كان هودور لوقت طويل في المسلسل مصدر الفكاهة في المسلسل, لكن أشك أن أياً منا سيقدر الآن على ذكر هودور دون أن يحس بقليل من الحزن.
هذه الحلقة التي تنتصف الموسم إتسمت بثيمة بارزة مشتركة بين عدة شخصيات في أماكن مختلفة (على الخريطة وفي اللعبة) وهي ألام الماضي — وما يفعلونه للتعامل معها — وتأثيرها على وضعيتهم الحالية. سانسا وماضيها مع رامسي, أريا وماضي إعدام والدها, فاريس وماضي رجولته المنتهكة, وحتى من أبناء الغابة وماضي حربهم ضد البشر والتي استوجبت منهم خلق سلاح خطير في السائرين البيض, سلاح قويّ جداً لدرجة أنهم فقدوا السيطرة عليه.
ثم هودور المسكين, الشخصية الوحيدة التي تعيش في سعادة تامة بعيداً عن الأزمات السياسية والعائلات المتنازعة والمكر والخديعة, لدرجة أنه كان من بين الشخصيات القليلة التي اتفق الجميع على حبها, والذي وفاته لم تكن فقط عاطفية فقط بل كشفاً مهماً لأحد أكبر أسرار السلسلة لحد الساعة.
مخرج هذه الحلقة هو جاك بندر, قد يتذكره محبوا Lost منكم, المخرج التلفزيونيّ الأسطوريّ الذي عمل على الكثير من المسلسلات الشهيرة. أيضاً من المصادفة أنه هو من أخرج حلقة The Constant ومن شاهد Lost منكم يعرف ما الرابط بين هذين الحلقتين.
لو سألت أي أحد قبل هذه الحلقة عن ما الذي يظنون أنه الحدث الذي جعل ويليس يتحول إلى هودور فإن جوابهم كان ليكون شيئاً بسيط وربما ”واقعيّ“ (إن صح القول) كسقوط على الرأس أو حدث صادم في طفولته. لكن ما حدث حقا أكبر بكثير مما قد يتخيله أي أحد منا.
بصراحة لا أريد أن أقوم بالتفسير لأنني شخصياً لا أظن أنني فهمت ما رأيته كلياً, وليس وكأن الكتاب أتوا بعد الحلقة وفسروا لنا الأمر, فلذلك الأمر يعود لكل مشاهد لملئ الفراغات مما استوعبه عقله من ذلك المشهد, لكن هكذا فهمت الأمر: بران كان في ”الحلم“ مع الغراب…
لحظة, لماذا عاد بران للحلم في تلك اللحظة؟ ولماذا ذلك الحلم بالذات؟ لقد كان من الغريب أن يفعلوا ذلك في تلك اللحظة خصوصاً بعد إدراكهم للخطر المحدق بهم من طرف السائرين البيض. هل كان يعرف الغراب أن هذا سيحدث؟ هل كل هذا حدث من قبل أو أن الغراب يرى المستقبل؟ الأمر برمته محيّر والمصيبة أننا لن نحصل على كل الإجابات, أنا متيقن من هذا.
نعود للحلم, ميرا كانت تحاول إيقاظ بران الذي كان يسمعها في الحلم, كان يسمعها عندما طلبت منه أن يتحكم في هودور, وبران تحكم في هودور في الحاضر والماضي, فلذلك عندما كان يطلب منه بران أن يحبس الباب ”HOLD THE DOOR!“ مراراً وتكراراً فإن روحيّ هودور (الماضي والحاضر) اتصلا ببعضهما البعض لدرجة أن الرجل/الطفل فقد عقله وجلس يكرر نفس الجملة ”HOLD THE DOOR!“ لدرجة أنها أصبحت من كثرة التكرار مختصرة في كلمة واحدة ”HODOR“.
رؤية هودور يموت بأي طريقة كانت لتكون أمراً محزناً, رؤيته وهو يموت في مشهد يربط بين هودور الماضي وهودور الحاضر واكتشاف أن مصيره كان دوماً أن يعيش ليساعد بران ثم أن يموت في سبيل حمايته أمر محزن جداً.
إذا لهذا السبب شخصية بران مهمة جداً جداً, لست متأكداً ان ما حدث في هذه الحلقة يغفر أن محوره كان صعب الهضم طوال مواسم المسلسل, لكن يتضح أن بران مهم جداً لدرجة أن السائرين البيض يريدون أن يقتلوه (لربما لأنه الوحيد القادر على القضاء عليهم كلياً؟). لكن هل يقع عليه اللوم لما ألت له حياة ويليس الصغير؟ أم اللوم يقع على الغراب ذو الثلاثة أعين؟ أم أن كل ما حدث اليوم هو ليس سوى مصير كل تلك الشخصيات وما هو مقدر لهم؟
وتبقى للمشاهد مسألة فهم وتحليل ما تعنيه هذه القدرة الجديدة لدى بران في تغيير أحداث الماضي, أو إحداث أحداث في الماضي, على حسب فهمك للموضوع, وفي الحالتين أنت أمام معضلة تفسير لوجيستيكيات السفر عبر الزمن في عالم فنتازي والإشكالات والتناقضات التي قد تنتج عن ذلك.
السؤال الآن هو ماذا سيحدث لبران وميرا؟ إنهما وحيدان في مكان متجمد, أحدهما معاق وعليه ”جهاز تعقب“ يستطيع السائرون البيض إيجاده عن طريقه بكل سهولة (وبسرعة كذلك!), ليس لديهم أية مؤونة ولم يبتعدوا كثيراً عن الخطر. إلا إذا كانت لميرا قدرات خارقة هي الأخرى, فإنه يصعب تخيّل أنهما سيخرجان من هذه الأزمة بكل سهولة.
أيضاً: ماذا عن برج السرّاء؟ لم نرَ نهاية ذلك الحلم بعد.
شخص أخر لم يستطع التخلص كلياً من ألام الماضي هو ثيون, الذي انتشرت أخبار ما أل به على يد رامسي بين بني حديد, لكن رؤيته بتسريحة شعره تلك وفي ثوب غير بالٍ جعلتنا نحس وكأن ثيون عاد بالفعل من جديد.
لا أعلم ما الذي أزعجني أكثر في هذا المحور, هل أن حفل الولاء والبيعة انتهى بسرعة أسرع بكثير جداً جداً من السرعة التي انتهى بها في الكتب أم أن مشاهدي المسلسل لم يعيشوا العذاب الذي عاشه قراء الكتب في قراءة تفاصيله الطويلة أم أن الأمر برمته مختلف جداً عن الروايات لدرجة مزعجة بعض الشيء. لكننا تعلمنا شيئاً واحداً: غيم أوف ثرونز لا يحب أن يستغرق أي نوع من الأحداث الديموقراطية أكثر من حلقة واحدة, لكن عودة الشخصيات من الموت… لا مانع في تمطيطها.
أو ربما أنا منزعج من أن بني حديد أغبياء لدرجة أنهم بعد أن كانو يهتفون بإسم يارا غيّروا رأيهم بسرعة بعد أن دخل يورون وقال لهم ”أيوة نعم انا قتلت بايلون غريجوي وسأذهب لعند دينيريس وأتيكم بالخمر الغيسكاريّ وفتيات يتقنّ فن السبع آهات“, لم يقل ذلك حرفياً لكنني لا أتوقع أن ذلك كان ليشكل أي فرق عندهم.
هل يمكنني أن أنزعج من المحور في الكتب والمسلسل مع بعض؟ يعني ولو أن المسلسل رحمنا من تطويل الأمر كثيراً إلا أنه خلال هذه العملية الطويلة في الرواية تعرفنا أكثر على شخصية يورون ”عين الزاغ“ غريجوي وما يجعله شخصاً خطيراً وأهلاً بقيادة بني حديد, لقد كانت هناك أبواق تحرق كل من ينفخ فيها وأشياء مجنونة أخرى, لقد بدا شخصاً مجنوناً بالكامل, شخصاً من النوع الذي إذا قيل لك أنه ذهب إلى فاليريا وعاد سالماً, أو أنه قطع ألسنة طاقمه كله, أو أي شيء من هذا القبيل فإنك لن تجد صعوبة في تصديق ذلك, بينما في المسلسل يبدو شخصاً أليفاً للغاية وربما قد يعود الأمر للممثل Pilou Asbæk الذي كان رائعاً في Borgen لكن ربما كاسته في هذا الدور كان في غير محله.
أيضاً يحتمل أن المسلسل لا ينوي الدخول في أسطورة يورون, لا أظن أنهم ذكروا لقبه ”عين الزاغ“ في المسلسل لحد الساعة, كما أن المسلسل لم يوضح لنا الدافع خلف رغبته بقتل ثيون ويارا, فلذلك الأمر برمته مزيج غريب من كل هذه الأشياء والذي جعلني لا أهتم حقاً بأن أي شيء قابل للحدوث في هذا المحور ابتداءً من هذه النقطة. أو أن الكتاب أرادوا تجاهل الأمر برمته وكتابة محور بني حديد خاص بهم.
يبقى السؤال: إلى أين سيتوجه ثيون ويارا بأسطول ”أفضل سفن بني حديد“؟ وهل يمكن إعتبار خطة يورون في بناء سفن لمطاردتهم أبطئ مشهد مطاردة في تاريخ الأفلام والمسلسلات؟
الحيز الزمنيّ يضرب من جديد في هذا المسلسل, هذه المرة يبدو أنه مرت على الأقل بضعة أسابيع (أسبوعان, إذا ما أخذنا ما قاله تيريون كمقياس) في هذا المحور, فترة كافية لينتقل الخنصر من وادي أرين إلى الشامة (Mole’s Town) وأن تحيك سانسا معطفاً من الفرو لجون سنو.
لا أصدق أن الخنصر خرج حياً من لقاءه مع سانسا, الرجل مشهور بلسانه المعسول الذي يخرجه من كل المأزق لكن ذلك المشهد لم يكن فيه أي نوع من التهديد له وذلك لم يبدُ لي جد منطقي, خصوصاً إذا أخذت بالإعتبار العتاب الذي وجهته له سانسا التي يبدو أن ألام الماضي التي تعرضت لها لم تندمل جروحها بعد. لا أصدق أكثر أن الخنصر كان نادما حقاً كما بدا في ذلك المشهد, هل هو نادم حقاً أم أنه كان يمثل للخروج من ذلك المكان ورأسه متصل بجسده؟
رأسه كان بالفعل لا يزال متصلاً بجسده عند خروجه, المكار استطاع أن يدس ثمار الشك بينها وبين ”أخيها الغير شقيق“ عبر همسة سريعة, هل هو يريدها أن تشك في جون أم أن تثق به؟ في الحالتين أعجز عن تصديق أن هذا الأمر برمته لا يدخل ضمن ”خطة بيتر بايليش للسيطرة على العالم“
لقد كان جميلاً جداً رفض سانسا لجيش الوادي, بقدر ما تحتاج هي وجون كل العون الممكن, فإنها تدرك أن قبول أي نوع من المساعدة من هذا الرجل المخادع لا يخدم أي أحد سواه, أقول هذا بإدراك تام لمقدار الإغراء الذي يشكله هذا العرض, جيش الوادي هو تقريباً الجيش الوحيد الذي لم تمسه أي أضرار من الحرب لحد الساعة (باستثناء دورنا), وهذا من شأنه قلب الموازين كلياً في صراعهما ضد رامسي بولتون.
لكن من الواضح أنها تأثرت بما قاله, وإلا لما كذبت على جون في مجلسه الصغير (أم أنه مجلس سانسا الصغير؟). في الحالتين, سيكون من المثير العودة للفرات ورؤية بريندن ”القرموط“ تولي من جديد, ولربما إدميور كذلك.
كانت لحظة إدراك إد لمنصبه الجديد كقائد لحرس الليل لتكون أفضل مشهد بالنسبة لي في هذه الحلقة, لولا وجود ذلك المشهد الذي سبقها والذي أطلق فيه تورموند نظراته الغزلية من جديد تجاه بريان التي لا تعرف لحد الساعة كيف تتعامل معها.
هذه الحلقة كانت لتكون فارغة كلياً من بوريال لولا مسرح شكسبير الهزليّ ذاك, إذ قبل أن نرى المأساة التراجيدية لهودور والتي تقارع تراجيديات شيكسبير في مأساويتها, رأينا نظرة شرقية لأحداث ويستيروس (والتي تضمنت مأساة أخرى: إعدام نيد ستارك) بنبرة فكاهية, وكان ذلك مثيراً للإهتمام بعض الشيء, ولو أن المسلسل أَتبَع ذلك مباشرة وبدون إنذار بمشهد مقرّب لمنفرج أحد الممثلين الذكور. إله السماوات يا غيم أوف ثرونز, أنا مستعد للتنازل عن العريّ النسائيّ في المسلسل مقابل أن لا ترونا مشهداً من هذا النوع مجدداً. هؤلاء المنتجون أغبياء حقاً, لا يدركون أن العريّ الرجاليّ الغير مبرر هو بنفس سوء العريّ النسائيّ الغير مبرر, ومشهد كهذا لن يوازن هذين الإثنين.
الأكيد أن مهمة أريا هذه ليست مصادفة, كما هو الأمر مع كل الأشياء المتعلقة ببيت الأبيض والأسود: كل شيء عبارة عن اختبار. فلذلك أريا كانت مجبرة على مواجهة ألام الماضي وعيش تجربة مقتل والدها من جديد (ومن زاوية مشابهة جداً للمرة السابقة, كما أوضح احدهم على ريديت) عبر مسرحية ذات سيناريو يرسم والدها على أنه شخص غبيّ مسيّر بالطموح, وأيضا قتل ممثلة تلعب دور سيرسي (والتي يبدو أنها أطيب من الشخصية التي تلعبها) لإختبار فعلاً ما إذا كانت ”فتاة“ هي فعلا ”فتاة“ أم أنها لن تكون أبدا غير أريا ستارك,
يبدو أنني كنت مخطئاً حول تيريون, إذ يبدو أن خطته بدأت تعطي ثمارها بالفعل, لكنني لا أزل احتفظ بشكي أن شيئاً ما سيحدث, لا يعقل أن الأمور أصبحت تسير فجأة بسلاسة في ميرين بعد مواسم من العذاب. ثم من تكون هذه الراهبة الحمراء الجديدة؟ ميليساندري ذات دبلوم في العلاقات العامة؟ والأهم من هذا, كم عمرها الحقيقيّ؟
الأكيد هو أنه مهما كانت هذه الأخت فإنها إستطاعت أن تخلخل دواخل العنكبوت فاريس بمعرفتها بماضيه المؤلم, لقد بدا فاريس متفاجئاً بل وحتى مرعوباً بعض الشيء, وهي تعابير لم نعتد على رؤيتها من قبل على وجه الأصلع المخصيّ. ما أثار انتباهي هو قولها ”نحن نخدم نفس الملكة. إذا كنت صديقها الحقيقيّ فلا شيء لديك لتخشاه مني“ والذي بدا وكأنه تهديد أو شيء تقوله عندما تكون تعرف شيئاً حول شخص ما. لربما هناك شيء ما يخفيه فاريس عن تيريون وعنا.
العنكبوت لم يكن الوحيد الذي اعتلت وجهه تعابير جديدة, دينيريس هي الأخرى بدت حزينة عندما علمت أخيراً بمرض جوراه ونيته في الإنتحار, وحزنها هذه المرة بدا أقوى بقليل من حزنها على موت الكال دروغو (حيث كان حزنها ممزوجاً بالغضب). لا يهتم أيّ منكم بالموضوع, لكن عندما سألتكم قبل أسبوعين حول أغنية تذكركم بإحدى الشخصيات أو بعلاقة بين شخصيات فإنه كلما بدأت هذه الأغنية بالعزف على هاتفي لا أستطيع سوى تخيّل أنها حول جوراه ودينيريس, وتذكرتها هذه المرة كذلك عندما اعترف لها أخيراً بحبه, آه من الحب الغير متبادل يا جوراه.
جميل أنها أمرته بالبحث عن علاج لهذا الداء لحاجتها له عندما تحكم ويستيروس, لقد عفت أخيراً عن جوراه, وكل ما سيتعين عليه الآن هو إيجاد علاج لهذا المرض. وإذا كانت شيرين شفيت على يد شخص من إيسوس فإن العلاج قد لا يكون بعيداً عن متناول مورمونت.
لكن عودة إلى الساحرة الحمراء الجديدة, إن تكليفها بمهمة التبشير بعظمة دينيريس لدى عامة القوم حركة خطيرة, أخر شخص حاول استخدام الدين لمصلحته انتهى به المطاف عارياً في شوارع بوريال.
برومو الحلقة القادمة
حيث لا يزال الخطر يحدق بميرا وبران, حيث يقف اللانيسترز وجهاً لوجه أمام الدوريّ الأعلى, حيث سام السمين قاتل السائرين والثين (لن أمل أبداً من كتابة هذا) يجتمع بعائلته من جديد, حيث دينيريس تمتطي حصاناً (سيريوسلي 😜)
التقييم النهائيّ
الحلقة: | لا أعرف لماذا كتبت هذه المراجعة كلها بينما كانت صورة لـM. Night Shyamalan لتفي بالغرض. | |
8 / 10 | إذا كان جورج مارتن هو فعلاً الرجل خلف ما رأيناه في هذه الحلقة في الكهف فهو فعلاً كاتب فذ, لنأخذ بعين الإعتبار كمية التخطيط التي يتطلبها هذا الحدث وهذا الكشف عن أصول الشخصية عبر 6 كتب, أمر مذهل. المشكلة أن الحلقة عدى عن هذا المحور لم تكن قوية حقاً, لكنني أعطيتها 8 لأنني صراحة مللت من تفسير أن تقييمي نادراً ما يكون مبنياً على التأثير العاطفيّ, رغم أنني متأكد أن أحداً ما سيقفز في صندوق التعليقات أو على تويتر ويقول هذه الحلقة 10/10. فليساعدني الرب. |