يدخل مُسلم، امرأة ميتة، ولُبركان إلى حانة… هذه ليست نكتة وإنما شيء حدث بالفعل في إحدى محاور الحلقة السادسة من موسم American Gods الأول، والتي نتعرف فيها على إله جديد ونرى النسخة المكسيكية من يسوع.
طوال حلقاته الماضية، تعامل American Gods مع فكرة موت الألهة بطرق مختلفة، بداية بتلميحات السيد أربعاء وخوفه من النسيان، ثم عبر مشهد القدوم إلى أمريكا الذي شهدنا فيه موت ألهة قديمة بعد أن تم نسيانها، ولكن في حلقة هذا الأسبوع نرى الأمر بشكل مختلف كلياً، بشكل ملموس أكثر بكثير.
أيضاً في إحدى الحلقات السابقة عرّفنا السيد أربعاء على الأوجه المختلفة ليسوع، وفي هذه الحلقة نلتقي وجهاً لوجه بأحدها: يسوع المسيكيّ، الذي أتى لنجدة أحد عباده من الغرق، قبل أن يتم قتله برصاصات منقوش عليها أيات من الإنجيل… وإسم فولكان، الأمر الذي ليس مصادفة بالتأكيد.
إذا، هل تموت الألهة فقط عندما يتم نسيانها، أم يمكن قتلها بشكل مباشر؟ لا نعلم، إذ لا نقضي سوى لحظات قليلة مع هذا اليسوع، لكن ربما سنلتقيه في المستقبل، أو نلتقي نسخة جديدة من يسوع المكسيكيّ. لكن بكل الأحوال، أعتقد أنه يمكننا إعتبار يسوع هو أول ضحية في هذه الحرب بين الألهة القديمة والجديدة.
موضوع ماهية السيد أربعاء لا يزال مطروحاً في المسلسل لحد الساعة، حتى ونحن في الحلقة السادسة لا يزال شادو لا يعرف ماهية السيد أربعاء، رغم أن ذلك صعب تصديقه بالنظر إلى أنه في الحلقة الماضية كان أمامه صاروخ كبير مكتوب عليه إسم أودين، يصعب تفويت ذلك حقاً، لكن ها نحن ذا، في منتصف الشارع ليلاً وشادو يسأل ”ما الذي حدث بحق الجحيم؟ من هؤلاء؟“
لورا أيضاً تطرح نفس السؤال على المعتوه سويني، قبل أن يتدخل سليم ويمنع عملية سرقة السيارةّ، وبدلاً عن ذلك ينضم إلى رحلة هذا الثلاثي بحثاً عن غاية كل واحد منهم.
في سعي المسلسل نحو توسيع عالم القصة، قام الكتاب بإعطاء أهمية اكبر للشخصيات الجانبية في الرواية، وأصبح لدينا الآن لورا وسويني وسليم، كلها شخصيات بمحاور جديدة كلياًّ، فلذلك من المنطقيّ أن المسلسل سيعمل على جمعها معاً في محور واحد بدل تشتيتها على عدة محاور (مثل الثرونز مثلاً) بغض النظر عما إذا كانت قصتها تبدو طبيعية في سير القصة.
هذا يعني أنه بجانب الرحلة الرئيسية التي يقودها السيد أربعاء ورفيقه الأسمر، لدينا رحلة جانبية يقودها هذا الثلاثي نحو أهداف مختلفة وغير واضحة تماماً، سويني يريد الحصول على قطعته النقدية، هذا واضح، لكن ما الهدف الذي تسعى خلفه لورا؟ وما الذي يريده سليم من الجني الذي يبحث عنه؟
يجد سليم ولورا نقطة توافق بينهما، ليس فقط في جهلهما للغاية من من رحلتهما، بل حتى في طبيعة شخصيتهما، تتلخص في الجملة التي يرددانها ”تباً لأولئك السفلة!“. سليم في هذه المجموعة يجد نفسه نقطة الوسط مابين انفعال سويني ولامبالاة لورا، متفرج أحياناً وحكم في أحيان أخرى في الجدالات الدائرة بين هذين الإثنين، المليئة بالشتائم الذكية.
حالياً هذا المحور موجود فقط للتسلية ولا نعرف حقاً الأدوار التي ستلعبها هذه الشخصيات، وعودتهم إلى حانة تمساح جاك يعني أنه لا شيء كبير سيحدث معهم عما قريب، ويعني أيضاً أن بناء تلك الحانة لأجل المسلسل كان مكلفاً جداً لدرجة أنهم استخدموها مرتين.
نرى السيد أربعاء بوجه حنون جداً عندما يجد شادو نفسه مصاباً بجرح عميق، والذي ليس إلا عملاً من الألهة القديمة. يشرح السيد أربعاء، بينما يقوم باستخراج جذر شجرة من بطن شادو، قصة السيد غابة والذي ضحى بالغابات لأجل الثورة الصناعية. ما لا يشرحه هو علاقة هذا الإله بأحلام شادو؟ الأمر محير، هل الشجرة موجودة في أحلامه أم أنها موجودة في الواقع؟ هل أحلام شادو واقعية؟ أنا أيضاً لا أفهم.
يصل الإثنان إلى بلدة فولكان في ولاية فيرجينيا، حيث نرى بشكل مباشر ما يعنيه ”تلميع الصورة“ الذي عرضته الألهة الجديدة على السيد أربعاء، حيث نلتقي بفولكان، إله رومانيّ تحول إلى تاجر أسلحة وحوّل سكان مدينته إلى شيء أشبه بطائفة تعبد السلاح. في مدخل المدينة يقول السيد أربعاء أن لأمريكا أوجه عديدة، وهذا الأمر ينطبق على هذه البلدة كذلك، وجهها هو حب الوطن والحرية واستخدام السلاح للدفاع عن أي منهما، ووجهها الباطنيّ أيضاً هو تلك العنصرية التي لا يستطيعون اخفاءها عندما يرون شخصاً أسود يمر عبر بلدتهم، وهذا الوجه بدا بارزاً أكثر في منزل فولكان حيث بالكاد كان يخفي الرجل (أو الإله، في هذه الحالة) حقده تجاه شادو، ليس فقط بعدم مشاركته الشراب، بل حتى بتذكيره بالتجربة المؤلمة التي خاضها.
في المشهد الذي يليه، يغمض شادو عينيه ويرى لورا ويشعر بما تشعره، هل هذا يعني أن لدى شادو قدرات خارقة؟ الثلج والآن رؤية لورا، من الواضح ان هناك شيئاً مميزاً حول شادو، وإلا لما كان السيد أربعاء يريده بشدة.
بحلول نهاية الحلقة، يختفي الجانب الحنون الذي رأيناه في بداية الحلقة، ويعود السيد أربعاء لطبيعته الشريرة ويقتل فولكان مستخدماً السيف الذي صنعه له. هل فولكان مات الأن فعلاً؟ وكيف يموت إذا كان لا يزال بلدة كاملة تؤمن به وأعيرة نارية تطلق كل يوم بإسمه؟
عند هذه النقطة يبدأ المرء بالتساؤل، إذا كان المسلسل سيستمر على هذا النسق البطيء، إلى أين نتجه بالظبط بنهاية الموسم؟ لم تتبقى سوى حلقتان ومع ذلك لم يستطع السيد أربعاء ضم سوى إله واحد إلى صفه، اذا ما استثنينا السيد نانسي الذي ذكر أكثر من مرة، والمسلسل لحد الساعة لم يولّد أي زخم للقصة ولا تحس بأنه هناك أي عجلة ولا هدف محدد يسير نحوه. المسلسل جميل، الأداءات رائعة، بابلو شرايبر يجعل سويني شخصاً فريداً من نوعه بأداءه، وحتى ضيوف الشرف مثل ممثل شخصية فولكان في هذه الحلقة رائع، الكاست ككل مذهل في هذا المسلسل، والمؤثرات البصرية كذلك، والاخراج أحياناً، لكن الكتابة؟ لا أستطيع القول أنني معجب كبير بها.
بريفيو الحلقة القادمة
الوقائع الغريبة لأبي النحس المتشائل: المعتوه سويني.