غيم اوف ثرونز, الموسم 4 الحلقة 9: الدرع الذي يحمي ملكوت الرجال

قبل أن أبداً بالحديث عن الحلقة دعونا نتفق ان هذه الحلقة إخراجياً يمكن اعتبارها من أفضل الحلقات إخراجاً في تاريخ التلفزيون كله, لكن لا اظننا سنختلف حول ان الإخراج و المؤثرات البصرية ليست الشيء الرئيسيّ الذي نبحث عنه في هذا المسلسل؟

أتفهم أن هذه الحلقة هي تتمة لأسطورة الحلقة التاسعة و خليفة لحلقة معركة بلاكووتر التي أخرجها نفس مخرج هذه الحلقة, السيد (نيل مارشل). لكن على مستوى القصة, هذه الحلقة لو أضفنا عليها مشهداً جنسياً واحداً لما امكنني التفريق بينها و بين حلقة من سبارتاكوس..

لحظة, لحظة, قبل أن تطالبوا بخوزقة رأسي على رمح بتهمة التجديف على غيم أوف ثرونز إسمعوا ما لدي لأقوله. وبدل أن أحكي لكم ما حدث في هذه الحلقة أفضل أن أتحدث عنها.

Game Of Thrones S03E09 (2)

الوسيم (جون سنو) أصلاً, مناصفة مع (دينيريس), يعتبر أكثر شخصية مملة سواء بالروايات أو بالمسلسل. طبعاً إذا كنت من مناصري (جون سنو) ستخالفني الرأي, لكن حتى كبار مُحبي علاقة (جون) و (يغريت) سيجدون صعوبة في إعطاء قوة كافية لمشهد تتلقى فيه هذه الأخيرة سهما في صدرها. ذلك المشهد كان كفُسحة من كل ذلك القتال, في محاولة لإعطاء المشهد ثقلاً أكثر, لكن لأن هذه الشخصيات كانت بعيدة عنا و عن بعضها البعض لمدة طويلة فإن ذلك المشهد لم يتعدى كونه مجرد فسحة. متى كانت أخر مرة رأينا فيها (جون) و (يغريت) معاً؟ موسم بأكمله, وهذا فقط اذا حسبناها بعدد الحلقات, ففي الحقيقة هذين الإثنين كانا مفترقين ما يجاوز السنة.

مشكلة الحلقة ليست الحلقة بنفسها, فحلقة من هذا النوع كانت لتكون نهاية ممتازة لمحور مغاير هذا الموسم, لكن مشكلة الحلقة هو ان هذا الموسم كان يركز بشكل كبير على محور بوريال لدرجة أن فكرة إعطاء حلقة كاملة لمحور كان مهمشاً طوال الموسم لا تبدو منطقية للغاية. محور السور اقتصر على اجتياح القرى و اغتصاب النساء لأن شخصيات هذا المحور ليس لديها شيء أخر لتفعله.

Game Of Thrones S03E09 (5)

اذا عدنا إلى حلقة بلاكووتر, فسوف نرى أن تلك الحلقة أحتوت على مشاهد مهمة جدة لعدة شخصيات. ليس (تيريون) وحسب, بل أيضاً (سانسا), (سيرسي), (جوفري), الدموم, (دافوس) و (ستانيس) و… أنتم تفهمون مقصدي. والشخصيات التي لم تطرأ عليها أية تطورات في تلك الحلقة فإنها تأثرت بطريقة أو بأخرى بالمعركة. حلقة هذا الأسبوع فشلت لأن الشخصيتين الوحيدتين التي قد يهتم لها المشاهد هما (جون) و (سام), وكلاهما مجرد شخصيتين تستغرب بقاءهما على قيد الحياة لحد الساعة بينما شخصيات أخرى لديها محاور أكبر و أهمية في القصة ماتت بكل سهولة.

Game Of Thrones S03E09 (11)
إبتسامة (جون سنو) الأحيرة

حسناً, حسناً. هذه الحلقة تعتبر لحظة كبيرة في محور (جون): تموت (يغريت) و يصبح هو الوحيد القادر على قيادة حرس الليل. لكن هذه الحلقة لم تكتفِ فقط بالمرور على هذه اللحظة مرور الكرام, بل مددت المعركة إلى حلقة أخرى بحيث تكون هذه الحلقة هي الليلة الأولى وحسب من المعركة. و بدون أن أحرق أي شيء, فإن ما ما رأيناه في هذه الحلقة يمكن ان نصفه بأنه يكاد يكون عديم الأهمية ولا وزن له ليس فقط في محور (جون), بل في محور المعركة كلها لدرجة أن نفخها لمستوى معركة بلاكووتر يبدو بلا فائدة. و إنهاء الحلقة على مشهد تشويقيّ يجعل هذه الحلقة تبدو وكأنها مجرد إستعراض لميزانية هذا المسلسل.

أما (سام), فلا أعلم ما الذي يمكن أن نعتبره لحظة كبيرة في محور (سام) في هذه الحلقة. تقبيل (غيلي)؟ قتل أحد الهمج؟ إعطاءه وعداً لـ(غيلي) و حفاظه عليه؟

Game Of Thrones S03E09 (12)
هذه الحلقة شهدت وفاة كل أصدقاء (جون), لكن لا يزال أعداءه (داخل القلعة وخارجها) على قيد الحياة…

هاهنا تقع مشكلة هذه الحلقة, فهي حلقة مصنوعة على أنها حلقة كبيرة في مسيرة هذا الموسم, لكنها تجهل أن الماموث والعمالقة و مشاهد القتال ليست الشيء الذي يجذبنا بالدرجة الأولى إلى غيم أوف ثرونز.

إذا أردنا تلخيص هذه الحلقة, فسنقول أنها حلقة يتبادل فيها الرجال الأدوار في إظهار رجولتهم بطريقة تبدو مترابطة لكنها في الحقيقة مشتتة. إنها حلقة عن القتال و الرجولة و الحديث عن الجنس. مجموعة افكار مشتتة رُميت وسط مشاهد دموية وكأن هذه الأفكار سترتبط ببعضها البعض بطريقة اوتوماتيكية في دماغ المشاهد, لا حاجة لأن تربط بينها على الورق. لا تفهموني خطأ, لا أمانع قصة عن القتال و الرجولة و الحديث عن/ممارسة الجنس, رأيت هذه القصة في أفلام و مسلسلا كثيرة, المشكل هو ان هذه القصة لا تنفع هنا.

الطفل الذي قتل (يغريت) هو نفسه الطفل الذي قتلت (يغريت) والده عند اجتياحهم للقرية
الطفل الذي قتل (يغريت) هو نفسه الطفل الذي قتلت (يغريت) والده عند اجتياحهم للقرية

لا سبب يدعو المرء ليشاهد هذه الحلقة سوى المؤثرات البصرية و الاخراج الذي يمكن اعتبارهما من أفضل ما عرض على التلفزيون منذ وقت طويل. غابات محترقة, و سلسلة حديدية عملاقة تقتل المتسلقين, رماح مشتعلة… الخ, كل هذه الأشياء كانت ممتازة وحتى شخص لم يشاهد المسلسل قط كان بإمكانه الاستمتاع بها, لكن هذه ليست سمة غيم أوف ثرونز, حلقة بلاكووتر نجحت لأنها كانت مزيجاً بين الجانب البصريّ و الجانب البشريّ, وحلقة هذا الأسبوع نجحت في الأول وفشلت في الثاني.

التقييم النهائيّ

الحلقة: إخراج خرافيّ و كتابة سيئة
7 / 10 تتبقى حلقة واحدة فقط و محاور كثيرة لِتُختتم. وبالنظر إلى إنزياح مسار المسلسل عن مسار الرواية, كل شيء ممكن حدوثه في الحلقة القادمة, وربما حيث ينتهي الكتاب الثالث و الموسم الرابع سيكونان نقطتين مختلفتين كلياً. لكن ما ليس شك فيه أنه بعد أسبوع واحد فقط سنعود إلى الانتظار سنة أخرى...