هناك الكثير من الوقت في هذا الموسم لتحدث الأحداث الكبرى، ومجرد أن هذه الحلقة خلت من معركة كبيرة لا يجعلها محبطة بالضرورة. النوستالجيا شيء جميل، وهذا ما كان يسعى المسلسل إليه من خلال تقليد الحلقة الافتتاحية للمسلسل، لم شمل عائلة ستارك، واللقاءات العديدة بين الأصدقاء القدامى.
الآن كل ما يمكننا فعله هو التطلع لرحلة ثيون نحو التجمع الوطني للمخصيين في وينترفل.
في الحلقة المقبلة
I Know What You Did Last Summer 4 من بطولة بران ستارك وجايمي لانستر.