Boardwalk Empire، بصراحة لا أجد كلمات معينة لبدء هذه المقالة ولكن سأقول ما قاله لي صديق حول المسلسل في أول موسم عرض له قال ”نساء، عصابات، خمور“ مالذي تُريده أكثر من ذلك في مسلسل؟ بواقع الحال جوابي سيكون الدراما بالطبع أريد أن أرى بعضاً من الدراما بداخل قالب رائع كهذا القالب ولحسن حظي وجدتُ مطلبي بالضبط داخل خلجات امبراطورية المبدع ”تيري وينتر“ سأطيل الحديث فيما بعد حول مالذي يُميز المسلسل وسآخذ المحاور الواحدة تلو الآخرى لأتحدث عنها بشكل مفصل نوعاً ما ولكن بدايةً دعوني أعرفكم بالمسلسل وقصته.
تقع الأحداث في مدينة ”أطلنتيك سيتي“ في ”الولايات المتحدة الأمريكية“ سنة 1920 عندما تم اقرار قانون ”فولستيد“ الذي يحظر بيع وتصنيع ونقل الخمور وتبدأ الأحداث مع بداية اقرار القانون وتأخذ الأحداث جانب السرد من مدينة أطلنتيك سيتي حيث أمين الخزينة شخص يُدعى ”اينوك طومسون“ ويدعونه بالعادة ”ناكي“ الشخص ربما هو فقط أمين الخزينة ولكنه في الواقع يُدير المدينة برمتها ويتحكم بها عبر أخيه ”إيلاي طومسون“ حيث يتولى منصب ”شريف“ في شرطة المدينة ورفقة أصدقاءه البقية الذين يتولون مناصب متعددة من العمدة وحتى بقية المناصب ولأن المدينة لها واجهة بحرية يستغل ناكي نفوذه في تهريب الخمور وتصديرها على مستوى محلي لبقية المدن مثل شيكاغو ونيويورك والباقي بشكل منظومة جريمة كاملة، هذا من جهة ومن جهة آخرى سترى ناكي الشريف العفيف الذي يلقي خطاباً في مؤتمراً للمرأة ويمدح القرار ويُظهر نفسه على أنه المحترم والجيد وهنا تبدأ القضية بالتداول بظهور شخصيات عديدة مثل جيمي دارمودي ومارغريت شرودر وتتواصل الاحداث شيئاً فشيئاً.
الشخصيات
اينوك ”ناكي“ طومسون يلعب دوره Steve Buscemi
اينوك هو أمين خزينة مدينة أطلنتيك سيتي وبشكل أو بآخر المتصرف الأول في المدينة يُدير عملية برمتها لتهريب الخمور والتجارة بها على مستوى مدينته وعلى مستوى محلي بالنقل لبقية البلادن في وقت حظر تصنيع ونقل وبيع الخمور ومن جهة آخرى نراه الشخص الملتزم الذي يتظاهر بدعم القوانين ومحاولة تنفيذها في البلاد.
ايلاي طومسون يلعب دوره Shea Whigham
ايلاي هو مسؤول الشرطة الأول في المدينة وهو الأخ الأصغر لناكي يُساعد أخاه ويُشرف على أعمال التهريب والنقل وبالطبع داخل في منظومة الفساد التي يُديرها ناكي ولكنه نوعاً ما يشعر بعدم الرضى من تحكم أخيه بكل شيء بالطبع يُنفذ أوامر أخيه ويجعل رجاله يحمون عمليات التهريب ويشرفون عليها.
مارغريت شرودر تلعب دورها Kelly Macdonald
مارغريت أم لها طفلان ولد وفتاة وزوجها شخص سكيّر ومقامر يضربها ويهينها، ترى ناكي أول مرة في كلمة له في أحد مؤتمرات النساء وتذهب له طالبةً المساعدة وتبدأ الأحداث تتطور من هناك شيئاً فشيئاً خاصةً مع أفعال وتصرفات زوجها.
جيمس ”جيمي“ دارمودي يلعب دوره Michael Pitt
عائد لتوّه من الحرب تربطه علاقة وثيقة مع ناكي تتوضح فيما بعد يجعله ناكي يده اليمنى ومساعده في أمور التهريب بالاضافة إلى أنّه كالحارس الشخصي لناكي جيمي يرى في نفسه امكانية معينة ويريد أن يكون له مكانةً أكبر وتبدأ الأحداث تتطور شيئاً فشيئاً من هناك خاصةً مع مطالب ناكي التي تأخذ طابع معين.
نيلسون فان ألدين يلعب دوره Michael Shannon
نيلسون هو شرطي فدرالي متخصص بمراقبة وتنفيذ قانون (فولستيد) يُوضع في مدينة أطلنتيك سيتي لتأدية واجبه وهو شخص ملتزم دينياً جداً ولديه أخلاقيات ومبادئ معينة يتصادم ذلك مع وجود ناكي طومسون والعملية الاجرامية التي يُديرها ويبدأ نيلسون بمحاولة ربط الأمور لايصالها لناكي والقبض عليه وبنفس الوقت ناكي يحاول أن يتخلص منه.
ارنولد روستين يلعب دوره Michael Stuhlbarg
ارنولد روستين هو رجل أعمال وأحد كبار مالكي الأموال في نيويورك سيتي تربطه علاقة عمل بناكي في موضوع الخمور فهو يستفيد من ناكي بهذا الأمر لنقل الخمور لمدينته وهو أيضاً يُدير عمليةً كبيرة من توزيع الخمور على مدينته رفقة أعماله بالمقامرة وبأمور آخرى.
آل كابون يلعب دوره Stephen Graham
آل كابون اسم شهير جداً لا شك وأنك سمعته ذات مرة في فيلم اجرامي ما أو في رواية ما، آل كابون في الواقع هو أحد أكثر الأسماء الاجرامية شهرة في القرن العشرين يتناول المسلسل بدأ حياته الاجرامية في أحد جوانبه عندما كان مجرد تابع لتوريو في شيكاغو وركز العمل بشدة عليه فأظهره من أول حلقة ودائماً ما كان يُظهر تطورات شخصيته، آل هو مجرم امريكي عمل تحت امرة توريو في شيكاغو وبدأ من هناك يشق طريقه شيئاً فشيئاً نحو الاستقلالية.
ما يُميز المسلسل هو هذه الجمعة الكبيرة من النجوم، المسلسل استطاع أن يأتي بطاقم مليء بالنجوم والكبار في تخصصاتهم فكان لديه على دفة الانتاج منتجين منفذين أسمائهم لوحدها تكفي مثل مارك والبيرغ – الذي جلب القصة في الأساس بالمناسبة – وكذلك مارت سكورسيسي أيضاً كاتب العمل تيرينس وينتر وبالطبع المخرج المبدع تيم فان باتين الذي كان ايضاً منتجاً منفذاً رفقة ستيفن ليفنسون ونفس الأمر بالنسبة للكتاب والمخرجين بوجود أسماء مثل آلن كولتر وتيرينس وينتر وهاورد كوردير وديفيد ستين حتى الكاستينغ كان لميرديث تاكر احد المتخصصين كلها أسماء سبق وشاركت بمسلسلات مثل ذا سوبرانوس ومسلسلات كبيرة صنعت تاريخ التلفاز الأمريكي.
بدأ العمل عندما جلبه مارك والبيرغ من كتاب وذهب به لمارتن سكورسيسي ثم ذهبا به سوياً للعملاقة HBO التي طلبت من تيري وينتر بدأ العمل على النص وبحق الرؤية العبقرية لهذا المبدع أعطت العمل نكهة خاصة جداً تيري وينتر من كبار الكتاب وقد فاز بـ4 ايمي 3 منها كانت في فئة الكتابة في أيام ذا سوبرانوس، استطاع هذا العبقري أن يخلق لهذه الفكرة أبعاداً دراميةً ممتازة بقالب خيالي وواقعي بنفس الوقت فتقريباً الخيال هو حواليَّ 60% من العمل كما قال ولكن الواقعيـة تأخذ قالب 40% من العمل فقد حرص على وجود محاكاة واقعية مميزة لأمور مثل بدأ سطوع نجم آل كابون في الموسم الثالث الذي صادفت أحداثه سنة 1923 والتي هي بالفعل بدأ كابون يخرج من تحت عباءة توريو بها من جهة آخرى تشارلي لوتشيانو وبدايته تحت عباءة أرنولد روستين وأيضاً اينوك وما يحدث في أطلنتيك سيتي كل هذه الأمور في قالب درامي ممتاز أستطاع أن يصوغها هذا المبدع ليجعل الكتابة أحد الأمور التي يتميز بها المسلسل وربما بالنسبة لي هي أكثر شيء يميز المسلسل فاستطاع أن يقود القافلة تيري ليصوغ لنا كمية ممتازة من الدراما رفقة القدر الكافي بالضبط من الاثارة الخفيفة والمحاكاة التاريخية وبالطبع حرب العصابات الباردة ففي الأول والأخير المسلسل مسلسل عصابات!
من الأمور الآخرى هي عدم التباطئ بسير الأحداث فمرور 3 مواسم من المسلسل واكبه مرور 3 سنوات تقريباً وهذا أمرٌ يُحسب للمسلسل فلم يأخذ حيز الطابع الدرامي والسرد البطيء بل أخذ حيز الطرح الأحداثي السريع نسبياً وبنفس الوقت اعطاء الأحداث حقها فمثل الأمور المهمة وجسد الأحداث التي أدت لتقلبات في الشخصيات وبنفس الوقت واكب تطور الشخصيات عبر السنوات ومرور السنوات لكي يواكب أحداث مهمة آخرى منها تطور وبروز أسماء شخصيات عصابية وظهور أعداء جدد فمن غير المعقول أن يكون لناكي مثلاً بطلاً في يوم وليلة وهذا أمرٌ لا شك وأن تيري وينتر استطاع بقوة أن يُبرزه في المسلسل.
أحد الأمور الآخرى التي تُميز المسلسل هي الاخراج بل تقريباً هو أكثر أمر يُميز المسلسل حسب الرؤية العامة فالمسلسل خلال موسمان ربح جائزتان افضل اخراج الأولى لأحد أساطير الإخراج الحية مارتن سكورسيسي أو كما يُحب أن تتم مناداته بـ“مارتي“ يقول تيم فان باتين وهو أحد مخرجي العمل أيضاً حول مارتي يقول مارتي لا يُحب أن تناديه باسم مارتن فهنالك شخصان فقط ينادونه باسم مارتن هما أمه والممثل ”الكبير“ جاك نيكلسون لذا مارتي تكفي، مارتي حسب كل ما ورد من طاقم العمل شخص دؤوب جداً في العمل ولديه أفكار جذابة يُجلس الطاقم الاخراجي والتصويري ويُشاهد معهم الأفلام التي تتناول تلك الفترة ويعلق على المشاهد ويقول مثلاً نُريد أن نُظهر الروح بداخل هذا المشهد الذي تشاهدونه بالمشهد الذي لدينا، حديثي عن مارتن سكورسيسي لن ينتهي فهو أحد المخرجين المفضلين لي شخصياً ووجوده في العمل واخراجه للبايلوت أعطى للعمل رونقاً خاصاً أعني من قد يفوت على نفسه قراءة اسم مارتن سكورسيسي في بداية الحلقة؟ ألا يكفي هذا لوحده.
الثاني كان هو نجم من نجوم الاخراج التلفزي وأحد أشهر المخرجين التلفزيين في السنوات القليلة الماضية المدعو (تيم فان باتين) هو الذي فاز بجائزة أفضل اخراج ايضاً عن اخراجه الحلقة الاخيرة من الموسم الثاني في الايمي، تيم أيضاً أحد الأمور الكثيرة التي تُميز المسلسل فوجوده ولمسته الاخراجية قدمت لنا المسلسل بشكل رائع يكفي أن يكون لديكَ مخرج بارع كهذا تتكل عليه في اخراج حلقات كبيرة مثل حلقات البداية والنهاية لكل موسم وتيموثي قدم نفسه بقوة.
الطاقم التمثيلي للمسلسل هو أحد أفضل الطواقم التمثيلية في المسلسلات الأجنبية حالياً فهو يحمل في طياته الخبرة والنجاعة، الطاقم ربح جائزة أفضل طاقم مسلسل درامي في جوائز نقابة التلفاز في الموسمين الأول والثاني وبصراحة بوجود أسماء مثل ستيف بوشيمي، كيلي ماكدونالد، شيا واغم، فنسنت بيزا، مايكل بيت، مايكل شانون، مايكل ستالبارغ، مايكل كينيث ويليامز والبقية الباقية ممثلين مرشحين لجوائز في أعمالهم السابقة وقدموا أدوارهم في المسلسل بشكل رائع جداً استطاعوا أن يقدموا الشخصيات بشكل ممتاز وبدقة متناهية وبأداء بارع جداً يستحق كل المديح ويستحق كل الجوائز التي نالها فهو طاقم تمثيلي رائع جداً.
الديكور والمكياج والملابس، لابد من القول أن القائمين على المسلسل والمختصين بهذه الأمور بذلوا مجهوداً خيالياً، فجعلونا نعيش تلك السنوات بلحظاتها فمن السيارات إلى الممر الخشبي إلى المباني والدواخل وإلى الأزياء وحتى طريقة الكلام والكلمات، المظهر الخارجي للمسلسل كان رائعاً حقاً ويستحق المبدعين والفنانين الذين وقفوا وراء هذا أن يتلقوا كلمةً تُنصفهم فلولاهم لما كان المسلسل هكذا يظهر لنا فالمصممين الغرافكيين أيضاً يستحقون فقد أظهروا لنا عملاً فنياً رائعاً فالطريقة الرائعة لتصوير الاصابات الحربية إلى الابداع المتناهي في تصوير البيئة الخارجية للمدينة كل تلك الأمور سامهت في رفع أسهم المسلسل بقوة
كل هذا وأكثر الحديث عن هذا المسلسل سيطول ويطول فهو بالنسبة لي أحد أفضل ما يُعرض حالياً على التلفاز الأمريكي، أنتظر بقوة العودة في الموسم الرابع في الخريف القادم.
المسلسل قدم أوراق اعتماده بالنسبة لي بشكل ممتاز وأتمنى أن يستمر قدر الامكان مادام يُقدم محتوى درامي ممتاز، مهما تحدثت عن المسلسل لا أرى أنني أنصفه فالمسلسل له قيمة كبيرة كما أرى وأسهمه ترتفع كلما أمعنا النظر بدواخله الاخراج، الكتابة، الحورات المميزة الممثلين الرائعين كل هذا وأكثر ضمن مسلسل تلفزي درامي واحد يأخذ حيز عشرينات القرن الماضي لا تفوت الفرصة لمشاهدة مثل هذا العمل الرائع فربما أنتَ تفوت مشاهدة عمل عندما ينتهي قد يُصنف ضمن قائمة أفضل الأعمال على الإطلاق في تاريخ التلفاز الأمريكي أو على الأقل أفضل أعمال الرائدة HBO.
التقييم النهائيّ
الكتابة: | ||
التمثيل: | ||
الإخراج: | ||
رأي شخصي: | ||
9.25 / 10 | أحد أفضل الأعمال التلفزية التي تُعرض حالياً في التلفاز الأمريكي قدم نفسه بقوة بجميع الجوانب الكتابية والاخراجية والتمثيلية ويستحق المشاهدة لا شك |