قدمت الاعمال البريطانية نفسها بقوة في السنوات السابقة بأعمال كثيرة تلاقت استحسان جماهيري ونقدي على حد سواء , لكن مع ذلك لا يزال هناك بعض الظلم الجماهيري تجاه هذه الاعمال , حيث انه لا يزال هناك الكثير من هذه الاعمال مهمشة بشكل كبير مقارنة بالاعمال الامريكية .

و قدمت ITV  عمل جديد هذا العام بعنوان Broadchurch , وهي نفسها القناة التي قدمت لنا الرائعة البريطانية “ داونتن أبي “ لكن هذه المرة كانت الامور مختلفة ..

القصة

تدور احداث المسلسل في مدينة خيالية ( برودتشيرتش ) تقع في  “ بريطانيا “ تحدث فيها عملية قتل لطفل صغير يبلغ 11 عام  “ داني لاتيمر “ ,  يصور العمل عملية التحقيق وتأقلم العائلة مع الامر وردود افعال المدينة الصغيرة التي قلما تواجه جرائم مثل هذه ..

يقول  Chris Chinball  “ مبتكر العمل “ انه لطالما اراد ان يبتكر  عمل يعبر فيه كيف  ان عملية قتل بإمكانها ان تؤثر على المجتمع المحيط , خاصة اذا كان هذا المجمتع مرتبط بشكل وثيق  وقد اختار ايضا ان يكون هذا المحيط مشابه للمحيط الذي ترعرع فيه حتى ينقل الصورة بدقة اكبر , حتى ان مكان التصوير كان قريب جدا من المكان الذي عاش فيه .

العمل اعطانا جرعة كبيرة من الغموض والاثارة , حتى ان كتاب النص حرصوا ان لا يعلم إلا اربعة ممثلين من الطاقم فقط بأمر القاتل .

“ برودنشيرتش ”حصل على رايتينغ عالي وردود افعال ايجابية سواء من الجمهور او من النقاد  ,, وقد تم تجديده لموسم ثاني ولم يتم الكشف عن اي تفاصيل حول الموسم الثاني خاصة ان اغلب الامور انتهت عند الحلقة الاخير , وقد اكتفى المنتج التنفيذي للعمل بالقول “ العمل سيحافظ على جرعة المفاجئة والغموض “ .

العمل يبدو مقارب ومشابه لمسلسل “ AMC “  ( ذا كيلينغ ) , لكن بنكهة بريطانية مختلفة وبسوداوية اقل .

واحدة من ميزات العمل كانت الشخصيات وعلاقاتها المترابطة , فالمسلسل دار حول قضية القتل وكيفية تأثيرها على سكان المدينة من كبيرها الى صغيرها

فرأينا العلاقة الزوجية المتوترة بين ابوي الطفل والامور التي تواجههما في قادم الحلقات ورأينا جدة الطفل التي حملت على عاتقها ان تبقى الاقوى في العائلة وان تبقى الشخص الذي يحافظ على ترابط العائلة وان لا تُظهر عاطفتها حتى لا تزيد الطين بلة , ورأينا شقيقة الطفل  المراهقة وكيفية تعاملها مع الامر وعلاقاتها الخارجية

وايضا رأينا المحققة “ ايلي ميلر “ التي عاشت حياتها في “ برودتشيرتش “ والتي تكون على معرفة وصداقة تامة مع عائلة “ داني “ والتي تحاول ان توازن بين عملها كمحققة وبين تعاطفها مع افراد مدينتها وايضا رأينا المحقق الجديد القادم الى “ برودتشيرتش “ الذي يحمل في ماضيه الكثير من الغموض

كذلك رأينا مكتب الصحافة وكيفية تعامله مع الامر , ورأينا كذلك الكثير من الافراد الذين سيكون لهم علاقة كبيرة مع القضية وسأتجتب ذكرهم تجنبا للحرق .

الاخراج كان جيد , فقد تم تصوير “ برودتشيرتش “ بشكل جعلنا نعرف اجواء هذه المدينة , التصوير اعطانا بعض من التفائل والبيضاوية بإعطاء الشاشة الالوان الكافية التي تبعث للتفائل والأمل  , فكان هناك توازن جيد بين الكأبة و التفاؤل

الطاقم التمثيلي كان نقطة مضيئة في صالح العمل , سواء من “ اوليفيا كولمان “ ( الحائزة على جائزتي بافتا ) التي قدمت دورها ( ايلي ميلر ) وتقمصته بشكل جيد جدا كذلك الامر كان بالنسبة ل“ دايفيد تينانت “ الذي يعرفه متابعوا الدراما البريطانية الشهيرة “ دكتور هو “ , والامر كان ينطبق على عائلة الطفل المقتول سواء من والده او والدته , باقي الطاقم ادى اداء جيد جدا  وقد قدم البعض لحظات ممتازة جدا .

المسلسل عامل المشاهد بشيء من عدم الواقعية في بعض الاحيان , حيث ان عمليات التحقيق كانت تسير وتتجه نحو شخص معين ونستطيع ان ندرك ونصدق انه الفاعل ولكن عندما يُحقق المطلوب وهو شد المشاهد للمتابعة , يتم تبريئ الشخص بكل سهولة وبدقائق معدود , قد لا يرى البعض هذه مشكلة اذا تم طرح اسباب كافية لكن المشكلة تكمن ان القناة لم تعامل المشاهد بشكل ذكي وكان هدفها شده للمتابعة وإنهاء الحلقة بأسئلة كثيرة تدور في رأس المشاهد حتى لا تخسره القناة في الحلقة التالية او في المشهد التالي , طبعا هذا الامر كما قلت سابقا قد لا يراه البعض مشكلة اطلاقا وانا شخصيا لا اراه ذلك الامر الكبير لكني حبيت اذكره لا اكثر

من الأمور التي ميزت العمل هي النسق التصاعدي في الحلقات ( فكل حلقة تكون افضل من سابقتها وهكذا ..) , فأن تنتج عمل يدور حول قاتل واحد وجريمة واحدة في 8 حلقات يحتاج ان تكون جميع الحلقات في مستوى جيد وان لا تكون فقط حلقات بلا معنى للوصول الى الموعد او اللحظة المترقبة

رغم ان العمل يبدو سوداوي من الوهلة الاولى لكن يحسب للعمل انه اعطانا بعض من الامل المتمثل بالشخصيات بدرجة اولى والاخراج بدرجة ثانية .

في طبيعة الحال النهاية حوت على تويست قوي وكانت في المستوى وقدمت لقطات درامية قوية .