غيم أوف ثرونز، الموسم 7 الحلقة 7: الموت القادم من الشمال

طوال هذا الموسم، حرص Game of Thrones على تركيز قصته المشتتة (أو المتفرعة، على حسب رأيك الشخصي) بتقليص عدد المحاور الجانبية لأقصى قدر ممكن، سواء عبر قتل الشخصيات أو ضمها إلى بعضها البعض في المحاور الرئيسية. يمكن القول أن القصة الرئيسية في المسلسل الآن هي الحرب العظمى، الموتى ضد الأحياء، وبالنسبة لمسلسل قضى سنوات طويلة يتعامل مع قصة متفرعة (أو مشتتة، على حسب رأيك) فإن هذا تطلب تغييرات كثيرة وكبيرة على المسلسل. هل هذه التغييرات إيجابية أم سلبية؟ الأمر ليس بهذه البساطة.

نتيجة لهذا التحول إلى قصة رئيسية حول صراع الخير والشر، فإن المسلسل جعل كل ما دون هذه القصة يبدو غير مهم، بما في ذلك الصراع الدموي على العرش الحديديّ، وهو ما كان الهدف الرئيسي لمعظم الشخصيات الرئيسية منذ الموسم الأول إلى نهاية الموسم السادس، وهذا التوجه الجديد أثر بشكل واضح على هذه الحلقة، هذا الموسم، والموسم القادم بكل تأكيد.

لا يعني هذا ان هذه الحلقة لم تكن جيدة، على العكس، لقد تضمنت الكثير من اللحظات المهمة، لكن نظراً لطول مدة العرض والأسباب المذكورة أعلاه، هذه اللحظات كانت متباعدة وذات تأثير أضعف بكثير مما يفترضه الكتاب.

لنبدأ باللحظات الجيدة: لم شمل الكثير من الشخصيات في مكان واحد، خوف سيرسي الواضح من جيش الأموات، الألم الواضح في محادثة تيريون وسيرسي، انطلاء خدعة سيرسي على جون الذي رفض أن يكذب وظن أن صراحته ستكافئ بالصراحة، عدم قدرة سيرسي على قتل أي من أخويها رغم تهديداتها الكثيرة بفعل ذلك، وتحرر جايمي من قبضة أخته المتسلطة، أخيراً!

هذه كلها كانت أشياء جيدة، وقد أبدو كمراجع كسول عندما أقوم بذكرهم وحسب دون التحدث عن كل مشهد منهم على حدة. لكن في الحقيقة، ما أبرزته هذه الحلقة هو أنه عند هذه النقطة في القصة لم تعد أي من هذه الأشياء مهمة، كل ما يهم هو الحرب الكبرى.

أعني، أنا مسرور أن ساندور أكّد لنا أنه سيواجه أخوه عاجلاً أم أجلاً قبل نهاية هذا المسلسل (على ما أمل)، لكن هل هذا مهم؟ لا، للأسف.

شيء أخر أكدته هذه الحلقة هو غباء خطة تيريون. لم يعتقد أحد أن فكرة القبض عل طيف وإظهاره لسيرسي كان سيغير أي شيء. سيرسي كانت ستغدر بهم على أية حال، فلم يكن الأمر غريباً جداً عندما اتضح انها ستفعل.

المحير أكثر من هذا هو ما أراد تيريون وجماعته أن يكسبوا من هذا. هدنة؟ كان بإمكان دينيريس والبقية الذهاب لمحاربة جيش الأموات، وسيرسي ستظل في مكانها. مما يعني أنه بهدنة أو بدونها ستكون النتيجة نفسها، مما يعني أن الامر برمته كان بلا فائدة، وأنه مجرد عذر سخيف لإعطاء ملك الليل وسيلة ليعبر بها جيش الأموات من السور.

أفضل شيء حدث في هذه الحلقة بدون شك هو استحضار جايمي للقوة الكافية ليترك أخته وحيدة، مستعيناً بقوة أخيه الصغير الذي واجهها وخرج سالماً من قبله.

كل من تابع هذه التغطية يعرف أنني كنت أنتظر هذه اللحظة منذ وقت طويل، شخصية جايمي من أفضل الشخصيات في المسلسل والرواية وكان مؤسف جداً رؤيتها في المواسم القليلة الماضية وهي تُهدر. المؤسف في الأمر أن هذا لم يحدث سوى الآن، على بعد 6 حلقات من النهاية، مما يعني أننا بالكاد سنرى شخصيته تتطور بأي شكل. شيء جميل، على أية حال.

كما قلت، المسلسل تغير، فلذلك كل القصص الجانبية، سواء خطة ثيون لإنقاذ أخته، حمل سيرسي، أو شراءها لجيش من المرتزقة، وغيرها من الأشياء، كلها تبدو غير مهمة بالنظر إلى أنه هناك شيء أهم وهو الموت القادم من الشمال. فلذلك يبدو المسلسل أنه لا يعرف ماذا يكون، هل يريد أن يكون مسلسل بقصة واحدة رئيسية أم مسلسل بقصص متعددة، إذ أن كل المحاور ستضئل في أهميتها باستثناء محور ملك الليل.

هذا يتضمن الخنصر كذلك، الذي كانت شخصيته مرتبطة بشكل قوي بالتوجه السابق للمسلسل والذي بدأت شخصيته تفقد هيبتها موسماً بعد موسم منذ وفاة تايوين، فلذلك موته أمر بديهيّ، فحتى لو افترضنا أن خدعته انطلت على سانسا وقتلت أريا وتزوجت به وتحققت كل خططه الأخرى، في ماذا يهم ذلك كله؟

المشكلة أن محور وينترفل اتضح بنهاية المطاف أنه مجرد حشو، لأن كل هذه الأشياء كان من الممكن أن تحدث بشكل أبكر بكثير في الموسم، إذ لم يكن هناك ما يمنع توجيه هذه الاتهامات له في وقت مبكر والوصول لنفس النتيجة التي وصلنا إليها الآن. طبعاً هذا سيحرم الكتاب من متعة إغاضة المشاهدين من وقائع محور كان الهدف منه مئة بالمئة هو إغاضة المشاهدين، إذ لا يوجد تفسير منطقي أخر لكل ما حدث سوى أن الكتاب أرادوا إغاضتنا جميعاً.

بالحديث عن الأشياء المبكرة، ألم يكن بإمكان بران إخبار جون في وقت أبكر بهوية والده؟ وإذا كان هذا الانتظار كله فقط لتأكيد أنه ليس لقيطاً، في ماذا تهم أحقية جون بالعرش إذا كان هو ذاهباً ليواجه جيش الأموات؟

ذلك المشهد برمته كان مثيراً للغيض بعض الشيء، أعني أنا أحب جون برادلي وأداءه لشخصية سامويل تارلي مثاليّ إلى حد كبير، هو واحد من الممثلين القلائل في هذا المسلسل الذين يفهمون شخصيتهم، ومشاهدته دائماً ممتعة. لكن ذلك المشهد برمته كان أشبه بدرس مدرسيّ، وكأن المسلسل لا يثق في مشاهديه لأن يقرأوا مابين السطور بأنفسهم، بل يجب أن يطعمهم كل المعلومات بالملعقة كالأطفال، مما يعني لبقيتنا نحن المشاهدون الغير مصابين بالزهايمر أننا سنقضي 5 دقائق نسمع أشياءاً نعرفها سلفاً، وكلها أشياء غير ذات أهمية حقاً.

ثم هل يفترض المسلسل أن كل أفراد بيت تارغيريان الذكور يشبهون فيسريس؟ اختيار غريب من كتاب المسلسل لجعلهما متشابهين إلى حد كبير. أعني، أنا أتفهم أنهما أخوان، لكن هذا لا يعني أنهما توأمان، وجعل والد جون يشبه أخ دينيريس الذي قال لها أنه مستعد ليترك جيش الدوثراك يغتصبها فرداً فرداً إذا كان ذلك سيجلب له التاج… هو… قرار غريب بعض الشيء، وﻻ أفهم الدوافع خلفه بكل صراحة. أما الإفصاح عن إسم جون الحقيقي ”إيغون“ هو محير أكثر، لا أفهم حقاً ما التأثير المتوقع من هذه المعلومة التي تم رميها على حضن المشاهدين هكذا؟ هل يريد المسلسل أن يقول لنا أن كل التارغيريين الذكور يشبهون فيسيريس وكلهم يسمون أبناءهم إيغون؟ غريب.

السؤال الآن، بعد كل هذا الحشو في محور وينترفل، ما الذي يخبئه المستقبل لشخصية سانسا؟ أتمنى أن لا يكون المزيد من الحشو. أريا على الارجح ستأخذ وجه بايليش وتستخدمه لقتل سيرسي، بران سيساعد جون في الحرب الكبرى، بريان ستقاتل إلى جانب جون… الخ، كل الشخصيات المرتبطة بصراع العرش الحديدي أصبحت ثانوية الآن بعدما كانت رئيسية قبل موسم واحد فقط.

كملاحظة أخيرة على شخصية اللورد بايليش، أنا أفترض أن المسلسل كان يريد استخدام فكرة أن بايليش ذكي لكن عاطفته هي التي ستقضي عليه، لكن ربما هناك طريقة أفضل للقيام بهذا دون استغباء الشخصيات الاخرى والمشاهدين. شخصية الخنصر تم التركيز عليها لمواسم طويلة في المسلسل وكانت خلف الكثير من الأحداث الكبرى في القصة، فلذلك من الطبيعي أن يتوقع المشاهد نهاية تليق بشخصية من هذا الثقل، ﻻ أقول أن نهايته كانت سيئة لكن ربما كان بالأمكان تقديم نفس الفكرة بشكل أفضل، ربما.

الكل في الكل، معظم الانتقاد هنا ليس موجه لهذه الحلقة لأنها كانت جيدة في معظم الأوقات، لكن ربما أطول من اللزوم واحتوت على أشياء المفرض التخلص منها بدل حشو الستة حلقات المتبقية من الموسم الأخير بها (مثل ثيون)، وأضرت هذا الموسم أكثر مما نفعته فيما يخص عيوب الكتابة.

بصراحة ﻻ أعلم لماذا يقوم المسلسل بإنزال مستواه ليستطيع الأشخاص الذين لا يهتمون كفاية لتذكر أسماء الشخصيات من فهمه. لا يفعل أي مسلسل ذكي هذا، لا يفعل أي كاتب محترم هذا، لأنه يعرف أنه دائماً سيكون هناك أشخاص لا يفهمون مهما حاولت شرح نفسك، فلذلك لماذا تعذب مشاهديك الذين يفهمون بهذه الأشياء التي تنفرهم من المسلسل أكثر فأكثر؟ هذا التوجه نحو ”تغبية“ القصة ليفهمها عامة المشاهدين وليس فقط المشاهدون المتتبعون للقصة هو الشيء الوحيد الذي خلق نزاعاً بين معظم مشاهدي المسلسل هذا الموسم. إذ أن المشاهدين العاديين لا يرون أي عيب في أن ملك الليل استخدم تنيناً ليسقط الجدار، بينما المشاهد المتابع يعرف أنه ما كان بإمكان ملك الليل أن يسقط الجدار لولا أن القصة اعطته بشكل عبيط تنيناً ليفعل ذلك.

من جهتي الشخصية، أرى أن أكثر شيء تضرر منه المسلسل في غياب مادة أصلية يقتبس منها المسلسل، أكثر من منطق الأحداث، هو الحوارات. في كل حلقة من هذا المسلسل كنا نخرج بخمسة اقتباسات عظيمة على الأقل، الآن 7 حلقات وبالكاد استطيع تذكر أي اقتباسات جيدة من هذا الموسم بأكمله، ربما باستثناء جمل بايليش، لأن ذلك الممثل يجيد حقاً قراءة أي هراء يُكتب له، وصدقوني عندما أقول هذا، لقد رأيته في هراءات بريطانية أسوء بكثير من هذا الموسم.

كخلاصة، هذا الموسم قضى وقت طويل في إقناعنا بأن لا شيء يهم في ويستيروس غير مواجهة ملك الليل وجيشه من الأموات، ونتيجة لذلك أصبح كل ما دون ذلك يبدو غير مهم في هذا المسلسل. فبهذا استنقص المسلسل من نفسه بنفسه، إذ أن الكتاب ﻻبد أنهم يعرفون أنهم ﻻ يستطيعون عمل مسلسل حول جون ودينيريس ضد ملك الليل، لكن ابتداءاً من هذه الحلقة، كل لحظة سنقضيها بعيداً عن هذا المحور ستبدو غير مهمة وحشواً زائداً في القصة، إلا إذا استطاع الكتاب جعلها مثيرة للاهتمام، وهو أمر مشكوك فيه بالنظر إلى الحالة المزرية لهذا الموسم، فلذلك أقصى ما نتطلع إليه هو نهاية مرضية لهذه القصة.

لكننا سنضطر للانتظار سنة أو سنتين على الاقل لتلك النهاية.