إذاً سنتحدث اليوم عن مستر روبوت، لا أحب أن لا أعرب الأسم لكن حقاً لا أجد تعريب جيد للأسم بالإضافة أنه لا يستحق التعريب أصلاً، الإسم واضح كفاية كما هو، لذا لم التأخير، دعونا نبدأ.
الكل تقريباً يعرف الفلم الشهير نادي القتال لمخرجه ديفيد فينشر، الفلم أشهر من نار على علم وأي مهتم بالسينما من قريب أو بعيد بالغالب أنه شاهده وفي أقل التقدير سمع الكثير عنه، لكن لو أردنا أن نسأل أنفسنا ما هو السبب وراء ذلك، بالنهاية على الرغم من جودة نادي القتال المعقولة كفلم إلا أنه ليس بالجودة التي تبرر إسمه في عالم المشاهدين، ليست الجودة الأيقونية التي تستحق أن تذكر للأبد، هذه الحقيقة البسيطة حول الفلم، إذاً نعود للسؤال لم الكل يعرف عنه، لم الكل معجب به، الجواب ببساطة لأنه يتناول فكرة خيالية تراود أي إنسان ناضج أو غير ناضج في الغالب، فكرة شهوانية أو لربما غريزة ملحة في الروح البشرية، مع ذلك نحن نسيطر عليها طوال الوقت، نعم نحن نشعر بها جاثمة على صدورنا دائماً، مع ذلك لا نقدر أن نفعل أي شيء حيالها، في الفلم هناك من إختار أن يفعل وهذا ما يجعله كفلم شيء مثير للإهتمام المجتمع بالغالب، الحاجة الملحة التي أتحدث عنها هي الحاجة الى التحرر، ولا أقصدها بالمعنى السخيف الشائع عن حرية ما تلبسه او حرية حرية ما تقوله، كل هذا هراء حقيقي حسب رأي، نعم الكثير منا يستشعر هذه التفاصيل بأنها أكبر القيود، لكن ما أن نكسر هذه القيود سنجد أن الحاجة للتحرر مستمرة في أرواحنا، إذا كانت روحك قوية كفاية طبعاً، التحرر من ضعفنا الإنساني، من حاجتنا للعمل لنكسب المال، من حاجتنا لتناول الطعام لنستمر بالحياة، عن حاجتنا لأن يتواجد شخص ما في حياتنا لكي لا تعتل ارواحنا، التحرر من إنسياقنا كالخراف راغمين في تيار الحياة بدون أي سيطرة عليى حركة الموج وتوجهك في هذا التيار طوال الوقت، قد تعتقد أني أهذي وأن هذا ليس حقيقياً، لكن في داخل كل واحد منا هناك هذا الشعور بالإختناق، نحن نتجاهل هذا الشعور بأن نغرق أنفسنا في تفاصيل الحياة السخيفة، المطعم الذي سنتناول فيه وجبتنا التالية، هاتفنا المحمول التالي، سيارتنا التالية، وربما حتى الفتاة الحميمية التالية، هكذا نحن، نستمر في الدوران في هذه الدوائر المغلقة من السعادة والفراغ، لا يمكن لنا أن نتوقف للحظة وإلا سنشعر بكل تلك الأمواج المتلاطمة في عقولنا، ولا أحد يستطيع أن يتحمل ذلك يا صديقي، ثق بي لا أحد.
مسلسلنا اليوم مستر روبوت المقدم من قناة USA – مبدع العمل هو Sam Esmail – إقتبس ذات الروح، أخذ ذات الأفكار بل وبتشابه كبير في كتابة وتصميم عدة شخصيات بشكل مزعج، لو أنك شاهدت العملين ستعرف وتلحظ ذلك بسهولة، مثال على ذلك شخصية مستر روبوت وشخصية تيلور من نادي القتال، لكن قلة المحتوى المشابه بالعموم جعل الإقتباس أو التكرار هذا ليس مشكلة حقيقية لأغلب المشاهدين، في النهاية هو شاهد ساعتين من المحتوى الأصلي في نادي القتال وراق له، ولا يمانع حقاً بالمزيد من ذات المحتوى حتى وإن كان محتوى غير أصلي وغير مبتكر حقاً، حتى أني نفسي كنت من الممكن أن أتقبل ذلك لحد ما، لكن مع إنتهاء أول ثلاث حلقات بدأ العمل في التحرك في فتح محاور جديدة لقصته، وبدل أن يكون هذا شيء جيد لخروجه عن التكرار ومحاولة خلق هوية خاصة إلا أنه كان إنهيار حقيقي في مستوى العرض بالنسبة لي كتابياً، أعتقد أن ما حصل هنا شبيه بشكل ما فيما يحصل مع كتاب جيم أوف ثرونز عندما يحاولا الخروج عن الكتاب وخلق هويتهم الخاصة، لكن هنا بشكل أشنع، خصوصا وأنه لا يوجد محتوى أساسي أصلا قادرين على العودة له، مجرد فكرة راقت لهم في فلم أخر وارادوا نقلها للتلفاز. أي خطوة يأخذونها بعيداً عن الفكرة المقتبسة أو المسروقة سمها ما شئت تكون للأسفل.
أليوت: خلال سنة، من الممكن أن أفكر فيها من وقت لأخر، ثم ستصبح ذكرى، شيئاً لنقول: كنت أعرف فتاة، وماتت.
العمل يتناول قصة أليوت مبرمج كمبيوتر عبقري يعمل في شركة مختصة بالأمن الإلكتروني تهتم بحماية بيانات وسجلات ومعلومات الشركات الكبيرة، البنوك الخ، بنفس الوقت أليوت يمتلك قدرة عادية على إختراق أي برنامج أمن، هاكر إستنثائي يريد تحقيق العدالة من خلال قدرته هذه، قصة أليوت الغريبة هذه تبدأ منه وهو يروي لنا عن مجموعة سرية من البشر يتحكموا في العالم، كونه هاكر مقتص باحث عن العدالة إستطاع أن يخترقهم، ويعرف الكثير من أسرارهم، ثم تتنقل القصة نحو مجموعة ما تسمي نفسها – تباً للمجتمع – وهنا يأتي الجزء المقتبس من أفكار نادي القتال حيث تنشئ مجموعة تريد إسقاط النظام العالمي، تريد تحرير البشر من القيود التي وضعت عليه، ننتقل من هناك لقصة أليوت العاطفية مع فتاة ما في حياته، ننتقل ثم لمحاولة أليوت لإنقاذ شخص ما، وتستمر حلقات المسلسل تتوالى بدون نظام حقيقي، بدون فكرة محورية، بدون ربط جيد وحقيقي بين كل ارادوا أن يحكوه عن و في ذلك العالم، مجرد محاور مشتتة حاولوا الربط بينها بتويست فاشل وغير محبوك كفاية، بالإضافة لكونه غير أصلي إطلاقاً.
لكن بعيداً عن ذلك، ننتقل لنقاط أخرى ونحاول أن نجيب على ذات السؤال الذي يسأله الناس مع كل مسلسل جديد، وهو السبب في كتابة أي مراجعة، هل يستحق المشاهدة ؟ في الحقيقة بالإضافة للنقاط التي ذكرتها سابقاً مستر روبوت والذي يقوم بدور بطولته رامي ماليك، كريستن سلتر لم يمتلك الكثير ليقدمه، الأداء التمثيلي من أغلب الطاقم كان متوسط، مع بضعة اداءات جيدة أفسدتها الكتابة، رامي على سبيل المثال وبكونه الشخصية الاساسية ظهر الأمر بوضوح على دوره، لم تنجح أي شخصية بجعلي أندمج بشكل كافي معها وأتفاعل معها بإعتبارها واقع، ولا أعتقد حقاً أني أستطيع لومهم بشكل كامل، أعتقد بإستثناء فكرة العمل الجامحة والتي تداعب مخيلة أي شخص لم يستطع العمل تقديم أي محتوى وقيمة فنية حقيقية أو حتى ترفيهية، لا أستطيع أن أجد أي سبب كافي لجعلكم تقرروا مشاهدة المسلسل، إن كان أحدكم شاهد العمل ووجد به ما يستحق الإهتمام أنا حقاً مهتم بسماع رأيك، إكتب لي رأيك بالتعليقات علك تساعدني.
مستر روبوت مثال جيد لمسلسل بدء بطموح كبير لكن من الواضح أن من خلفه لا يمتلك أكثر من الطموح، لا يمتلك الإبداع الكافي، لا يمتلك الجودة الكتابية الكافية لخلق قصة مثيرة للإهتمام في عالم غريب مليء بالشخصيات المدهشة والأحداث الإستثنائية، أتفهم رغبته تلك فحتى انا أمتلك ذات الرغبة بكتابة شيء عظيم يمتلك هذه الخصائص، لكن ببساطة عاجز عن ذلك بشكل واضح.
ملاحظة: العمل إحتوى على بعض المحتوى الجنسي، لذا فهو غير ملائم للجميع، وعليه وجب التنويه.
التقييم النهائيّ
الكتابة: | ||
التمثيل: | ||
الإخراج: | ||
رأي شخصي: | ||
6.25 / 10 | خيبة أمل غير متوقعة، مسلسل ضعيف فنياُ، عابته الكتابة السيئة للأحداث والشخصيات، تائه بلا هوية ولا أفكار. |