عندما قررت أني سأشاهد – البرق – كان ذلك لأني إعتقدت بأنه سيروق لي، ولأني في ذلك الوقت كنت أرغب في مشاهدته والخروج من دائرة المسلسلات الدرامية التي أدور بها من مدة طويلة، أردت مشاهدة شيء مختلف، بداية دعوني أوضح لكم، أنا محب لأفلام السوبر الهيرو وأشاهد كل الجنون التي تنتجه مارفل ودي سي والخ، سوبرمان، باتمان، سلسلة إكس مان و أفنجرز و كل المجموعة التي تعرفونها جيداً بلا إستثناء شاهدتها وإبتعت تذاكر سينمائية لحضور عروضها أولاً بأول، لذا لا ! لم أجلس في برجي العاجي مشاهداً ذا فلاش وأنا أردد بين نفسي : حسنا سأحاول أن أبدو محنك وسينمائي خبير وأنتقد الأعمال التي يحبها عموم الناس وأخبرهم عن روعة الأعمال الكلاسيكية أو الدرامية التي لا يرغب أي منهم بمشاهدتها، كلا لم يكن هذا ما يخطر ببالي، فقط أردت أن أحظى بمشاهدة – باد أس شو – لا أكثر، لذا عليك أن تتفهم موقفي ولا تتعجل بالحكم على ما أكتبه، فقط إقرأ للنهاية.
ذا فلاش أو – البرق – مسلسل من إنتاج قناة سي دبيلو – THE CW – والتي نعرفها بإنتاج عدة أعمال شبابية مشهور وناجحة جماهيرياً لكن ما يهمنا منها أن لها تجربة سابقة مع عمل يتناول قصة سوبر هيرو أخر وهو السهم – ARROW – لذا هي لا تعتبر تجربتها الأولى في هذا المجال، وأعتقد بإنها إستفادت من تجربتها في عوالم السهم لخلق عالم جديد يدور في ذات الفلك من القوى الخارقة التي تقاتل لإنقاذ عالم البشر، العمل من كتابة Greg Berlanti و Geoff Johns و Andrew Kreisberg وجميعم إشتركوا أيضاً في كتابة مسلسل السهم على ذات القناة لذا هي ليست تجربتهم الأولى في كتابة هذا النوع من الأعمال وهذا على ما أظن كان من صالح العمل.
الأن قصة العمل تدور حول الشاب – باري ألن – العادي جداً ضحية التنمر في طفولته في حالة بدنية سيئة ذكي وغير قادر على الإعتراف بحبه لحب حياته من كل تفاصيل البطل الخارق المعتادة ولكن لا بأس بذلك، القصة باللغة العامية تحدث في سنترال سيتي عندما ينفجر معالج مسرع الذرات الذي كان يقوم بتطويره الدكتور هاريسون ويلز ينتج عن ذلك طفرات عديدة لعدة أشخاص في المدينة تعرضوا لهذه الأشعة أثناء وضعيات حساسة جداً، باري في ذلك الوقت بالذات مثلاً كان يصعق حرفياً بواسطة البرق لذا إكتسب من ذلك سرعة هائلة جداً، أخر كان يتعرض للإعدام بالغاز فتحول لمخلوق غازي سام حرفياً، أعتقد أن الأمر أصبح واضح لكم، لكن المثير للإهتمام أن هذه الحادثة العرضية – أتحدث عن إنفجار مسرع الذرات – المفترض أنها أصابت فئة عشوائية من البشر في هذه المدينة في نفس اللحظة، حسناً المفترض أن تكون هناك نسبة وتناسب بين عدد الأبطال الخارقين و الأشرار الخارقين، فهذه بالنهاية عينة عشوائية من المجتمع ويفترض أننا نرى بها نسبة معقولة ما بين الشر والخير الكامن في البشر، لكن هذا لم يحدث في المسلسل، كان هناك أغلبية إستخدمت قواها في الشر وفئة أقل إستخدمت قواها بالخير، بغض النظر عن السبب الذي دفع مبتكر المسلسل لإتخاذ هذه الإختيارات الكتابية لشخصيات العمل هل نستطيع أن نخرج بإستنتاج من ذلك يقول أن أغلب البشر لديها القدرة على الشر لكنها لا تمتلك أدواته، أم ربما أن الجميع قادر على الشر إن كانت الظروف مهيئة له ؟
أخبرتكم أني كشخص شاهدت الكثير من أعمال السوبر هيرو في السينما وهذا الأمر حقيقي، لكن ما لم أخبركم به أن ذا فلاش هو تجربتي الأولى في عوالم السوبر هيرو في التلفاز، لم يسبق لي أن شاهد أي عمل من هذه الفئة من الأعمال التي تعرض على التلفاز، لا عملاء الشيلد ولا أرو ولا الإيجنت كارتر ولا السوبرناتشرول لذا عندما بدأت مع ذا فلاش كنت أنتظر من العمل ما أنتظره من أي عمل سينمائي أخر حول أي شخصية سوبرهيرو، البطل الوسيم والخجول، صديقة حميمية مثيرة، شرير وغد ويمتلك حس دعابة ربما، والكثير من الإنفجارات وركل المؤخرات والرصاص المتطاير، كبداية ذا فلاش للأسف فشل في صنع شخصية بطل خارق، بالنهاية كما أسلفت باري ألن لا يمتلك ملامح واضحة ومميزة لشخصيته، مجرد شخصية نمطية جداً للسوبر هيرو من حيث ماضي الشخصية أو الطباع العامة للشخصية أو تعامل البطل مع قدراته كلها لم يأتي العمل بشيء جديد بها، الأن هذا لا يعني بالضرورة أن العمل سيء ولكني أردت أن أبدء بالمراجعة بأساس العمل، الشخصية الأساسية، وبالنظر أني بعد مشاهدة نصف موسم او أكثر من العمل لم أستطيع فهم الشخصية أو لم أجد لها أبعاد حقيقية فأني أقدر أن أحكم على مبتكر المسلسل بالفشل في صناعة شخصية حية في ذهن المشاهد على الرغم من الوقت الممنوح بطبيحة الحال في مسلسل مقارنة بفلم، نعم أنا أود أن أشاهد بطل خارق يقوم بأشياء مستحيلة لإنقاذ تلك الفتاة الجميلة وذلك الصبي ذو العيوان الزرقاء، نعم أود أن أشاهد معركة قوى خارقة بين الخير والشر ولا أمانع بذلك، لكن مع ذلك كنت أتمنى أن أرى قصة فريدة للشخص الذي خلف القناع، وليس مجرد مراهق أمريكي تقليدي يريد أن ينقذ العالم، كنت أتمنى أن أرى صناعة شخصية إنسانية ناجحة بقدر نجاح شخصية الهيرو الخاصة بالعمل وهذا لم يقدمه لي ذا فلاش، ولكي أكون منصف قلة من أعمال السوبر هيرو اللتي نجحت بذلك.
حلقات المسلسل كانت تتحرك بنمط معين وهو كالتالي : خلق عدو هذا العدو يكسر حالة التوازن في حياة باري ألن، باري ألن يحاول هزيمة خصمه فيفشل فيستعين بزملاءه في المختبر ثم باري ألن يهزمه ليعود لحالة التوازن في حياته وكل ذلك كان يجب أن يتم في كل 45 دقيقة، لا أعرف لماذا مثلاً لم يفكروا في خلق قضايا تطول لمدة حلقتين على الأقل يعطوا الوقت الكافي في خلق العدو وفي المعركة مع باري، أقصد المحاول أكثر في خلق توازن ما بين التشويق والأكشن وبين صنع حبكة متوازنة، للحظات كنت أشعر كأني اشاهد ملخص لفلم سوبر هيرو، أو موجز الأنباء في عوالم مارفيل، عليهم أن يحاولوا أكثر في محاولة خلق قضايا أفضل متوازنة أكثر وتمتلك بعد عاطفي وشخصي أقوى، أكبر من تحلها ال45 دقيقة، نعم أنا أعرف أنهم حاولوا فعل ذلك من خلال قضية رئيسية للموسم ككل وقضية صغيرة يحلها البطل في كل حلقة أعرف هذا اللعبة لخلق التوازن ولا أظنها كافية أو ناجحة كفاية.
في بداية المسلسل وبالذات في الحلقات الأربعة الأولى كانت هناك خيبة أمل من المسلسل بسبب أن التحديات كانت سهلة نسبياً على باري ألن، المعارك لم ترتقي للمستوى المطلوب والخصوم كانوا أسهل مما يجب، الأمر هذا تم التعامل بشكل أفضل لاحقاً مع مضي الحلقات وبدأنا نشاهد خصوم أفضل، لجعل المنافسة ممتعة وشيقة أكثر، في نهاية المطاف كلما زادت قوى بطل قصتك عليك أيضاً أن ترفع من قوى العدو في القصة، مع شخصية باري ألن التي كان بناءها الدرامي بطيء ونعم أعرف أني تحدث سابقاً أن الكاتب فشل في بناء الشخصية على العموم، لكن ما أقصده هو أنه حتى البناء العادي والنمطي للشخصية كان يتحرك ببطئ شديد، وكانت تمر حلقات قبل أن نعرف شيء شخصي واحد جديد لشخوص العمل، الشخصيات الأساسية كلها لا نسمعها تتحدث عن نفسها ولا نراها في حياتها الخاصة إلا بأضيق الحدود، العمل بشكل كامل أهمل شخصياته وتحرك دائماً بإتجاه تشويق وإبهار المشاهد بالمزيد والمزيد من الأكشن والمغامرة، لذلك رفع مستوى خصوم البرق وإضافة تحديات وعقبات أكبر ليواجها أنقذت العمل حرفياً من أن يصبح من مجرد هراء لا يستحق المشاهدة لجعله عمل سوبر هيرو مناسب لأوقات الملل وإضافة جرعة أحاسيس بطولية لجدولك الأسبوعي المزدحم.
هناك دائماً الجدل الشهير بين كل مشاهدي السينما أو المسلسلات حول الخط الفاصل ما بين التفضيل الشخصي أو بمعنى أخر الذوق وما بين ما هو جيد وسيء كقطعة فنية، وذلك لأن الأغلب لا يفصل ولا يهتم بالفصل بين كيف يتم تقيم القطعة الفنية وبين ما يشعر هو بإتجاه هذه القطعة الفنية بالذات، فمثلاً لو أخذنا مسلسل البرق كمثال سنرى عمل يحتوي على كتابة سيئة على مستوى بناء الشخصيات وأيضا ممتلئ بالكثير من الحوارات سطحية وعلى أداء تمثيلي متواضع وعادي مع صفر من البعد الفلسفي أو الإنساني في القصة ومع ذلك البعض سيرى بأنه عمل رائع وجميل وممتع ولن يكون بحاجة لقول أكثر من ذلك وهو أيضاً محق لأن المسلسل بذات الوقت إستطاع خلق حالة من التشويق والترقب عنده كمشاهد ونجح بجعله متصلباً أمام الشاشة طوال وقت العرض يخفق قلبه من شدة الحماس، إذا هل نقول أنه مسلسل سيء أم جيد ؟ حسناً هذا ما كنت أحاول قوله منذ البداية، الأمر منوط بك وعائداً إليك، إن كنت قادر على الإيمان بالمستحيل كما يقول باري ألن، إذا كنت لن تدقق بهذا ممكن وذاك ليس بممكن، إذا كنت لا تبحث إلا عن قضاء وقت ممتع أثناء تناول بيتزا على العشاء مع صديقتك الحميمية إن كنت تملك واحدة فلا أظن أن البرق سيكون خيار سيء.
تسأل وماذا لو لم تمتلك صديقة حميمية؟ لا بأس، لا أظن أن هذا سيصنع الكثير من الفرق في الواقع.
التقييم النهائيّ
الكتابة: | ||
التمثيل: | ||
الإخراج: | ||
رأي شخصي: | ||
6.5 / 10 | نجح مسلسل البرق بالعموم بصناعة عمل ترفيهي جيد، مليء بالإثارة والمفاجئات والتقلبات القصصية، مع ذلك فشل في خلق شخصيات وأحاسيس تنقل العمل من كونه كوميكس على ورق ليصبح قصة في في عالم البشر. |