THE KILLING عندما تغرب شمس سياتل, وتلطخ دمائها ثوب المساء الأزرق!

 مقدمة ليست ذات صلة ,the killing 102

دعوني أكون صريحاً معكم ,, لا أحتفظ بالكثير من الذكريات لنفسي عندما كنت شاباً يافعاً – لا اعرف لم استخدمت الكلمة , أعتقد انه أعجبني وقعها – من أيام الدراسة  ,, لم اكن يوماً من  الأشخاص الذيت إمتلكوا الكثير من الأوقات التي تستحق ان تذكر في تلك المرحلة ,, لكن الشيء الذي أذكره دائما هو عبارة  كانت مخطوطة على كل جدران المدرسة ,, مكتوبة على الجدران ,, الأدراج ,, الكراسي ,, الخ الخ ,, كانت تقول – إن لم تكن ذئباً ,, أكلتك الذئاب –  بشكل ما كنت تشعر انه الكود الذي يحيى من خلاله كل الطلاب هناك ,, طبعاً تتسائلون ما علاقة هذا بما أتحدث عنه اليوم ! حسناً أعتقد أني أوضحت أنها مقدمة ليست ذات صلة ,, ليس تماماً على الأقل .

مقدمة ذات صلة !!The Killing101

هولدر يسأل القس : إذا أنت الضوء في أخر النفق ؟ فيجاوبه ببساطة : كلا الضوء في أخر النفق هو قطار يمشي نحوهم , أنا أحاول اخراجهم عن الطريق فقط !

لكن من ناحية أخرى فتاة الشارع – بوليت – كما تسمي نفسها – كما هو واضح – تقول لليندين أنها ستختار لها النجم الشمالية كوشم ,, تسأل عن السبب فتقول الفتاة : لأنها هي من تبحث عنها في المحيط ,, عندما تفقد طريق العودة للمنزل !  لكن اليس غريباً أن نختار شخصاً غريباً عنا ولا نعرفه ليكون المنارة التي ترشدنا لطريق العودة ! ألا يبدو هذا سوداوياً قليلاً !

اليوم نتحدث عن القتل ,, المسلسل الأمريكي المستوحى من مسلسل دينماركي ما ,, العمل كان بسيطاً  في طرحه ,, إعتمد في أغلبه على إظهار المفارقات في حالاتنا الحياتية ,, فبين براثن الحلم وأطلال الحالمين , وبين فاقدي الأحلام راكبي قطار الموت الأزلي  الذي ما فتئ يطلق صافرته الكئيبة معلناً عن حصده لروح جديدة ,, وبين الحياة على حافة الجسر  ,, وبين من يحيى هناك اسفل الجسر بين الجثث المترامية ,, ليرقب هذه الأجساد ,, ويبحث عن الخلاص لأرواحها  المضطربة ,, تتحرك قصة مسلسلنا في موسمه الثالث .

القتل , ليس عملاً تقليدياً أيضاً حول محقق ما مع شريكه في رحلتهم الأزلية في الكشف عن الحقيقة , في القبض على الأشرار وما إلى هنالك ,,فيكفي أن نقول لنعرف ذلك ان أول موسمين كانا بالبحث عن مجرم واحد ,, محاولة حل قضية واحدة فقط ! لذا عليكم ان تتفهموا الأمر هنا يتعلق بالقتل نفسه بمراحله وأنواعه المختلفة ,, كمثال الحلم الذي يقتل فيترك تلك الأرواح التي إحتوته هائمة متخبطة , ثانياً  الرغبة التي تقتل فتنطفئ تلك الشرارة في أعينهم ويفارقها بريق الحياة , ثالثاً هناك أيضاً الأمل الذي يقتل فيقود بأجسادهم أحياناً للقتل , حسناً في أحيان ما نراهم يقتلون بحثاً عن الأمل ولكن لا يهم ,, الفكرة واضحة  !

ثم تأتي مرحلة قتل الروح والجسد بعد ذلك ,, لأنه بطبيعة الحال سلب حياة إنسان هو حالة نفسية بالغالب تقود وتحرك المجرم للفعل ,, وبنفس الوقت أيضاً القتل هو أمر ترتكبه الضحية في حق نفسها في أحيان أخرى قبل أن تصل لها يد القاتل ,, ولذا يبدأ العمل بشكل رمزي بمشهد دال على هذا المعنى بشكل او بأخر ,, حيث نرى أحد فتيات الشارع أو اي ما كان إسمهم تقف على حافة جسر ,, لا تصرح الشخصية برغبتها في قتل نفسها بل حتى لا نراها تحاول ذلك ,, لكننا بالتأكيد نستشعر ذلك ,, لذا ولأسباب أخرى أقول , هنا العمل نفسي بالدرجة الأولى ,, أو على الأقل يحاول أن يكون كذلك !

 يتحرك الموسم هنا بشكل مختلف عما إعتدنا عليه خلال أول موسمين له ,, ففي  موسمه الأول والثاني ما امتاز به المسلسل هو رصد الحالة النفسية التي تعيشها عائلة الضحية ,, وتأثيرات القتل على حياتهم ,, وبنفس الوقت التأثير التي تخلفه على المحقق ,, وإن كانت الجزئية الأخيرة أمر  شاهدناه في أعمال أخرى كثيرة بغض النظر عن مدى محورية الأمر ,, لكن هنا في الموسم الثالث الأمر إختلف ,, إتجه العمل نحو الضحية بحد ذاتها وأعطاها قدر مهماً من الوقت على الشاشة , إستعرض حياتهم في حالات نفسية مختلفة , وحاول رصد دور مؤسسات الدولة فيما يحدث في تلك الأزقة ,, بطبيعة الحال العمل لم يخض كثيراً في الفساد السياسي وما إلى ذلك لكن وضح بشكل جلي – ان النظام فاشل وغير صالح –

الجديد أيضاً أننا إنتقلنا من جريمة قتل ترتكب لتواجد الضحية في المكان والوقت الخطأ إلى قاتل متسلسل في الموسم الثالث ,, لم يعد الأمر يتعلق بضحية واحدة فقط ,, ولا بشخص طبيعي قادته الظروف لفعل خاطئ ,, هذا أضاف لمسة سوداوية أكبر للعمل في هذا الموسم ,, مع أيضا جانب تشويقي أكبر ,, فهنا نحن نتحدث عن مجرم نشط في الخارج مازال يقوم بالصيد !  لكن المشكلة حسب رأيي وأنه مع توسع قاعدة الضحايا ومحاولة العمل لتناول مواضيع أكبر جعلت الكتاب لا تعطي الشخصيات الوقت الكافي على الشاشة ,, البناء الدرامي والقصصي لحالات الضحايا لم تكن كما في موسمه الأول ,, التعرض كان خارجي وسطحي في أحيان كثيرة حسب رأيي ,, بل وحتى عندما تعلق الأمر بالثنائي الشهير الذي إعتدنا عليه منذ بداية السلسلة هولدر وليندن لم نرى الكثير حول حياتهم الخاصة ,, حسناً في الموسم الأول لم يعطى هولدر الكثير ,, لكن ليندن كنا قريبين جداً منهاً ,, لا أستطيع قول ذلك في هذا الموسم ,, حاولوا إضافة الدراما في زوايا كثيرة لكنهم فشلوا ,, الدراما لا تحتاج كثرة ,, تحتاج لتركيز في الجرعات لو سمحتم لي بإستخدام هذا المصطلح !

الشيء الذي لم أستسيغه كثيرا كان محور السجن وذلك المتهم – سيورد – والمحكوم عليهم بالإعدام , وجدته سطحي , أعرف ان الأمر يبدو متصلاً بماضي القضية وهو أمر بين لكن ايضا لم يقدم بالشكل المطلوب ,, نعم قدم بضعة حورات جميلة وشيقة ,, لكن في نفس الوقت كان نمطياً بإمتياز .

محور هولدر الشخصي كان افضل في هذا الموسم من محور ليندن ,, هذا امر علي ان اقر به ,, نعم غريب ,, لكن واقع ,, بالنظر إلى أننا لم نكن نعرف الكثير عنه ولم يتعرض له العمل بالكثير سابقاً كان ممتعاً الخوض في عالمه الخاص ,, دخول منزله ,, مقابلة فتاته  اللطيفة  – حسب رأيي لو كان لذلك اهمية –  ,,و مشاهدة مخاوفه , وإنعكاسات من ماضيه .

على الرغم من أن العمل تحرك في رتم جيد طوال الموسم ,, قدم إثارة معقولة ,, وقصة جيدة ,, إلى أنه عندما جاء ليختم الموسم لم يوفق ,, بطبيعة الحال نهاية الموسم كانت جزء مترابط مع كل مافي الموسم ,, لم تأتي بشكل عشاوئي أو إضطراري على ما أعتقد ,, لذا على ما يبدو أنها حماقة نقية من الكتاب فقط ,, لا يوجد الكثير من المبررات لهم ,, لكن هذا لا يمنع أني إستمتعت بالموسم ,, وأني سأنتظر حلقاته الست الأخيرة !

صحيح أن العمل حاول وضع بعض النصائح التربوية في مضمونه وهو الذي قد يكون ناجحاً وملهماً بشكل فوق العادة بالنظر لطبيعة العمل ,, لكن الجانب لم يكن كبيرا من القصة ,, لكن بالتأكيد كان مهماً ,, درسا توعياً بمخاطر ترك إبنتك خارج المنزل فقط لأنك تعتقد أن الوقت قد حان لتعتمد على نفسها ,, لذا يمكن لنا أن نخرج بنصيحة تربوية جيدة لو كنت تبحث عن واحدة ,, لكن هذا ليس كافياً لاقول ان العمل كان عميقاً ودرامياً .. حسب رأيي أن العمل تاه بين تلك الشخصيات المتعددة ,, تلك القصص الكثيرة ,, قدم لنا لحظات قوية من التشويق والإثارة فبالنهاية الجانب التقني بالعمل كان جيد لحد كبير وقدم المطلوب  لخلق حالة من الخوف البسيط والترقب اللذيذ الذي يكون دائماً ممتعاً الإحساس به من داخل منزلك  ,, لكنه أيضاً قدم كليشيهات معتادة في كتابته , خفضت في تقيمي للعمل .

وكنصيحة أخيرة اود أن اقول : تذكر ,, الموت بزي السجن لا يجعلك رجلاً !

ملاحظة : عنوان المقالة من الدكتور أحمد خالد توفيق ,, أتمنى أن لا يمانع إستعارتي لعبارة من عباراته الخالدة 🙂

 

التقييم النهائيّ

الكتابة:
التمثيل:
الإخراج:
رأي شخصي:
7 / 10 كشخص مولع في أعمال الجريمة أرى ان العمل جيد ,, يستحق المشاهدة ,, بنفس الوقت من يتخطاه لن يفوته الكثير !