Olive Kitteridge لا وجود للحياة البسيطة

لطالما كانت HBO مميزة بتقديم المسلسلات القصيرة، ولا يمكن أن نستثني Olive Kitteridge من تلك الصفة، نعم هو مسلسل مميز جداً، استطاعت فيه الكاتبة Jane Anderson ان تأخذ الرواية الاصلية وتحولها لعمل تلفزي ناجح بكل المقاييس ولا شك أنَّ للنجمة المميزة Frances McDormand أثر كبير في ذلك.

في البداية القصة متشعبة وليست بسيطة جداً ولكن بشكل عام هي تُسلط الضوء على مراحل من حياة السيدة المُعلمة أوليف كيتردج في البداية وهي في منتصف عمرها تقريباً وطفلها في المدرسة كريستوفر  وزوجها هنري الذي يعمل كصيدلي، وتبدأ الأحداث بتقديم لنا محطات من حياة هذه السيدة لتبين لنا معها تغييرات الزمن وتغييرات شخصية اوليف ومن حولها وكيف أنَّ الحياة تصفع الانسان كثيراً طوال عمره وكيف تكون ردة فعل تلك السيدة ذات القلب القاسي إن صحت تسميته.

محطات من حياة أوليف بدايةً مع معاناتها مع زوجها والتفكير بالرحيل وربما الحب المدفون لشخص آخر حيث ترى الأمر ربما قصة كلاسيكية للغاية ولكن طريقة التناول تختلف لتنقلك إلى الحلقة الثانية التي ربما أحد أفضل الساعات في تاريخ الدراما القصيرة على الاطلاق، حلقة امتازت بحوارات آخاذة وبتمثيل ممتاز، الكتابة في تلك الحلقة كانت غريبة للغاية، الغرابة تلك تمثلت على الشاشة بشيء لا يمكن وصفه حقاً سوى أنّه ابداع وامتاع، دراما مميزة للغاية، خلال الحلقات ومرور السنوات استطاع المسلسل أن يأخذنا ويسلط الضوء على أحداث كثيرة في حياة أوليف، زواج ابنها الأول، فشل ذلك الزواج، مرض زوجها، تصرفها حيال ذلك، ماضي أوليف مع والدها الذي انتحر ثم تكتمل الاحداث حتى نرى زواج ابنها الثاني وذهابها لتقضي بعض الايام معه ثم وفاة زوجها، زوجها الذي لم يكن يوماً كاملاً في الواقع أوليف لا تعترف بالكمال، هي شخصية منتقدة للغاية لا يمكنك أن تفعل أي شيء أمامها دون التعرض للنقد، هي شخصية يمكن أن تصفها بالجنون فهي واضحة وصريحة للغاية ومتسلطة جداً، مما أثر للغاية على حياة ابنها بالطبع وكذلك علاقتها بزوجها الذي فور ما رحل أصبح ملاك وأصبح أفضل رجل بالعالم، تلك النظرة الواقعية للغاية لموضوع الموت وكيف أنَّ الراحل يُصبح بعين البقية ملاك وينسون جميع أخطاءه بشكل نسبي خاصةً بالنسبة لشخص مثل اوليف كان ينتقد كل شيء حيال هنري، ثم الفكرة العامة للانتحار التي قدمها المسلسل فكرة واقعية للغاية والنظرة حيالها مميزة جداً خاصةً بالنسبة لشخص فقد كل شيء تقريباً في حياته، المسلسل على مستويات القصة قدم دراما تستحق أن يتم النظر فيها كثيراً واستطاع أن يفي بالكلمات التي كُتبت على بوستره“ لا وجود للحياة السهلة.“

على  المستوى الفني فرغم أنَّ وصف اوليف في الرواية لا يشبه أبداً بنية Frances McDormand ولكنها استطاعت بطريقة غريبة أن تتقمص الدور لتقدم أحد افضل الادوار النسائية في المسلسلات القصيرة وربما أفضل دور نسائي درامي في العام الماضي بشكل عام، لتنضم لأسماء مثل النجمة Kate Winslet وClaire Danes اللتان استطاعا أن يُقدما ابداع درامي رائع للغاية في المسلسل القصير Mildred Pierce والفيلم التلفزي Temple Grandin، طريقة تقمصها لشخصية أوليف كان رائعاً للغاية وبتفاصيل دقيقة جداً استطاعت أن تقتنع بتلك الشخصية وأن تقدمها لك بكافة تفاصيلها وردود أفعالها بشكل ممتاز، على المستوى الكتابي المسلسل استطاع أن يقدم نفسه بحوارات واقعية لدرجة كبيرة للغاية وخالية من المبالغة، تلك النزعة الواقعية في الساعات الأربعة كانت شيء من ضرب الخيال صراحةً فلا تشعر أبداً انك في حضرة مسلسل بقدرما تشعر أنّكَ في حضرة مشاهد قد تحدث في أي مكان وتصرفات الشخصيات حولها كانت مكتوبة بحرفية عالية وهنا أعتقد يُنسب الفضل للرواية قبل كل شيء، على المستوى الاخراجي المسلسل كان جيداً جداً لم يقدم شيء كبير للغاية ولكن قدم تلك النظرة السوداوية أحياناً والبيضاء احياناً آخرى حسب الاحداث في الحلقات وهذا كان جيد للغاية، اختيار مناطق التصوير كان مميز حقاً والموسيقى التصويرية كانت ممتازة للغاية.

بشكل عام لا يوجد الكثير للتحدث عنه سوى أنَّ المسلسل  بالنسبة لي أحد أفضل انتاجات العام الماضي وأحد أفضل الانتاجات القصيرة على الاطلاق، بينما أنتظر للغاية هذا العام المسلسل القصير Show Me A Hero للكاتب ديفيد سايمون، الذي أعتقد أنّه سيكون أحد أفضل الانتاجات القصيرة على الاطلاق، هذا ما عودني عليه ديفيد سايمون وHBO.

التقييم النهائيّ

الكتابة: ربما ننسب الفضل الكبير للرواية ولكن كعمل فني، الكتابة فيه كانت ممتازة للغاية
التمثيل: رغم صغر الكاست تقريباً، ولكن ابداع البطلة اعتقد يستحق علامة عالية للغاية، فقد قدمت الشخصية الرئيسية بشكل ممتاز للغاية
الإخراج: لا شيء فوق العادة ولكن ليس سيء كذلك، استطاع تقديم المسلسل بشكل جيد جداً.
رأي شخصي: مسلسل ممتاز، لا يُفوت لعشاق الدراما الاجتماعية، يقدم نظرة مختلفة للحياة نسبياً ويقدم لك 25 عاماً من تاريخ شخصية مختلفة نسبياً وهي تصارع الزمن والتغيرات
7.25 / 10 أحد أفضل الانتاجات القصيرة في السنين القليلة الماضية، 4 ساعات من ابداع الدراما الاجتماعية المميزة