غيم أوف ثرونز, الموسم 6 الحلقة 9: أحارسة أنا لأخي؟

في المواسم الأولى من غيم أوف ثرونز كانت العادة هي تجاوز مشاهد المعارك الكبيرة, وهو أمر أتذكر أنه كان يثير حفيظة الكثير من متابعي المسلسل الذين يرونها ضرورية, بينما لم أكن أمانع الأمر حقاً. هذا التجاوز لم يكن بلا مسوغات, بل أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل منه خياراً سديداً, أبرزها هو تكلفتها العالية بالطبع, مما يعني أن جوانباً أخرى من المسلسل قد تتضرر من جراء ذلك, وأيضاً كون إظهار المعارك أمراً غير ضروريّ لإظهار تأثيرها على الشخصيات المشاركة في المعركة وعلى الشخصيات المرتبطة بها. لكننا الآن وصلنا إلى نقطة أصبحت فيها المعارك شيئاً عادياً في المسلسل وغير استثنائيّ البتة. بينما يتحسن الجانب البصريّ في حلقات المعارك موسماً بعد موسم, لا يبدو أن الجوانب الأخرى منها, والتي يكون لها تأثير أكبر على سير القصة بشكل عام, شهدت أي تحسن على الإطلاق.

توقعاتي عند مشاهدة الحلقة كانت تقريباً هكذا: مشاهد قتال مخططة بدقة فائقة, إخراج رائع, حركات بطولية من الشخصيات, بعض المفاجئات, وإعلان بريان وتورموند حبهما للعلن بقبلة ساخنة. بعضكم قد يكون أن توقعاتي هذه عالية جداً, تباً لكم أنا أخالفكم الرأي, أنا أقول أنها ليست عالية كفاية.

على غير عادة الثرونز الذي تلذذ في تعذيب وقتل الستاركيين, هذا الموسم كله بدا وكأنه داعم لهم بشدة, وحتى لو لم يكن الموسم هكذا فإن موت جون و سانسا كان ليكون حركة غبية عند هذه النقطة في القصة بالنظر إلى كل هذا الوقت الذي قضاه المسلسل في تطوير شخصيتيهما. ثم إن مات جون, من سيحمي ويستيروس من خطر السائرين البيض؟ فلذلك توقعاتي هنا كانت مثل توقع أي شخص تابع هذا الموسم عن كثب. طبعاً ليس لدى جون القوة الكافية لضمان الإنتصار على رامسي وجيشه, لكننا كنا نعرف شيئاً يجهله: رسالة سانسا إلى الخنصر التي تطلب فيها دعمه.

مع ذلك, كنت لا أزال آخذ بالحسبان أن المسلسل قد يقتل جون سنو, وربما هذه المرة للأبد, وإن حصل ذلك فإنه لن يكون شيئاً غريباً جداً على هذا المسلسل الذي يتلذذ في تعذيب مشاهديه.

game-of-thrones-69-1
هل لا تزال ميليساندري موجودة في هذا المسلسل؟ كل ما فعلته في هذا الموسم هو إعادة جون سنو للحياة والعبوس. يبدو أن عبوس جون سنو انتقل لها خلال طقوس إعادة إحياءه.

هذه الحلقة هي أول حلقة نرى فيها بشكل بارز للغاية مقدار التأثير الذي خلفه كل ما حدث لسانسا عليها وعلى شخصيتها. مستمدة من تجربتها الشخصية, تنصح جون أن لا يسقط في الفخ الذي سيضعه رامسي له, بما أنها أصبحت تعرف هذا الأخير بشكل أفضل منه.

فلذلك كان من المزعج جداً رؤية جون في الصباح التالي يقع بكل غباء ضحية لكل أفخاخ ومناورات رامسي. لقد رأينا تنفيذاً مثالياً لكل ما أراد معذبنا المفضل أن يحدث. إنه داهية عسكرياً واستراتيجياً, يقوم بأشياء لا أحد في ويستيروس كلها يعرفها. لا ننسى أنه الرجل الذي أفسد هجوم ستانيس مستخدماً المكر والخديعة لإعطاء نفسه التقدم على الملك الحق, وما فعله في هذه المعركة يشهد له كذلك بمدى فهمه لفن الحرب.

فلا عجب أن جون لم يكن نداً له أبداً ولم يستطع سوى الصمود إلى حين قدوم فرسان وادي أرين لإنقاد مؤخرته, في مشهد يذكرنا بقدوم جيش لانيستر وتايرل لإنقاذ بوريال في اللحظات الأخيرة من معركة خليج النيرا, أو مشهد قدوم جيش ستانيس لإنقاذ جون وحرس الليل في اللحظات الأخيرة من معركة السور, أو حتى قدوم جيش الدوثراكيين في هذه الحلقة في اللحظات الأخيرة من معركة ميرين. أظن أنكم فهمتم ما أرمي إليه, كتابة ضعيفة للغاية.

game-of-thrones-69-2
جيش جون لم يكن أكبر لكن كانت لديه اللحى الأفضل. ثم بربكم, ألم يكن ممكنا أن يحمل ذلك العملاق سلاحاً من نوع ما؟ شجرة أو عموداً مثل ما فعل في هاردهوم؟

جون لم يكن له أي فضل على الإطلاق في انتصاره في معركته هذه, ولم ينفع سوى في تهشيم وجه رامسي بعد انقضاء الأمر. الفضل يعود طبعاً لسانساً, التي فضلت أن تعقد اتفاقاً مع الشيطان على أن تسلم نفسها من جديد لذلك الشيطان الآخر. أنا فضلت أن أترك فرصة للمسلسل ليبرر عدم إخبارها لجون في الحلقة القادمة, لكن استناداً إلى المعلومات المتوفرة لدينا لحد الساعة هناك ما يقال مع و ضد إختيارها هذا.

من غير المنطقي أن تشتكي سانسا من عدم إخراطها في التجهيزات للمعركة, خصوصاً وأن جون أعطاها فرصة لتتكلم في تلك اللحظة, وهي اختارت أن لا تخبره أن قدوم اللورد بايليش وجيشه فرصة واردة. هي, تقنياً, كانت تعرف أن أخاها في وضعية خاسرة للغاية وغامرت بأن يتعرض للقتل هو الأخر مقابل ماذا؟ الفرصة للتبجح بدورها في الإنتصار؟

طبعاً يمكن شطب هذا إلى مجرد تطور لشخصيتها, فبعد أن رأيناها تعتبر أخاها ريكون ميتاً بالفعل وعدم تفكيرها باحتمالية إنقاذه وكذا الطريقة الوحشية التي قضت بها على رامسي, يمكننا أن نفترض ان سانسا أصبحت فعلاً شخصاً مختلفاً, وأن تضحيتها بأخيها جون لأجل إستعادة مسقط رأسها لا تبدو فكرة مستبعدة للغاية.

جون, من جهة أخرى, يشبه أباه (المزعوم) في نبالته وشرفه, لكن أيضاً في سذاجته وعدم قدرته على تخيّل مدى وحشية الآخرين. جون ليس لديه أي خبرة عسكرية حقيقة, ولا يعرف إستراتيجيات الحرب, هو قائد ويجيد قيادة رجاله, لكن هذان أمران مختلفان. وحتى إن قلنا أنه كان أفضل من أخيه روب مع أمه كاتلين فيما يخص الاستماع لمنظور شخص يرى أن المعارك ليست فقط تخطيط وهجوم, إلا أنه تجاهل نصيحة سانسا حول واحد من أهم قواعد الحرب: أن تعرف عدوك.

حتى لو كان لدى جون القوة الكافية فإن رامسي كان سيتفوق عليه بطريقة أو بأخرى, فبكونه الطرف في المعركة الذي يمكنه الإختباء داخل قلعة, فإنه كانت لديه أكثر من أفضلية على نغل وينترفل, فكما قال رامسي نفسه, الأحصنة لا تنفعك إلا عند المواجهة المباشرة. فبعدم إطلاع جون على جيش الوادي, لم يدخلهم في مخططه ولم يكن لدى رامسي أي فرصة لأخذ ذلك في الحسبان (مثلاً بعدم التضحية بجيوشه كما فعل). فلذلك عنصر المفاجئة كان هو الطريقة الوحيدة للإنتصار بالنظر إلى كل هذه الظروف, مما يجعل ما فعلته سانساً, حتى لو افترضنا أنه لم يكن لها أي يد في توقيت قدوم جيش الوادي, نوعاً من العبقرية. كما قلت, هناك طريقتان للنظر للأمر, لكنني سأؤجل الحكم إلى أن تتوفر معلومات أكثر في الحلقة القادمة, إن توفرت أصلاً.

game-of-thrones-69-5
”لا يُمكنك قتلي, أنا جزء منك الآن“ – رامسي قاتل العمالقة. في ما يبدو أنه إشارة أخرى إلى ذلك الشيء الذي يظن الجميع أنه حدث.

عندما أعلن روبرت براثيون ثورته لم يكن هناك أي طريقة لتخمين أن هذه الثورة ستؤدي إلى مقتل نصف عائلة صديقة. فقدنا أربعة (نيد, كاتلين, روب و ريكون), وتبقى أربعة (سانسا, أريا, بران و جون سنو). طبعاً, روبرت لم يكن السبب الرئيسيّ في هذه المأساة, بل من بدأها فقط, المُلام هنا هو اللورد بايليش ولا أحد سواه. هو من أقنع لايسا بقتل زوجها, الأمر الذي ترك منصب ساعد الملك شاغراً, وهو من قام بخيانة نيد, بدون أن ننسى كل تلك المخططات العديدة الأخرى التي لم تكن تهدف سوى لإثارة الفوضى وإضعاف خصومه وتقوية سلطته.

فلذلك عندما تأخذ كل هذا بعين الإعتبار يمكنك أن تقول أن الأخيار إنتصروا في هذه المعركة, والأشرار كذلك, فماذا يكون الخنصر سوى شخص شرير. السؤال الآن هو ماذا سيريد الخنصر مقابل هذه الخدمة؟ أظن أننا جميعاً نعرف ما يريده, ويمكننا جميعاً ان نتخيل ما قد يفعله إن لم ينل ذلك, خصوصاً وأنه الوحيد في الشمال حالياً الذي يملك جيشاً كاملاً. لترحم الألهة القديمة والجديدة سانسا.

أحدهم اقترح فكرة بدت أفضل لي مما رأيناه اليوم: ماذا لو لم يفصح المسلسل أبداً ان رامسي يملك ريكون؟ ماذا لو احتفظوا بذلك كمفاجئة لنا ولجون؟ كان هذا ليكون تفسيراً منطقياً أكثر للطريقة التي بدأت بها المعركة, بدون أن نذكر أن هذا كان ليكون له تأثير عاطفيّ أقوى, ومفاجئ أكثر من أي ما حدث في هذه الحلقة. بدلاً من ذلك, رأينا جون يركض نحو شخص يهرب في خط مستقيم من صياد ماهر, شخص لم نره يتكلم هذ الموسم على الإطلاق. لا أفهم هذا, هل فقد الممثل حباله الصوتية أم أن الكتاب لم يثقوا في قدرته على تأدية سطر أو سطرين؟ بربكم!

game-of-thrones-69-3
*ذهن رضوان يسرح متذكراً مشاهداً من الرواية بين دينيريس وخادماتها*

بعد رؤية رامسي وهو يؤكل من طرف كلابه التي ظن أنها وفية له, يصعب تذكر ذلك الشعور عند رؤية يارا ودينيريس ينخرطان في ما يشبه مغازلة ملكية, وأيضا رؤية ثيون وتيريون في مشهد واحد لأول مرة منذ الموسم الأول. هل تتذكرون تلك اللحظة؟ لحظة معانقة دينيريس لذراع يارا؟ صعب, أليس كذلك؟ خصوصاً بعد قضاء وقت طويل في مشاهدة أحشاء رجال وهي تنسكب, وتراكم جثثهم في كومة غير معقولة من وحشية الحرب.

مشهد دينيريس ويارا كان مختلفاً, بالرغم أنه هو الأخر كان يدور في إطار مشابه للغاية, لقد كان مشهدا حول امرأتين ترفضان تقبل هذا العالم الرجاليّ كما هو, امرأتان تتشاركان في كون أبويهما أشراراً ومجانين جعلوا العالم مكاناً أسوء, امرأتان مستعدتان لترك العالم أفضل مما هو عليه. لقد كان مشهداً جميلاً, وهذا أقل ما يمكن قوله عن مشهد يدمج إثنين من أقل محاور المسلسل إثارة للإهتمام.

لنختصر الأمر, حدثت ثلاثة أمور مهمة في ميرين:

الأول هو البديهيّ من بينهم: إنقاذ دينيريس لميرين بواسطة تنانينها الثلاثة في مشهد مبهر بصرياً, ولو أن المؤثرات البصرية لم تكن بنفس الجودة في كل لقطات ذلك المشهد إلا أن هذا لا يستنقص حقاً من مدى جمال المشهد ككل, بصرياً على الأقل.

كتابياً, لم يكن الأمر مبهراً جداً بل كان متوقعاً للغاية. أعني, بالله عليكم, هل ينسى النخاسون أنها تملك ثلاثة تنانين؟ وإلا كيف لا يزالون يتفقون على اللقاء في أماكن مفتوحة؟ وسؤال أهم من هذا: هل يشعر التنانين بالغيرة من فيسيريون لتفضيل أمهم له عليهم مثل كل أشقاء العالم؟

الأمر الثاني كان شبه مبطن: يخبر تيريون دينيريس بالكثير من الأشياء حول النار الإغريقية ووجودها تحت العاصمة, بالرغم من أن الوضع الحاليّ لم يكن يستدعي ذلك.

لماذا هذا أمر مهم؟ يظن الكثيرون أن هذا هو ذلك الشيء الغامض الذي دار حوله الحديث بين سيرسي وكايبورن, وأن هذا المشهد لم يكن يهدف سوى لتجهيزنا لأياً ما ستفعله سيرسي في الحلقة القادمة.

الأمر الثالث: الإتفاق بين دينيريس ويارا حول مساعدة أم التنانين كاسرة القيود وشاوية النخاسين في سعيها نحو العرش الحديدي مقابل استقلال جزر الحديد, بشرط تخلي بني حديد عن عاداتهم المتخلفة. والذي يبدو أنه سيكون المحور الرئيسيّ الموسم المقبل وفيه سنرى عين الزاغ بوجهه الحقيقيّ.

game-of-thrones-69-4
شيء آخر سيكون مثيراً للإهتمام: إندماج الدوثراكيين في مدينة ميرين.

إذا كان هناك ما أعيبه على محور ميرين في هذه الحلقة (بجانب كون ذلك المهرجان البصريّ جد متوقع) هو التناقض الذي يتعامل به الكتاب مع دينيريس وتنانينها, ففي لحظة نراها عاجزة عن السيطرة عليهم, وفي لحظة أخرى نراها تقودهم في هجمات منظمة على خصومها. اختارو جهة, هل تسيطر عليهم أم لا؟

بريفيو الحلقة القادمة

حيث تبدأ محاكمة سيرسي ولوراس, حيث يوصي جون سانسا بالثقة في بعضهما البعض, حيث يرسل والدر فراي تحيات آل فراي وآل لانيستر لجايمي (؟), حيث يظن الخنصر أن سانسا تعرف ما يريده, حيث يواجه دافوس ميليساندري أخيراً, حيث تدخل دينيريس الخائفة أخيراً ”اللعبة الكبرى“.

كانت هذه حلقة طويلة, لكنها لا شيء مقارنة بحلقة الأسبوع القادم ”رياح الشتاء“ التي تستمد اسمها من رواية جورج مارتن القادمة, والتي ستتكون من 70 دقيقة ويخرجها نفس مخرج هذه الحلقة. لنأمل أن هذا الوقت سيكون كافياً لختم معظم الأمور العالقة بطريقة مرضية.

التقييم النهائيّ

الحلقة: بالنظر إلى هذه التقييمات, لا أستبعد أن يقول لي أحد كارهي التغطية "تغوط سعيد" الأسبوع القادم قبل كتابتي لتغطية الحلقة.
7 / 10 مع انتصار سانسا وتعاون يارا ودندونة, يبدو أننا على وشك رؤية المزيد من النساء في مراكز سلطة مستقبلاً. لكن بالرغم أنني أعترف أن هذه حلقة مبهرة إخراجياً وتستحق جائزة إيمي للإخراج, إلا أنها ككل كانت مخيبة للأمال نظراً لفشلها في إعطاء أي بعد عاطفي لتلك الصور المبهرة. أحببت عدة لحظات ولقطات في الحلقة, وكيت هارنتون أثبت أخيراً أن لديه تعابير وجهية أكثر من وجهه العابس, لكن المعركة افتقدت للتوتر, وكان واضحاً أن جيش الوادي سيأتي للنجدة, فلم يكن هناك أي قلق من طرفي, الأكيد هو أن غيم أوف ثرونز يستحق التحية على نجاحه في القيام بمثل هذه الحلقات بمستوى عال من الجودة حتى مع توالي المواسم.