بعد 4 مواسم, أصبح من الجليّ أن Boardwalk Empire لم تبق لديه أية خِدع مخبئة في جيب سترته البالغة الأناقة. لم يعد احد يتسائل عما إذا كان لدى مؤلفه (تيرنس وينتر) ”خطة كبرى“ أو مخطط ما لنهاية قصة السياسيّ المنحك و مهرب الكحول/رجل العصابة (ناكي طومسون). لم يعد أحد يتسائل عما إذا كان Boardwalk Empire سينجح في الهبوط بعد إقلاعه عام 2010 و بقاءه ”على الهواء“ لمدة 4 سنوات, أم سيهبط هبوطاً إضطرارياً.
كل موسم من مواسم المسلسل الأربعة عاشت مدة سنة ميلادية واحدة, أي أن المسلسل الآن في عام 1924, مما يعني أن إلغاء الحظر (نهاية المسلسل المفترضة و المنطقية) لا يزال على بعد عِقد من الزمن تقريباً. كما أن (إنوك طومسون), الشخصية الحقيقية التي بُنيت عليها الشخصية التي يلعبها (ستيف بوشيمي) في المسلسل, لم يدخل السجن إلا سنة 1941.
و يبدو أن HBO بلغ بها السيل الزبى, و جمعت ما فيه الكفاية من جوائز الأزياء و تصفيف الشعر التي لم يجمع سواها المسلسل في معظم حفلات الجوائز التي رُشح فيها, الأشياء التي تكلف باهظاً في إنتاج هذا المسلسل. HBO إكتفت و قررت إنهاء المسلسل في موسمه الخامس.
أنا لا أقول ان لا أحد يهتم بـBoardwalk Empire, مصطفى و محمد يهتمان به جداً 🙂 , وكذا ملايين المشاهدين الذين يجلسون كل أحد ليشاهدوه, وكذا عشرات الناقدين الذين لم يكفو عن مدح المسلسل طيلة مواسمه الأربعة. سُخر منه في شتى البرامج التلفزيونية الساخرة و على اليوتيوب. أشخاص مُضحكون كتبو أشياء ذكية و مضحكة عنه. هاشتاغ #BoardwalkEmpire مليء بتغريدات أشخاص يشاهدون و يحبون المسلسل.
Boardwalk Empire هو المسلسل الذي يفكر الجميع في مشاهدته بعد الانتهاء من أياً كان المسلسل الذي يشاهدونه حالياً. لكنه ليس حديث الناس, لا أحد يتحدث عنه كما يتحدث الناس عن Breaking Bad أو Game of Thrones أو حتى Mad Men. لا شيء فيه مثير للجدل, بل يمكن القول, أن لا شيء مثير فيه حتى. المسلسل لم يأتِ بجديد حول الفساد في أمريكا, حول غباء فكرة الحظر بكل أنواعها, حول الرأسمالية, حول تاريخ نيو جيرسي, حول الناس في تلك الفترة الزمنية و كونهم غير جد مختلفين عنا.
لكنه, بطبيعة الحال, لديه ديكور جميل يظهر فيه حواليّ 70 شخصاً يرتدون حللاً و قبعات ليتبادلو الشتائم, و بين الفينة و الأخرى يظهر فيه العم (جونيور) بلحية طويلة. 🙂
بايلوت المسلسل غير مشجع لتلك الدرجة, طول مدته و فترة المسلسل الزمنية جعلاني أؤجل مشاهدته لعدة أسابيع. لكنني شاهدته أخيراً, و شاهدت الموسم الأول كاملاً, ليس حباً مني للمسلسل, و إنما لأنه لم يكن هناك شيء أخر جيد على التلفزيون في تلك الفترة (Mad Men كان في فترة توقف, Game of Thrones و Breaking Bad كانا قد أنهيا موسميهما منذ فترة). في العادة عندما لا يعجبني شيء اتوقف عن مشاهدته فوراً, لكنني لم اتوقف عن مشاهدة Boardwalk Empire, لأنه رغم أن المسلسل ليس عميقاً لتلك الدرجة أو خرافياً لتلك الدرجة, إلا أنه كان من كتابة و إخراج أشخاص يجيدون ما يفعلونه.
ثم فجأة, بنهاية الموسم الثاني, مات المسلسل بعد موت (جيمي دارمودي), و التي يحتمل أنها وفاة أدخلت على القصة لأسباب غير دراميّة, و رغم ذلك استمررت بمشاهدة المسلسل لأنني أردت أن أعرف ماذا حل بحياة كل تلك الشخصيات و أردت ان أعرف من سيموت ومن سيحيا.
قد يكون هذا سبباً سخيفاً للإستمرار في مشاهدة مسلسل ما, لكن منذ السوبرانوس أصبحنا نتشرّط أن يكون المسلسل مثالياً من كل الجهات أو يكون ثورة في نوعه لكي نقول أنه يستحق وقتنا.
أنا أعرف ما الذي تقوله في نفسك الآن: ”هذا الرضوان يظن نفسه ناقد تلفزيونيّ حقيقيّ وهو لا يتفوه سوى بالهراء“. انت شبه محق, لكن إسمع ما سأقوله أولاً.
أنا مؤيد كلياً للتحدث عن المسلسلات على الانترنت, و التطور الذي عرفته ساحة النقد التلفزيوني خلال السنتين الماضيتين, من ظهور لمواقع عديدة و منتديات تخصصت بهذا الشأن, وظهور الكثير من الناس ”الفاهمة“ و الناس التي تظن نفسها ”فاهمة“, كما أنني أتحمس لنفس المسلسلات التي يتحمس لها الجميع. لكن بلغ بي السيل الزبى في النصف الثاني من موسم Breaking Bad الأخير, لقد كنت معجباً بالمسلسل كأي شخص أخر, لكن ما عدت أستطيع تحمل سماع نظرية أخرى أو رأي ما حول الطريقة التي قد ينتهي بها المسلسل.
لكن هذا لا يعني ان هناك أشخاصاً ”فاهمين“ كتبو أشياء معقولة عن المسلسل خلال المناظرة العظيمة التي شهدها الانترنت كل يوم اثنين طيلة الثمانية حلقات الاخيرة من عمر المسلسل (من بينهم عزيزنا مصطفى). ورغم أن (ماثيو واينر) ليس بحاجة إلى نصائحنا الفذة و العبقرية التي لم يحتجها (فينس غيليغان) هو الأخر, سيتكرر كل هذا مجدداً الربيع القادم عندما يبدأ النصف الأول من الموسم الاخير من Mad Men.
لا شيء يضاهي القدرة على مشاهدة مسلسل ما و التفكير فيه لوحدك بدون زعيق الاصوات الكثيرة في رأسك. خلال السنوات الأخيرة, Boardwalk Empire كان ملجأً, مهرباً من جنون Breaking Bad و من النظريات و الاستنتاجات, من أحكام الناس, من نقاش ”هل المسلسل الفلانيّ هو أفضل مسلسل في التاريخ“ (الأمر الذي يذكرني بالنقاش البيزنطي حول من هو أفضل: الحرشة أم الملوي؟)
Boardwalk Empire كهف, حيث لا تكون المشاهدة وكأنها واجب دراسيّ ضروريّ. و يبدو هذا جلياً من جانب الحرق, رغم لم اشاهد حلقات الموسم الرابع الـ12 إلا قبل اذاعة الحلقة الـ13 و الاخيرة بأسبوع, إلا أنني لم أواجه أي حرق حول موت الشخصية في الحلقة الخامسة, و هو أمر إعجازيّ بالنظر إلى أنه مسلسل على HBO.
انا هنا لا أقول أن المسلسل سيء, فالموسم الرابع كان جيداً. فبدل تقديم شخصية شريرة مباشرة كما فعل الموسم الماضي مع Gyp Rosetti (بأداء المذهل Bobby Cannavale الذي أبدع في دور رجل العصابة المجنون), المسلسل قضى 6 حلقات في بناء الحبكة و تحريك الشخصيات الشريرة إلى مكانها على ”رقعة الشطرنج“, بما في ذلك العميل ذو الوجه الطفوليّ (نوكس) و رئيسه (إدغار هوفر) و الدكتور ”الليبيّ“ (نارسيس) رجل العصابة الارستقراطيّ الذي يدير حي ”هارلم“. لم نعد نرى الكثير من الآنسة (شرودر) و لم نعد نرى ما يكفي من الشريكين (ماير) و (تشارلي) و الأهم من هذا, السيد (أل كابون) و صديقه الجديد (فان ألدين).
الموسم الخامس هو الموسم الذي سيجعل المسلسل حديث الساعة, لكن فقط لو إستمع (تيرنس وينتر) إلى ما سأقوله. أقول و أكرر, المسلسل لا عيب فيه, يا إما انك معجب بهذه الشخصيات و مهتم بأن تعرف ما سيحدث لهم, أو لا. لكن إذا كانت HBO مهتمة بتخليد المسلسل للأبد, فأنا متأكد أنني أعرف كيف أصلح المسلسل.
ببساطة, في كلمتين:
ذلك صحيح, نَظَرك سليم. وبما أنني كلفت نفسي مشقة تصميم البوستر, فهذا يعني أنني جاد كلياً ولا أمزح. لقد حان الوقت لكي يتحول هذا المسلسل من مسلسل حول عالم الجريمة السرية بأمريكا في العشرينات إلى مسلسل حول عالم الجريمة السرية بأمريكا في العشرينات و الذي تلتقي شخصياته بين الفينة و الأخرى بشخصيات من عالم الخالدين المتعطشين للدماء.
أعرف ما الذي تفكر فيه الآن أيها القارئ, تماماً كما عرفت قبل 5 دقائق: ”هذا الرضوان سافل عبقريّ و يجب أن يكتب بايلوت مسلسل مشتق عن Boardwalk Empire بهذه القصة حالاً و يرسله إلى HBO قبل أن يفعل ذلك أحد أخر“. لكن قبل أن نستعجل الأمور, إليكم 5 أسباب تجعل هذه الحركة منطقية كلياً:
1. Boardwalk Empire يدور سلفاً حول ثيمة يشكل فيها ”مصاصو الدماء“ إستعارة مثالية: الفساد, الادمان, أجساد موتى كثيرة, أخطاء الماضي, أشخاص يقضون وقتهم كله في غرف بلا نوافذ.
2. المسلسل مليء بشخصيات تشبه (أو قد تكون بالفعل) مصاصي الدماء, لبياض بشرتها الناصعة, ما المانع من إعطاء (ناكي) و غريمه (روثستين) زوجاً من الأنياب و قليلاً من التعطش للدم؟
3. لا حاجة لإفشاء أن هذه الشخصيات كانت دوماً مصاصي دماء. سيكون هذا سخيفاً. ولا أقترح أن نقوم بعمل Crossover مع True Blood (رغم أن هذه فكرة رائعة لإنهاء كلا المسلسلين), لأنني متأكد أن هذه الفكرة طرحت من قبل على هيئة Fanfiction, أولئك المهووسون دوماً يسبقوننا بخطوة. ولا أظن أنه من الضروري تقديم أكثر من مصاص دماء واحد في البداية. يجب ان يظل Boardwalk Empire مسلسلاً تتحول فيه محاور صغيرة و غير ذات أهمية إلى شيء كبير بنهاية الموسم بطرق غير متوقعة.
قصة مصاص الدماء قد تبدأ بشكل بطيء, ربما بوصول روسيّ مثير للريبة مُحملاً بزجاجات الفودكا إلى أتلانتيك سيتي, هذه الشخصية ستعض شخصاً ما بطبيعة الحال, لكن ليس قبل 6 أو 7 حلقات لا يقوم فيها سوى بالظهور في أماكن مختلفة من أتلانتيك سيتي في الظلام الدامس. وبما أن هذا المسلسل تدور أحداثه في مكان يختفي فيه الناس في ظروف غامضة طوال الوقت, سيمضي وقت طويل قبل ان يكتشف أحد سرّ الكونت (فلاد) بالرغم من ظهور بقع حمراء على كل قمصانه رغم انه لا يحتسي النبيذ على حد قوله.
4. طبعاً, بعد تقديم أول شخصية مصاص دماء, سيمكنك البدء في التخطيط لنهاية المسلسل حيث (ناكي), الذي فقد روحه مع توالي السنوات, يسمح لنفسه بأن يتم ”تحويله“ إلى مصاص دماء, ثم يستخدم قواه الجديدة للقضاء على منافسيه جميعاً.
إضفاء عامل الخوارق على المسلسل سيساهم في تحسين وضعية المسلسل من جوانب شتى, وذلك بإعطاء الناس شيئاً ليتحدثو عنه حول المسلسل. شريحة من الناس ستحب مصاصي الدماء, شريحة أخرى ستكره مصاصي الدماء, و شريحة أخرى ستقارن المسلسل مع The Vampire Diaries (لا أعلم هل هذا شيء جيد أم سيء 🙂 )
5. خمسة كلمات: (فان ألدين) صائد مصاصي الدماء. بربكم!
طبعاً لا حاجة لي بأن أخبركم بهذا, أي طفل في الـ13 من عمره يستطيع أن يخبركم أن قصص مصاصي الدماء أصبحت مستهلكة أكثر من قصص رجال عصابات الأزمنة الغابرة. لكن يمكننا قول المثل عن الزومبي, و حسب ما أراه, فإن The Walking Dead يبلي البلاء الحسن.
إذا إستمر Boardwalk Empire كما هو حالياً, سيدون إسمه في كتب التاريخ كمسلسل جيد أخر عاش لـ5 مواسم و جنى بعض الجوائز و شاهده بضعة ملايين من الناس لكنه عجز عن إبهار الناس. لكن إذا أضفت عامل مصاصي الدماء إليه سيصبح مسلسلاً بدأ كمباراة في التنس فانتهى كمباراة نهائية في كأس العالم. و حتى عندما سينتهي و تأتي مسلسلات أخرى, سنظل نتحدث عنه و نتناقش حوله و نختلف حوله. أو على الأقل, سنقول: ”أتذكر تلك الحلقة التي ظهر فيها مصاص دماء في Boardwalk Empire؟ لقد كانت حلقة مجنونة!“
ماذا؟ لم تعجبكم الفكرة… امممم, ما رأيكم في Boardwalking Dead؟ 🙂