تلفزيونياً، نحن في عصر يُطلق عليها إداريو الشبكات والنقاد عصر ”الكثير من التلفزيون“ أو ”ذروة التلفزيون“ نظراً للزيادة الملموسة في عدد الإنتاجات السنوية للمسلسلات التلفزيونية ودخول عدة شركات جديدة وقديمة إلى هذه المنافسة، مما ينتج عنه تشتت المشاهدين بعد أن كانوا متكتلين على مسلسلات الشبكات الأربعة الضخمة.
ليس هذا وحسب، بل إن الإنتاجات العالمية أصبحت في تزايد وأصبح سوق MIPCOM العالميّ مكاناً للموزعين والقنوات لإكتشاف The Bridge أو Deutschland 83 القادم بعد أن كان مكاناً لبيع المسلسلات الأمريكية للأسواق الأوروبية. الأدوار قُلبت، إنه زمن عجيب نعيش فيه.
من الجوانب الإيجابية لهذه الزيادة في الإنتاجات السنوية هو تعدد الخيارات، لكن هذه الزيادة تأتي بسلبياتها كذلك, إذ مع تنافس الجميع على نيل اهتمامك يصعب تمييز المسلسلات التي تبحث عن تقديم شيء جديد وشجاع من المسلسلات التي تدور في تلك الحلقة المفرغة من التكرار ولا تبحث عن تقديم أي شيء لست متألفاً معه.
وكل هذه الأشياء تنعكس بشكل لا إراديّ على قائمتنا السنوية لأفضل مسلسلات هذا الموسم، مابين مسلسلات جديدة قدمت سرداً شجاعاً وفريداً لقصصها، ومسلسلات قديمة بَنَت على نجاحاتها السابقة، مسلسلات أوروبية تستعرض تجارب عالمية، ومسلسلات أمريكية تستعرض ما تستعرضه المسلسلات الأمريكية عادة.
ثم في نهاية القائمة سنستعرض فصلاً جديداً من صنف يبدو أنه سيصبح ركيزة من ركائز التلفزيون الحديث.
لنبدأ القائمة مع…
15- Horace & Pete
ربما أغرب تجربة في تاريخ التلفاز الحديث هي تجربة لويس سي كي مع هذا المسلسل، فاجئ لويس العالم بمسلسله هذا عبر رسالة عبر البريد الالكتروني بتوفر حلقات مسلسل جديد له عبر موقعه الالكتروني الخاص لكن ليس هذا هو الشيء الوحيد الغريب بهذا العمل الذي كان خليطاً من الدراما والكوميديا وأقرب للأعمال المسرحية بطريقة تصويره وتناول حواراته وتواجد شخصياته، المسلسل تمحور حول شخصيات رئيسية أبرزها هوراس (لويس) وبيت (ستيف بوشيمي) وسيلفيا (ايدي فالكو) مع تواجد شخصيات آخرى تظهر في حلقات معينة، محتوى المسلسل وكتابته التي كانت معبرة للغاية ومنفسة عن كميات مختلفة من مشاعر مختلفة من غضب وتيه في بعض الأحيان لشخصياته وجنون في أحيان آخرى.
كل هذا في جهة والدور الذي لعبه آلان اليدا في جهة اخرى هذا الرجل جعل لهذا المسلسل معنى آخر تماماً بتمثيله لشخصية العم بيت، ربما لم يكن هذا المسلسل افضل مسلسل مر عبر التاريخ ولكنه بالتأكيد محتوى مختلف قدم نفسه بشكل مختلف تماماً ونجح في ذلك تماماً قدم دراما مطموسة في جمل كوميدية قد تجعلك تضحك رغم غرابة وقساوة بعض المواقف.
14- Bron/Broen
بعد انتظار دام سنتين للجزء التالي من قصة المحققة ساغا نورين، الموسم الثالث من دراما الجريمة والتحقيقات الإسكندنافية Bron/Broen أثبت من جديد لماذا يحب الجميع المسلسلات الإسكندنافية: إنها جيدة جداً. تابعنا في حلقات الموسم العشرة قصصاً تراوحت مابين القتل (طبعاً، إنه مسلسل جريمة) والاختطاف والتعذيب، وأيضاً قصصاً حول العائلة والأصدقاء، خصوصاً وأن ساغا حصلت على زميل جديد من الشرطة الدنماركية والذي اتضح أنه لديه مشاكله وعيوبه الخاصة هو الأخر والتي لا تقل عن عيوب ومشاكل ساغا. بالنظر إلى غياب مارتن روده، المسلسل أثبت أنه يستطيع الاستمرار بدونه وإنتاج قصة مميزة في نفس الوقت.
13- American Crime
يصعب جداً على مسلسلات الشبكات المنافسة مع مسلسلات الكيبل التي تتمتع بقيود أقل في كل النواحي، الفنية واللوجيستيكية والمالية، لكن بين الفينة والأخرى يظهر مشروع يقوم بتحدي تلك القيود ويقدم طرحاً شجاعاً لقصة مثيرة للإهتمام.
أنا متيقن أنه لو كان American Crime على الهواء قبل 10 سنوات من الآن لكان محط الحديث بين كل مشاهدي التلفزيون، لكن في عصر الجداول المزدحمة إن قدرته على البروز من الكومة تستحق الإشادة.
يستكشف المسلسل في موسمه الثاني مسألة التحرش الجنسي ضد الذكور في إطار مدرسة خاصة، ويستكشف تأثير الموضوع على عدة مستويات مستخدماً شخصياته كنموذج مصغّر لحالات مجتمعية، وحين قد تبدو هذه النماذج نمطية للغاية في مسلسل آخر إلا أنه يتم تسخيرها بطريقة تجعلك تستغرق في التفكير.
فوق هذا، المسلسل لا يجعل شخصياته تقول Crap عندما تتوقع منها ان تقول Shit، وهذا رغم أنه يبدو شيئاً تافها إلا أنه في الحقيقة شيء مهم ويضيف إلى واقعية وحقيقة المسلسل.
12- Orange is The New Black
لهذا المسلسل مع التصنيفات قصة لا تنتهي فبين أن يُعتبر كوميديا وبين التصنيف الدرامي في الجوائز يستمر هذا المسلسل في تقديم محتواه الممتاز في موسم رابع كان قوي ومختلف نسبياً عما سبقه، الموسم الرابع للمسلسل كان مليء بالأحداث الدرامية والتغيرات القوية للشخصيات، الأمور لم تعد كما كانت أبداً والشخصيات التي بدأت الحلقات الأولى أصبحت مختلفة للغاية، مع دخول شخصيات جديدة وتواصل العلاقات بين الشخصيات القديمة المسلسل واصل أحداثه المليئة بالألم والمعاناة والمشاكل داخل حجرات السجن، البعض سقط من هول الأحداث والبعض الآخر بقي واقفاً يقاوم ما يحدث والبعض كان مشاركاً في الأحداث وفي صناعتها كل هذا وأكثر حدث في الموسم الرابع من هذا المسلسل المميز الذي بالتأكيد هو أفضل ما أنتجته Netflix في المحتوى الدرامي الفني في هذا الموسم التلفزي.
11- The Leftovers
من الصعب التصديق أن The Leftovers في موسمه الثاني هو ذاته نفس المسلسل الذي رأيناه في موسمه الأول، إذ أن المسلسل تطور كثيراً، مثلاً بعد أن كان محصوراً بين وضع ”حزين“ و ”محطم للفؤاد“، أصبح هناك تنوع في المشاعر التي يعبر عنها المسلسل، فأصبح فيه القليل من المزاح والقليل من الرفاهية، وهذا لم يجعله فقط مسلسلاً أسهل للمشاهدة، بل أفضل حتى.
كل حلقة من حلقات المسلسل مميزة في كونها تتخذ ثيمة واحدة أو تركز على شخصية واحدة فتبدو وكأنها منفصلة عن المسلسل كله، لكنها في نفس الوقت تعمل في إطار المسلسل كله.
إعادة الهيكلة التي حصلت في الموسم الثاني هي ما كان يحتاجه المسلسل، نقل الشخصيات والأحداث إلى مكان أخر وإدخال شخصيات جديدة وإعطاء الشخصيات القديمة أشياء جديدة لتفعلها، كلها عوامل أسهمت في إخراج هذا الموسم بالشكل الذي خرج عليه.
10- Les Revenants
يعود هذا المسلسل بعد توقف دام 3 سنوات ليقدم 8 حلقات مليئة بالشغف والعواطف والدراما العائلية المميزة، كتاب المسلسل يستمرون بأحداث تدور بعد بضعة أشهر من آخر ما شاهدناه منهم ويستمرون مع الشخصيات الرئيسية بالاضافة إلى شخصيات جديدة تظهر، في هذا الموسم نتعرف على قصص قديمة آخرى ونكتشف المزيد من الأسرار حول العائدين، ربما لم يكن المسلسل مباشراً في تقديم كل الحلول وحافظ على نسب الغموض الخاص به ولم يقدم تفسيرات مباشرة كاملة ولكننا لا نستطيع أن ننكر أنّه قدم دراما علاقات ممتازة وهنالك مشاهد لا تنسى من هذا الموسم مشاهد دراما عاطفية لعلاقات العائلة بالذات.
المسلسل هذا قدم فكرة محتوى مختلفة تماماً عما نحن معتادون عليه وربما أراه شخصياً أنّه أحد مسلسلين فقط عرضا في آخر 5 سنوات قدموا لنا محتوى ”أصلي“ وفكرة لم نكن قد شاهدناها من قبل واستطاع جذبنا بكل قوة له ولابداعه وهذه أمور تحسب لطاقم المسلسل التمثيلي الممتاز للغاية وطاقم الكتاب الذي نأمل أن يُزيح الستار عن المزيد من الأسرار والخفايا في المستقبل إن كُتب للمسلسل مستقبل.
9- Show Me a Hero
لعلني أكثر المتحمسين لهذا العمل لسبب واضح هو أن خلفه يتواجد العبقري (ديفيد سايمون) اسم وحده يستطيع جعلي أشاهد أي محتوى يُنتجه شخص كتب The Wire والعديد من الأعمال العبقرية الآخرى لهذا الرجل طريقته الخاصة بتقديم المحتوى تجعله كاتب مختلف جداً فهو دائماً يبحث ويواصل البحث وينقب جيداً من أجل أن يقدم محتوى أقرب ما يكون للواقع في هذا المسلسل استطاع أن يُقدم لنا نظرة مختلفة قليلاً على السياسة الأمريكية من واجهة احداث عمدة يونكر، مأساة حقيقية ومعاناة تامة مع شخص تبدأ أحداثه كعضو في مجلس المدينة وتبدأ السياسة تأخذه إلى مركز العمدة والمعاناة التي عاناها هذا الشخص في حياته السياسية والشخصية بالاضافة إلى تأثيرات القرارات السياسية وتبعاتها على الناس حيث نرى أناس تعاني جداً وتبحث عن تطوير حياتها وتتأمل في مشاريع سكنية تنضمها الحكومة ومجلس ادارة المدينة.
في النهاية هذه القصة كانت قصة بشر وسياسة وكيف السياسيين قد يجعلونك تنقلب على صديقك حتى من أجل منصب معين، اليأس والمعاناة والشعور بالمظلومية وانتظار الحظ وبنفس الوقت النصر والحب والنجاح مشاعر انسانية عديدة تم اختبارها في هذا المسلسل في قالب واقعي للغاية يجعل هذا المسلسل من أفضل انتاجات العام بالتأكيد.
8- Game of Thrones
هناك عدة طرق لتقييم موسم ما، يمكن تقييم الموسم بناءاً على أقوى لحظاته متجاهلين عيوبه ولحظاته الضعيفة، أو كمنظومة كاملة بلحظاته القوية والضعيفة على حد سواء.
موسم Game of Thrones السادس قدم لنا إثنين أو ثلاثة من أقوى لحظات المسلسل كله وربما أقوى اللحظات في تاريخ التلفزيون، لكن الطريق إلى تلك اللحظات لم تكن بدون شك بنفس جودة تلك اللحظات. الموسم بدأ بداية متقلقلة بعض الشيء، ممطاً عودة جون سنو على حلقتيبن، وفشل في خلق أي نوع من الإهتمام بأي من المحاور الأخرى إلى حين حلقة هودور، ثم جرجر خطاه من جديد مع سامويل تارلي وبقية المحاور إلى حين قدوم المعركة المنتظرة ثم الحلقة الختامية المبهرة.
مشكلة غيم أوف ثرونز برأيي هو أنه مسلسل خلق لنفسه معاييراً عالية للغاية، فيجد نفسه دائماً في صراع مع نفسه ليقدم ما هو أفضل، وهذا أمر يصعب فعله موسماً بعد موسم ويحدث مع كل المسلسلات التي تستمر لهذه الدرجة.
الكل في الكل الموسم السادس كانت فيه لحظات مميزة، لكنه خلال بناءه لتلك اللحظات فشل في خلق الإهتمام في المحاور الجانبية التي تشغل وقت كثير في الحلقات، مابين المحاور التي لا تعمل إطلاقاً (دورنا) والمحاور المنفصلة عن القصة كلياً (أريا) والمحاور التي لا يهتم لها أحد مطلقاً (سامويل تارلي، سياسات خليج النخاسين) فإن هذا الموسم يمكن وصفه بأنه افتقد للثبات والتوازن، لكنه أثبت من جديد أنه عندما يتعلق الامر باللحظات الكبيرة لا أحد يتفوق على Game of Thrones.
7- The Hollow Crown
مثير للعجب حقاً أنه أحياناً، بوجود المادة الصحيحة، عمل ما يمكنه أن يغيّر نظرتك كلياً إلى ممثل معين. كانت هذه حالتي مع بنديكت كمبرباتش في موسم The Hollow Crown الثاني، والذي رأيته طبعاً في عدة أعمال أخرى وكنت أظنه ممثلاً بارعاً، لكن لم أكن أتصوره قط بالبراعة التي ظهر عليها في دور الملك ريتشارد الثالث الذي يعتبر واحد من أفضل أدوار مسرحيات شكسبير التاريخية.
الموسم الثاني كانت فيه عدة أشياء أخرى مميزة، لكن الحقيقة هي أن كمبرباتش سرق الضوء من كل تلك الأشياء الرائعة في The Hollow Crown، الأزياء وتصميم الأماكن والمعارك وما إلى ذلك (والتي كانت ممتازة جداً جداً جداً)، لأنه جعلك تشعر أنه هو بؤرة الإهتمام وهو كل ما تحتاجه في هذه القصة. ولقد لَمَع في ذلك الدور أكثر من أي دور أخر شاهدته له، وجعل من هذا الموسم الثاني حدثاً مميزاً للغاية.
يتضح في نهاية الأمر أن تلفزيون شكسبير ليس بذلك السوء الذي يبدو عليه مقارنة بمسرح شكسبير.
6- Billions
لربما تتفاجئ بتواجد هذا المسلسل وفي مركز جيد جداً فغالباً هذا المسلسل بالنسبة لك لم يكن شيئاً يستحق أن يحتفى به وهذه وجهة نظر تُحترم ولكن على النقيض تماماً فهذا المسلسل أراه شخصياً من أكثر المسلسلات المظلومة في هذا الموسم التلفزي، لهذا المسلسل قصة ربما لا ترق للكثيرين بما انها تجمع أمرين غير محبوبين للغاية الاقتصاد والقانون ولكن في النهاية هذا المسلسل كان عن الشخصيات والبشر والتي استطاع تمثيلها ببراعة كبيرة العبقري بول جياماتي والرائع داميان لويس والمميزة للغاية ماغي سيف.
ما ميز هذا المسلسل بعيداً عن الطاقم التمثيلي المميز هو أحداثه وطريقة تناولها المسلسل استطاع تقديم قصة ممتازة وجمع أطرافها بشكل جيد جداً وقدمها بشكل واقعي وبرتم مختلف تارةً تراه سريع للغاية وتارة آخرى تراه بطيئ مبادئ الشد والجذب كانت مطبقة للغاية في هذا المسلسل لا يوحد رابح ولا يوجد خاسر في كل حلقة ومع كل حدث كان الوضع يختلف وكان هنالك من له الافضلية.
ارضاء النفس ورغباتها أمرٌ تم تقديمه في هذا المسلسل بشكل ممتاز لا يوجد شخص شرير ولا يوجد من هو خيّر حتى من هم على سدة القضاء قد يكونون ممولين وأصحاب أجندات وتابعين وربما يقومون بأعمال معينة لارضاء غرائزهم النفسية فقط لا غير الجميع من الداخل لديه ما يُخفيه وما لا يود لأحد أن يعرفه الجميع من الداخل لديه جانب اسود وربما حلقة الربط في هذا المسلسل وبين الجوانب السوداء كانت شخصية ويندي التي قدمتها بامتياز ماغي سيف، شخصية استطاعت ربط الاحداث بشكل رائع ومثلت صراع الشخصيات بامتياز، حوارات عديدة ومشاهد عديدة لا يمكن نسيانها من احداث هذا الموسم الأول الممتاز لهذا المسلسل، لذا إن لم تكن قد شاهدت هذا المسلسل اعطه فرصة وشاهد بعض من حلقاته ربما يعجبك وتجد فيه ما لم تكن تتوقعه.
5- This is England ’90
بدأت رحلة شين ميدوز مع This is England قبل 10 سنوات بالفيلم الذي صدر عام 2006، الآن بعد فيلم وثلاثة مواسم وصلت هذه الرحلة إلى نهايتها، ويالها من طريقة لإنهاء هذه الرحلة.
دراما This Is England كانت دائماً حول الصداقة، وكيف كبرت هذه الشخصيات مع بعضها البعض، ومع عائلاتها، وما إلى ذلك، هذا الموسم الأخير المعنون This Is England ’90 الذي تدور أحداثه في التسعينات يستكشف هذه الصداقات مرة أخرى لكن من منظور مختلف، إذ أن الشخصيات كلها كبرت وتفرعت مسارات حياتها بشكل دراماتيكيّ للغاية. وبما أنه شين ميدوز، فإنه يستكشف هذه العلاقات المتشابكة بالكثير من الفكاهة والكثير من التراجيديا، بتوازن شبه مثاليّ، وهذا الموسم لم يكن إستثناءاً لهذه القاعدة وكان أفضل ختام لأحد أفضل المسلسلات البريطانية في التاريخ.
لن أمانع أن أحصل على موسم أخر أو إثنين مع هده الشخصيات، لكن إن كان هذا كل ما سأحصل عليه، أنا راضٍ.
4- Fargo
يواصل هذا المسلسل تقديم محتواه المختلف والساخر بتقديم موسم ثاني ربما شخصياً أعتبره أضعف من الموسم الأول ولكن ذلك لا يجعله سيء بالطبع بل يضمن له دائماً البقاء ضمن قائمة أفضل المسلسلات التي تعرض على التلفاز حالياً، هذا المسلسل مختلف عما تشاهده فبالرغم من أنك قد تعاني قليلاً بين نوع السخرية والغباء الذي تمتلكه شخصيات المسلسل وتحتار بين تصنيفه هل هو كوميدي أم يجب أن تأخذه بشكل جدي وتشاهد مسلسل جاد وهنا تكمن ميزة هذا المسلسل الذي قدم موسم ثاني مختلف عاد للماضي قليلاً بقصة سمعنا عنها في احداث الموسم الأول واحداث هذا الموسم كانت مختلفة ومميزة لا شك في ذلك.
ما يجعل هذا المسلسل يتواجد دائماً في قوائم المسلسلات هو اختلافه وتقديمه لمحتوى يجلب لك ما تبحث عنه حقاً وأنت تشاهد في النهاية ستستمتع وأنت تشاهد هذا المسلسل قد تضحك أحياناً وقد تتأثر أحياناً آخرى وقد تنظر باستغراب على ما يحدث وهذه الغرابة هي ما تعطي لهذا المسلسل رونق خاص، لا شك أيضاً أن ممثليه قدموا أدوارهم بشكل جيد جداً ولاشك أنَّ نوا هاولي كاتب المسلسل كاتب أحداث جيد للغاية لذا إن كنت تتوقع عمق درامي ونفسي من هذا المسلسل فلن تجده لأن هذا المسلسل بحد ذاته هو نظرة ساخرة على العالم الواقعي.
3- The Americans
نال The Americans أخيراً التقدير الذي يستحقه من لجان الجوائز الشهر الماضي عندما خطف المسلسل عدة ترشيحات لجوائز الإيمي، من بينها ترشيح لأفضل مسلسل عن موسمه الرابع. وقد يخيل للمرء أن الموسم الرابع هو أول موسم جيد من المسلسل، لكن الحقيقة أن The Americans كان مميزاً منذ الموسم الأول، ليس هذا وحسب، بل إن جودته كانت نوعاً ما في مسار تصاعديّ موسماً بعد موسم. كلما زادت الأخطار وكلما كبرت الأمور التي على المحك كلما قدم لنا The Americans أفضل ما في التلفزيون.
ما يميّز المسلسل هو أنه لا يترك لشخصياته أي مساحة للتنفس أو للراحة، وأي مسلسل أخر كان بالتأكيد ليحاول أن يخفف من حدته ليسهل المشاهدة على جمهوره، لكن في تلك الحالة ما كنا لنحصل على كل تلك اللحظات العصيبة التي تخرج أفضل ما في هذا الطاقم التمثيلي البارع جداً.
رغم أنه لن يفوز على الأرجح بالنظر إلى كونه، تقريباً، الأقل شعبية من بين منافسيه، إلا أن هذا إنتصار صغير يستحق أن يحتفى به لهذا المسلسل الذي كل موسم فيه هو عبارة عن انتصار كبير على النمطية والسرد الكسول.
2- Better Call Saul
إن Better Call Saul مسلسل فريد جداً، فريد من عدة نواحي، لكنه فريد على وجه الخصوص في كونه أحد المسلسلات القليلة (وربما الوحيد حقاً، لا أعلم) التي تُشكل فيها معرفة المشاهد لما سيحدث مستقبلاً شيئاَ إيجابياً.
ليس فقط إيجابياً، بل حتى أساسياً. لأنه عندما نرى محاولات جيمي الزلِق في ممارسة القانون بكل تلك الطرق التي لا تشبه بأي شكل طرق سول غودمان، ما يجعلها ممتعة للمشاهدة هو أننا نعرف إمكانيات جيمي/سول الحقيقية، إذن المسلسل هو عبارة عن رحلة نتبع فيها مسار هذه الشخصية وتحولاتها، بداية بالأسباب التي أوصلتها لما هي عليه، والدوافع خلف الخيارات التي قامت بها. وكلما رأينا تلك المشاهد بالأبيض والأسود في كل موسم نتطلع شوقاً لنعرف ما سيحدث في بقية هذه الرحلة.
هناك كلام في كل موسم من هذا المسلسل حول متى ستظهر شخصية أخرى من بريكين باد، جيسي أو والتر على وجه الخصوص، الحقيقة أن Better Call Saul فريد ومميز لأنه ليس Breaking Bad، لا يحاول أن يكون كذلك، ولا يحتاج أن يكون كذلك، إنه مميز بدون الحاجة لأن تظهر أي من تلك الشخصيات قبل تستلزم القصة ظهورهم. الحلقة التاسعة من هذا الموسم كانت من دون شك واحدة من أفضل حلقات هذا الموسم التلفزيونيّ كتابياً.
1- American Crime Story: The People v. O. J. Simpson
لربما افتتاحية هذا المسلسل لم تكن مثيرة للاهتمام ولكن لا شك أنّها لم تخلو من بعض الاثارة والدراما مع ذلك استمرار المسلسل وعرض بقية حلقات موسمه الأول جعلت هذا المسلسل يضمن لنفسه قمة هذه القائمة، ما قدمه هذا المسلسل كان ممتازاً للغاية فتناول قضية معروفة شيء صعب لأنَّ هنالك العديد من الامور المشهورة والمعروفة حول تلك القضية خاصةً وأن البعض سماها محاكمة القرن في الولايات المتحدة وهي كانت كذلك بالفعل مع ذلك استطاع المسلسل أن يقدم تلك القضية من جوانب مختلفة للغاية وممتازة جوانب استطاعت ان تقدم دراما التمييز العرقي واستغلاله وتقديم النظام القضائي الأمريكي ومشاكله وتقديم الشخصيات التي واكبت الأحداث ونظرتها ودوافعها وما تفعله وما حدث لها بسبب تلك القضية لربما في النهاية لن نعرف الحقيقة كاملة ولكن لا مكان للحقيقة الكاملة في هذا العالم هذا ما حاول المسلسل تقديمه بشكل أو بآخر للناس أجمع وجهة نظر في تلك القضية وجهات نظر متعددة توفرت هناك وكل شخصية من الشخصيات التي رأيناها كانت تلعب لمصالح ورغبات معينة البعض كان يبحث عن الشهرة والبعض كان يبحث عن شيء من العدالة ولكن مع كل هذا تأتي معاناة انسانية كبيرة تم تقديم وجبات ممتازة منها في هذا المسلسل.
من جانب آخر لا يمكن نسيان ذكره وربما أهم جانب في هذا المسلسل طاقم العمل الممتاز بقيادة أبرز اسم انثوي هذا العام سارة بولسن إن لم تجتاح كل جائزة ترشح لها عن دورها في هذا العمل فستكون تلك غلطة كبيرة سارة بولسن قدمت دور أكثر من رائع استطاعت فيه التعبير بشكل ممتاز للغاية عن شخصيتها وتعقيداتها، ممثل آخر يستحق المديح هو كورتني بي. فانس هذا الرجل قدم دور المحامي بشكل رائع للغاية لا غبار عليه بالمرة، طاقم المسلسل بشكل عام يستحق كل تمجيد وذكر في النهاية لعل هذا المسلسل من أبرز المسلسلات التي استطاعت تقديم مشاكل العرق والأقليات وكيف قد يتم استغلالها في بعض المواقف وكيف أنَّ البشرية والأنظمة القضائية بعيدة عن الكمال، كل هذا وأكثر تجعل هذا المسلسل الرقم واحد لهذا العام حسب تصنيفنا الخاص.
خاص: Making a Murder
بعد حوالي نصف سنة من The Jinx الذي أشغل النقاد والمتابعين عندما عرض على HBO، أعلنت نتفليكس أنها ستعرض هي الأخرى وثائقياً من صنف الجريمة الحقيقية.
الجو كان مهيئاً، الجميع كان ينتظر شيئاً أخر مثل The Jinx ليلتهمه ويحلله ويطرح النظريات حوله، و Making A Murderer لم يخيب الأمال وقدم قصة اعتقال ومحاكمة ستيفن إيفري بكل فصولها بداية من خروجه من السجن بعد 18 سنة بعد أن أثبتت فحوصات الحمض النووي براءته مروراً باعتقاله لجريمة أخرى يصرّ أنه لم يرتكبها انتهاءاً بمحاكمته. وفي كل حلقة ومع كل حدث جديد، يبدو Making A Murderer وكأنه قصة خيالية وليس سرداً لأحداث حقيقية، وهو ما شد اهتمام الناس إليه وجعله محط نقاش حامٍ حول مدى براءة إيفري من التهم المنسوبة إليه، نقاش لا يزال جارياً لحد الساعة وينقسم الناس حوله مابين مؤيد ومعارض.
الآن نتفليكس تقول أنها ستقوم بإنتاج موسم أخر من المسلسل، وهو أمر غير مألوف في هذا النوع من الوثائقيات، خصوصاً بالنظر إلى أن التطورات التي حصلت في القضية صغيرة أو شبه منعدمة. هل سيستطيع الموسم الثاني تقديم نظرة جديدة إلى قضية يتابعها القاصي والداني حالياً؟ لا نعلم، ننتظر ونرى.
موسم تلفزي آخر يمر وتمر معه مسلسلات عديدة ومع مرور السنين أعداد هذه المسلسلات تكثر والمحتوى يكبر ويتنوع أكثر وأكثر مع تواصل تواجد التنوع والاختلاف في طرق العرض وأساليبه ومع دخول منصات المشاهدة وشبه انعدام الفجوة بين التلفاز والسينما المحتوى التلفزي أصبح مختلفاً عما كنا نعرفه مسبقاً، ليس بالضرورة للأسوء ففي النهاية هذا المحتوى يصل لأعداد أكبر بكثير مما كان يصل إليه سابقاً وهذا أمرٌ جيد، لكن عندما يتعلق الأمر بالقيمة الفنية فالموضوع مختلف للغاية أحياناً محاولات ارضاء المشاهد وتقديم محتوى يجذب أكبر نسبة من الجماهير قد لا تعني بالضرورة تقديم محتوى يحمل قيمة فنية جيدة ومع رحيل أسماء سيطرت بشكل تام وقدمت قيم فنية ممتازة مثل Mad Men وBreaking Bad وحتى Boardwalk Empire وغيرها ربما لن نرى محتوى بقيمة فنية يضاهيها قريباً مع ذلك ليست تلك بالمشكلة الكبيرة للغاية فلطالما كان تواجد المحتوى ”العظيم“ قليل نسبياً في جميع أنواع الفنون مع ذلك تواجد العديد من المحتوى ”الرائع“ ليس بالشيء الذي قد يكرهه أي أحد نحن نعيش في أوقات مجيدة للتلفاز نجوم كبيرة تحط رحالها وتمثل فيه، أسماء كتاب ومخرجين كبار أصبحوا يتواجدون للمشاركة بأعمال هنا وكل هذا في مصلحة المشاهد، من الطبيعي أن لا يكون هنالك The Sopranos وThe Wire كل عام ولكن علينا أن نعي تماماً أننا نعيش أوقاتاً مجيدة تقدمها لنا مسلسلات ممتازة لذا دعونا نستمتع فقط بما يقدم لنا ونحن شخصياً استمتعنا بهذا الموسم التلفزي وتلك كانت آرائنا حول أفضل ما قدمه في فئة الدراما، بالتأكيد القائمة السنوية الكوميدية قادمة بأقرب وقت ممكن، لذا لا تقلقوا وشاركونا آرائكم.