بدأنا نصل إلى الأدوار الأخيرة من لعبة عروش, ذلك الصراع الدمويّ لأجل ذلك العرش الحديديّ, وعند هذه النقطة في اللعبة السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الجميع هو التالي: من سيفوز بهذه اللعبة؟
لا نسأل أبداً كيف يمكن الفوز أو ما إذا كان من الممكن الفوز أصلاً, هل الفائز هو من تلامس مؤخرته ذلك العرش الحديديّ أم هو الناجي الأخير من هذه الحلقة المفرغة من الدمار؟ وكيف يمكن للمرء أن يفوز في شيء من شبه المحتم أن يقتله سواءاً في سبيل نيله أو بعد نيله؟ فهو في الحالتين خاسر.
حلقة هذا الأسبوع هي الأطول في تاريخ المسلسل بمدة وصلت إلى 69 دقيقة, وهذا منطقي بالنظر إلى كمية المحاور التي يجب تهيأتها للموسم القادم, وكمية الأسئلة التي يجب أن يُجاب عنها… أو تجاهلها حتى الموسم القادم. وهذا يعني أيضاً أن مراجعة هذه الحلقة قد تكون بدورها أكبر واحدة في هذه التغطية لحد الساعة, لذلك أنا أسف ولا شكر على واجب.
الكثيرون منكم عارضوا رأيي حول الحلقة الماضية ومطالبتي بأن تكون اللحظات الضخمة مرفقة أيضاً بلحظات عاطفية تجعل لتلك الضخامة وزناً, وذلك ما فشلت فيه تلك الحلقة ونجحت فيه حلقة هذا الأسبوع التي, بالرغم من انخفاض القيمة العاطفية للموت كأداة محركة للقصة في هذا المسلسل عبر كثرة إستخدام هذه الأداة (خصوصاً بعد إعدام نيد والزفاف الأحمر) وكذا محو تأثيرها كلياً (عودة جون للحياة), تمكنت من إستخدام هذه الأداة مرة أخرى لدفع القصة والشخصيات لمكان متقدم جداً, مع إعطاء الحدث الضخم بُعداً عاطفياً مهماً.
لنأخذ هودور على سبيل المثال, وفاته لم تكن قوية بسبب فقدان شخصية هودور نفسه, الذي كان يعتبر لوقت طويل شخصاً غير ذي أهمية كبيرة ومصدراً للدعابة فقط, بل لأن وفاته قدمت لنا قصة حول كيف أن حياته كلها دُمرت لأجل لحظة واحدة يقوم فيها بإنقاذ حياة بران وميرا.
نفس الشيء حول سيرسي, ما حدث في هذه الحلقة لم يكن حقاً مفاجئا, لقد تمت الإشارة له كثيراً, لكن عندما تنظر إلى كل الأشياء التي حدثت وكانت تؤدي لهذه اللحظة فسترى أنها هي من جعلت لما حدث قوة عاطفية ضخمة للغاية, بدون أن ننسى أن الأمر كله تم تنفيذه بطريقة بارعة للغاية.
فلذلك لا يهم حقاً من يموت أو كيف, لكن ما تعنيه وفاته بالنظر إلى قصته ورحلته في الحياة, وكذا تأثير هذه الوفاة على الأخرين.
قبل أن نبدأ بالدخول في التفاصيل, أود أن أبدأ بمدح الموسيقى التصويرية في هذه الحلقة. لقد شهدت هذه الحلقة تغييراً واضحاً في الموسيقى التصويرية عن المعتاد في المسلسل وهذا التغيير كان له دور كبير في مضاعفة قوة ما رأيناه, فبجانب تمثيل سيرسي الرائع وإخراج سابوتشنيك الممتاز والكتابة الفذة جعلت تلك الموسيقى تلك النصف ساعة التي قضيناها في العاصمة مثالية من كل الجوانب. لقد كانت فكرة ذكية إستغلال طول مدة الحلقة لقضاء وقت طويل في بوريال دون القفز بين المحاور كما جرت العادة في المسلسل.
تبدأ الحلقة على وقع أجراس العاصمة, التي تناسبت مع أجواء الأحداث القادمة التي تم الإشارة لها باستفاضة في الحلقات الماضية. سيرسي لم تُخفِ قط إستعدادها لإحراق مدن كاملة في سبيل حماية ما تحبه, كما أننا رأينا النار الإغريقية في رؤى بران وسمعنا تيريون يذكر هذه المادة المشتعلة في حوارات لم تكن تستوجب ذكرها من الأساس. لكن هذه الإشارات لم تبدُ ذات صلة إلا بعد أن أعلن تومين أن المحاكمة عبر القتال أصبحت ممنوعة, مُجبراً أمه على البحث عن خيارات بديلة.
بالرغم من ذلك, تنفيذها للأمر حقاً كان مهولاً في ضخامته, في وحشيته, وفي رغبة سيرسي الجامحة بالنجاة, والأمر كله لم يكن مفاجئاً بقدر ما كان مثيراً للإعجاب. لقد إستهان كثيرون بسيرسي, نيد ستارك, زوجها الوقح, الحيزبون أولينا, وكذا الدوريّ الأعلى, الذي ظن أنه بألعابه الدنيئة لن يجرؤ أحد على أن يقوم بشيء أكثر دنائة بكثير ليتفوق عليه.
مارجري كانت الوحيدة التي رأت الأمر كما هو عليه, فبغياب سيرسي والشخص الوحيد الذي تحبه سيرسي (إبنها تومين) فلابد أن هناك شيئاً ما سيحدث. الدوريّ الأعلى أعمته قوته الجديدة ولم ينصت لنصيحة مارجري بإخلاء المكان, لكن خلال لحظات نرى الشك بدأ يتغلغل إليه, وقبل أن يفعل أي شيء نرى اللهب الأخضر يلتهمه, يلتهمهم اللهب الأخضر جميعاً, ينهار سبت بايلور, وتنهار معه ديانة المتطرفين.
لقد قتلت سيرسي كل الشخصيات الكبرى في بوريال: مارجري ولوراس تايريل وأباهم, الدوريّ الأعلى, وكذا عمها كيفان لانيستر, بالإضافة إلى المايستر بايسيل الذي كان يتعرض للطعن في ذات الوقت على يد عصافير كايبورن؛ وقتلت بذلك الكثير من اللحظات السياسية المليئة بالتخطيط والمكر التي كنا لنراها في المستقبل, مارجري كانت قد بدأت للتو لعبتها وبالتأكيد كان لديها مخططها الخاص, لكن الحقيقة أن ما حدث كان هو أفضل شيء لهذا المحور.
بالرغم أن كل تلك الشخصيات كانت ما يجعل محور بوريال مميزاً إلا أن كل تلك النزاعات العائلية والسياسية الصغيرة ليس لها أي دور في السير العام للقصة ولم تكن تخدم سوى كحشو (حشو مثير للإهتمام, على الأقل) لهذا المحور, ولإعطاء الشخصيات — سيرسي على وجه الخصوص — ما تفعله إلى حين قدوم الوقت للحركة الكبرى التالية في القصة, والتي نفترض أن لسيرسي دوراً كبيراً فيها. فلذلك لا أحزن على وفاة أي من تلك الشخصيات, خصوصاً وأن معظمها أصبح عديم الفائدة الآن.
بجانب مساهمتها في التخلص من الحشو والوزن الزائد, هذه الوفيات ساهمت أيضاً في تقديم القصة وإعطاءها دفعة عن طريق أولينا التي تستعد الآن للثأر من سيرسي, وساهمت أيضاً في إظهار نسخة جديدة من سيرسي, وهنا نعود لما قلته في البداية حول التأثير العاطفيّ على الشخصيات ومن حولهم.
إن هذه النسخة الجديدة من سيرسي مختلفة, إنها تبدو وكأنها توقفت أخيراً عن مقاومة قدرها المحتوم والذي كانت تعرفه منذ سنوات طويلة. إن تأثير نبؤة ماغي على سيرسي يبدو واضحاً في الروايات أكثر من المسلسل لأننا نقرأ أفكارها, حرفياً, بينما المسلسل ليست لديه القدرة على القيام بذلك بشكل غير مبتذل, لكن في هذه الحلقة نراه بشكل واضح.
لمن لا يتذكر, ماغي كانت هي العرافة التي أخبرت سيرسي أنها ستعيش حياة تحكمها السلطة والمصائب. لقد أخبرتها أنها ستتزوج الملك وذلك ما حصل, أخبرتها أنها ستلد أطفالاً وذلك ما حصل, ثم أخبرتها أن أولادها الثلاثة سيموتون جميعاً, وذلك ما حصل.
لقد بدت سيرسي متقبلة لمصيرها وهي واقفة بجانب جثة إبنها, وكأن وفاته كانت شيئاً محتوماً لا مفرّ منه, ثمناً تدفعه لغاية نيل ما تريده: الجلوس على العرش الحديديّ. وكانت سخرية القدر أن يموت ابنها بنفس الطريقة التي بدأت بها كل هذه المعمعة, سقوطاً من نافذة عالية, مثل بران (ولو أن انتحار تومين كان مضحكاً أكثر لتشابهه مع انتحار رينهولم في The IT Crowd, ولم يساعد المشهد كونه نفذ بطريقة معتادة جداً على مشاهد الانتحار بوردووك إمباير كمثال). ويمكن للمشاهد أن يستنبط فهمه الخاص من أمرها بأن يتم حرقه ونثر رفاته في نفس المكان الذي هدمته للتوّ.
ومهما كانت أسباب إقدام هذا الأخير على الإنتحار, هنا أيضاً يمكن للمشاهد أن يستنبط فهمه الخاص مما رأه, فإن وفاة تومين هي الأخرى لم تكن حزينة بقدر ما كانت مهمة, كالوفيات الأخرى, في تقديم القصة, فبالرغم من كونه ملك الممالك السبعة إلا أن شخصيته بالكاد كان لها أي تأثير على الأحداث خارج العاصمة. أنا شخصيا أحب أن أظن أنه قتل نفسه حباً في مارجري, التي لابد أنها بارعة في الفراش لدرجة أن رجلاً طفلاً أقدم على قتل نفسه لينضم لها في الأخرة.
للأسف, هذه ليست أخرة الأحزان بالنسبة لسيرسي, فبالرغم أن النبؤة أخبرتها أيضاً أنها ستصبح ملكة, إلا أن فترة مُلكها ستدوم إلى حين قدوم ”ملكة أخرى, أكثر شباباً وجمالاً“ لتزيحها عن العرش. ويمكننا أن نخمن بكل سهولة هوية هذه الملكة الجديدة.
إلى حين قدوم تلك الملكة, ستتلذذ سيرسي بكل لحظة من حكمها, بداية بتعذيب معذبتها السابقة, السبتا أونيلا. لقد وفت سيرسي بوعدها أن وجهها ستكون هي أخر وجه تراه. مشهد كان من المفترض ان يكون مثيراً للإضطراب, لكننا جميعاً شعرنا بنفس ذلك الشعور من الرضى الذي انتاب سيرسي وهي تطالب أونيلا بالاعتراف كما كانت تطالبها هذه الأخيرة في معتقلها, تعترف سيرسي لها أخيراً بكل شيء, بقتل روبرت, علاقتها بأخيها وإنجابها منه, وقتل الجميع وشعورها بالرضى حول كل تلك الأشياء, ”حتى الإعتراف يولد شعوراً بالرضى في ظروف معينة“, إعترفوا جميعاً, كلكم تحبون سيرسي هذه, خصوصاً بعد مغادرتها غرفة التعذيب وهي تصرخ ”عار! عار! عار!“.
إن سيرسي شخصية معقدة وخبيثة تفعل ما تحتاج أن تفعله لكي تنجو. فعندما أقول أنكم تحبون سيرسي فهذا لا يعني أنها شخصية طيبة أو أن أفعالها مبررة, وكتابة المسلسل لا تحاول أبداً إستمالتنا للشعور بالتعاطف تجاهها او كرهها أو أي من العواطف الأخرى, بل يقدم لنا الشخصية كما هي وعلينا أن نختار. وهذا هو أساس شخصيات الأنتي هيرو, مثل والتر وايت وطوني سوبرانو, لكن إمرأة, وهذا أمر مهم لأنه لا توجد الكثير من شخصيات الأنتي هيرو النساء في التلفاز (وحتى في السينما), فلذلك نحن لا نشاهد فقط شيئاً نادراً بل نرى شيئاً نادراً بأداء مذهل للغاية.
ما يميز سيرسي, غير كونها أول حاكم بالغ للممالك السبعة منذ روبرت في الموسم الأول, هو أنها نالت منصبها بيديها, بدلاً من أن ترثه أو تحصل عليه بأي طريقة أخرى من الطرق السهلة, لا, سيرسي أزهقت أرواحاً في سبيل نيل غايتها. ولعل هذا هو السبب خلف خلوّ وجهها من أي تعابير فرحة أو غرور أو فخر عندما جلست على العرش في لباسها المذهل ذاك, وحتى عندما نظر إليها جايمي نظرة ملؤها الصدمة, في ما يبدو أنه بداية النهاية لعلاقتهما.
لم نر قط دافوس غاضباً لهذه الدرجة, وعندما يقول أنه أحب شيرين كإبنته فإن هذا يعني الكثير, بالنظر إلى كونه رجلاً فقد ذريته الخاصة في حروب ليس له أي يد فيها, فلذلك لا يستغرب أن موت شيرين آثر فيه لدرجة المطالبة بإعدام ميليساندري.
يزن جون خياراته في تلك اللحظة, لا يمكنه الإبقاء على الساحرة الحمراء لأن ذلك سيجعله يخسر فارس البصل, ولا يمكنه إعدام المرأة التي أعادته للحياة خصوصاً وأنه قد يحتاجها مستقبلاً, فيقرر نفيها إلى الجنوب. السؤال الآن هو إلى إين ستتجه؟ ومن ستلتقي؟ هل سيحدث أخيراً لقاءها الموعود بأريا من جديد؟ ام أنها ستصطدم في طريقها بأخوية بلا راية وثوروس الميريّ؟ حتى وإن كان هذا يبدو وكأن المسلسل يُبعد شخصية أخرى عن القصة لحين الحاجة إليها من جديد إلا أنه قد يكون أمراً مثيراً للإهتمام إذا تم التخطيط له بشكل صحيح.
يصل غراب أبيض إلى وينترفل, معلناً قدوم الشتاء, ويقوم جون بما يمكن إعتباره ثاني نكتة في حياته كلها ”لقد كان يخبرنا والدنا أنه قادم على الدوام, أليس كذلك؟“.
تعتذر سانسا عن عدم إخبارها لجون عن جيش الوادي, لا تقدم أي تفسير لذلك فيما يدل على غياب أي تخطيط من طرفها, الأمر الذي أفهمه أنا على أنه كتابة ضعيفة. لا يهم ذلك بقدر أهمية أن سانسا لا تزال تحافظ على قوتها في وجه الخنصر الذي يحاول إغواءها لتحل مكان أمها في قلبه (وفي أماكن أخرى) عن طريق محاولة خلق نزاع بينها وبين جون عبر إخبارها بأن الشمال سيفضل أن يتبعها على أن يتبع أخاها ”اللقيط المولود في الجنوب“.
والأجمل من ذلك رؤية توقعات الخنصر تخيب على الفور عندما أعلن كل الشماليين ولائهم لجون سنو, وتخيب معه أفكاره حول حكم ويستيروس (في حالة ما إذا كان لأي منكم شكوك حول ماهية مساعي الخنصر, هاهو يؤكد الأمر) بسانسا في جانبه. لعله نسي ما حصل في المرة الماضية التي سعت فيها لتصبح ملكة, ولعل أفكاره تلك أكبر من رجل صغير مثله. في الحالتين, الرياح لم تمشِ بما يشتهيه ويخطط له اللورد بايليش.
رغم ذلك, مشهد ”ملك الشمال!“ ذاك والنظرات المتبادلة بين الإثنين قد تكون إشارة إلى خلاف مستقبلي, لكن بين من؟ سانسا وجون أم سانسا والخنصر؟ أو قد تكون نظرات الخنصر فقط صراخاً صامتاً بينما في داخله مئة صوت يقول ”مهلاً! هذا ليس في الخطة!“.
لدي شيء أخير أريد أن أقوله هنا حول هذا المحور, أنا لا أفهم حقاً إنزعاج الجميع من مقتل ذئب ريكون الفنرير, ولا أفهم أكثر من ذلك إفتتان الجميع بالليدي مورمونت, الأمر كان مسلي في المرة الأولى والثانية, لكن هذه المرة بدا لي وكأنهم بدأو يبالغون قليلاً مع هذه الشخصية, إذا كنت حاكماً في الشمال أي خطاب معاتبة من طفلة ليست حتى في سن المراهقة لن يدفعني سوى لتقليد عبارة أندري الشهيرة Child Please.
داريو, ماذا يكون شعورك عندما تنفصل عنك دينيريس ثم بعد لحظات من ذلك تقدم مجوهرات لرجل آخر؟ لابد أن ذلك مؤلم يا صاح.
فهم الكثيرون إعتراف دينيريس بعدم شعورها بأي شيء خلال إنفصالها عن داريو على أنه إشارة إلى تحولها إلى سوسيوباث, أظن أن هذه قراءة مبالغ فيها قليلاً, أنا فهمتها على أنها إشارة إلى أن دينيريس بدأت تتعلم أخيراً فصل العاطفة عن المنطق عند اتخاذ قراراتها, الأمر الذي كان وراء الكثير من المصائب التي حلت بها, مما سيمكنها الآن أن تصبح حاكمة أفضل, صحيح أنها ستصبح الآن شخصية أقل تعاطفاً كلما زادت سلطتها, خصوصاً وأن جانبها العاطفي كان من أكثر الجوانب التي ميزتها بالرغم من كل المتاعب, إلا أن ذلك قد لا يكون شيئاً سيئاً بالضرورة.
لكن لنكن صريحين, السلطة لم تنجح قط في جعل أي شخص سعيداً, وربما في يوم ما من المستقبل ستتذكر دينيريس داريو نهاريس وتتمنى لو أنها لم تنفصل عن ذلك الرجل الذي أحبها.
لقد حدث ذلك أخيراً, دينيريس تشد الرحال نحو ويستيروس, لا أصدق هذا, إن هذا أمر يحدث فعلاً. ذلك المشهد كان مبهراً بصرياً, بالرغم أنه لم يُجب عن السؤال الذي دار بذهني في كل مرة أتخيل فيها دوثراكيين على سفينة: هل يصاب الدوثراكيون بدوار البحر؟ لكنه مشهد أعاد لي الأمل في رؤية مشهد بين الثلاثيّ فاريس, ثيون, ودودة رمادية في حوار حول أزمتهم المشتركة.
على ذكر فاريس, بعد تأمينه لدعم علارياض ودورنا (وعودته الغريبة إلى ميرين رغم أن رسالة كانت لتفي بالغرض) فإن دينيريس أصبح لديها دعم قوي قبل وصولها إلى ويستيروس حتى, والتي نفترض أنها ستبدأ حملتها نحو العرش من دورنا, هل سينتهي المطاف بها في حرب بين الشمال (جون سنو وسانسا) والجنوب؟
على ذكر دورنا, المسلسل أعطانا أخيراً سبباً لنهتم بمحور دورنا. شخصيات ذلك المحور, الدساسات على وجه الخصوص, لحد الساعة غير مطوّرة كفاية ولا تعدو كونها شخصيات أحادية المنظور, حتى شخصة إلاريا لم تتعرض للتطوير كفاية, لكن مع وجود الحيزبون أولينا هناك فإن هذا المحور قد يتحسن قليلاً. كما أنني راضٍ عن هذا المحور سلفاً إذا كان كل ما سيفعلونه فيه هو مشاهد لملكة الأشواك وهي تذلّ الدساسات.
المثير للسخرية أن سيرسي كانت دوماً تتبنى نظرة أن الجميع يريد النيل منها, الآن مع هذا التعاون الثلاثيّ الجديد يحتمل أن تتحول نظرتها تلك إلى واقع في الموسم المقبل.
في قلعة آل فراي, فتاة جميلة تنظر نظرات شبه تغزلية إلى جايمي لانيستر, هذا الأمر يعطينا شعوراً غريباً عندما ندرك لاحقاً أن تلك الفتاة هي أريا.
توقعت أن يؤجل الكتاب محور إنتقام أريا للموسم المقبل, فلذلك كنت متفاجئاً عندما أتضح أن الفتاة التي قدمت إبنيّ والدر فراي له في كعكة هي أريا. لم أتفاجئ أنها كانت تقصد أنهما في الكعكة عندما قالت أنهما ”هنا“ للمرة الثانية, فهذه ليست المرة الأولى التي نسمع فيها بهذا (أقول هذا وكأن طبخ البشر في كعك أمر طبيعيّ 😀 ), قبل 3 مواسم بالظبط حكى بران قصة طباخ حرس الليل الذي لعنته الألهة عندما قام بشيء مماثل.
ما أثار إهتمامي في المشهد هو أوجه التشابه التي بدت لي بين أريا وسيرسي, الموجودة بدورها في قائمة إنتقام أريا, خصوصاً عندما أخبرت والدر فراي أن أخر ما سيراه هو ”وجه فرد من آل ستارك مبتسماً“. مقتل والدر كان مشهدا بديعاً, والآن ينظم إلى نادي الأباء السيئين, فرع الجحيم, برفقة تايوين لانيستر وروز بولتون.
في لحظة مشاهدتي للمشهد كنت جد مستمتع بالحلقة على أن أدقق فيه, لكن عندما تفكر في الأمر كيف أمكن لأريا أن تطبخ تلك الكعكة؟ إلا إذا كانت قد قتلت طاقم القلعة كلها ثم قضت ساعات في طبخ أولاد فراي في كعكة لوحدها, فإنني لا أرى كيف كانت لتفعل ذلك. والاهم من ذلك, كيف تقوم أريا بتغيير وجهها الآن دون أن تكون من عديمي الوجه؟ إذا تذكرتم أخر مشاهد جاكن هغار بعد هروبهم من هارنهول فإنه غيّر وجهه في لحظات. هل هناك خدعة ما تعلمتها؟ هل سرقت وجوهاً من بيت الأبيض والأسود؟ هل قتلت تلك الفتاة وأخذت وجهها؟ سيكون جميلاً لو أن المسلسل احتفظ بنوع من الثبات أو وضع بعض القوانين حول هذا.
عموماً, من الجميل أن وقت أريا في كرسيّ الإحتياط انتهى وأنها الآن ستستأنف قصتها المنشودة, لكن بين أريا التي قتلت ميرين ترانت وأريا التي جعلت والدر فراي يأكل نجليه فرق كبير, وفرق أكبر حتى عن الفتاة التي تركت الدموم ليموت. أتسائل الآن هل سيصبح محورها مجرد مسيرة انتقام وشطب للأسماء أم سيكون هناك عمق وغاية لكل ذلك التعذيب الذي تعرضنا له نحن في هذا المحور في هذه المواسم السابقة؟ أتمنى أن لا يحولوا أريا إلى شخصية أنثوية أخرى أحادية المنظور, وإلا كل هذا التطور الذي عرفته شخصيتها سيكون قد ذهب سدى.
كل المحاور في هذه الحلقة كانت تمهيداً لأحداث الموسم القادم, لكن لابد أن أهم تمهيد في هذه الحلقة جاء في محور بران.
بداية, يذكر بينجن أن السور محصن بالسحر لمنع الموتى من عبوره, الأمر الذي يذكرنا بمزحة جون لإيد بعدم هدم السور في غيابه, الأمر الذي يشير إلى شيء واحد: قبل نهاية هذا المسلسل, هذا السور سيسقط. كيف؟ لن أضجركم بالحديث عن صور جورامون الآن, لنترك ذلك للموسم القادم.
بعد ذلك, يتصل بران عبر الشجرة ويعود لبرج السراء, حيث يشاهد ولادة جون من ليانا, لا نعلم ما إذا كان بران قد أدرك أنه جون أم لا, لأننا لم نسمع ليانا وهي تهمس بالإسم, ويحتمل أنه لم يسمعه كذلك, لكننا سمعناها وهي توصي نيد بحمايته من روبرت.
نحن نرى كل هذا من منظور بران وهو يدرك, إن كان قد عرف هوية الطفل, ما يعنيه كل هذا. أم جون سنو ليست امرأة عشوائية ضاجعها أبوه في فترة الحرب, بل عمته. لكن المسلسل لا يخبرنا بشكل واضح عن هوية الأب, صحيح هناك تفاصيل وإشارات (كوجود حرس ريغار الملكي لحماية البرج) إلا أن المسلسل لم يوضح ذلك بشكل قطعيّ.
نظرية أن جون هو إبن ليانا و ريغار موجودة منذ مبطي, وهي تعتبر من أقدم نظريات الروايات ”المؤكدة“ (أي أن كل الأدلة تشير إليها) ولابد أنك سمعت بها كثيراً حتى ولو لم تكن من قراء الروايات, فلذلك تأجيل تأكيدها أمر غريب من المسلسل, خصوصاً وأنه تم تمطيطها الآن على 3 حلقات, حلقة رابعة لتأكيد هوية الأب ستكون حركة واضحة في التمطيط وسأكرهها جداً.
لننظر إلى التفاصيل الأخرى, ليس هناك سبب قد يدفع روبرت في تلك الفترة لقتل طفل ليانا لو أن أباه كان شخصاً عشوائياً, لكن إن كان ذلك الطفل إبن الرجل الذي قتله في معركة الترايدنت واغتصب عرشه فإن ذلك قد يدفعه حقاً لقتل طفل رضيع. السؤال يبقى إذا هو ما إذا كان جون طفلاً شرعياً أم أن ليانا وريغار لم يكونا متزوجين مما يجع جون لقيطاً اكثر مما هو عليه بالفعل. لماذا هذا مهم؟ لأنه إذا كان إبناً شرعياً فسيصبح لجون حق شرعيّ في المُلك.
بالنظر إلى الاتجاه العام للقصة يمكن التخمين أن جون سنو, الذي إسمه ليس حقاً جون ولا هو سنو, هو الإبن الشرعيّ لليانا وريغار, وأنه الوريث الشرعيّ للعرش وله حق فيه أكثر من دينيريس, التي ليست سوى أخت ريغار (الأمر الذي يجعلها عمة جون سنو, الأمر الذي يجعل فكرة زواج الإثنين أكثر غرابة الآن). لكن لحد الساعة لا يعرف أحد أياً من هذا سوى بران, ولا نعرف ما الذي سيحدث لهذه المعلومة وماذا سيفعل بها أو ما سيكون دورها في القصة.
مثل مشهد انتقام سيرسي, المسلسل قام بالتمهيد لهذه اللحظة بشكل ممتاز, خصوصاً عندما قفز المشهد من وجه الطفل الصغير إلى وجه جون سنو, لم أكن أعلم أنه يوجد في هذا العالم أطفال بوجه عابس…
لقد كان غريباً إقحام سام في هذه الحلقة, وأنا لم أذكره هنا في هذه التغطية سوى لأقوم بتلك النكتة. كان من الأجدر تأجيل ذلك للموسم المقبل, لم يكن المشهد ضرورياً في هذه الحلقة ولعله أبطئ الرتم قليلاً. لكن مشهد المكتبة كان رائعاً الصراحة, أعترف بهذا.
لقد كانت حلقة جميلة رغم أن معظم ما حدث كان يمكن التكهن به, وهذه شهادة على أن الكتابة الصحيحة لها كل التأثير على جودة الحلقات, فحتى عندما تكون هناك أمور من البديهيّ حدوثها فلابد أن هناك طريقة معينة تفاجئ بها المشاهدين رغم ذلك, لابد أن أياً منكم توقع حدوث شيء واحد من أحداث هذه الحلقة:
- تفجير سيرسي للعاصمة. (حسناً, مبنىً واحد في العاصمة, أتسائل هل سيصبح لهذا الحدث إسم كـ9/11 في تاريخ ويستيروس؟)
- إنجاب ليانا لأكثر طفل عبوساً في التاريخ.
- المواجهة بين دافوس وميليساندري.
- توجه دندونة نحو ويستيروس.
- لم نر الدموم!
- اعتلاء سيرسي العرش. (حسناً, هذه صعب تخمينها)
- لم نر الدوثراكيين يصابون بدوار البحر.
- أين الدموم؟!
- لم نر السائرين البيض. (أظن أنهم يحتفظون بهم للموسم القادم, إلى حين صدور رواية جورج مارتن القادمة بعد… 10 أو 15 سنة.)
- لقد وجدوا طفلاً عابساً كجون سنو!
- لم نر تلك الساحرة الحمراء الجديدة التي أزعجكم جميعاً كونها إسرائيلية. هل كان تخويفها لفاريس مجرد حشو بلا فائدة؟ لربما قتلها العنكبوت.
- جدياً, أين الدموم؟!!
بريفيو الموسم القادم
هناك أسئلة كثيرة تنتظر الإجابة:
- هل ستصل دندونة مباشرة إلى ويستيروس مباشرة أو سيحصل شيء في الطريق؟ يورون غريجوي مثلاً, اللي عملنا عليه حوسة ولم يظهر إلا في 10 دقائق هذا الموسم.
- هل ستلعب سانسا لعبة عروش؟
- إلى أين ستذهب ميليساندري؟ ماذا عن الدموم؟
- ماذا ستفعل سيرسي في فترة حكمها؟ (غير زيادة إنتاج واستيراد الخمور)
- ماذا ستكون ردة فعل جايمي على أفعال أخته؟ هل ستكون هذه بداية النهاية؟
- هل سيتمكن السائرون من اختراق السور؟
- هل سيتمكن بران من منع تقدم ملك الليل نحو السور؟
- كم سيقرأ سام من كتاب؟
- هل ستنضم بريان وبودريك إلى ”نادي المجدفين للأبد“ الذي يترأسه غيندري؟
- هل سيقوم أحد ما الموسم القادم بملاحظة غبية أخرى حول كونها ”غيم“ بدل ”قيم/جيم“؟
التقييم النهائيّ
الحلقة: | واحد من افضل 5 حلقات بالمسلسل وافضل حلقة هذا الموسم بالتأكيد | |
9 / 10 | معظم حلقات المسلسل تعمل وكأنها مجموعة من اللحظات بدون أي رابط بينها, لكن الحلقات المميزة هي التي تتمكن من ربط تلك اللحظات ببعضها البعض لتشكل فصة واحدة رائعة. هيكلة قصة غيم أوف ثرونز الروائية تعني أن الخواتيم ستكون دوماً أفضل من كل تلك الحلقات التي تسبقها, لكن حتى بالنظر إلى خواتيم المواسم السابقة, هذه الحلقة كانت مميزة للغاية. |