Sports Night بداية أرون سوركين في عالم التلفزيون

”معكم رضوان برفقة فريق دليل التلفزيون العربي في ”الموجز المسلسلاتيّ“, لدينا تشارلي شين يتعاطى المخدرات, ليندسي لوهان تضل طريقها للمنزل, ماد مين لم يفز بالإيمي و براين كرانستون لا يزال أقرعاً. كل هذا وأكثر, أنتم تشاهدون ”الموجز المسلسلاتيّ“ فأبقو معنا..“

بعبارة كهذه يفتتح كلّ من (دان رايديل) و (كايسي مكال) برنامجهما الرياضيّ الإخباريّ المسائيّ, في مسلسل Sports Night

قبل أن ينجح أرون سوركين بشكل باهر مع The West Wing, كان قد فشل مع Sports Night. إذا نظرنا للمسلسل في وقتنا هذا, ستبدو لنا أسباب فشله واضحة. أولاً, الحوارات كانت سريعة جداً على أن يستوعبها المشاهد التلفزيونيّ العاديّ, رغم أن هذا ليس بعيب أكثر من كونه ما يميّز مسلسلات سوركين, إلا أنه يظل نقطة لا تصب في صالح المسلسل. ثانيأً, المسلسل و قصته كانت أشبه بمسلسل دراميّ من 42 دقيقة أكثر من سيتكوم 22 دقيقة. وثالثاً, الموضوع الرئيسي هو الرياضة.

لربما بالغت بعض الشي, مسلسل Sports Night بالكاد يدور حول الرياضة. عالم الرياضة في Sports Night ليس سوى إسقاط على المجتمع الامريكيّ. المشاكل السياسية, العنصرية, غرور المشاهير, المخدرات, الأخلاق المهنية… كلها تظهر في المسلسل تحت غطاء ”الرياضة“. المسلسل لا يدور عن الرياضة و الرياضيين بشكل محدد, بل يدور حول الصحافة الرياضية. Sports Night ”يؤرخ“ الفوضى الدائمة في برنامج شبيه بـ“الموجز الرياضيّ“ مصنف ثالثاً في ترتيب برامج الرياضة المسائية.

عندما تتمعن في الامر, Sports Night ليس مختلفاً إلى تلك الدرجة عن السيتكومات العادية. ففيه الجماعة المعتادة في مسلسلات السيتكوم, خمسة أصدقاء يتعارفون, يتناقشون, و يدفنون مشاعرهم العاطفية تجاه بعضهم البعض فقط لكي ّيتمكن الكتّاب من حلب أكبر عدد من المواسم من ذلك التوتر الجنسيّ. والمسلسل يقدم لنا الكثير من متطلبات السيتكوم العاديّ, مثل شخصية ما تشتري جهازاً لا تعرف كيف تستخدمه, أو زملاء في العمل يتقاتلون حول ترقية… وأشياء من هذا القبيل, و كل هذا في موسمه الأول فقط.

لربما يكون Sports Night هو السيتكوم الوحيد الذي رأيته يصبح أفضل فأفضل مع كل حلقة. سرعة و ثخانة المسلسل تتطلب إنتباها دائماً من المشاهد, و إذا لم تكن معتاداً على أسلوب أرون سوركين فقد تفوتك بضعة أشياء. وطبعاً, كأي مسلسل لأرون سوركين, Sports Night به أحد أفضل الحوارات في تاريخ التلفزيون. وبطبيعة الحال, مزيج الدراما الكئيبة و الكوميديا النشيطة و العلاقات الغرامية تجعل المسلسل صعباً تقبله عند بعض الناس. بل إن ABC إحتارت كيف تصفه, في حملتها التسويقية وصفته بأنه ”دراميدي“ (دراما كوميدية).

المسلسل في البداية كان به لاف تراك (Laugh Track), وهو شيء غبيّ بالنسبة لمسلسل كهذا, و من المثير للسخرية ان الحوارات كانت تمضي بسرعة كبيرة بالنسبة لللاف تراك لدرجة انه يصعب إيجاد أماكن مناسبة لوضع اللاف تراك. لكنها كانت فكرة غبية على أية حال, كوميديا المسلسل ليست من النوع الذي يجعلك تضحك حتى تتألم معدتك, بل من نوع الكوميديا التي تفهمها و تضحك في نفسك, كوميديا ذكية تخاطب العقول.

الموسم الأول من المسلسل كان مركزاً على“المشاكل“, حيث كانت الحلقات تدور حول مواضيع كتشريع الماريجوانا, العَلم الكونفيدراليّ, التعصّب الديني… إلخ من هذه المواضيع التي تألف معها عشاق The West Wing

بحلول الحلقة الخامسة, خطى المسلسل خطوة كبيرة بقصة كئيبة حيث تتعرض إحدى الشخصيات إلى تحرش جنسيّ. لكن هذا المسلسل ينظر إلى هذه المسألة بشكل مختلف عن المسلسلات الكوميدية العادية, حيث ننظر في هذه الحلقة إلى هذا الموضوع بنبرة غير تعاطفية, توضح لنا أن كتاب المسلسل يعرفون كيف يتعاملون مع المواضيع الشائكة. وهذه الحلقة أوضحت كذلك أن ما يميّز المسلسل هو الكاست الرائع. حوارات أرون سوركين مذهلة, لكن لكي تنجح يجب ان يكون لديك ممثلون أكفاء, والممثلون في Sports Night كانو في أفضل حالاتهم.

نمرّ بعدها بحلقة رائعة هي الحلقة الثامنة, تناقش موضوع الأعياد و الفوضى التي ترافقها, وكذا تتناول موضوع شبح معين. في هذه الحلقة, اللحظات الكوميدية تجري بكل سلاسة وسط اللحظات الدرامية بحيث تمرّ هذه التحولات غير ملحوظة. و قصة الشبح تذكرنا بمدى صغر الخط الذي يفصل بين الحياة الواقعية و المسرح (والكوميديا التلفزيونية).

بعد ذلك ينطلق المسلسل إلى المستوى العالي و لا ينزل منه. متتبعاً العلاقات بين الشخصيات, ومحاولاتهم لإثبات ذاتهم, و كذا إنكارهم لذاتهم. قبيل نهاية الموسم الأول, يتبنى المسلسل قصة مرض أحد الممثلين في الحياة الواقعية و يدخلها في المسلسل, التي تم إستغلالها بشكل رائع أتاحت لنا رؤية أداء من طراز عالي في الموسم الثاني لهذه الشخصية, التي استحق عنها جائزة Emmy, لو أن ABC كانت تعرف أصلاً كيف تصنف هذا المسلسل في حفلات الجوائز!

في الموسم الثاني, يأخذ المسلسل منعطفاً مختلفاً. يختفي اللاف تراك كلياً, وتختفي معه تقريباً الكوميديا, بحيث يصبح المسلسل مركزاً جداً على الدراما ونسي أنه مسلسل كوميدي (أو يفترض به أن يكون كذلك؟!). دخلت شخصيات جديدة أتاحت حقن دماء جديدة في المسلسل, لكن للأسف مسلسل أرون سوركين إنزاح عن طريقه بالفعل.

لكن كل هذا لا يقلل من قيمة Sports Night, إذا كنت قد سبق لك وشاهدت إحدى مسلسلات أرون سوركين و أعجبتك, فإن هذا المسلسل سيروق لك بدون شك. بل إنني أعتبره من بين أفضل المسلسلات الملغية.

في النهاية, وجب أن أقتبس عبارة من الحلقة الاخيرة, التي أظن ان أرون سوركين كان يوجهها نحو رجال البذلات الذين ألغو هذا المسلسل, ”أي شخص يعجز عن جني المال من Sports Night, فهو لا يعرف شيئاً عن جني المال“

التقييم النهائيّ

الكتابة:
التمثيل:
الإخراج:
رأي شخصي:
7 / 10 بداية أرون سوركين كانت خاطئة في عالم التلفزيون, لكن هذا لا يعني ان سبورتس نايت ليس جميلاً بحذ ذاته, لكنه مقارنة ببقية أعمال سوركين, هو أضعفها