The Man in the High Castle ”وايزنبير“ و كوكتيل من ”الساكي“

لا تزال أمازون تبحث عن ”هاوس اوف كاردز“ خاصتها, فبعد 3 محاولات و دزينتين من المسلسلات, خرجت لنا أمازون في محاولتها الرابعة بخمسة بايلوتات من ضمنها The Man in the High Castle, دراما ذات قصة مثيرة للاهتمام لكن بمعالجة مهزوزة… قابلة للتطور.

”الرجل في القلعة العالية“ مبنيّ على رواية تحمل نفس الإسم للكاتب Philip K. Dick (نفس الرجل الذي كتب روايات خرجت منها أعمال شهيرة كـ: Blade Runner, A Scanner Darkly, Total Recall للمثال لا الحصر), الرواية كتبت عام 1962 أي بعد 17 سنة من انتهاء الحرب العالمية الثانية, وقد فازت الرواية بجائزة هيوغو الادبية في السنة الموالية.

يمكنني أن أسمع تذمركم من هنا, ”هذا الرضوان مرة اخرى سيزعجنا بحديثه عن الروايات ويقول لنا ما نعرفه مسبقاً: الرواية أحسن من المسلسل“. لربما معكم حق, انا أفعل هذا, لكن فقط عندما يستحق الأمر ذكره (فقط يصادف أن كل المسلسلات تقوم بأشياء تجعل الرواية الاصلية أمراً يستحق ذكره).

الوصف الرسميّ للمسلسل كان كالتالي: ”ماذا كان ليحدث لو خسرت دول الحلفاء الحرب العالمية الثانية؟ هذا هو السؤال الذي يتمحور حوله هذا المسلسل المبنيّ على رواية Philip K. Dick التي تحمل نفس الإسم و الفائزة بجائزة Hugo عام 1962. بعد 20 سنة على تلك الخسارة, الولايات المتحدة و معظم دول العالم أصبحت مقسومة مابين اليابان و ألمانيا, القوتان المهيمنتان على العالم. لكن التوتر بين هذين القوتين يتصاعد, ونرى تجليات هذا التوتر في غرب الولايات المتحدة عبر عدة شخصيات في عدة مظاهر (جواسيس, تجار بضائع مزورة, وأشخاص أخرون بهويات سرية). The Man in the High Castle يعطينا حكاية مثيرة عن الحياة والتاريخ من حيث صلته بالواقع الحقيقيّ و المفبرك.“

الآن, أنا لم أقرأ الرواية (أمازون لم تعطيني الكثير من الوقت 🙂 ), لذلك سأتكلم بناءاً على رآيي في المسلسل كمشاهد مثلي مثلكم وفي نفس الوقت أتكلم عن بعض الأشياء التي يقول قراء الرواية أن المسلسل ”أخطأ فيها“ إن صح القول.

man-in-the-high-castle (1)

المسلسل يقدم لنا هذا العالم الجديد الغريب من منظور شخصيتين, (جو بليك) هو إبن عسكريّ كل ما يريده هو أن يجعل أبوه فخوراً به, و (جوليانا كرين) التي تحب ممارسة ”الأيكيدو“ اليابانيّ على عكس أختها المُغامرة, مقتل والدها و مواعدتها لشاب من أصول يهودية يعطيانها أسباباً كافية لتكره النظام النازيّ, (جولز) تجد نفسها في مكان لم تتوقع أبداً أن تصل إليه عندما تلتقي صدفة بأختها.

النص لا يعطينا الكثير حول هذه الشخصيات, حول أبعادها النفسية وما يحركها, رغم أن الأداء التمثيليّ كان جيد و في المستوى. النص يبدو متسارعاً (بطيئاً في أحيان ومتسرعاً في أحيان أخرى), ويبالغ فيه تشويه صورة النازيين (كما تفعل الأفلام الأمريكية عادة) بتصويرهم على أنهم متوحشون وهمجيون باستخدام مشاهد التعذيب و القتل, إنهم ”الأشخاص السيئون“, وفي نفس الوقت يبالغ في نشر صورة الوطنية الأمريكية و الحرية و النسر الأصلع و أغاني بروس سبرينغستين ”الراية المرصعة بالنجوم“ ومن هذا الهراء. هذه النقطة كانت هي أكثر شيء عبته في المسلسل, الذي عدى عنها كان إنتاجاً من طراز عالي و متقن, ولا عجب في ذلك بالنظر إلى أن (ريدلي سكوت) مرتبط بالمشروع, وهو الذي قام باقتباس رواية أخرى لنفس الكاتب في فيلم Blade Runner.

man-in-the-high-castle

حسب قراء الرواية, يبدو ان البايلوت تتبع بشكل حرفيّ الرواية, ثم أضاف عليها بضعة أشياء. العنف النازيّ لم يكن له وجود في الرواية, وإنما كان وجود النازيين في الرواية كشبح يخيم بظلاله على الشخصيات, ويضيق الخناق عليها. شخصيات (جوليانا) و (تاغومي) لحد الساعة تبدو مطابقة لما جاء في الرواية, بينما شخصية (جو بليك) لم يكن لها وجود فيها, ومما رأيته في المسلسل, لا أظن أن هذه الشخصية تم كتابتها بشكل جيد لأنه لم يظهر لنا أية دوافع عاطفية أو منطقية لإنشقاقه السياسيّ, هل المقاومة غبية (وغير حذرة) إلى هذه الدرجة لكي تقبل بأي شخص يزعم أنه مناهض للنازية؟ (كنوع من المقارنة, إرجعو للفقرة أعلاه التي تحدثت فيها عن الشخصيتين, وقارنوا بين مقدار ما كتبته عن ”جو“ و ”جوليا“, و ستفهمون قصدي).

مالم يقم المسلسل بتغيير نبرة ”المقاومة الأمريكية“ التي ينتهجها (والتي تناقض ما تحاول الرواية إيصاله), فإن المسلسل سينحاز عن فكرته الأصلية كرؤية إلى الديبلوماسية الزورانية في عالم إستبداديّ ديكتاتوريّ و يتحول إلى مزيج من الويسترن و الجاسوسية في الستينات الهدف منه هو خلق الأكشن أكثر من إيصال رسالة. لكن كل هذا الكلام يستند على ما رأيته في البايلوت و حسب, ولا يمكن أن نتوقع أن تتطور الشخصيات في ساعة من الزمن وحسب, لا يزال هناك مساحة لذلك (في حالة ما إذا استكملت أمازون المسلسل) وعندها سيمكننا الحكم على الكتابة بشكل أفضل.

الـBBC كانت ستقوم بهذا المسلسل قبل 5 سنوات, وخططت أن تقوم به في موسم واحد مكون من 4 حلقات, لكن حدث شيء ما ولم يكتب للمشروع ان يرى النور, إذا كانت الـBBC تراه مشروعاً من 4 حلقات (وهي المعروفة بعدم تمطيطها للمسلسلات) سنتبين حتماً ما تريد أمازون أن تصنع بالمسلسل عندما تقوم بطلب موسم منه, فطلب من 12 حلقة سيقول لنا ”سيبه و اهرب“.

في كل الأحوال, بينما ننتظر قرار أمازون, سأذهب لأشاهد Point of Honor (المسلسل الوحيد, غير هذا, الذي اثار اهتمامي من تلك الكومة) و أعود لأخبركم برأيي فيه. 😉