إذا سألت أي مجموعة من البشر في أي وقت من الزمن عن أكثر 5 أمور غامضة حول الحياة والتي يودون معرفة جوابها، السؤال ”ماذا سيحدث لي عندما أموت؟“ سيكون حتماً ضمن أكثر الأسئلة المطروحة، إن لم يكن أكثرها على الإطلاق. الحقيقة أن الجواب على ذلك السؤال سهل جداً، عندما تموت، ببساطة، أنت تتوقف عن العيش… والقلق حول ما إذا كان الناس سيحبون تغطية هذا الأسبوع من غيم أوف ثرونز.
لكن هذا أنا، باقي البشر، كل فرد منهم، لديه تخيل مختلف لمابعد الموت، بحسب ديانات ومعتقدات كل واحد منهم، بالإضافة إلى مزيج من الافلام التي شاهدوها والقصص التي قرأوها، كلنا لدينا هذا التخيل الفريد حول المكان الذي ستذهب إليه (أو لا تذهب إليه)، ما سترتديه، ما سيحدث، من سيكون هناك… وما إلى ذلك من بقية الأشياء.
تفتتح حلقة هذا الأسبوع من American Gods بتخيل هو الأخر فريد من نوعه لما بعد موت السيدة فاضل التي سقطت من على كرسي وهي تحاول تجهيز وجبة لأبناءها القادمين لزيارتها. إنه تخيل هادئ، جميل وحنون، في أنه لم يرينا السيدة فاضل وهي تسقط، بل ركز أكثر على الزيارة المفاجئة للسيد جاكل (أو أنوبيس) الذي أتى ليرافق روحها إلى مكان ما غير حيّ كوينز. مجرد التفكير في الموت هو أمر مفزع لمعظم الناس، لكن هنا نتعرض لتجربة هادئة تماماً، بداية بصوت وأداء أنوبيس الهادئ، وردود فعل السيدة فاضل الشبه طريفة على انتهاء حياتها.
أداء الممثلين كان رائع في هذه الفقرة، أنوبيس يقول ”أنا من الموت“ بطريقة تجعلك تتمنى لو أنك ميت في هذه الأثناء، والسيدة فاضل أدت الدور كامرأة اكتشفت للتو سخافة ما كانت تخشاه، ”هل هذه أنا؟“ تقول السيدة فاضل وهي تنظر إلى جثتها الملقية على الأرض، حتى عندما يقتلع أنوبيس قلب السيدة فاضل، فعل يفترض به أنه مروّع لأي شخص، يبدو وكأنه شيء مليء بالحنية. ولو أن الحلقة انتهت عند هذه النقطة لقضيت بقية اليوم وأنت تفكر فيما سيحدث لك بعد أن تموت، إنه ذلك النوع من المشاهد.
في ليلة مُقمِرة نلتقي بالأخت الثالثة من الأحوات زوريا على سطح البناية، تشرح لشادو ما تفعله الأخوات: حماية الأرض من الخطر الكامن في النجوم، كل واحدة لديها وقتها، ووقت زوريا بولوشنيايا هو الليل. ”وهل يؤمن الناس بهذا الكلام؟“ يسأل شادو، تحيبه زوريا ”في وقت مضى“. تقرأ زوريا كف شادو من جديد وترى خطراً في مستقبله، وتمنحه القمر كحماية له.
يحدث الكثير في هذا المشهد، لكنه يحدث بسرعة كبيرة لا تمنحك وقتا كافياً للتفكير في الأمر ملياً، وهي مشكلة نابعة من الطريقة التي يتم بها تقسيم الحلقات. نقضي نصف الحلقة على قصتين جانبيتين حول ملاك الموت وعفريت من الجن بينما زوريا: تخبر شادو بما تفعله الأخوات، تقرأ كفه، ترى أنه لا يؤمن بشيء، لا دين ولا رغبة في العيش، وترى أن مستقبله سيتحول من لاشيء إلى كل شيء، تُقَبِّله، تعطيه قطعة نقدية لحمايته، تخبره أنه كانت لديه حماية قبل هذا (ماهي؟ كيف كان لدى شادو الشمس ذاتها؟) وفقدها، وتنهي المحادثة بجملة ”البنت وليس الأب“ مهما كان يعنيه ذلك.
تمنيت لو أن المشهد تم برتم أبطئ بقليل من هذا، هذه أشياء كثيرة لتسقطها على المشاهد تباعاً في 5 دقائق دون وقت كافِ ليستوعبها كلها. تلعب الممثلة الشابة دور زوريا بولوشنيايا، وأداءها لا بأس به، ولا يخيب سوى عند مقارنته بأداء الأخوات الأخرى، ليس وكأنه من السهل أن تكون كل الممثلات كلوريس ليتشمان، والتي تجعل مشاهد الحب بينها وبين السيد أربعاء جميلة بشكل أسر، على عكس معظم مشاهد حب العواجيز، والتي تكون عادة قريبة للتقزز. الفضل في ذلك يعود إلى إيان مكشين أيضاً، والذي يتفاعل بشكل رائع مع أداء ليتشمان، أنا أشم رائحة ترشيحات للجوائز يا جماعة.
على ذكر الأداءات الرائعة، بيتر سترومار يتقمص بشكل مذهل دور تشيرنوبوغ، ينجرّ هذا الأخير إلى مباراة ثانية مع شادو الذي استغل ببراعة غرور الألهة وضعف إيمانهم في أنفسهم (الناتج من ضعف إيمان الناس بهم)، يفوز شادو بالمباراة مستفيداً من تكرار تشيرنوبوغ لتحركاته في المباراة السابقة، لكن حتى بعد فوزه لا يبدو شادو سعيداً، بالذات عندما يذكره تشيرنوبوغ أنه سيهشم جمجمته بعد اللقاء الذي سيتم في ويسكونسن. شادو أصبح الآن شخصاً يعيش حياته كمن يعرف أنه ميت لا محالة، أي أنه لا يبالي حقاً بما سيحدث مابين هذه اللحظة إلى حين ركوعه أمام تشيرنوبوغ ليسدد دينه له، وهذا الشعور بالحرية التامة يغير المرء كثيراً.
في مكان أخر من نفس الشقة، يتسلل السيد أربعاء إلى غرفة زوريا فاشيرنيايا ليتغزل بها ويتذكرا الأيام الخوالي، ويتحسرا على سوء الأوضاع الحالية. كلاهما عاش أياماً أفضل، يستذكر السيد أربعاء أيام ما كانت زوريا تعيش في بذخ ولديها خدم يخدمونها. إسمحو لي أن أتوقف هنا للحظة، لأن هنا، هذا هو American Gods. الألهة القديمة تدهورت بها الأحوال بعد أن توقف الناس عن الإيمان بها وانتقلت من حياة معززة مكرمة إلى شقق بالية في شيكاغو تعمل في مجزرة أبقار وتقرأ الكفوف لأجل بضعة دولارات يومياً وتسوق التاكسي لثلاثين ساعة متواصلة وتضطر لمسح الغائط من على كرسي سيارات أجرتها، بالكاد يمكن تسمية أي من هذا حياةً، إنهم على وشك الانقراض، السبب الوحيد الذي يبقيهم موجودين هو أنه لا يزال هناك من يؤمن بوجودهم، فلذلك هم موجودون.
في نفس المشهد بين زوريا والسيد أربعاء نفهم أن هذا الأخير غير راضٍ على هذه الوضعية وأن لديه خطة ما لإعادة ذلك المجد، رغم نبؤات زوريا بأنه سيفشل ويموت، السيد أربعاء لا يبدو قلقاً حول هذه النبوءة البتة، بل يرد عليها بثقته المعتادة. هناك شيء أخر في هذا المشهد، عندما تذكر زوريا أن المطر سيسقط يرد السيد أربعاء وكأنه يعرف ذلك سلفاً، وعندما يخرج الإثنان تقول زوريا تقول أنها تتذوقه في المطر، هل تسبب السيد أربعاء في تساقط المطر؟ هل لديه قدرة على التحكم في الجوّ؟ هذا سؤال مهم لأنه مرتبط بعملية السطو التي يقوم بها هذا الأخير برفقة شادو لاحقاً، والتي تتطلب تساقط الثلوج لكي تنجح.
يستيقظ شادو من النوم ويجد فعلاً قطعة نقدية في جيبه ولكن لا سلّم مؤدي للسطح من النافذة، هل كان يحلم؟ إذن من أين أتت القطعة النقدية؟ المعتوه سويني، من جهة أخرى، يستيقظ من النوم ولا يجد قطعة نقدية في جيبه، بل ما هو أسوء من هذا، لقد أصبح منحوساً.
لكن أولاً، ماهو ”لُبرُكان“؟ Leprechaun هو كائن من الفلكلور الإيرلندي يتم تصويره كثيراً في الأفلام والمسلسلات الأمريكية على أنه شخص قصير في القامة، أو قزم في الغالب، لديهم صندوق من القطع النقدية الذهبية عند نهاية قوس قزح، واذا قبض عليهم شخص ما يمنحونه ثلاثة أمنيات مقابل حريتهم. تراهم في القصص والأفلام والمسلسلات الأمريكية خلال يوم عيد سانت باتريك يفرطون في الشرب ويسببون المشاكل، يتم تصويرهم غالباً بلحية حمراء وبذلة خضراء مع قبعة صغيرة. في الفلكلور الإيرلنديّ يوجد أيضاً فكرة أن الإكليل ذو الأربعة أوراق يجلب الحظ لصاحبه.
اللُبرُكان أتى لأمريكا مع المهاجرين الإيرلنديين، فلذلك سويني ليس كما يتخيله الأمريكيون وإنما كما يعرفه الإيرلنديون، ومن الواضح أن قطعته النقدية تلك هي مصدر حظه، انظروا كيف يبدو واثقاً أن نادلة حانة ”تمساح جاك“ لن تطلق النار عليه أو لن تنجح في ذلك. وعلى ما يبدو من دون تلك القطعة النقدية يصبح سويني منحوساً، لم يكن يعرف فاعل الخير ذاك ذلك، مما يجعل الأغنية التي تعزف على الراديو (I’m Into Something Good نسخة جوزيه مورينهو) جد ساخرة وطريفة. على أيّ، عندما يذكر الشرطيّ الحظ السيء، يستوعب سويني أخيراً ما يحدث له والسبب وراءه.
هل القطعة النقدية الذهبية هي الحماية التي كانت لدى شادو وفقدها؟ يبدو الأمر كذلك من خلال سعي سويني الجاد نحو استعادتها، لكنها الآن انتقلت إلى ملكية شخص أخر: لورا مون، التي عادت للحياة بفضل تلك القطعة النقدية المحظوظة. كالعادة، بابلو شريبر يؤدي دور سويني بشكل مذهل، انظروا لتعبيره الوجهي عندما يخترق العمود الحديديّ وجه صديقنا فاعل الخير، وإلى رد فعله على سؤال شادو حول طريقته في استخراج القطع النقدية ”لقد قطفتها من العدم، أيها اللقيط أكل الحشرات!“، إنه مسلٍ جداً.
لو أعطاني لُبرُكان ثلاثة أمنيات في هذه الأثناء سأتمنى على الأرجح أن أرى ردود فعلكم جميعاً وأنتم تشاهدون مشهد بلقيس، وردود فعلكم وأنتم تشاهدون مشهد سليم والعفريت، اما الأمنية الثالثة ستكون أن يفوز مانشستر يونايتد باليوروبا ليغ لأنني أخشى على صحتي الجسدية والعقلية.
سليم، مهاجر من الشرق الأوسط، يجد نفسه في سيارة أجرة يقودها عفريت، ويجد في هذا العفريت راحة لم يجدها في هذا البلد الذي لم يفعل سوى أن يستنفذ ماله، يبوح له بهمومه ومشاكله، ويجد العفريت راحة في شخص لن يتغوط على كرسي سيارته. العفريت هو أيضاً، مثل اللُبرُكان، خرافة تم تحويلها إلى نكتة من طرف المجتمع الأمريكي عبر القصص والافلام والمسلسلات ووسائل الاعلام، وتحس في كلامه نوع من الحنوّ إلى ماضيه.
هذه أول مرة أرى فيها American Gods يحاول شرح مفاهيمه أو ذكرها على الأقل بشكل واضح، ففي هذا المشهد يتم ذكر الجن وأصنافه (عفريت، مارد…) وأنواع المخلوقات (إنس، جن، ملائكة)، وللوهلة يبدو أننا نشاهد مسلسلاً مختلفاً، ولكن هذا ليس شيئاً سلبياً على الاطلاق.
ثم بعد ذلك نتعرض لأكثر مشهد جنسي شذوذاً في تاريخ مشاهد جنس الشواذ في الأفلام والمسلسلات. المشهد كان موصوف بشكل دقيق جداً في الرواية والمسلسل كان وفياً جداً لذلك الوصف، والمشكلة الوحيدة حول ذلك المشهد وهذه القصة كلها هو أننا نقضي وقتا طويلاً فيها رغم أنه لا علاقة لها بالقصة الرئيسية، إلا إذا كان المسلسل ينوي استخدام العفريت في أحداث مستقبلية، فقد رأينا العفريت في الحلقة الماضية وهو يرتدي بذلة سليم، لربما وراء ذلك شيء ما.
في الرواية يتركك المشهد بنوع من الحيرة، هل تبادل الإثنان هويتهما من خلال الجماع أم ماذا؟ في المسلسل الأمر أوضح بكثير. فحتى عندما يصر العفريت أنه لا يقوم بتحقيق الأمنيات، فهو يحقق نوعاً ما أمنية سليم بتخليصه من حياته البئيسة واستبدالها بحياة أخرى، مستغلاً الغباء الأمريكيّ الذي لا يمكنه أن يميز بين الأشخاص الذين لديهم لون بشرة أخر غير الأبيض، بالرغم من أن سليم و العفريت كلاهما لا يشبهان بأي شكل الشخص اللذان يتقمصان هويته. وبهذه العملية، ينال كل منهما أمنيته، يحصل سليم على فرصة في حياة جديدة، والعفريت يأخذ هوية سليم ليعود للشرق الأوسط… على ما أظن، ما يدريني أنا بما تفعله العفاريت؟
خلال استعدادات السيد أربعاء وشادو للسطو على البنك، يتلقى شادو نصيحة مفيدة من رب عمله ”لا تدع دماءك تسيل قبل أن تُجرح“، وهي نصيحة يفضل اتباعها في كل الحالات، بجانب هذا، يتعرف شادو على الأنواع المختلفة من يسوع، النابعة من حاجة الناس الدائمة (والمختلفة) إلى يسوع، فكل فئة من المهاجرين جلبت معها تخيلها المختلف ليسوع ابن مريم، ولهذا يوجد أكثر من يسوع في أمريكا، بعضهم أفضل حالاً من الأخرين. بجانب هذه النصائح والمعلومات، يتلقى شادو أمراً من السيد أربعاء بالتفكير في الثلوج، في سبيل لجعل الثلوج تتساقط كفاية لإنجاح عملية السطو التي سيقوم بها الإثنان.
أعني، فكروا في الأمر، لا أحد يحب قضاء وقت أكثر من اللازم في البرد القارس، ومع ”تعطل“ الصراف الأليّ، معظم الناس سيقدمون أموالهم بكل سهولة إلى غريب على الشارع إن كان ذلك يعني عدم قضاء أي لحظة أخرى في هذه الحرارة المنخفضة، وهذا ما كان يعرفه السيد أربعاء تماماً، لكنه كان يحتاج شخصاً ثانياً ليُنجح خطته هذه في حالة قدوم الشرطة، وينجح الأمر بالفعل، بفضل اتصال هاتفيّ من ظابط الشرطة إلى هاتف السيد أ. هادوك. هل رأيتم كيف تحوّل شادو من مشكك في خطة السيد أربعاء إلى مؤمن؟ لقد أمن شادو فعلاً أنه أندي هادوك، ولهذا أتته تلك الثقة المفاجئة في وسط المكالمة وأختلق تلك القصة حول قلة العاملين لديه ودعى الشرطيّ ليعمل لديه، في تلك اللحظة كان بإمكانه أن يسرد تقريراً حول ضرائب شركة الأمن الوهمية تلك من دون أن يتلكأ، لأنه كان يؤمن في تلك اللحظة أنه أندي هادوك، مدير الأمن في شركة A1 للخدمات الأمنية.
يطرح السيد أربعاء بعدها فكرة مثيرة للاهتمام، ”هذا هو البلد الوحيد الذي يتسائل عن ماهيته“، وهو محق. أمريكا هي عبارة عن مزيج من الثقافات الأخرى، كل عادات وتقاليد المجتمع الأمريكيّ هي مسروقة من ثقافات أخرى، ليست ”مسروقة“ حرفياً، وإنما هي الأشياء التي جلبها المهاجرون معهم عند قدومهم إلى هنا. أعني، لننظر إلى الأمر من جانب ما، ماهي الوجبة التي تأتي لذهنك عندما تقول ”وجبة أمريكية“؟ الهامبرغر الألمانيّ؟ البيتزا الإيطالية؟ التاكو المكسيكيّ؟ تورتة التفاح الشرق أوروبية؟ إنه سؤال صعب الإجابة عنه، كل هذه المأكولات شائعة في أمريكا ولا واحدة منها تعود أصولها إلى نفس المكان التي هي شائعة فيه. وهذا هو عيب وميزة أمريكا، هي ليست أي شيء على وجه التحديد، لكنها كل شيء في نفس الوقت، ذلك الخليط العجيب من الثقافات الذي حوّل الكريسماس من مناسبة دينية إلى يوم لتبادل الهدايا، وحوّل كل الأعياد إلى مناسبات تجارية للشراء والاستهلاك، وحوّل اللغة الإنجليزية من لغة الملك إلى… لحظة، أنا متأكد أن الثقافة الأمريكية فيها بعض الأشياء الإيجابية لكنني حقاً لا أستطيع التفكير في واحدة الآن، لذلك سأخرج نفسي من هذه الفقرة بهذه الجملة.
هناك الكثير من الاختلافات والتناقضات بأمريكا، فلذلك لا يوجد اتفاق معين حول ماهية أمريكا، إذا سألت أمريكياً أسود البشرة وأخر أبيض البشرة حول ماهية أمريكا، ستكون لديك إجابتان مختلفتان، لكن في الحالتين سيتظاهر الإثنان أنهما يعرفان ماهية أمريكا، وما يقصده السيد أربعاء هو ان التظاهر بشيء ما له نفس تأثير الإيمان بشيء ما، إذا اختار شادو أن يتظاهر أنه قام بإسقاط الثلوج فهو نفس الأمر أن يؤمن شادو بأنه أسقط الثلوج بالفعل، أو هكذا فهمت الأمر أنا، أهتم لسماع رأيكم إذا كان لدى أحدكم فهم مغاير لذلك الحوار. أيضاً، في نفس الحوار، يخبرنا السيد أربعاء أنه يخشى أن يصبح طي النسيان، هذه ثاني مرة يذكر فيها السيد أربعاء النسيان، من الواضح أن لديه هوساً بالأمر، لماذا يخشى السيد أربعاء النسيان لهذه الدرجة؟ وماذا يحدث عندما يُنسى إله ما؟
كل هذه أسئلة مثيرة للاهتمام، نأمل أن يستكشفها المسلسل بشكل أوسع في الحلقات المقبلة، لكن لحد الساعة لا يزال American Gods لم يقدم أوراق اعتماده بشكل قويّ للغاية بعد. هناك الكثير من الأشياء الجيدة في هذه الحلقات الثلاثة التي رأيناها، لكن أيضاً بعض الأشياء التي من الواضح أنها لا تعمل بالشكل الصحيح، مثل إيقاف رتم الحلقات في منتصفها لأجل سرد قصة غير ذات صلة بالقصة الرئيسية، أو الاعتماد على مخرج واحد طوال الموسم، أو الإفراط في العريّ والجنس لثلاثة حلقات متتالية، والتركيز على أشياء مثل تمثيل الأقليات والمعادلة بين عري الرجال والنساء وما إلى ذلك من هذه القضايا الاجتماعية التي تمس الافلام والمسلسلات في وقتنا هذا، أعني من يهتم حقاً ما إذا كان عمل ما فيه عريّ رجالي كافٍ بالمقارنة مع عري النساء إذا كان جيداً؟ وهذا غير مهم بقدر أن نصف الحلقة يذهب في قصص جانبية لربما كان من الأفضل تقليصها إلى قصة واحدة فقط في كل حلقة أو طرحها على هيئة اكستراس، أي نعم الرواية عمل أدبي رائع ويفترض أن نبقي على أكبر قدر ممكن منها ونضيف بقدر الإمكان إليها، لكن بعض الحكمة مطلوبة هنا. نحن نتكلم عن وسطين مختلفين كلياً، الرواية كوسط أدبيّ تضمن لك حرية شاملة، لكن المسلسل كوسط بصريّ لديه حدود كالوقت والميزانية، فلذلك يتوقع المرء أنه بعد ثلاثة حلقات الأمور ستتضح أكثر أو يصبح لديه فهم معين إلى ما يحاول المسلسل الوصول إليه، وأنا أخشى أننا لا نزال بعيدين عن هذا كثيراً.
شيء أخير أود أن أنصح به، اذا كان لديكم الوقت، حاولوا مشاهدة الحلقات مرتين، هناك فرق كبير بين المشاهدة الأولى والثانية، في الأولى انت تركز كثيراً على ما يحدث، وفي المشاهدة الثانية يمكنك أن تركز أكثر على ما يقال، ستلاحظون الأمر على الفور عندما تجربونه.
بريفيو الحلقة القادمة
الحلقة القادمة يبدو أنها ستتمحور كلياً حول لورا، زوجة شادو، وعلاقتها بهذا الأخير، بداية من تعرفها عليه مروراً بوفاتها وانتهاءاً بوصولها إلى غرفته في ذلك النزل. المسلسل سيخوض لأول مرة خارج سياق الرواية ويحاول تقديم شيء جديد. أتطلع بشوق للحلقة..