لطالما كانت الثقة موضوعاً شائعاً في ”غيم اوف ثرونز“, وإن حلقة ”أجنحة سوداء, أنباء سوداء“ طغت عليها هذه الثيمة. بما أن الحلقة الإفتتاحية لهذا الموسم لم تُغطِّ محاور جميع الشخصيات, فإن هذه الحلقة كانت أشبه بـ“تتمة“ للحلقة الإفتتاحية. فحظينا بفرصة رؤية (بران), (جايمي) و (بريان) للمرة الاولى هذا الموسم, بجانب شخصيات أخرى ظهرت في الحلقة الافتتاحية, لإستكمال قصصها… بشكل بسيط. باستثناء (سانسا) و (مارجري) في بوريال, حيث حدثت أشياء وقيلت أشياء بخصوص الملك المحبوب جداً جداً… (جوفري).

باستثناء اللحظات الكوميدية و القتال بالسيف, فهذه الحلقة لم تقدم لنا أي تقدم ملحوظ في القصة. لكنها ساهمت في تقديم شخصيات جديدة كـ (جوجن) و (ميرا ريد), الليدي (أولينا) و أخوية بلا راية. وهذه كمية كبيرة من الشخصيات الجديدة بالنسبة إلى حلقة واحدة.

لم نرَ (دينيريس), وهو امر محيّر إذا اخذنا بالاعتبار النهاية الكبيرة للحلقة الافتتاحية, مثل هذه اللحظات تود ان تعرف تتمتها مباشرة. كان من الممكن استثناء (جون سنو) من الظهور في هذه الحلقة, إلا ان مشهده كان ضروري للتعريف بمصطلع Warg قبل أن يتم ذكره في محور (بران).

الـWarg (”الزومان“) هم أشخاص يستطيعون الرؤية من خلال أعين الحيوانات و التحكم فيها, يتحكمون فيها كما لو كانو الحيوان بذاته و يفكرون كما يفكر. يعني أن الـWarg في ممارساته يتحول إلى حيوان و يتصرف كحيوان.

في الشمال و ما وراء السور

نفتتح بمشهد (بران ستارك) وهو يجري في الغابة, على قدميه, يُلاحق غُراباً بسهم وقوس في يديه. نعرف ان هذا حلم لأنه يمشي على قدميه الاثنتين, و الغراب ذو ثلاثة أعين, أيوة, احلام الغراب ذو الثلاثة أعين قد عادت. يظهر أخواه (روب ستارك) و (جون سنو) في الحلم, وكذا صوت أبيه, ثم فجأة, يحييه شاب غريب.
ثم يستفيق (بران) في المخيم, بجانب أخيه (ريكون) و الضخم (هودور) و (اوشا) التي شرح لها حلمه. (أوشا) مستعجلة للرحيل, بعيداً عن الخطر المحدق, حسب توقعاتها. إنهم متوجهون نحو السور, بحثاً عن (جون سنو), الذي هو الآن في مخيم (مانس ريدر) و الهمج.

نرى ذلك الشاب من حلم (بران) مجدداً, برفقة أخته. يدعى (جوجن ريد) و أخته تدعى (ميرا), و هما يبحثان عنه, وأمامهم طريق طويل ليقطعوه. يرحل جميعهم مجتمعين, و (جوجن) يحدث (بران) عن أحلامه. الغراب يجلب تنبؤات عن المستقبل, الماضي و عن أماكن بعيدة. والداهما كانا صديقين خلال الثورة, و بمعرفة أن (جوجن) يشاطره نفس الأحلام, فيثق به. (جوجن) يقول ان (بران) هو ”الشيء الوحيد المهم“.

بالحديث عن (جو سنو), صديقه السمين (سامويل) يمشي مع رفاقه في حرس الليل. يشعر (سام), بعد فشله في إرسال الغربان لتحذير الجميع من السائرين البيض, بالتعب و الارهاق و الاحباط, و بدت عليه علامات الاستسلام. لكن قائد الحرس (مورمونت) يأمره بأن ”لا يموت“, ويجعل (راس), الذي كان يقوم بإحباطه, مسؤولاً عليه و على سلامته. الطوافين (أو الغربان, كما يحلو للهمج تسميتهم), يمضون في طريقهم, بالرغم من التوقع الذي شهده (جون سنو) بعينيه من طرف الـWarg بين الهمج.

(روب ستارك) يتلقى لكمتين على الوجه, على هيئة أخبار سيئة: أولاً, جده توفى, وثانياً, صديقه الحميم السابق (ثيون غريجوي) حرق وينترفل عن بكرة أبيها. هذا اليوم, لحد الساعة, هو أحد أسوء أيام (روب). فيطلع والدته (كاتلين) على الاخبار, مضيفاً انه لم يتم إيجاد لا (بران) ولا (ريكون). ثم ينطلقون نحو قلعة فُرات (Riverrun), لحضور الجنازة.

خلال الرحلة نحو الفرات, (كاتلين) تقوم بصناعة أحد خزعبلات الشماليين لـ ”حماية أبناءها“, فتطلب زوجة (روب) السرية, (تاليسا), مساعدتها في ذلك, ترفض (كاتلين) ذلك مُفسرة سبب رفضها بأن هذه تعمل فقط عندما تصنعها الأم لوحدها, و أضافت قائلة انها قد صنعت مثلها مرتين قبلاً, مرة لأجل (بران), و مرة لأحد أبنائها الذي اصيب بمرض الجدري (على ما أظن, شكراً لحمادة على التصحيح). ثم تحدثت, بشكل عاطفيّ, عن كيف انها سهرت متضرعة لكي يُشفى, ليتضح فيما بعد ان ذلك الإبن هو… (جون سنو). تظن (كاتلين) أن غيرتها من والدته, التي لا يعرفها أصلاً, هي سبب مرضه بالجدري, و وعدت الألهة بأن تحبه كإبنها إذا شُفي و عاش. الآن, بما شُفي و عاش و كبر, تظن انه بسبب عدم إيفاءها بوعدها (بحبه كإبن لها), الألهة سلّطت سخطها على عائلتها.

جنوب ويستيروس

في بوريال, الملكة القادمة (مارجري تيريل) تدعو (سانسا) للقاء الليدي (أولينا), ذات اللسان السليط. فتضغط الإثنتان على (سانسا) لتخبرهما عن (جوفري), إلى أن أعترفت لهما بأنه ”وحش“, و كالعادة… نعرف ان كلامها سيعود عليها بالضرر فيما بعد. (سانسا) تعرف ذلك هي الأخرى. ياه, يا آل (ستارك), أنتم و صراحتكم السخيفة و مشاعركم الجياشة!
هذه المعلومة تخدم (مارجري), إذ تستغل ذلك لتتقرب من (جوفري) و جانبه المظلم و العنيف, بالتصرف بشهوانية معه و مع قوسه, وبالتحدث عن ”قتل شيء ما“. (جوفري) كالمتوقع… يحب هذا!

في مكان أخر, ودائماً مع الحوارات السياسية الشهوانية, (شاي) تتسلل إلى غرفة (تيريون), برغم تهديدات أبيه (تايوين) بقتل أية عاهرة اخرى يراها في غرفته, لتخبره بالخطر المحدق بـ(سانسا) من طرف الخنصر/اللورد (بايليش), حسب ما قالته لها عاهرته/مديرة أعماله (روز).
(تيريون), مُشتت الذهن بقلقه على حياة عشيقته (شاي), يذكر ان (سانسا) لديها الجمال الكافي لتتزوج, الامر الذي يجعل (شاي) غيورة و… بطبيعة الحال… شبقة.

على الطريق نحو بلاد الروافد

أخيراً, نرى الصغيرة المحبوبة (أريا ستارك), التي تتجول في الغاب برفقة (فطيرة ساخنة) و نغل (روبرت براثيون) (غيندري), بعد الهروب من هارنهول. قرروا الذهاب إلى الفرات, حيث يوجد جدها (الذي لم تسمع بخبر وفاته), بحثاً عن ملجأ و طعام. فيلتقون بزمرة من المقاتلين, يقودهم المدعوّ (ثوروس الميريّ), ليتضح انهم من ”أخوية بلا راية“. فيصطحبهم الإخوة إلى خان محليّ ليتناولو طعاماً و شراباً. (أريا) كالعادة, تحاول ان تقاتل بالسيف أي شخص تلقاه. لكن رغم ذلك يقرر (ثوروس) أن يطلق سراحهم.
كانو على وشك الخروج ثم فجأة… اللعنة… من هذا الضخم المحتجب؟ إنه الدموم (ساندور كليغان), الذي ما فتأ أن رأى (أريا) أعلن انها من آل (ستارك)… اللعنة عليك أيها الدموم ! أين كنت بحق الجحيم؟ لم نرك منذ نهاية الموسم الثاني بعد تنحيك عن منصبك كحارس للملك (جوفري).

على الطريق نحو بوريال

في مكان ما وسط الغاب, (بريان) فارسة (كاتلين) الأنثى, تقود ذابح الملك (جايمي لانيستر) مقيّد اليدين, على أمل مقايضة ذابح الملك مقابل (أريا) و (سانسا). (جايمي) يحاول ان يتلاعب بها, و يطلق نكاتاً (مضحكة للغاية) حول المقاتلة الضخمة وحول الراحل (رينلي) [”من المؤسف ان العرش غير مصنوع من الأعضاء التناسلية الذكورية, و إلا لما إستطاع أحد ان ينهضه من عليه“]. وفجأة, بين المزحة و الاخرى, يتمكن (جايمي) من خطف أحد سيفيها, و يخوضان قتالاً رائعاً فوق الجسر. تنتصر (بريان) عليه, لكن… أوووبس! المزارع الذي مرَّ عليهم قبلاً, تعرف على ذابح الملك, و أدلى بهذه المعلومة مقابل مكافئة مالية من رجال يحملون ألوان بيت (بولتون)… البيت ذاته الذي يطلب رأس ذابح الملك ”مُخوزقاً“!

وكما يحب الجميع و يرضى, الخائن (ثيون غريجوي) يُعذب في مكان غير معلوم.

غياب (دندونة) و تنانينها عن هذه الحلقة لا يبدو أمراً جيداً, إلا إذا كانت الكاليسي لا تزال تفكر في شراء جيش من المحاربين الفاقدين لحلماتهم, فلا مانع لدينا في تجاوز هذا الجزء من القصة لأجل الأمور الرائعة الأخرى التي تحدث.
كل الشخصيات ضائعة, سواء على الطرقات أو في الغابات, بعيدة عن ديارها, بلا أمان. أحداث الموسمين الماضيين جعلت معظم الشخصيات مشردة أو نازحة, إن صح القول. ولهذا شخصية (مارجري تيريل) هي الأكثر إثارة للإهتمام من بينهم جميعاً: لأنها توجد في المكان الذي تريد ان تكون فيه تماماً.