غيم اوف ثرونز, الموسم 5 الحلقة 1: قارئة الفنجان

إنتهى فصل الشتاء منذ أسابيع قليلة و حل فصل الربيع, لكن في عالم غيم أوف ثرونز الشتاء لم يبدأ بعد, لكنه قادم. ”الشتاء قادم“, جملة مرعبة سمعناها و بثت فينا الرعب منذ أول حلقة (ومنذ أول كتاب, لمن قرأوا الكتب قبل المسلسل), كغيمة تحوم فوق رؤوس شخصياتنا المفضلة و تهددها.

ننطلق مجدداً في هذه المغامرة لسنة أخرى, وأنا هنا موجود لأذكركم أن الروايات أحسن من المسلسل 🙂 . لأنه وبصراحة, إذا لم أفعل ذلك, من سيفعل؟ 🙂

هذا الموسم سيكون له دور مهم جداً في القصة ككل, لأنه من هنا يبدأ التفرع الحقيقي للمسلسل عن الروايات, حيث وصلت بعض محاور المسلسل إلى أماكن لم تصل لها بعد في الروايات, وبقية المحاور ستلحق بها قريباً, فمن هذا الموسم يبدأ البناء و القص و التعديل و الإبداع الحقيقي الذي سيظهر معدن D&D (منتجا المسلسل), و سيمكننا من معرفة قدراتهما الحقيقية ككاتبين و كمنتجين للمسلسل, وبصراحة رغم كل ما قلته فيهما من سب و شتم 🙂 إلا أنني متحمس حقاً لرؤية ما بجعبتهما.

بوريال

Game of Thrones 501 (5)

الشتاء قادم, لكن الشمس ساطعة في بوريال/أراضي التاج/العاصمة (حسب مترجمك المفضل 🙂 ), لكن تسطع بدرجة أقل داخل سباعية بيلور العظمى حيث مُدّت جثة (تايوين) كبير اللانيسترز (أو ”تايوان“, حسب بعض الناس 🙂 ), الذي حتى وهو ميّت يرعبنا بجفنيه المرسوم فوقهما عينان تحدقان للسماء.

لكن قبل ذلك بقليل, رأينا شيئاً من النادر رؤيته في غيم اوف ثرونز: مشهد فلاش باك. (سيرسي) الصغيرة (برفقة ما نفترض أنها ”ميلارا هيثرسبون“, والتي لها قصة اخرى مرتبطة بسيرسي ليس مكانها هنا) وهي تدخل بدون إستئذان خيمة ”(ماغي) الضفدع“ وتتصرف معها بتعالي على طريقة (سيرسي) المعتادة, نفهم من هذا أن سفالة (سيرسي) ليست وليدة اللحظة و إنما جزء لا يتجزأ من شخصيتها. تطلب (سيرسي) من (ماغي) التنبؤ بمستقبلها, السؤال الأول: ”متى سأتزوج الأمير؟“ والأمير هنا إشارة إلى إبن الملك المجنون الأكبر المدعو (ريغار تارغيريان), فتجيبها أنها ستتزوج من الملك, الذي نعرف مسبقاً أنه (روبرت براثيون). السؤال الثاني: ”هل سأكون ملكة؟“, تجيبها قائلة بأنها ستكون كذلك, إلى أن تأتي واخدة أصغر منها و أكثر جمالاً و تقضي عليها, هذه المرأة الغامضة قد تكون أي امرأة في الصراع الآن: (مارجري), (سانسا), (دينيريس) أو حتى ابنتها (ميرسيلا), الأمر الذي يفسر عداوة (سيرسي) تجاه (مارجري تيريل). السؤال الثالث: ”هل سأرزق أنا و الملك بأطفال؟“, فتجيبها قائلة بأنها سترزق بثلاثة و الملك بـ20, نعرف معنى هذين الرقمين المنفصلين سلفاً, ”ذهبٌ تاجهم و ذهبٌ كفنهم“, رحل (جوفري) و يبقى إثنان. هناك جزئية منقوصة من الروايات هنا ولها نظريات كثيرة, و التي قد تفسر علاقة كره أخرى من علاقات (سيرسي), اللي هي نظرية الـValonqar. واللي هي أيضاً من الجمل المشهورة من الروايات (بجانب الجملة التي قالتها سيرسي في تلك اللحظة ”تبوّلي على تنبؤاتك أيتها الشمطاء 🙂 ”), لكن مع اقتطاع جمل أكثر إثارة و أهمية الواحد صار متعود.

كلما تحققت واحدة من هذه التنبؤات يزداد قلق (سيرسي), وهذا يفسر شخصيتها الشكّاكة و المذعورة. في داخل السباعية يقف (جايمي) في حداد على أبيه, تدخل (سيرسي) المجروحة من وفاة أبيها و تقطع (جايمي) إرباً إرباً, وتغور جروح الذنب التي يتملكه, ”لقد قتله عن عزم, بينما أنت قتلته بالخطأ.“

لنتحدث عن شيء مهم هنا, المسلسل ينجح في إعطاء جانب إنسانيّ لشخصية تبدو لنا غالب الوقت أنها شرّ مطلق, (سيرسي) بشرية كأي أحد أخر, ولها جانبها الإنسانيّ. نفس الأمر مع (جايمي) الذي بدأ يكسب تعاطف شريحة كبيرة من المشاهدين الذين يتمنون إنتصار جانبه الطيّب على جانبه السيء, و هو صراع لا يزال (جايمي) يخوضه لحد الساعة.

الجنازة تقتل (سيرسي) من الضجر, التي في محاولتها للتهّرب من (لوراس) تلتقي بشخص غير متوقع, الذي يتضح أنه (لانسل) بعد التوبة 🙂 . في حوار شخصيّ بين الإثنين, يطلب هذا الأخير منها السماح على ”علاقاتهما الغير طبيعية“ (و التي يبدو كشيء قد تتفوه به ”جونيث بالترو“ 🙂 ), ثم بعد ذلك يلمح (لانسيل) أنه من المحتمل أن (سيرسي) لعبت دوراً في وفاة زوجها (روبرت براثيون) في رحلة الصيد تلك, مستعينة بـ(لانسل) عن طريق ”تسكير“ (روبرت) لدرجة عدم قدرته على إصابة خنزير بريّ, الأمر الذي أدى به إلى حتفه. (لانسل) كما رأينا أصبح من ضمن طائفة ”الدوري“ (ماهو جمع ”دوري“؟ ”دوارى“؟), و الذين هم من أفقر المؤمنين بديانة السبع, و الذين اختاروا لأنفسهم هذا الإسم لأن عصفور الدوري هو أحد أكثر العصافير إنتشاراً في المملكة. لو كان (تايوين) على قيد الحياة لكان قد قضى على هذه الطائفة من الوجود, و سنعرف السبب لاحقاً.

Game of Thrones 501 (6)

لا يبدو أن تجاهل (سيرسي) له يزعجه, إذ شاهدنا (لوراس) وهو في جلسة حميمية مع عشيقه (أوليفار) وهما يلعبان لعبة ”ماذا تشبه هذه الوحمة؟“, يتضح أنها تشبه ”دورنا“, و نقول للكتاب أنه هناك طرق أفضل لتذكيرنا بدورنا و جغرافية دورنا غير هذا. تدخل (مارجري) عليهما بلا استئذان, وين الأدب يا خويتي؟ وداخلة كذا عشان جوعانة يا ستي؟ يبدو كشيء من دعاية لسنيكرز, لكنها ويستيروس وحسب. بعد طرد (أوليفار) من الغرفة, تعاتب (مارجري) أخاها على طيشه, الذي يبدو أنه لم يعد يتكرث لمن يقول عنه شاذاً بعد موت (تايوين), الوفاة التي خلّصته من زواجه بـ(سيرسي), الأمر الذي يغيض (مارجري), لا يخفي (لوراس) سعادته بذلك و يتبجح به إلى أخته, مذكراً إياها أن (سيرسي) ستبقى في بوريال لتتفقد كل حركة تفعلها, الأمر الذي تجيب عليه (مارجري) بحواب غامض يوحي بأنها تخطط لشيء ما. ما الذي تخطط له امرأة كـ(مارجري) عديمة القوة في هذه المدينة؟ وهل يتعلق الأمر بها أم بـ(سيرسي)؟

بينتوس & ميرين

Game of Thrones 501 (1)

الشتاء قادم, لكن أهل ميرين لا يعرفون ذلك. مدينة النخّاسين التي احتلتها (دينيريس) متقدة كعادتها, بحرارة الشمس و بحرارة الدم الذي يغلي في دماء أبناء الخطاف (Sons of the Harpy) الجماعة الإرهابية (أو الثورية, حسب ميولك في القصة) التي تقتل جيوش الطاهرين واحداً بواحد.

(دينيريس) تواجه 3 مشاكل (على الأقل) هنا, تنانيها التي تعجز عن سيطرتها و أحدها مفقود, و أبناء الخطاف يقتلون جنود الطاهرين في مواخير العطف و الحنان و يظهرون لنا الوجه المتوحش المُقَنَّع للنظام السابق, و يونكاي تطالب بعودة حُفر القتال. في بداية الحلقة رأينا أحد أفضل المشاهد البصرية في المسلسل التي أظهرت إسقاط تمثال الخطاف رمز المدينة من على الهرم, شيء جميل, ثم بعد ذلك في وقت لاحق من الحلقة رأينا (دينيريس) في مشهد بعد جلسة جماع وهي تمسك بالشرشف فوق صدرها, و هو أمر سخيف: أولاً, لقد رأينا كل شيء سلفاً, ثانياً, لا أحد يفعل ذلك في الحقيقة, ثالثاً, لم يعد أحد يهتم حقاً. في ذلك المشهد يقوم (داريو نهاريس) بنقاش مقنع جداً حول إعادة فتح حفر القتال, و (دينيريس) بعنادها ترفض الاستماع.

لكنها بقدر عنادها سهل التلاعب بها, بعد كلمتين بسيطتين من (داريو) حول كونها أم التنانين بلا تنانين, تقوم بزيارة 3 ملايين الدولارات من المؤثرات البصرية التنانين, وتثبت مرة أخرى عجزها عن السيطرة عن أي شيء حالياً: المدن التي احتلتها, المدينة التي تحكمها, وحتى تنانينها الغالية.

على ذكر المشاهد الغير ضرورية, لا يزال D&D يحاولان صناعة شيء من لاشيء بين (دودة رمادية) و (ميساندي), هذه الأخيرة قامت بزيارته بلا سبب لتسأله عن سبب ارتياد الطاهرين للمواخير, المشهد المقابل لسؤال فتاة ما — في فيلم شبابيّ حول المدرسة الثانوية — لشاب ما سؤالاً حول كرة القدم أو أي شيء لا حاجة لها بأن تسأل عنه. لربما كانت تود أن تعرف هل يخونها (دودة رمادية) عاطفياً مع إحدى المومسات؟ 🙂

Game of Thrones 501 (2)

زعبوب في صندوق. شخصيتنا المفضلة في المسلسل عاشت الجحيم محبوسة في صندوق. الآن, لا أعلم ما المضحك أكثر, هل تغوّط (تيريون) في الصندوق أم إضطرار (فاريس) للتخلص من الغائط؟ 🙂

وكأن هذا ليس مضحكاً كفاية, يقوم (تيريون) أول شيء بعد الخروج من الصندوق باحتساء النبيذ, الذي يتقيأه على الفور, ثم يشرب مرة أخرى. لا تتغير أبداً يا تيريون.

(تيريون), بلحيته الرائعة تلك, يبدو عليه الأسى على قتل أبيه و عشيقته, ذلك الألم يتجلى في قوله ”المستقبل مريع, كالماضي“, (تيريون) في حالته تلك لم يكن في مزاج مناسب ليستمع إلى وعظ (فاريس) حول مصلحة ويستيروس. لكن يعيد العنكبوت الكرة في وقت لاحق, متحدثاً عن الملك المناسب, ”الأشد من (تومين) و الأنعم من (ستانيس)“, الأمر الذي يبدو أنه أثار إهتمام (تيريون), خصوصاً عندما أشار (فاريس) لجزئية أنه قد لا يكون ذكراً, لكن كعادة (تيريون), هناك دائما شروط: ”هل يمكنني أن أثمل حتى الموت في الطريق إلى ميرين؟“

هذا محور مثير للإهتمام, لأن الأمور حدثت بشكل مختلف في الروايات, القصر الذي رأينا فيه (تيريون) هو قصر (إليريو موباتيس), وإن بدى لك هذا الإسم مألوفاً لأنه إسم الرجل الذي ”سَمسَرَ“ زفاف (دينيريس) بالكال (دروغو), وهو من كبار الداعمين للقضية التارغيرية, لكننا لا نرى (إليريو) في المسلسل, و المحور كله يبدو أنه مختلف كلياً, و الطريق من ”بينتوس“ إلى ”ميرين“ طويل و وعر (يقارب المسافة مابين دورنا و وينترفل), وهذه مغامرة مثيرة لقراء الرواية و المشاهدين على حد سواء.

الشمال

Game of Thrones 501 (4)

الشتاء قادم, و يبدو أن المكان الوحيد الذي يدرك فيه الناس واقع ذلك هو السور. حيث يستضيف (جون سنو) وحرس الليل (ستانيس براثيون) و جيشه و حاشيته بالإضافة إلى الهمج. وحتى في هذه البقعة المتجمدة من ويستيروس, لا يستطيع الشتاء ان يمس المرأة الحمراء (ميليساندري), لأن نور إله النور يشع بداخلها.

في سوداء القلعة يقوم (جون) بتعليم (أولي), الفتى الذي قتل عشيقته, المسايفة, ونلقي نظرة سريعة على (سام) السمين قاتل السائرين و الثين وعشيقته (غيلي) التي تبدي تخوّفها من مصيرها و (سام) يؤكدها أنه سيفعل كل ما باستطاعته لحمايتها. درس المسايفة يتوقف عندما تظهر الراهبة (ميليساندري) خلفهما, مستدعية (جون) إلى حضرة الملك الحق (ستانيس). في المصعد..

لحظة, لنتكلم عن المصعد..

Game of Thrones 501 (7)

في هذا العالم الفنتازي هناك الكثير من النظريات, الكثير من الأحلام, الكثير من التنبؤات… لكن الأمر الذي يحيّرني فوق كل شيء وبلا تفسير حقيقي له هو هذا المصعد. كيف يعمل حقاً؟ في الحلقات الأولى من المسلسل نرى أحد حرس الليل يقوم بدفع عجلة معينة, لكن في الموسم الماضي قام (أولي) بتشغيل المصعد عن طريق عتلة, يعني الموازي الويستروسيّ لزرّ المصعد, مما يعني وجود وزن مضاد يقوم برفع المصعد!

لمن لديه تفسير منطقي يقولنا..

لنعد للمصعد, تقوم (ميليساندري) بغرابتها وصراحتها المعتادة بسؤال (جون) عن بتوليّته, وعندما ينفي (جون) ذلك, تجيب قائلة ”جيّد“, هل نحن على موعد مع لقاء حميميّ بين هذين الإثنين؟ غريب. لربما لدى (جون) شيء مع الصهباوات؟

بأعلى السور يعلن (ستانيس) عن خطته لإستعادة ”وينترفل“ لـ(جون), المشكلة؟ يريد مساعدة من الهمج, و قائد الهمج (مانس ريدر) يرفض ذلك جملة وتفصيلاً, فيتوجب على (جون) إقناعه بقبول عرض (ستانيس) العادل جداً أو الموت محروقاً. ويبدو أن النبالة في ويستيروس لا تتضمن دروساً في الديبلوماسية, إذ أن محاولات (جون) في إقناع (مانس) بائت بالفشل, رغم أن العرض مغري ورفضه جنون حقاً. هل كان (بولتون) ليعرض على الهمج أرضاً يعيشون فيها؟ لا أظن أن (مانس) كان ليحصل على شخص متفهم و عادل أكثر من (ستانيس), لكنه رفض رغم ذلك.

وهوب يالا بينا إلى المشواة, يتمنى (مانس) لـ(ستانيس) الحظ ”في الحروب القادمة“, (ميليساندري) تقوم بخطبة أقصر بقليل من خطبة الجمعة, و تضرم النار في جسد ملك-ما-خلف-السور. المشهد مروّع للجميع, خصوصاً لـ(مانس) الذي لا يريد الصراخ أمام قومه, و الذي تبادل نظرات مع (تورموند) و التي قد يكون لها معنى ما نجهله. وفي وسط كل هذا, الثائر بلا قضية, (جون) إبن (نيد) ينهي معاناة (مانس) بسهم في القلب, أمر من شأنه أن يضعه في موقف صعب أمام (ستانيس) الصارم.

وادي أرين

Game of Thrones 501 (3)

نلقي نظرة سريعة على (سانسا) و الخنصر (بايليش), اللذان يشاهدان (روبين) الصغير الذي تم تدليله طوال حياته و هو يعجز عن تصويب سيف بالطريقة الصحيحة, والذي — على حد قول اللورد (رويس) — ”يضرب بالسيف كفتاة كسيحة“. بعد أن تصل رسالة سرية إلى الخنصر, يرحل برفقة (سانسا) إلى ”مكان بعيد لدرجة أن (سيرسي) ستعجز عن إيجادك“, و الذي يجب أن يكون شعاراً ما لوكالة سفر في الحقيقة. إذا كان (بايليش) غير ذاهب إلى ”الأصابع“ (مسقط رأسه), إلى أين إذاً؟

غير بعيد عن هذين الإثنين نجد (بريان) المحبطة بعد فقدانها لـ(أريا) و قتالها للدموم. فقدانها للحسّ بالغاية جعلها تفرغ غضبها على المسكين (بودريك), إذا كان هذا الثنائي سيعوّض (أريا) و الدموم, فيجب عليهم إمتاعنا أكثر من هذا, بلاها من هالغم يا (بريان), فاهمة؟

برومو الحلقة القادمة

التقييم النهائيّ

الحلقة: حلقة ممتعة بصرياً, بناء بهدوء و روية لباقي الحلقات
8 / 10 لا داعي لتكرار الكلام الذي نقوله كل سنة عن الحلقة الإفتتاحية, إنها حلقة تذكيرية بالمكان الذي وصلنا إليه في القصة, وتجهزنا لما سيأتي مستقبلاً. حرق (مانس ريدر) يفترض أنه النقطة الأبرز في الحلقة, لكننا لم نكن مرتبطين به جداً ليكون لمقتله ذلك التأثير. في الحلقة القادمة نتعرف على الشخصيات الجديدة.