غيم أوف ثرونز، الموسم 7 الحلقة 3: تاريخ يكرر نفسه

بعد ثلاثة حلقات فقط، يبدو واضحاً أن هذا الموسم لديه نزعة غريبة نحو ماضي المسلسل، سواء عبر استذكار مقولات من المواسم الأولى، أو عبر شخصياته التي لا تفتأ تذكرنا بالأشياء التي حدثت لها في الماضي. أي نعم، التاريخ يعيد نفسه نوعاً ما في غيم أوف ثرونز مثلما يفعل في الحقيقة، لكن هذا التذكير هو أيضاً أعتراف من المسلسل أن هناك الكثير من الشخصيات والكثير من الاحداث، ونحن الآن في مرحلة بالكاد نعرف دور أي منها في الأحداث المستقبلية. فباستثناء ما إذا كنت من أولئك الذين قرأوا التسريبات حول مختلف محاور هذا الموسم، فإنه من الصعب تحديد دور الكثير من الشخصيات التي رأيناها في هذا الموسم لحد الساعة، سواء رئيسية أو جانبية، وهذا يشبه كثيراً ما كنا نشعر به في المواسم الأولى، وهذا هو الشعور الذي استطاعت هذه الحلقة أن تخلقه مابين خطابات شخصياتها الكثيرة والمبالغ فيها حقاً.

لكن حقاً، ماذا هناك ليقال عن هذه الحلقة ويحلل فيها بعد تحليل العباقرة الذين تكلموا عنها من قبلي؟

لا أعلم، لكنني سأحاول على أية حال.

قبل أن أبدا بالتحدث عن الحلقة، أود أن أتكلم اكثر عن نقطة الخطابات لأنني ذكرتها أيضاً في تغطية الحلقة الماضية. بالنسبة لي، جمالية مشاهد المسلسل كلها في الحوارات. فكر في أكثر 5 جمل تحبها من المسلسل وسترى أن أغلبها جائت من حوارات، أي أخذ ورد بين شخصيتين. في هذا الموسم لا أفهم ما الذي يراه المسلسل جميلاً في جعل شخصية واحدة تأخذ كل المشهد بالإنفراد بالحديث بشكل مطول. ما كان الأمر ليكون مشكلة أصلاً لو كان الأمر مقتصر على مشهد واحد فقط، لكن فور ما تنتهي من مشهد تستذكر فيه دينيريس ما حصل لها في 6 مواسم، نذهب إلى مشهد أخر تستحضر فيه سيرسي أيضاً الست مواسم، ثم بعد ذلك تيريون يقوم بخطاب حول كون الجميع في عائلته يكرهه… بعد قدر معين من هذا الهراء، يصبح الأمر متعب. لا يجب أن تكون كل الشخصيات عميقة وتملك شهادة تخرج من مدرسة الخطابات الرنانة، لا أحد يتكلم بتلك الطريقة أصلاً.

بعيداً عن ذلك، اللقاء الموعود بين النار والجليد، المتمثلة في دينيريس وجون، كان فيه الكثير ليُحب. بداية بلم شمل جون وتيريون من جديد تحت ظروف مغايرة، مروراً بدافوس والفكاهة التي يضفيها على المسلسل (هذه الحلقة كانت بها الكثير من الفكاهة، وهذا المسلسل يحتاج دائماً المزيد من الفكاهة)، وانتهاءاً بتبادل الإثنين الردود فيما شابه مبارزة لفظية، ثم توصلهم إلى شبه اتفاق بنهاية الأمر بمعوزة من تيريون.

ما لا أفهمه هو ما يحاول الكتاب فعله بشخصية دينيريس في هذا الموسم. في كل مشاهدها لحد الساعة بدت جد متحجرة وعنيدة ومغرورة، بإصرارها على انحناء جون لها ومناداتها بلقب لم تنله بعد، وثم خطابها الطويل ذاك حول إنجازاتها ومعاناتها الشخصية، وكأنها الشخص الوحيد الذي عانى في هذا العالم، ظانةً أن عدم تبجح جون بانجازاته من باب التواضع سببه خلوّ حياته من أية معاناة.

لكن يتم جرح كبرياءها رغم ذلك، بهزيمتين كبيرتين متتاليتين خسرت فيهما حليفين مهمين وموارد مهمة متمثلة في معظم أسطولها البحري والذي ستحتاجه إذا ما أرادت نقل ما تبقى من جنودها الدوثراكيين الخائفين من البحر إلى القارة الرئيسية من على جزيرتها الصغيرة موطن رأسها. إنها الوضعية المثالية لجعل دينيريس تتعاون مع جون، لكنها أيضاً مناسبة أكثر من اللزوم.

كيف ذلك؟ من السهل تقبل أن السبب وراء إخفاقات دينيريس هو القرارات الغريبة التي اتخذتها والنصائح التي تلقتها من المقربين منها. بداية بتوجهها نحو قلعة صخر التنين بدل التوقف عند دورنا، وأيضاً إفتراض أن لقلعة الصخرة أهمية لسيرسي، مما يعني أن هذا الأمر هو ”غباء شخصيات“ وليس ”غباء كتاب“. ومن الأفضل أن نفكر في الأمر هكذا دون تحليله كثيراً، والنظر في مسبباته مثل قدرة يورون على بناء أسطول كامل بسرعة، وكذا كشف أماكن السفن في الظلام، وقدرته على الحفاظ على أسطول شبه كامل بدون أية أضرار، مع عدم تعرضه لأية أضرار هو نفسه.

لا، دعونا لا نركز كثيراً حول الأمر، لأن هذا كله في صالح المسلسل. كما تعرفون، بدأنا الموسم بدينيريس تملك 3 تنانين، جيشاً من القتلة المدربين وجيشاً أخر من الهمجيين، وإثنين من أكبر الحلفاء في ويستيروس كلها، متجهة للجلوس على الكرسي الذي تجلس عليه سيرسي ضعيفة بدون حلفاء ولا عون. لا يبدو هذا صراعاً متوازناً حقاً، أليس كذلك؟ وطبعاً كان بإمكان دينيريس الهجوم على بوريال في الحلقة الأولى وذلك كان ليكون مملاً، أليس كذلك؟ وكل هذه الموازنة بالتأكيد هي مجرد تأجيل ما نعرف جميعاً أنه سيحدث إلى الحلقة السابعة، أعتقد أننا نتفق حول هذا؟

لذا نعم، كان على المسلسل خلق وهم أن هذا صراع شبه متوازن، بإعطاء سيرسي بعض الانتصارات وبعض الحلفاء، وبعض الاختراعات المضادة للتنانين. وكان الأمر ممتعاً مشاهدته، أليس كذلك؟ لا يمكن الانكار أن مشاهدة يورون غريجوي يلعب دور المهرج أضاف للمسلسل شيئاً كان ينقصه بشدة، ومشاهد المعارك والقتالات كانت مسلية إلى حد كبير، والتخلي عن قلعة الصخرة مقابل الإطاحة بالتايريل أعاد للذهن لحظات المكر والدهاء التي عرفناها في المواسم الأولى. أي نعم، الطريقة التي وصلنا بها إلى هنا لم تكن مثالية حقاً، لكن هل ننكر أن النتيجة كانت مرضية على أقل تقدير؟

في كل الأحوال، دينيريس لا تزال تملك 3 تنانين، جيشاً من الدوثراك، وربما حليفاً مهماً في جون سنو. بأسطول أو بدونه، لا شك أن دينيريس ستخرج منتصرة بأخر الموسم، إلا إذا أراد المسلسل أن يقدم لنا بعض المفاجئات كما في هذه الحلقة، وهو أمر لا أمانعه البتة.

بالنسبة إلى حلقة عنوانها ”عدالة الملكة“، لم تكن هناك حقاً عدالة كثيرة في هذه الحلقة، ربما ”إنتقام الملكة“ كان ليكون عنواناً أنسب، أو ”10 أسباب تجعل لينا هيدي أفضل ممثلة في هذا المسلسل“، هذا أيضاً عنوان مقبول.

عندما نتذكر مواسم المسلسل الأولى، وروايات جورج مارتن، فإن شيئاً مهما يبرز فيها كلها: الأشرار ليسوا أغبياء. وهذا ربما هو أكثر شيء يميز غيم أوف ثرونز عن بقية المسلسلات. المؤسف هو أن المسلسل تخلى عن هذا عندما بدأ يعبث مع رامسي ووالدر فراي وما إلى ذلك، الأشرار لم يكونوا فقط شخصيات كرتونية، بل كانت لديهم صفات تجعلك ربما تحبهم مثلما تحب الشخصيات الطيبة أو ”الطيبة“، هذا كان دائماً أكثر شيء يميز عالم هذه القصة. فلذلك بالنسبة لي العودة ولو لحلقة واحدة (لا أعلم كيف يخطط الكتاب لبقية الموسم، ربما قد تكون أغبى 4 حلقات في تاريخ المسلسل) لهذه الأجواء هو شيء يستحق الاحتفاء به وتقديره.

في هذه الأثناء، الأشرار في الحقيقة ممتعون أكثر من الأخيار. لديهم المهرج يورون غريجوي الذي من الواضح أنه لن يعمر كثيراً في هذا المسلسل، من خلال الطريقة التي يستخدمه بها الكتاب في هذا الموسم. عندما تنظر إلى كل شخصيات المسلسل حالياً، هو الشخصية الوحيدة التي إذا نظرت إليها ستقول أنها لا تنتمي حقاً إلى هذا العالم، وهذا يجعله يبدو (بالنسبة لي على الأقل) مشروعاً قصير الأمد في المسلسل، ليس وكأنه متبقي الكثير في عمر هذا الأخير. بجانبه سيرسي، والتي تملك كاريزما قوية وحضور بارز في كل مشهد تظهر به، خصوصاً وأنها الآن لم تعد تكترث حقاً أن يعرف الناس بعلاقتها مع أخيها، وربما عدم انتباهها لحاشيتها القريبة سيؤدي بها إلى حتفها، دعونا لا ننسى أنها لا تزال على قائمة أريا. ثم لدينا جايمي، الذي هو بكل بساطة جايمي.

الأخيار من جهة أخرى فقدوا الشخصية الوحيدة المثيرة للاهتمام من بينهم، الحيزبون أولينا تايريل، والتي ربما هي الملكة الوحيدة التي حصلت على عدالتها في هذه الحلقة في أنفاسها الأخيرة. من لدى فريق الأخيار؟ دينيريس وجون؟ أكثر شخصيتين تفتقدان للكاريزما في المسلسل، وتيريون تحوّل إلى مجرد ماكينة للاقتباسات القديمة، فاريس عديم الفائدة بدون شبكة عصافيره التي اخذها منه كايبورن (وإلا لكان قد عرف بخطة جايمي وقلعة الصخرة قبل حدوث الأمر). المشكلة أن دينيريس وجون هما، كما يفترض الجميع، أهم شخصيتين في المسلسل، وهذه مشكلة كبيرة أن تكون أهم شخصيتين في المسلسل بلا شخصية ولا كاريزما.

أعترف أنني اطلقت اعتراضاً صغيراً عندما قالت سيرسي أنها ستسدد ديون العرش الحديدي في ظرف أسبوعين، ووجدت نفسي أضحك عندما أدركت عبقرية الفكرة كلها. القضاء على أسطول دينيريس، القضاء على عدو متمثل في أولينا تايريل، الحصول على الكثير من الخمر والمؤن، والكثير من المال لتسديد الديون وخوض الحرب. لولا أن دينيريس تملك ثلاثة تنانين، هذه الحرب كانت لتبدو فعلاً أنها متوازنة.

لحسن الحظ، هناك شخص واحد في هذا العالم يعرف تماماً خطورة سيرسي: الخنصر، الذي، في لحظة غريبة من الكرامة والطيبة، يمنح سانسا ما يمكن وصفه بأنه أهم نصيحة قد تحصل عليها في هذه الأثناء: التفكير في كل الاحتمالات، والتخطيط لها جميعاً. لكنه أيضاً يدس السم في كلامه، فعندما يقول أن الجميع هو عدوها فإنه لا يقصي بكلامه جون سنو، لأنه الشخص الوحيد من بين حاشيتها الحالية التي يمكنها أن تثق فيه مئة بالمئة. إذا كان هناك شخص واحد يجدر بها حتماً أن تعتبره عدواً فهو الخنصر ذات نفسه.

دعونا نغفر للمسلسل أنه لا يزال متعاركاً مع نفسه من ناحية مدى ذكاء أو غباء سانسا، فهو يحاول إقناعنا أنها ذكية، لكنه يجعلها تقلل من احترام قائدها جون سنو، ثم يحاول اقناعنا أنها تعرف أكثر من الخبراء في الزراعة والحدادة، عند هذه النقطة أصبحت أشك أنها تعرف ما يريده الخنصر حقاً. دعونا نغفر كل هذا ولنأمل أن المسلسل لديه خطة ما لسانسا، وأننا سنتحمل كل هذا لأجل شيء كبير لاحقاً. لأنه حتى ولو اعتبرنا هذه عيوباً فإنها أمور صغيرة ولم تؤدِّ إلى أي شيء لحد الساعة، فلذلك اقصى ما يمكننا الشكوى حولها هو انها تأخذ وقتاً بدون أي فائدة.

يصل بران إلى وينترفل أخيراً، ويعطي المسلسل بهذا المشاهدين نصف ما كانوا يريدونه: لمّ شمل سعيد لآل ستارك. المنقوص هنا ليس أريا، بل السعادة. بران الذي نراه في هذه الحلقة ليس هو بران الذي رأته سانسا أخر مرة، ولا يشبه حتى بران الذي رأيناه نحن أخر مرة، بل يبدو أن كل تلك المعرفة التي اكتسبها بصفته الغراب ذو الثلاثة أعين أنهكته وجعلته شبه عديم الإحساس.

وبصراحة، أي شخص كان ليكون منهكاً مثله، تخيل أن تكون تعرف كل ما حدث وكل ما سيحدث، بما في ذلك الأمور التي تحدث خلف الأبواب المغلقة. هذا كم كبير من الإباحيات لتراه يا صاح، سينهك الأمر أي مراهق في ذلك العمر.

ماذا تبقى من هذه الحلقة؟ نبؤة ميليساندري بموتها هي وفاريس في قارة ويستيروس، هل سنرى هذا يحدث في المسلسل أم أنها مجرد نبؤة اخرى من نبؤات المسلسل؟ آه، وسامويل تارلي يشفي جوراه من داء التحجر، لكي يتمكن السير فريندزون أخيراً من الموت في سبيل حماية ملكته. ربما هناك ما يقال حول مدى سهولة شفاء جوراه وبساطة الأمر، تقشير الجلد ودهن مستحضر ما، لكن المسلسل حالياً ليس في موقف لتخصيص الكثير من الوقت لهذه التفاصيل، جوراه يجب أن يموت، وبسرعة (بطريقة درامية ومثيرة للتعاطف، دفاعاً عن المرأة التي أحبها ولم تحبه قط، ﻷن هذا ما تستحقه هذه الشخصية وما يستحقه المشاهدون العاطفيون).

الكل في الكل، وبدون تدقيق، هذه حلقة جيدة من Game of Thrones، اذا ما تغاضينا عن المستوى المتدني جداً الذي تعرفه حوارات المسلسل، والتي تفتقد إلى النثر العذب الذي كان متوفراً في الروايات. مطالبة المسلسل بكتابة توازي كتابة جورج مارتن قد يكون طلباً مبالغاً فيه بعض الشيء، لكن هذا لا يعني أن تُملأ الحلقات بخطابات فردية كثيرة تزيد من عمر الحلقة بدون أي هدف يذكر، خصوصاً — مرة أخرى — عندما تعطى لممثلين ليس لديهم القدرة التمثيلية على جعلها مُقنعة. انظروا إلى أيدن غيلان (بايليش)، المسلسل يعطيه 5 جمل فقط في الحلقة ويؤديها جميعاً وكأنها أخر مشهد له في المسلسل. الآن هذا ممثل يستحق أن تكتب له مثل هذه الجمل، لكن اجعل دينيريس تقول نفس الشيء… وسيرشحها مصوتوا الإيمي لجائزة افضل ممثلة.

كخلاصة، إذا كان غيم أوف ثرونز قد تخلى عن المنطق في كتابته وأحداثه، فلا فائدة ترجى من مشاهدته ومحاولة إيجاد المنطق في كل شيء يحدث فيه. من الأسهل أن يتغاضى المرء ويستمتع به كما هو.

قبل أن أنهي هذه التغطية أود أن أنشر شيئاً نسيت وضعه في تغطية الحلقة الماضية، وهو شيء كتبه جورج مارتن على مدونته حول الكتاب القادم:

اعرف أنكم تودون جميعاً أن تسمعوا مستجدات حول كتاب ”رياح الشتاء“. قرأت بعض التقارير الغبية حول الكتاب على الانترنت التي كتبت من طرف بعض ”الصحفيين“ الذين يختلقون أخباراً على مزاجهم. ﻻ أعرف أيهم أكثر إثارة للسخرية، ذاك الذي يقول أنني أنهيت الكتاب سلفاً وأتكاسل عن نشره لسبب غريب، أو ذاك الذي يقول أنني لم أكتب أي شيء. كلاهما خاطئ وغبي بنفس المقدار. ﻻ أزال أعمل على الكتاب، وﻻ أزال بعيداً بأشهر (كم؟ سؤال في محله) عن إنهاءه، أمر بأيام جيدة وأيام سيئة، وهذا كل ما لدي لأقوله حول الأمر. مسألة من سيصل للمكتبات أولا: ”رياح الشتاء“ أو أول مجلد من ”نار ودم“ [كتاب حول تاريخ التارغيريين] هو أمر صعب التكهن به حالياً، لكنني أظن أنكم ستحصلون على كتاب حول ويستيروس مني في عام 2018… وربما… من يعلم، 2 كتب. يمكن للمرء أن يحلم.

يمكن للمرء أن يحلم

يبدو أن أحد ما كان يقرأ هذه التغطية.

بريفيو الحلقة القادمة

دينيريس يبدو أنه فاض بها الكيل من ”الخطط الذكية“، وهل سيحدث شيء ما لذهب علارياض؟ وهل ذلك هو الخنجر الذي بدأ هذه الفوضى كلها في الحلقة الأولى من الموسم الأول؟ وما هذه الأسئلة الكثيرة؟ أليس الهدف من التغطيات الاجابة عن الأسئلة وليس طرحها؟