درجة التوتر في غيم أوف ثرونز وصلت أخيراً إلى نقطة إنصهار في حلقة هذا الأسبوع, حيث سالت الدماء وماتت شخصيات لم نتوقع موتها بهذه السرعة. لكن الذنب ذنبنا إن فوجئنا, إذ أن جورج مارتن حذرنا من ذلك مسبقاً, ولعل هذا التحذير كان نوعاً من التعبير عن عدم الرضا, لكن هذا تكهن وحسب.
لديّ أشياء مهمة و مثيرة للإهتمام لأقولها عن هذه الحلقة, لكن قبل أن نبدأ في الكلام المهم و المثير للإهتمام, هل سمعتم أن الممثل الذي يلعب دور (تومين) شعر بعدم ارتياح لقيامه بذلك المشهد في الحلقة الماضية مع مارجري؟ أيوة نعم, في حوار مع MTV قال أنه صُدم بالأمر عندما قرأ السكربت.
أنت الآن تضحك و تقول ”ماذا؟ إنه حلم كل فتى في السادسة عشر من عمره أن يكون في نفس ذلك الموقف!“, شخصية (تومين) أصغر من عمر ممثل الشخصية (الذي كان بعمر 16 سنة وقت تصوير اللقطة), ورغم أن المشهد كان ما بعد ”الفِعل“ إلا أنه يرى أن المشهد كان مروّعاً.
لكن كلنا نعلم أنه لم يتفوه بأي من هذا الهراء عندما اتصل به أحد أصدقاءه مباشرة بعد انتهاء الحلقة مهنئاً إياه على إنجازه ذاك! 😀
الآن, لنتحدث عن هذه الحلقة, عن الأشياء المهمة و المثيرة للاهتمام…
الملك المجنون
يجد الخنصر (سانسا) في سرداب وينترفل, قرب قبر عمتها (ليانا), ذاتها (ليانا) التي تحدث عنها أبوها (نيد) إلى (روبرت براثيون).
حكي الخنصر لها عن مسابقة حضر لها و هو شاب, حيث رأى (باريستان سلمي) يبارز إبن الملك المجنون, الأمير (ريغار تارغيريان), وحكى لها كيف فاز (ريغار) في المبارزة (وهو إثبات لمدى براعته في القتال بالنظر إلى سمعة باريستان آنذاك) وتجاوز زوجته (إليا مارتيل), أخت (أوبيرين) التي أراد أن ينتقم لموتها, وقدم باقة ورد إلى (ليانا ستارك), اخت (نيد). متجاهلاً زوجته الحاضرة, متجاهلاً كون (ليانا) مخطوبة من (روبرت براثيون), الذي كان مشاركاً في المسابقة هو الأخر.
أعطانا هذا نظرة إلى الماضي, إلى شخصية أمير راحل, الذي في قصة الخنصر يبدو فارساً نبيلاً وعاشقاً رومنسياً (لكن ليس تجاه زوجته الدورنية 😀 ). لكن في قصة (سانسا) لا يعدو أن يكون سوى الرجل الذي إختطف (ليانا) و اغتصبها, وهي ذاتها القصة التي استخدمها (روبرت) لتبرير ثورته على التارغيريين. لا يرد (بايليش), ربما لأنه لا يصدق هذه القصة؟
كقارئ للكتب هذه جزئية مثيرة للاهتمام حقاً, المسلسل يساهم لأول مرة في سرد ماضي ويستيروس, رغم أنه في باقي الأثناء يقوم بتغيير مستقبل ويستيروس. 😀
لكن هذه ليست المرة الوحيدة التي نسمع فيها قصصاً حول الأمير, في ميرين. يمتعنا (سلمي) مرة أخرى بقصص من قصصه. عندما تحدث المرة الماضية عن الملك المجنون, ردّت (دينيريس) كما فعلت (سانسا), مكذبة ما قاله (سلمي).
لكنها ليست أكاذيب, أبوها كان ملكاً مجنوناً ليس فقط بالإسم, بل بالفعل. لكن من جهة أخرى, أخوها (ريغار) كان رجلاً عظيماً. كان يجيد القتال, تقول (دينيرس), لكن يصححها (سلمي) مرة أخرى. لقد كان يكره التقاتل, لكنه كان يحب الموسيقى. حكى لها كيف كان يتنكر ليعزف الموسيقى و يتبرع بالأموال تارة و يثمل بها تارة أخرى.
مرة أخرى تُرسم لنا صورة (ريغار) على أنه رجل طيب, موسيقار, وليس مجرد فارس موهوب.
ما يجب تذكره هنا هو أن ”إختطاف“ (ريغار) لـ(ليانا) هو الفتيل الذي أشعل نار ثورة (روبرت), وليس فقدان (نيد ستارك) لأبيه وأخيه على يد الملك المجنون, بالرغم من أن ذلك ساهم بالتأكيد في تحفيز لورد وينترفل على مساعدة صديقه.
في النهاية, قُتِل (ريغار) على يد (روبرت), ولحد الساعة كنا نعتبر هذا فِعلاً عادلاً, وأن (روبرت) كان يريد إنقاذ حبيبته, مُهلكاً الملك المجنون و إبنه الأمير الخاطف المُغتصب.
لكن على ضوء هذه الحقائق الجديدة, نبدأ في التشكيك في هذه الحكاية. لا نتذكر (روبرت) كفارس نبيل أو ملك عظيم, بل كملك داعر, سمين, غير مبالٍ, أساء لملكته و ترك خلفه الكثير من الأبناء الغير شرعيين. ومن جهة أخرى, نسمع أن (ريغار) كان مختلفاً عن أبيه, شخصاً طيباً ونبيلاً, أي أنه كان أغلب الظن رجلاً أفضل من (روبرت).
وليس من المصادفة أنه في محادثة على السور بين (ستانيس) و زوجته, بينما يراقب هو (جون سنو) يتدرب في الساحة, تذكره (سيليس) بأنه ليس سوى إبن غير شرعيّ لـ(نيد ستارك), الأمر الذي أجاب عنه (ستانيس) قائلاً ”ربما, لكن ذلك لم يكن قط من عادات (نيد ستارك).“
وهذا سيداتي سادتي, ما نسميه تأكيداً لنظرية R+L=J التي لم يعد قراء الرواية يتعاملون معها على أنها نظرية منذ وقت طويل, بل حقيقة في إنتظار التأكيد وحسب. لكم كامل الحرية في البحث عن النظرية في جوجل والقراءة عنها, أو يمكنكم إنتظار أن يكشف عنها المسلسل من تلقاء نفسه بطريقة طبيعية.
الملك الحق
في هذه الحلقة يعطي (ستانيس) أحد أفضل مشاهده في المسلسل كله وتقريباً أفضل مشهد في هذا الموسم لحد الساعة, مشهد أزاح تلك الصلابة التي عهدناها في الشخصية والتي يختفي وراءها الكثير من الحنان.
عندما تدخل إبنته (شيرين) إلى مكتبه, تخبره أنها أصابها الملل. ”لطالما قال لي أبي بأن الملل هو إشارة إلى نقص في الموارد الداخلية“, يقول (ستانيس), فترد عليه قائلة ”هل كنت تشعر بالملل كثيراً أنت الأخر؟“. في العادة لا أحب عندما يرد الأطفال على والديهم, لكن ملعووووووووووبة يا (شيرين), ملعوبة. 😀
هذه المزحة لم تكن سوى مدخل إلى محادثة أكثر جدية. إذ عندما تخبره أن والدتها لم ترد أن تصطحبها معها, يمتعض (ستانيس) ويقول أنه ما كان عليها أن تقول ذلك. وعندما تسأله هل ما إذا كان مستخزياً منها, ينهض (ستانيس) من مكانه و يحكي لها قصة مرضها الذي شوّه وجهها. تاجر دورنيّ باعه دمية مباشرة بعد ولادة (شيرين), وكانت (شيرين) تحب أن تضم الدمية إلى وجهها وهي صغيرة, وبحلول الوقت الذي أدركوا فيه أن هذا هو مصدر مرضها أحرقوا الدمية (لربما هناك رابط هنا مابين حرق الدمية وحرق الرجال الذي يقوم به ستانيس) لكن بعد فوات الأوان. قال الجميع أنها ستموت, وطلبوا من ستانيس أن يرسلها إلى خَرِبَة فاليريا لكي تعيش مع الأخرين المصابين بهذا الداء.
لكن (ستانيس) لم يكن ليرضى بهذا. أرسل في طلب كل المايسترات و المطببين في العالم, و نجحوا في إنقاذ حياتها. ”لأنك لا تنتمين إلى جانب المُحَجَّرين. أنتِ الأميرة (شيرين) من بيت (براثيون), و أنت إبنتي.“
إذا لم يحرك فيك هذا المشهد شيئاً أو لم تذرف دمعة, فأنت متحجر أكثر من المُحَجَّرين. لأنه غالباً في عالم غيم اوف ثرونز, الأطفال ليسو سوى أدوات و أوراق مساومة في ”اللعبة“ أو مدللين و أشرار, لكن هنا رأينا عاطفة حقيقية, من النوع الذي لم نره منذ كان (نيد) و (كاتلين) على قيد الحياة. ونرى في (ستانيس) رجلاً طيباً, رجلاً قد يكون ملكاً أفضل من أخيه الفاسق (روبرت), أو الوحش (جوفري), أو الضعيف (تومين).
الملك الطفل
بالحديث عن (تومين), بوريال تخرج عن السيطرة بعد جلوس (سيرسي) على العرش. هي لا تحكم طبعاً, لكنها تحكم بإسم الملك. وبغياب (تايوين) ليتجاوزها دهاءاً ومكراً, وبعودة أخيه (كيفان) إلى قلعة الصخرة, فإن (سيرسي) تخلق الفوضى ظناً منها أنها داهية ماكرة.
تقوم بتسليح داعش ويستيروس, خالقة بذلك سلطة كبيرة في يد قائد طائفة الدوري, الذي يبدو لها وديعاً, فقط كإنتقام تافه ومحاولة لإضعاف (مارجري تيريل). إنها تحاول عزل (مارجري), أولاً, بإرسال أبيها إلى برافوس ليتفاوض مع البنك الحديديّ, برفقة (ميرين ترانت), و الذي أراهنكم أن دوره في تلك الرحلة أكثر من مجرد ”حماية“ للورد ”علارياض“ (Highgarden). المجلس أصبح الآن ضئيلاً, لكن ليس بالقدر الكافي الذي تريده.
ثانياً, بشكل أسوء بكثير, بوشايتها بأخ (مارجري) الشاذ (لوراس), الذي تم اعتقاله و الزج به في الزنازن. السير (لوراس), فارس الورود, اعتقال بشكل علنيّ وفي وضح النهار شيء لا يجب أن يتقبله الملك.
لذلك تقنع (مارجري) زوجها بإنقاذ أخيها, بما أنه الملك, لكنها لم تدرك مقدار ضعف أخ (جوفري) بعد. إذ عند زيارته للدوريّ الأعلى, برفقة حرسه الملكيّ, يتم اعتراض طريقه ومنعه من المرور, ويتم نعته بأبغض الأوصاف, فعاد خائباً يجر ذيل المهانة. قل ما شئت عن (جوفري), لكن لو كان في نفس الوضع لكنا قد رأينا رصيفا أحمراً دامياً, أما (تايوين) ما كان ليسمح بوجود هؤلاء المتطرفين في العاصمة في المقام الأول.
(تومين) الجبان, الضعيف, اللطيف. المسكين وجد نفسه بين سنديان أمه الغبية و زوجته الطموحة. هذه الأخيرة لم تسرّ بخبر فشل زوجها في إنقاذ (لوراس), فتذهب على الفور لإستدعاء أمها, الحيزبون (أولينا). وهذا يعني شيئاً واحداً فقط: أحد ما سيدفع الثمن غالياً.
الدساسات و اليد الذهبية
في هذه الأثناء, يحل (جايمي) و (برون) بدورنا. لطالما كان لدى معظم قراء الرواية تخيل حول دورنا على أنها أقرب شيء إلى دولة لاتينية, إسبانيا مثلاً, لكن في المسلسل بها جوّ صحراويّ وشخصياتها تبدو عربية أكثر من لاتينية, بالرغم أن (أوبيرين) ظهر لنا على أنه من النوع الإسبانيّ.
(إلاريا ساند) عشيقة (أوبيرين) وبناته ”الدساسات“ (Sand Snakes) يخططون للإنتقام لمقتله, مستخدمين إبنة (سيرسي) الأميرة (ميرسيلا), لبدء حرب على اللانيسترز الذين خارت قواهم الآن, بالرغم من أن الأمير (دوران) أوضح أنه لا يريد حرباً أو أن يمس الأميرة أي أذى.
من الجميل أننا تعرفنا أخيراً على الدساسات, ورأينا مهاراتهم في القتال, لكن ألم يكن ذلك المونولوغ مبالغاً فيه بعض الشيء؟ من يجيب على سؤال جوابه ”نعم“ أو ”لا“ بمونولوغ مطول حول أبيهم؟ من يكتب هذا الهراء؟
نحضى بقليل من المرح مع (جايمي) و (برون), حديثهما عن الطريقة المفضلة للموت و الصورة التي يريد أن يتذكرهما بها الناس, كل هذا على وجبة لذيذة مكونة من سيخ ثغبان مشويّ. يقاتل الإثنان أربعة رجال دورنيين, وينجو (جايمي) بأعجوبة لأنه مقاتل سيء بيده اليسرى, لكنه اكتشف حركة مثيرة للاهتمام لا شك أنه سيستخدمها مستقبلاً.
ماذا أخر؟ اممم, لا شيء, لحد الساعة هذا كل ما رأيناه من دورنا.
أشياء أخرى
(ميليساندري) تحاول إغواء (جون سنو). لم أفهم ما الغرض من ذلك المشهد بالتحديد, وأفضل تخمين هو أنها كانت تحاول قياس مدى تشبث (جون سنو) بنذره, فإذا نكث به فإنه سيسهل اقناعه بقبول مقترح (ستانيس). لكن صبيّنا غير مهتم بهذه الصهباء, الصهباء الوحيدة التي اهتم لها ماتت بين ذراعيه. تنهض (ميليساندري) و تهم بالمغادرة, وقبل أن تخرج, تستدير وتقول له ”لا تعرف أي شيء يا (جون سنو)“. ويحك يا امرأة!
يتجه (تيريون) و (جوراه) نحو ميرين. يكتشف (تيريون) هوية (جوراه) بسرعة بعد محادثة بسيطة بين الإثنين, محادثة أغضبت الفارس المنفيّ الذي قام بتنويم (تيريون) بلا نبيذ. 😀
الخنصر يتوجه إلى بوريال, تاركاً (سانسا) وحدها. لكنه يفصح لها بخطته الكبيرة, و التي إذا ما صدقت ستجعل (سانسا) حاكمة للشمال. المطلوب منها؟ أن تتلاعب بـ(رامسي سنو), لأنها تعلّمت من الأفضل. لا أعلم هل من الممكن أصلاً التلاعب بهذا المخلوق, وأخشى على (سانسا) من أن تحاول ذلك حتى.
لكن إذا كانت خطة الخنصر هي أن ينقذها (ستانيس), لماذا لا يذهب بها إلى (ستانيس) مباشرة؟ هل يبقي على خياراته مفتوحة في حالة ما إذا لم تسر الامور على سجيته مهما كانت عواقب ذلك على (سانسا)؟ بمعرفتي بالخنصر, أقول أن هذا مرجح جداً.
متحمس لرؤية ردة فعله عندما يرى ما فعله المتطرفون بماخوره, لا أظن أن (بايليش) سيترك ذلك يمر مرور الكرام.
وفي ميرين, تتواطئ العاهرات مع ”أبناء الخطاف“ مرة أخرى, الذين يباغتون (دودة رمادية) وزمرة من الطاهرين و يقتلونهم جميعاً. و قبل أن يقتلوا (دودة رمادية) يظهر (باريستان سلمي) و يظهر لنا مهارته بالسيف, مُهلكاً الواحد تلو الأخر, لكنهم يتفوقون عليه عددياً, قبل أن يتدخل (دودة رمادية), ينقذ الإثنان بعضهما البعض ويسقطان أرضاً. يستمر دق الأجراس, حتى بعد أن توقف العنف و حل الهدوء, تاركاً خلفه مذبحة صامتة.
بريفيو الحلقة القادمة
حيث تنعي (دينيريس) موت (سلمي), وحيث يرى (تيريون) تنيناً لأول مرة في حياته, حيث قد نكتشف ماذا يفعل (رامسي) بالأشخاص الذين يصيبونه بالضجر, وحيث (بريان) تؤمن بأن (سانسا) في خطر.
التقييم النهائيّ
الحلقة: | كاظم الساهر (ستانيس) رجل حازم لكن عادل. | |
8 / 10 | كان انطباعي عن الحلقة مختلفاً عما كتبته هنا, إلا أنني بعد كتابة المقالة أدركت أن هذه الحلقة ذات أهمية كبيرة في السير العام للقصة. لا يزال رأيي في تحوير الكتاب لمحتوى الروايات كما هو, وأرى أن مقتل (سلمي) لم يحدث سوى لخلق فراغ في حاشية (دينيريس) و الذي سيملأه (تيريون). أظن أن القصة أصبحت تمشي بسرعة جنونية وكأن HBO أو D&D يحاولان التخلص من المسلسل بأقرب وقت, الموسم السابع على حد قولهم, لكن لنتحدث عن ذلك أكثر الأسبوع القادم.. |