Africa أعظم برية في العالم بعدسة David Attenborough

لا شك لدى الجميع أنه بعد ما قام به السير (ديفيد أتنبورو) في تعاونه مع الـBBC في مجال الوثائقيات اكتسبت هذه الأخيرة معنى آخر، فبعدما كانت الوثائقيات سابقًامجرد تجميع لمقاطع من الطبيعة مع صوت راوٍ مملٍ صارالأمر أكثر من ذلك، صارت الوثائقيات أشبه إلى لوحات فنية، تشترك الطبيعة الأم في نحتها، من زوايا التصوير الجميلة، إلى صوت السير الآسر، ببساطة : الوثائقيات لم تعد كما كانت بعد الآن.

"افريقيا. أعظم برية في في العالم. المكان الوحيد على الأرض الذي يمكنك أن ترى فيه عظمة الطبيعة الكاملة."
”افريقيا. أعظم برية في في العالم. المكان الوحيد على الأرض الذي يمكنك أن ترى فيه عظمة الطبيعة الكاملة.“

يعود لنا (ديفيد) هذه السنة بتحفة أخرى من تحفه، فبعد تحفته السابقة Planet Earth لم يتوانى السير عن تقديم المزيد و المزيد من الوثائقيات الرائعة، لكنها كانت دائمًا لم تكن تصل إلى ما قدمه السير في تلك التحفة. لا تفهموني خطأ فكل أعمال دافيد أعتبرها من التحف الفنية لكن Planet Earth و Africa يغردان خارج السرب حسب رأيي الخاص.

اللسان يعجز عن الوصف، فبعد انتهائي من مشاهدة الحلقات الستة من هذا الوثائقي، تغيرت نظرتي كليًا للقارة التي أعيش فيها، فكما هي العادة، (دفيفد) دائمًا يهدف لإبراز ما هو خفي في الأماكن التي يزورها فبدءً بـ كالاهاري، مرورًا بالسافانا و الكونغو، إنتهاءً بالصحراء الكبرى، نجحت عدسات المصورين، في التقاط مقاطع ساحرة من القارة السمراء، مقاطعٌ في كثيرٍ من الأحيان تجعلك مشدوهاً فاغر الفاه فتعيدها أكثر من مرة. و من شدة غرابتها، لولا أن الحيوانات هي من تقوم بها لصاح العديد من المشاهدين بعد رؤيتها: هذا مجرد تمثيل!

Africa

عندما يستمر تصوير وثائقيٍ لمدة تفوق الأربع سنواتٍ، تأكد من أن عدستك ستلتقط لقطات لم يرها أحدٌ من قبل، لقطات تفوق الخيال: زرافتان تتقاتلان حول الأرض الوحيدة الموجود فيها الماء و الغذاء، حياة وحيد القرن الاجتماعية وكيف يرحب بأقرانه…

و أهم ميزة تجذب للعمل أن تلك اللقطات ذات الجودة العالية تجعل المشاهد يعيش اللحظة، فعن نفسي في نزال الزرافتين، بكيت قليلاً لما سقطت الزرافة الهرمة في نزال البقاء، و هنا تبرز قوة المؤثرات الخاصة التي يقوم بها طاقم العمل، مثل لقطات الحركة البطيئة حينما تتحرك الحيوانات بسرعة كبيرةٍ كدعوة للتأمل في خلق الله.

سبب آخر لنجاح العمل حسب رأيي و ربما يكون أهم سبب، هو صوت السير ديفيد الآسر، الذي يتماشى بشكل رائع مع الصورة، و يعطي للعمل لمسة درامية و تناسقًا رائعًا، فبدون شك أن الوثائقيات لن تبقى كما كانت بعد أن يودعنا هذا الرجل العظيم، و من جهة أخرى لا ننسى أن نشكر طاقم العمل على تأليف موسيقى خاصة به، موسيقى عذبة زادت متعة المشاهدة أضعافًا مضاعفة.

حاولت البحث و البحث عن عيوب في هذا العمل، لكن بالنسبة لي لم أرى نقصًا واحدًا فيه، من جمال الطبيعة، إلى واقعية الأداء، و صوت السير العذب، أصنف هذا الوثائقي في هرم وثائقيات الطبيعة التي تابعتها في حياتي بجانب تحفة Planet Earth.