لا يمر موسم واحد من غيم أوف ثرونز بدون مشهد صادم, وأنا هنا لا أتحدث فقط عن موت شخصيات رئيسية بطرق بشعة وغير عادلة, لقد شاهدنا (ثيون) وهو يتم تعذيبه و إخصاءه, شاهدنا (سيرسي) تغتصب من طرف أخيها (جايمي), رأينا ما صار بـ(روز) على يد (جوفري)… للمثال لا الحصر, لذلك لا يجب علينا أن نتفاجئ اليوم من مشهد إغتصاب (سانسا) في ليلة دخلتها.

في المرة الماضية تحدثت عن سير القصة البطيء/السريع (على حسب وجهة نظرك سيدي المشاهد), وبعد التفكير و الإمعان في ذلك, فإنه يبدو أن لترك اللانيسترز لمكانهم المعتاد في القصة كالأشرار الرئيسيين قد أدى بشكل أو أخر إلى هذه النتيجة. نعم, (رامسي) و (روز بولتون) أخذوا مكانهم الآن, لكنهم ليسو أقوياء بقدر اللانيسترز, فيبدو تأثيرهم ضعيفاً بالمقارنة.

ومع تبقي 4 حلقات فقط, أبدى بعض المشاهدين تخوّفهم من هذا الموسم ومن نقص المفاجئات فيه, لكنني أعدكم أنه لا يزال هناك الكثير من المفاجئات تنتظر أن تحدث وحسب, لمتابعي المسلسل وقراء الروايات على حد سواء. لذلك لنتحدث عن هذه الحلقة ونتركها وراءنا تطلعاً للأحداث التي ستترتب عنها, بدءاً بـ…

وينترهِل

أقول ”وينترهِل“ وليس ”وينترفل“ (نقلاً عن فطيرة ساخنة), لأنها حقاً جحيم. جحيم متجمد.

إذا, لقد إغتصب (رامسي) براءة (سانسا) أمام أعين (ثيون). هل هذا مشهد صادم؟ لنجيب عن هذا السؤال يجب أن نسأل أنفسنا أولاً: هل هذا مفاجئ؟

أي شخص يعرف (رامسي) تمام المعرفة لن يفاجئ حقاً بهذا المشهد. ماذا توقعتم أن يحدث مثلاً؟ أن يتحول مثلاً إلى مكدريمي بعد زواجه منها؟ ولو إفترضنا أنه لم يغتصبها, أو يعذبها, أو أن يفعل أي شيء لا يفعله مكدريمي, هل كان ليكون هذا وفياً لهذه القصة؟ هل هذه هي طريقة ”غيم أوف ثرونز“ التي عرفناها طوال أربعة مواسم ونصف؟

ليس حقاً.

الإنتقاد الوحيد لذلك المشهد هو أن مشاهد الإغتصاب أصبحت أقرب لكليشيه في المسلسل, إذ يبدو أن كل ما تتعرض له الشخصيات الأنثوية في القصة هو الإغتصاب أو محاولة الإغتصاب أو القتل بوحشية. لكن هذا هو عالم ويستيروس, عالم غير رحيم بالنساء.

لكن إذا ما تجاوزنا هذا الحوار العقيم حول الإغتصاب, ونظرنا بإمعان إلى تبعاته, فسيمكن لنا أن نرى أن هذا المشهد من شأنه أن يؤثر على شخصيات كثيرة, بداية بـ(سانسا) و (ثيون), مروراً بـ(بريان) و (بودريك), ولربما حتى (جون سنو) بذاته.

عندما أقول (جون سنو) فكلامي هذا ليس له علاقة بالكتب, في الكتب (سانسا) بعيدة عن كل هذا و التعذيب كله يطال المسكينة (جاين), لكن حتماً إغتصاب أختك أمر من شأنه جعلك تعيد التفكير في مدى تشبثك بنذورك؟

بالحديث عن النذور, (بريان) لا تزال مصرّة على الإيفاء بوعدها لـ(كاتلين), و لربما سيصل إلى مسامعها خبر ما حصل لـ(سانسا), و سيكون هذا هو دافعها إلى التدخل بسرعة وإنقاذ (سانسا) قبل أن يطالها المزيد من التعذيب. لكن هل سيصلها الخبر؟ وكيف سيصلها؟ هل ستتمكن من فعل أي شيء؟ هل سيساعدها أحد؟ هل ستنجح؟ هل ستنجو (سانسا) من محاولة الإنقاذ هذه (إن حدثت)؟ هل ستنجو (بريان)؟ ماذا عن (بودريك) المسكين؟ أسئلة كثيرة, ونحن موعودون بأجوبة عنها كلها.

ثم (ثيون), أقول (ثيون) وليس (ريك) إذ أنني أشك أن ما شهدته عيناه في هذه الحلقة من شأنه أن يؤثر فيه بشكل عميق. شخصية (ثيون) بالنسبة لي ضاعت ولا يمكن لها أن تكفر عن ذنوبها, إذ أنه حتى بعد كل ذلك التعذيب على يد (رامسي) فإنه من الصعب أن نغفر له ما فعله بوينترفل. لكن السؤال الآن. هل أثر فيه حقاً ما رأه؟ هل سيحاول مساعدة (سانسا)؟ هل سيتحرر أخيراً من قيود (رامسي) و يسترجع ولو القليل من الرجل الذي كانه؟

لكن التأثير الأكبر لهذا المشهد سيكون على (سانسا) حتماً. يجب أن لا ننسى أن (سيرسي) هي الاخرى انتهكت جنسياً من طرف (روبرت براثيون), ولربما مثل هذا الحدث الذي سيجردها من براءتها كلياً, هو الحدث الذي سيكون له التأثير الأكبر على شخصيتها, إذا ما افترضنا أن مسار شخصيتها في القصة يؤدي إلى تحولها إلى امرأة قوية و قائدة للشمال.

صحيح أنه من المؤلم مشاهدة (سانسا) و هي تلعب دور (جاين) أمام عينيّ, ومما قرأته من أنواع التعذيب الذي ألحقه (رامسي) بها في الروايات فأنا لا أتمنى أن لا تتعرض (سانسا) لنفس المصير, إذ أن هذا الإغتصاب بالمقارنة مع كل ما لحق بـ(جاين) على يد (رامسي) ليس سوى فيض من غيض, (رامسي) فعل ما هو أسوء بذلك بكثير.

الكل في الكل, المشهد عاديّ و يتبع إيديولوجيات ”غيم أوف ثرونز“ التي تعودنا عليها, وقد يكون بداية تحوّل (سانسا) من بيدق في لعبة عروش إلى لاعب للعبة.

بوريال

بالحديث عن اللعبة, أتسائل ما إذا كان الخنصر يعرف مسبقاً ما كان سيحصل لـ(سانسا)؟ أنا شخصياً لا أطيقه, شخصيته ذكية و مكارة لكنها منعدمة الضمير, شيء ضروريّ عندما تلعب لعبة عروش, وعندما نمعن في الأمر, فإن الخنصر كان وراء كل المصائب التي حلّت بالستارك, إذ لعب دوراً رئيسياً في إعدام (نيد ستارك), الأمر الذي أدى إلى سعي (روب) إلى الإنتقام لمقتل أبيه, الأمر الذي أدى إلى مقتله هو والدته, بدون أن ننسى تسببه في تشريد (أريا) و البؤس الذي عاشته بعد موت عائلتها.

ما الذي يبحث عنه الخنصر من وراء كل هذا؟ الجلوس على العرش؟ الغنى؟ الفوضى؟ نعلم أنه يطمح لحكم الشمال لحد الساعة. لقد تلاعب بكل الأطراف, و أقنع (سيرسي) أن البولتون ليسو سوى خونة مستدلاً بزواج (رامسي) بـ(سانسا), مستخدماً هذه الأخيرة ككبش فداء.

هذا المنصب, بجانب منصبه الحاليّ كحاكم للشرق, يجعله — على الورق — من بين أقوى الشخصيات سلطة في ويستيروس لحد الساعة, إن لم يكن أقواهم. حتى مع وجود الكثير من المتغيرات في الصراع — ولاء قبائل وادي (آرين له, صراع (ستانيس) و (بولتون) — فإنه يستطيع أن يخرج غانماً مهما كانت النتيجة.

لكن هذا فقط عندما يتعلق الأمر بوصوله لمنصب حاكم الشمال, إذا كان ينوي أن يصبح ملك ويستيروس, فإن هناك متغيرات أكثر و أكبر بكثير تنتظره, بداية بالمعمعة التي خلقتها (سيرسي) في بوريال عندما أعطت داعش ويستيروس قوة لا يستهان بها..

وأظن أنني أقلل من سلطة الدوريّ الأعلى, قائد المتطرفين, عندما أقول ”قوة لا يستهان بها“ وحسب, إذ أن الرجل برهن لنا للتوّ أن لديه سلطة أقوى من سلطة الملك, الأمر الذي يجعله نظرياً أقوى رجل سلطة في ويستيروس, حتما أقوى من (سيرسي) نفسها..

لم ينتج عن قرارها الغبيّ هذا إعتقال (لوراس) وحسب, بل إعتقال الملكة (مارجري) كذلك. وبعودة الحيزبون (أولينا) إلى بوريال, لا يمكن أن نتوقع أن يمر هذا مرور الكرام. لقد هددت (سيرسي) بقطع علاقات علارياض (Highgarden) للعرش, الأمر الذي سينتج عنه وقف المعونة التي اعتمد عليها العرش لوقت طويل, وهذا التهديد يبدو أنه لم يعط مفعوله مع (سيرسي).

لكن هذا حدث قبل إعتقال ”مستقبل علارياض“ على حد تعبيرها. الآن؟ لا ننسى أنه في أخر مرة تم إغضاب ملكة الأشواك مات أحد أبناء (سيرسي) موتة بشعة للغاية (حدث أخر كانت ”سانسا“ مجرد بيدق فيه). الأمر الذي يعني أن أياً ما ستفعله (أولينا) تالياً قد لا يكون في مخطط (بايليش) للسيطرة على العالم… لكن لا تعلم أبداً, لننتظر ونرى…

دورنا

دورنا أيضاً من شأنها أن يكون لها تأثير, سلبي أو إيجابيّ, على خطة الخنصر العظمى للسيطرة على العالم.

يصل ذابح الملك و (برون) أخيراً إلى حدائق الماء, حيث يجدون (ميرسيلا) واقعة في غرام (تريستان مارتيل), إبن الأمير (دوران). يصادف وقت وصولهما لحظة محاولة الدساسات لإختطاف (ميرسيلا), توقيت هوليووديّ من المخرج 😓, ورغم أنهن ينجحن في إختطافها, لكن يفشلن في تهريبها بفضل تدخل (أريو هوتا), في الوقت المناسب هو الأخر 😓, وإحباطه لمخططهم الجهنمي.

سأعفيكم من المقارنة المعتادة بين الكتب و المسلسل, وسأكتفي بالقول أنه تم قصّ الكثير في محور دورنا وأنه نتيجة لهذا القص تم طمر محور كامل من الكتب في حلقة واحدة فقط. لم نفقد الكثير في هذا القص, سوى بعض التخطيطات الجهنمية و مفاجئة سارة, وبدلاً عن ذلك حصلنا على بعض النكات من (برون). لنحمد الله على (برون) وحسه الكوميديّ العالي و غناءه الممتع.

يتم إعتقال (جايمي) و (برون) و الدساسات, ما الذي سيحدث لهم؟ ما الذي سيحدث تالياً في دورنا؟

يستبعد أن يكون الأمير (دوران) متواطئاً مع الخنصر, ولهذا فإن دورنا هي الأخرى تظل قطعة مجهولة في مخطط الخنصر للسيطرة على العالم. العنكبوت (فاريس), من جهة أخرى, على النقيض تماماً من (بايليش) عندما يتعلق الأمر بدورنا, لكننا لم نره منذ تم إختطاف (تيريون) على يد (جوراه), لكننا نعرف أنه هو الاخر يتمتع بنفوذ كبير في ويستيروس وهو الأخر لديه مخطط معين برأسه.

بالحديث عن (جوراه) و يده..

فولانتيس

لم يصل (تيريون) و (جوراه) بعد إلى نقطة تفاهم, إذ لا يزالان يتناقشان حول خططهما بينما يتناولان التوت البريّ, لكن إنعدام التفاهم هذا يصل إلى مرحلة البوح الصادق, حيث يتحدث (تيريون) عن قتله لأبيه و فراره من بوريال و, بغير قصد, يفاجئ (جوراه) بخبر وفاة أبيه على يد متمردي حرس الليل, خبر يبدو أنه أثر في نفس (جوراه).

يدخل الإثنان بعد ذلك في نقاش حول مقدرة (دينيريس) على الحكم, حيث يلخص (جوراه) إيمانه بـ(دينيريس) في ”غناء التنانين“, و الذي قد يبدو كمزحة لكنه شيء حقيقيّ ومؤسف (لا أعلم ما الأسوء, هل قوله ”غناء التنانين“ أو لو أنه قال ”نهديّ دينيريس“؟), لكن قبل أن يسخر (تيريون) من عباطة ما خرج للتو من فم (جوراه), يتم إختطافهم من طرف السيد (إيكو), الذي نعرفه جميعاً من ”لوست“. كان الإثنان على وشك أن يصبحا عبداً للسفن و قضيب قزم للبيع, إلا أن (تيريون) بفطنته المعهودة أقنع النخاسين أن (جوراه) مقاتل عتيد ذو صولات وجولات يجب أن يستفيدو من قدراته في ميرين… حيث توجد (دينيريس).

لنعد للحديث عن (فاريس), هو أيضاً يلعب لعبة عروش, لكنه على عكس الخنصر يلعبها من خلف الستار ولا يظهر نفسه كثيراً. لكن السؤال, هل يتشارك نفس الأهداف هو و (بايليش)؟ نعلم أنهما لا يعملان معاً, لكن هل هما أعداء؟ نعرف أن (فاريس) يريد أن تجلس (دينيريس) على العرش, أين يكون الخنصر في هذه الحالة؟ هل الخنصر ينتظر فقط أن يتبين الفائز في لعبة عروش لكي ينحاز له و ينظم لفريقه؟ هذه أسئلة أكبر بكثير من الأسئلة السابقة, وقد تكون إجابتها هي نهاية المسلسل, لكنها أفكار وجب أن أطرحها هنا.

حمداً لله لم نر (دينيريس) في هذه الحلقة, لكننا رأينا الكثير من (أريا)…

برافوس

لربما (أريا) لا تستطيع أن تصبح ”لا أحد“, لكنها تستطيع أن تصبح ”شخصاً أخر“, هذه ما قاله لها (جاكن هغار) عندما كان الإثنان يقفان في ساحة الوجوه, لكن لديه سؤال واحد: هل هي مستعدة؟

لربما من هنا ستبدأ رحلة (أريا) للإنتقام, لتبدأ بشطب الأسماء من على قائمتها تلك. وعلى ذكر القائمة, إن الخنصر يجب أن يكون على رأس تلك القائمة. لربما ستكتشف ذلك مستقبلاً و تنتقم منه, وتغرز ”الجانب المدبب“ في قلبه.

هذا ما أمله و أتمناه, لكن غيم أوف ثرونز علمنا ان الأمنيات نادراً ما تتحقق..

برومو الحلقة القادمة

بدأت تهب رياح الشتاء…