قبل الحفل المرتقب بعد أسبوع من اليوم, المحلل الثاقب العبقريّ (و المتواضع جداً! 🙂 ) السي رضوان يلقي نظرة أخيرة على الإيمي في أخر مقال من سلسلة مقالات الإيمي قبل التغطية الكبيرة للحفل على دليل التلفزيون العربي.
سلسلة مقالات الإيمي:
- ترشيحات الإيمي: ماهي طريقة عملها؟ و من المستفيد منها؟
- كيف ستؤثر خدمات العرض كـNetflix (و الانترنت عموماً) على سباق الإيمي هذه السنة؟
- أكاديمية التلفزيون و فئات المسلسلات القصيرة/الافلام التلفزيونية
- حوار بين نفرين: ترشيحات الإيمي في فئة الكوميديا
- حوار بين نفرين: ترشيحات الإيمي في فئة الدراما
- حوار بين نفرين: ترشيحات الإيمي في فئة المسلسلات القصيرة/الأفلام التلفزيونية
- ترشيحات الأيمي بين الاستحقاق والاستخفاف والواقعية
عندما فاز هوملاند بأعلى ثلاثة جوائز في حفل الإيمي السنة الماضية (أفضل مسلسل, أفضل ممثل رئيسي, أفضل ممثلة رئيسية) ذرف كل مسؤول في الشوتايم دموعاً لهذه اللحظة التاريخية, بعد سنوات عديدة قضتها القناة في ظلّ شقيقتها العملاقة HBO في كل حفلات الجوائز.
لو سألت أي شخص مطلع على عالم التلفزيون عن HBO و Showtime, سيقول لك أن HBO هي القناة الكبيرة حيث المسلسلات ذات الجودة العالية و التي لا تلتزم بأية حدود في ما يتعلق بالمحتوى, و Showtime هي شقيقتها الصغرى حيث لا توجد الحدود لكن لا توجد الجودة (و يوجد الكثير من الجنس!).
رئيس قسم الترفيه في الشوتايم (ديفيد نيفنز) قال في تلك الليلة: ”إن هذه الجوائز تعني اننا لدينا الجودة. من الجميل أن تكون مدعواً دائماً للحفلة, لكن لليلة واحدة, من الجميل أن تكون الملك“.
لكن ما الذي يعنيه ان تكون ”الملك“, بمفهوم الإيمي؟ هذا سؤال مطروح, لكن لا وجود لإجابة دقيقة له. طوال الـ8 أشهر التي تلت تكويش Homeland على الأخضر و اليابس من الذهب, يقول (نيفينز) أن عدد المشتركين ارتفع, و مصداقية القناة في الأوساط الهوليوودية ازدادت اكثر فأكثر. هذا الإنتصار ساعد Homeland على توسيع قاعدته الجماهيرية في الموسم الثاني, حيث قال (نيفينز) أن عدد المشاهدين ازداد بنسبة 25 بالمئة و اصبح أكثر مسلسل مشاهدة لدى Showtime. للمرة الأولى أصبحت Showtime القناة التي يلجأ لها الممثلون الطامحين في الفوز بالجوائز و بناء مسيرتهم الفنية.
لكن في الحقيقة, إن التأثير الحقيقيّ هو الذي يكون على المدار الطويل, و الذي يشمل بقية مسلسلات القناة أو الشبكة. بمعنى ما الفائدة إذا كان هذا الانتصار لن يدوم سوى لموسم او موسمين ثم ينتهي Homeland و تعود حليمة لعادتها القديمة؟ Showtime حالياً تحاول بناء سمعتها كقناة حيث توجد الجودة… بجانب الكثير من الجنس! 🙂
بالنسبة للأفراد, قيمة الفوز بالأوسكار (أو مجرد الترشح للأوسكار) لا تقدر بثمن. في غالب الوقت تكون خطوة كبيرة في بناء المسيرة الفنية و التي ترفع من قيمة الفرد, الأمر الذي ينتج عنه المزيد من المال في البوكس أوفيس وما إلى ذلك. قيمة جائزة الإيمي؟ الامر مختلف. الجائزة توسّم الفرد (أو المشروع ككل) بوسام الجودة, طبعاً. لكن لا تضمن بالضرورة أية نتائج إيجابية بعيداً عن ليلة الإيمي ذاتها.
لنأخذ على سبيل المثال مسلسل Arrested Development, الذي عاد مؤخراً بـ15 حلقة جديدة على Netflix, لكنه تمتع بحياة قصيرة للغاية على شبكة FOX قبل عقد من الزمن. لقد كان حديث الساعة بفوزه بـ5 جوائز إيمي سنة 2004, بما في ذلك جائزة أفضل مسلسل كوميديّ. لكن الجوائز لم تساعد في زيادة ريتينغ المسلسل, فاختفى بحلول عام 2006.
ثم لدينا من جهة أخرى مسلسل 30Rock. مثل Arrested, فاز بعدة جوائز إيمي في موسمه الاول, بما في ذلك أفضل مسلسل كوميديّ. و هو الأخر عانى في استدراج المشاهدين لمشاهدته رغم الفوز. لكن رغم ذلك مسلسل (تينا فاي) لم يترك التلفزيون سوى الموسم الماضي طواعية بعد 7 مواسم. أحد منتجي المسلسل (روبرت كارلوك) قال أنه من المحتمل جداً أن ذلك الإيمي في الموسم الاول هو ما ساعد على عدم إلغاءهم و استمرارهم لـ7 مواسم على التلفزيون, أو على الأقل, صعّب على NBC إلغاء المسلسل.
طبعاً لم يضرّ 30Rock أن شبكة NBC لم يكن لديها مسلسلات عالية الريتينغ طوال تلك السنوات, وإلا لما فاز المسلسل بـ14 إيمي خلال أول 3 سنوات من عرضه, بما في ذلك نيل جائزة أفضل مسلسل كوميديّ لثلاثة مواسم على التوالي. 30Rock مثل Homeland, ساعد في إعطاء NBC سمعة.
الفوز بالإيمي ساعد في تمهيد الطريق لقنوات و شبكات كثيرة, نذكر منها على سبيل المثال FX مع مسلسل The Shield, عندما فاز (مايكل شيكليس) بالإيمي سنة 2002, أعطى ذلك الفوز بعض الإنتباه لـFX, كما يمكن قول نفس الشيء عن USA عندما فاز (طوني شلهوب) عن مسلسل Monk. ذلك الانتباه بحد ذاته يجعل من تلك المسلسلات أيقونة للقناة و الشبكة. اليوم, قناة Sundance Channel تمشي على نفس الطريق.
عاين (تشارلي كوليي) هذا التأثير بنفسه مع قناة AMC. لم تكن AMC سوى قناة تهتم بعرض الافلام السينمائية ثم بدأت في إنتاج مسلسلاتها الخاصة, نتج عنها إنفجار في كل حفلات الجوائز بفضل Mad Men, Breaking Bad و بشكل أقل مع The Killing و The Walking Dead. هدف القناة حسب (تشارلي) كان هو ”خلق مسلسلات أيقونية يمكنها أن تتصنف مع أفضل المسلسلات على مر التاريخ“. قبل 2008 ما كان أحد ليكون قد سمع قط بـAMC, لكن بفضل هذه المسلسلات الآن بالكاد تجد أحداً لا يعرفها!
وفي سياق مغاير تماماً, مسلسل NBC الطويل Law & Order: SVU من بين المسلسلات القليلة التي نالت ترشيحات عديدة عن ممثلين مختلفين خلال الـ13 موسم الأولى من المسلسل. فقد نال المسلسل ترشيحات عن 18 ممثل مختلف, بداية بالممثلين الرئيسيين Mariska Hargitay و Christopher Meloni مروراً بقائمة طويلة من ضيوف الشرف. إذا كان كاستينغ مسلسل Law & Order: SVU مصمماً خصيصاً لنيل الجوائز, فقد نجح في ذلك بالفعل. ومنتج المسلسل Neal Baer يقول ان هذا الإهتمام من طرف الإيمي ساهم في منح المسلسل دفعة قوية فيما يتعلق بإستقدام نجوم كبار, حتى الذين كانو يرفضون التمثيل في التلفزيون.
بما أنه من الصعب إيجاد رابط مباشر مابين الفوز بجائزة الإيمي و الربح الماديّ بالنسبة للأفراد, إلا أنه من السهل الربط عندما يتعلق الأمر بمسلسل. إذا كان الفوز بالإيمي يساعد المسلسل على البقاء مدة طويلة, فهذا يؤدي إلى إصدار المسلسل على الأشرطة الرقمية. إصدار الأشرطة الرقمية مرتبط إرتباطاً مباشرة بقدرة المسلسل على البقاء لأطول مدة ممكنة, كما أنه يؤدي إلى بيع المسلسل عالمياً.
لربما يمكن أن يكون للإيمي تأثير على مسيرة الممثلين الفنية, لكن الجائزة قد لا يكون لها بالضرورة نفس التأثير على بقية الطاقم المساهمين في المسلسل. يمكنك أن تقول ”مسلسل فائز بالإيمي“, لكن لا يكون لها نفس وقع ”كاتب فائز بالإيمي“ أو ”منتج فائز بالإيمي“.
خلاصة الأمر, في غالب الاحيان, قيمة الإيمي تتركز في إعطاء سمعة وطابع من الجودة أكثر منه مردوداً مالياً.
كونو على موعد مع تغطيتنا الخاصة لحفل الـEmmy يوم 22 سبتمبر, ولا تنسو أن تشاركو في مسابقة دليل التلفزيون العربي Emmy 2013.