تقول الأسطورة أن شارة النهاية جُعِلت سوداء بكتابة بيضاء صغيرة كي يتسنى لك رؤية انعكاس وجهك المصدوم على الشاشة. بالنسبة لي, التعبير الذي على وجهي عند انتهاء الحلقة كان انبهار وليس صدمة, وإنني أظن أن هذه الحلقة هي أفضل حلقة في المسلسل كله, والفضل في ذلك لا يعود لموت تلك الشخصيات, بل كل ما عدى ذلك. كل ما كان يدور برأسي وأنا أشاهد الحلقة هو: This is some good television. ونادراً ما تراني أقول عن غيم أوف ثرونز a good television.
كنت سأكتب تغريدة مازحة البارحة تقول: ”تحذير حرق: كل المحاور في حلقة الغد ستنتهي بـcliffhanger و سنعود لننتظر سنة أخرى“ لكنني لم أفعل, وذلك بالفعل ما حصل, لأن ذلك ما يفعله غيم أوف ثرونز..
كيف وصلنا إلى هنا؟ لنجيب عن هذا السؤال يجب أن نعود إلى (ستانيس) مابعد هزيمة معركة البلاكووتر, وإقناع (ميليساندري) له بالتوجه إلى السور لمحاربة الشرّ.
لقد رأى (ستانيس) بنفسه كل ذلك في النار, مهما كان ما رأه, لأن ذلك جعله مؤمناً بأنه البطل المختار لويستيروس, بأنه هو من سيحرر الحلبة من كل الشرور. وعندما نفهم هذا, فإن كل ما فعله بعد ذلك يبدو منطقياً, كل تلك القرارات و الاختيارات و التضحيات, كان يراها ضرورية لتخليص العالم من الشرّ, بما في ذلك التضحية بإبنته.
كنت أحاول الفوز بالعرش لإنقاذ المملكة, بينما كان يجب علي أن أن أنقذ المملكة لأفوز بالعرش
لكنه صبيحة هذا اليوم اكتشف أنه كان واهماً للغاية, أنه ليس البطل المختار, أن روح ابنته ذهبت سدى, وأنه على وشك الموت بعد قليل على يد الشماليين. لكنه ظلّ متمسكاً بوهمه, بإقتناعه أن معجزة ما ستجعله ينتصر, لكن لم يحدث أيّ من ذلك, و انتهى به المطاف خاسراً وبجيشه وليمة للغربان.
(ميليساندري) هي الأخرى أدركت ذلك, أدركت أنها كانت مخطئة وأن (ستانيس) ليس هو البطل المختار, وأنها جعلته يحرق كل أولئك الناس بلا فائدة. نتذكر كيف سخرت الساحرة الحمراء من (ثوروس) الميريّ وطريقة عبادته لإله النور, والذي قال لها ”اعبديه كما تشائين وأنا سأعبده كما تشاء“, ولعل (ثوروس) رجل دين أفضل من (ميليساندري).
عودة (ميليساندري) إلى السور في تلك اللحظة جعلت الكثير يخمنون أنها ستقوم بإعادة إحياء جثة (جون سنو), لكننا لا نعرف ما إذا كانت قادرة على ذلك أصلاً. إذا لماذا عادت إلى السور؟ لعلها أدركت أن (جون) هو البطل المختار الحقيقيّ وليس (ستانيس).
بالحديث عن (جون), لا يمكن القول أن موته كان صدمة حقيقية. لأنه لو كنت تشاهد المسلسل بنظرة غير عاطفية سترى أن الكتاب كانو يلمحون لذلك طوال الموسم لدرجة أنه لم يتبقى سوى أن يقول (جون) ”أنا سأموت“. و بالمناسبة, ممثل الشخصية و الكتاب أكدوا أن (جون سنو) مات, وأنه لا شك في ذلك. منتج المسلسل (دان وايس) قال أنه حرص على تصوير اللقطة بطريقة واضحة تؤكده موته غير تاركة أي مجال للشك, يعني (جون سنو) مات يا جماعة.
هذا لا يعني أن محوره انتهى, ولو أن تلك تبقى تكهنات وتوقعات, لا أحد فينا يستطيع الجزم بأن (جون سنو) سيعود حتماً. وقاعدتي مع النظريات و التوقعات واضحة: لا داعي لتزعج نفسك بها, ترفع أمالك و تفسد عليك مشاهدة المسلسل عندما لا تحدث.
بالحديث عن الأشياء التي لا تحدث, من الجيد أن (سام) غادر السور إلى أولد تاون, كنت أخشى أن الكتاب سيلغون ذلك الشطر من الروايات ويجعلون (سام) السمين قاتل السائرين و الثين (لا أمل أبداً من ترديد هذه العبارة) يموت على يد حرس الليل هو و (غيلي) و ابنها.
أولدتاون تقع جنوب ويستيروس, وفيها يوجد السيتاديل حيث يتم تدريب المايسترات. في الرواية, إرسال (سام) إلى أولدتاون كان من أولى القرارات التي اتخذها بعد تقلده لمنصب قائد حرس الليل, ولأن المايستر (إيمون) كان لا يزال على قيد الحياة آنذاك — لكن مريض للغاية — كان محور (سام) متمحوراً حول وفاة (إيمون) وكذا فقدانه لعذريته من (غيلي), وبما أن هذين الشيئين حدثا بالفعل في المسلسل و بموت (جون سنو), لا أتخيل ما الذي يخطط له الكتاب لهذا المحور وهذه الشخصية, (سامويل) أصبح رسمياً ضمن قائمة وفيات الموسم القادم المحتملة و التي لا تتضمن سوى (جوراه) لحد الساعة, لكن (جوراه) مصاب بداء التحجّر.
بالحديث عن (جوراه), يرحل برفقة (داريو نهاريس) في رحلة البحث عن الحب, تاركين (تيريون) ممسكاً بمقاليد الحكم في ميرين. يصادف (وليست مصادفة حقاً) مغادرتهما ظهور (فاريس) من جديد, الأمر الذي جعل كل قراء الرواية يقولون ”فاريس؟ ماذا تفعل هنا؟ ألم يفترض بك أن تكون في مكان أخر؟“ لكن ذلك سيترك للموسم القادم على ما أظن, الأصلع سيظهر لنا برفقة (تيريون) مدى براعته فيما يفعله, وأن الخنصر ليس الوحيد الذي يعرف كيف تلعب لعبة عروش.
ولا يوجد أفضل من (تيريون) ليلعب هذه اللعبة كما أشار العنكبوت, إذ أن لدى الزعبوب خبرة في إدارة المدن الفاسقة المنحلة, و ميرين ليست سوى مدينة فاسقة منحلة.
في هذه الأثناء كانت (دينيريس) تعوم في البحر الدوثراكيّ (هاها, مزحة من الكتب لأن البحر الدوثراكيّ أخضر معشوشب وليس من المحيط) برفقة تنينها دروغون المرهق. هذا ما يحدث في الروايات بالظبط بجانب أنها تجوع للغاية وتأكل نوعاً من التوت البريّ الذي جعلها تهلوس. لكن لم يكن هناك أي ذكر لجيش من الدوثراك يحيط بها كما حدث في المسلسل, ولم أفهم المقصد من نزعها لخاتم زواجها من (هيزدار) ولا يبدو ذلك مثيراً للاهتمام للغاية في الحقيقة..
إذا يمكننا أن نتوقع بداية بطيئة و مملة لمحور ميرين الموسم القادم مع (تيريون) و (دينيريس), لربما بعض المحادثات حول الحب بين (جوراه) الأندليّ و (داريو نهاريس), يعني حاجات مملة كده… يعني المعتاد بتاع محور ميرين وخلاص..
ولا يكتمل أي حديث عن المحاور المملة دون ذكر دورنا, حيث ينطلق (جايمي) عائداً إلى بوريال برفقة (ميرسيلا) و الامير (تريستاين). إذا لم تكن قد توقعت موت (ميرسيلا) بعد تلك القبلة فأنت لم تتعلم أي شيء عن الدساسات, لكن رغم ذلك مشهدها مع (جايمي) على متن السفينة كان رائع ومن أفضل لحظات الحلقة, تقبّلها له كوالد له, أول لحظة ابوية حقيقية لـ(جايمي) وموتها بتلك الطريقة هو حتماً بداية لحرب بين اللانيستر و دورنا, أحد ما سيدفع الثمن.
وبسمّ قاتل يدفع (جاكن هغار) ثمن الروح التي أزهقتها (أريا) بمخالفتها لتعاليم الإله المتعدد الوجوه و قتل (ميرين ترانت) على الطريقة المونولوغية المعتادة في الثرونز, ونجاتها رغم أن تلك الطريقة قاتلة للغاية. وسيتعين عليها الآن أن تتدرب لتصبح ”لا أحد“ بالطريقة الصحيحة, وتتخلص من هويتها الكامنة في (أريا ستارك) كما قالت لـ(ميرين ترانت). إذن (أريا) هنا تتدرب لتصبح صائدة أرواح لا قاتلة مستأجرة؟
أظن أن الديانات جزء مهم في القصة و في الصراع الكبير, محورا (ميليساندري) و (أريا) كانا أكبر دليل على ذلك في هذه الحلقة. ما هو الدين الحقّ في ويستيروس؟ السبع؟ النور؟ المتعدد الوجوه؟ تلك الشخصيات تؤمن بأن الألهة لها دور في الأحداث, دور كبير. يعتقد الشماليون أن ألهة السبع ستنزل بالسخط على بيت (فراي) لقتلهم ضيوفاً تحت سقف بيتهم بعد أن قدمو لهم خبزاً وملحاً, لكن لم نسمع عن أي سخط. إله النور اثبت لنا قدرته عندما عاد (بيريك دونداريون) من الموت على يد (ثوروس) الميريّ, والطيف الذي ولدته (ميليساندري) الذي قتل (رينلي), لكن هل كانت العلقات الثلاثة عديمة الفائدة في الحقيقة؟ هل موت أولئك الثلاثة كان جراء تدخل بشريّ وليس إلهيّ؟ لعل عدم حدوث أي معجزة اليوم في معركة وينترفل دليل على ذلك. (ميليساندري) تقول أن ألهة السبع مضادة لإله النور, لكن المؤمنون بإله النور يقولون أن تلك مجرد أسماء للإله المتعدد الوجوه, وتروق لي هذه الفكرة لأسباب معروفة.
خلال تغطية الموسم الثالث كنت كتبت التالي:
رأينا قطع الشطرنج التي تشكل اللعبة السياسية في ويستيروس, و هي التي كانت تسيّر هذا المسلسل لحد الساعة. الآن بدأنا نرى القوى الخرافية التي تجعل صراع الملوك يبدو تافهاً و سخيفاً. لم نرَ سوى القليل, لكن المهم اننا بدأنا نراها.
(داني) ليست مجرد ”فاتحة“. إنها أم التنانين. ماذا سيكون دورها في إخماد الظلام الذي يعم ما وراء السور؟ ماذا عن (ميليساندري) و (ثوروس) –بشكل أقلّ–, بما أنهما راهبة و كاهن في ديانة إله النور, النار هو الشيء الوحيد, حسب معرفتنا, القادر على القضاء على السائرين البيض. ما دور (ستانيس) في كل هذا؟ وما رأي إله النور بذاته؟
ولا ننسى الألهة القديمة, (بران) يتجه شمالاً سعياً نحو حلمه, الغراب ذو الثلاثة أعين, أو أيكات الألهة القديمة. لربما السحر قديم و عميق و متغلغل في الشمال. لكن الشمال هو أيضاً حيث توقف الشرّ قبل ألاف السنين.
أين يكمن الخلاص؟ بأيد أي أشخاص, و أي ألهة؟
لا أزال أبحث عن الجواب, و برأيي أن نهاية المسلسل تكمن في تلك الإجابة.
(بريان) في بحثها عن الإنتقام فاتتها رؤية إشارة (سانسا). لا نعلم يقيناً ما إذا كانت قد قتلت (ستانيس) حقاً, ولماذا قد يظل (ستانيس) على قيد الحياة الآن؟ أي دور سيلعبه في القصة؟ (بريان) ستفي بوعدها للإنتقام من مقتل (رينلي), و بعد ذلك ستفي بوعدها بإنقاذ (سانسا), التي قفزت من أعلى السور بمعية (ثيون). لنكن واضحين منذ الآن, لن أصدق نجاة أي منهما بدون أية خدوش, لابد على الأقل أن تكسر رجل أحدهما أو يموت أحدهما. الآن هل ستنقذها (بريان)؟ وإلى أين سيذهبون حيث لا يستطيع (رامسي) أن يجدهم؟ وما تأثير تلك القفزة على خطط الخنصر؟ الكثير من الأسئلة هنا, سيكون محوراً مثيراً للاهتمام الموسم المقبل.
مسكينة (سيرسي), فقدت إبنها و ابنتها عن طريق سم قاتل, لكن يسمح لها بالعودة إلى (تومين) مقابل أن تكفّر عن أثامها عن طريق مشية العار.
هذه المشاهد هي التي تجعلك تدرك أن هذا العالم هو في الواقع ليس أبيضاً و أسود, أنه لا يوجد فقط شرّ مطلق و خير مطلق, هناك نوع من الرماديّ. رغم كرهنا الشديد لـ(سيرسي), فإنه يصعب عليك الشعور بأي شيء غير التعاطف معها وهي تُشتم و يبصق عليها و ترمى عليها كل أنواع الأزبال.
لا أصدق أن تلك هي الملكة, إنها مترهلة كأمي!
هذا ما قاله أحد المتفرجين عندما مرت (سيرسي) أمامه في الروايات. في البداية حاولت (سيرسي) أن ترفع رأسها و أن تتجاهل كل ذلك, لكنها اكتشفت مدى صعوبة ذلك. ويجب علينا تهنأة (لينا هيدي) على أداءها الرائع لهذه الشخصية, ليس في هذا المشهد وحسب بل في كل معظم المشاهد, لكن أداءها في هذا المشهد يستحق التصفيق. إن جرأتها لوحدها لأداء هذا المشهد تستحق التصفيق. في ذلك المشهد رأينا جسد (سيرسي) العاري, لكن ما رأيناه حقاً هو إنسانيتها, لقد رأينا إنسانية (سيرسي) عارية خالية من كل زيف. رأينا المرأة التي تحب أبناءها حباً جماً, المرأة التي تعرضت للاعتداء الجنسيّ من طرف (روبرت براثيون), رأينا الوجه الحقيقيّ الذي يختفي خلف تلك الواجهة الصلبة. قال السبتون أنها تحاكم لارتكابها علاقات محرمة مع (لانسل), لكن في عين الشعب هي تحاكم لأجل علاقتها مع أخيها (جايمي).
أنا (سيرسي) إبنة قلعة الصخر, و الشعر ينمو من جديد
قالت هذه العبارة في الرواية عند نهاية المسيرة, مؤكدة عزمها على الانتقام. لكن (سيرسي) في المسلسل لم تقلها, وبدت وكأنها تائبة نادمة حقاً. بعودة عمها (كيفان) إلى العاصمة و احتلاله منصب ساعد الملك, أصبحت (سيرسي) الأن ضعيفة على كل الأصعدة, لكن قبل العودة للسلطة لا يزال هناك أمر محاكمتها, وكذا محاكمة (لوراس) و (مارجري). هل ستقضي على طائفة الدوريّ قبل أن تحدث أية محاكمة؟ كيف ستكون ردة فعل (تومين)؟ (جايمي)؟ كيف ستكون ردة فعلها عندما تسمع بمقتل (ميرسيلا)؟
شخصية مثيرة للاهتمام ظهرت بنهاية ذلك المشهد, العضو الجديد المنضمّ إلى حرس الليل. النظريات تقول أنه هو الجبل, تم إعادة إحياءه عن طريق (كايبورن), والذي سيكون له دور في ما يسمى بـCleganeBowl. كما قلت, أنا لا أناقش النظريات وأذكرها فقط للمهتمين بتلك الأمور والذين يحبون القراءة عن تلك الامور. لكن من فضلك, إذا كنت من محبي النظريات لا تذهب وتتكلم عنها وكأنها حقائق في إنتظار الحدوث, ذلك يزعجني للغاية, إذ لا أشتري ورقة يناصيب و أفرح بها وكأنني فزت بالفعل.
قبل أن أنهي تغطية هذا الموسم, لدي بضعة كلمات أقولها عن التغطية و عن تعليقاتكم في تغطية الحلقتين السابقتين, تجدونها في صندوق التعليقات أسفله. شكراً على متابعتكم و وفائكم, نراكم الموسم القادم إن شاء الرحمن.
التقييم النهائيّ
الحلقة: | الموسم 6 تموت كل الشخصيات, الموسم 7 يموت الجمهور | |
9 / 10 | هذه الحلقة كانت مميزة للغاية بكل محاورها. موت تلك الشخصيات كان متوقع ولا دور له في تقييمي هذا. الحلقة كانت مثالية من ناحية توزيع الوقت بين المحاور و ربطها, الاخراج كان جيد و الكتابة كذلك, التمثيل كان كالمعتاد, لكن كان هناك شيء سحريّ حول الحلقة لا أعلم ماهو بالظبط الآن وهو ما جعلني أعجب بها. وهلأ لوين؟ إلى جزر بني حديد على ما أمل, إلى (بران) وعين الغراب وأطفال الغابة, إلى إنتقام (جايمي) و (سيرسي), إلى (تيريون) على العرش لمدة قصيرة قبل الانطلاق لويستيروس, إلى (سانسا) أمنة سليمة, إلى... المجهول. غريب هذا الشعور, أن لا أعرف ما الذي سيحدث حقاً, ما يعني أن كل شيء وارد الحدوث وأن أي شخص سيحرق علي المسلسل سأشتمه إلى يوم الدين. |