غيم أوف ثرونز, الموسم 6 الحلقة 8: كلمات أخيرة

بعد موسم كامل من الشكوى, قدم لي غيم أوف ثرونز أخيراً كل ما تمنيته في حلقة واحدة: تهديدات بقذف أطفال من على مِقْلاع, دحض نظريات الإنترنت المبالغ في تقديرها, تأكيد بعض من توقعاتي, حوارات جميلة, الكثير من النكات, وساوندتراك رائع. بالرغم من أنني أستغرب أن شريحة كبيرة من الجمهور لم ترق لها الحلقة, وهو أمر يمكنني تفهمه كذلك.

مما قرأته من أراء أصدقائي وأراء أشخاص أخرين, فإن غالبية من لم تعجبهم الحلقة كانت لديهم توقعات مختلفة لمسار الأحداث وهذه الحلقة خالفتهم في كل مرة. أحياناً ما يحدث أمامنا يكون فعلاً بالبساطة التي يبدو عليها, لكن بعض الأشخاص يعجزون عن منع أنفسهم من تحليل كل تفصيل صغير ومحاولة إعطاءه عمقاً لا وجود له في الحقيقة, مثلاً في محور أريا ظهرت نظريات مجنونة للغاية بدرجة جنون فايت كلوب, والتي بدت لي سخيفة للغاية ومبالغاً فيها, فعندما اختتم محور أريا في بيت الأبيض والأسود بأبسط طريقة ممكنة وبدون أي ”تويست يجعلك تعيد التفكير في كل ما رأيته في هذا المحور“ أصاب كل من راهنوا على حدوث ذلك في هذا المحور بالإحباط. من جهتي, لا أرى أن كل شيء في هذا المسلسل يجب أن يكون معقداً وأن يتطلب ذلك النوع من التحليل, وربما التويست هنا هو أنه لم تكن هناك أية تويست.

نفس الأمر مع نظرية نزال كليغين, والتي هي موجودة منذ سنوات طويلة, والتي تم دحضها بكل بساطة اليوم من طرف تومين, هذا أيضاً سرّني, لأنني عند نقطة معينة في هذا الموسم كنت أشعر بأن المنتجين يقومون بتحقيق أحلام الإنترنت عبر تنفيذ كل تلك الأشياء التي يظن الجميع عن يقين أنها ستحدث, ولو ان بعضها منطقيّ في سياق القصة إلا أنها — على أقل تقدير — لا يجب أن تحدث كما يتوقع كل اولئك الناس. ما أعنيه هنا هو أنه ما حدث اليوم لا يمنع أن تلك النظرية ربما ستتحقق في وقت لاحق, لكنها الآن على الأقل ستحدث بطريقة مغايرة وربما مفاجئة حتى, وهذا شيء جميل.

عدى عن كل هذا, هذه الحلقة أوضحت لي أن كل ما حدث في الحلقات الماضية لم يكن حقاً تجهيزاً لأحداث مستقبلية, وإنما فقط مجرد مجموعة من الأحداث التي حدثت في انتظار حدوث الحدث الكبير التالي, والذي يمكن أن نفترض انه هو ”معركة النغولة“ التي ستحدث في الحلقة القادمة.

game-of-thrones-68

يعود الدموم القاتل, وتعود معه اللحظات المضحكة. يلتقي كليغين من جديد بأخوية بلا راية, هذه المرة الإثنان يريدان نفس الشيء. يشنق الدموم إثنين من المتمردين, يسرق حذاءاً ويسأل عن الغذاء.

يدردش الجميع على مائدة الطعام حول المستقبل. دونداريون وجماعته على ما يبدو متوجهون نحو الشمال, ربما رأى ثوروس الميريّ شيئاً ما في النيران حول السائرين البيض؟ في كل الأحوال, الأخوية تبحث عن ”رجال طيبين“, وصف يبدو أنه أصبح ينطبق على الدموم, لينضموا إلى صفوفها. كليغين يفكر في الأمر لكن لا يعطي إجابة واضحة, لكن يرجح أنه سيختار الإنضمام إليهم, أي خيار أخر لديه؟

الملحوظ هو أن الدموم يبدو متغيراً جداً عن الشخص الذي نعرفه, تجربة الموت او شبه-الموت التي مرت عليه خلفت على شخصيته أثراً واضحاً أكثر من تأثير عودة جون سنو على شخصيته, وعندما أقول واضح فإنني أقصد واضح جداً, طريقة كلامه أو حركته وكل شيء حوله يبدو هادءاً وخالياً من الهموم, وربما مضحكاً أكثر.

game-of-thrones-68-2

تعود أريا, المتأثرة بجراحها, إلى المسرح حيث توجد الليدي كرين التي تعتني بجراحها وتعطيها مخدر حليب الخشخاش (من الأسماء المفضلة لدي في المسلسل, ولحد الساعة لم استطع صنع نكتة حوله سوى ”حليب الخشخاش… المبستر!“), تستيقظ أريا على وقع مقتل الليدي كرين على يد التلميذة, ثم تهرب عن طريق النافذة, لحظة… لنتحدث عن هذا…

عدة طعنات في الجسد كفيلة بقتل محاربين أقوى وأضخم من أريا بكثير (أحدهم مات قبلاً في هذا الموسم بطعنة واحدة فقط!), لكن أريا تركض وتنجو من عدة قفزات من أماكن عالية بعد أن قامت الليدي كرين بتضميد جراحها (التي من الواضح انها عميقة, وتتضمن على أقل تقدير ضرراً لأعضاء داخلية) وإعطاءها مخدراً منوماً, في الواقع أريا يجب أن تكون عاجزة عن الوقوف حتى..

المهم أريا تقفز وتركض, التلميذة تبعها مشياً بكل هدوء, كشخص مصمم على الإنتقام (!), لكن مهلاً, التويست هنا هو أن أريا لم تكن تهرب, بل كانت تقود التلميذة إلى المكان الذي كانت تخبئ فيه سيفها إبرة, تتبع التلميذة آثار الدم التي تركتها أريا خلفها إلى أن تصل إلى ذلك المكان…. ثم تغلق الباب خلفها (!), وكما توقعت سابقاً, تستخدم أريا الأفضلية الوحيدة التي تملكها على التلميذة لتتغلب عليها: القتال في الظلام.

ثم تعود إلى جاكن هغار, الذي يبدو — بغرابة — شبه فخور بأن أريا اختارت ان لا تصبح لا أحد. بالرغم من أنني مبسوط أن أريا ستعود الآن إلى ويستيروس (وستتكلم أخيراً مع أشخاص يجيدون تكوين جملة مفيدة), إلا أنني محتار ومحبط من محورها كله وما أل إليه. صحيح أن أريا الآن أصبحت مقاتلة أفضل مما كانت عليه من أيامها مع الدموم, إلا أن هذه النهاية تعيدنا بالظبط إلى النقطة التي كنا فيها عندما تركت هذا الأخير ليموت متأثراً بجراحه.

حتى في الروايات لم يكن وضعها أفضل بكثير في الحقيقة, وكأن المقصد من هذا كله كان إزاحة أريا لبعض الوقت عن القصة الرئيسية عن طريق نفيها إلى إيسوس إلى حين وصول الوقت المناسب لعودتها للقصة وإلى ويستيروس (هذا إن لم تمت متأثرة بجراحها البليغة جداً), وقد يكون هذا أمراً مقبولاً في الروايات ويمكن تفهمه, لكن في المسلسل هذا أمر لا يغتفر.

يلا, على الأقل يمكننا القول ان كل هذا انتهى, والذي هو أفضل شيء يمكن قوله عن هذا المحور المريع.

game-of-thrones-68-3
عيد أم سعيد يا أمي, هديتي لك: لن تستطيعي استخدام وحشك الضخم في المحاكمة.

تحصل سيرسي على انتصار صغير عندما تختار العنف, لكن إنتصارها هذا لا يدوم طويلاً. تجد أم ميرسيلا نفسها في موقف صعب عندما يتم احراجها بالوقوف بجانب صغار علياء القوم بدل مكانها المعتاد بجانب الملك, لتسمع إعلانه يوم محاكمتها ومحاكمة لوراس, وفي نفس الوقت إصداره منعاً للمحاكمة عبر القتال.

يتمكن تومين بإيذاء أمه أكثر مما فعل جوفري في حياته كلها (أمر بدا مستحيلاً قبل موسم من الآن), وهذا الأذى يبدو واضحا على وجه سيرسي التي تتألم من الخيانات المتكررة لإبنها لها, نفس الإبن الذي قالت له أنها ستحرق مدناً من أجله (وهو أكثر مشهد معبر عن مقدار حب سيرسي لأبناءها برأيي) يحكم عليها — بشكل غير مباشر — بالموت. بالرغم من أنها شخص سيء, كما وصفتها أولينا عن استحقاق, إلا أنها ما كانت لتترك إبنها يقتل على يد متطرفين دينيين.

تومين أصبح رسمياً أسوء من جوفري. لكن دعونا لا ننسى النبوءة, تومين سيلقى نفس مصير إخوانه, وأمه ليست من النوع الذي يُعبث معه. الذي يعبث مع سيرسي تعزف أغنية أمطار كاستمير على مشاهده يا تومين, كما حدث معك في مشهد خروجك من القاعة, انت على وشك الموت يا تومين.

أيضاً, بينما كانت سيرسي تحدق في إبنها وهو يغادر القاعة, إنضم لها كايبورن في التحديق لوقت طويل حتى بعد مغادرة تومين (هل يقوم أي أحد في العالم الحقيقي بالتحديق في الخواء كما يحدث في المسلسلات والأفلام؟). آه, وقال لها شيئاً ما حول أنه هناك ”المزيد والمزيد“ حول شيء ما. وإذا لم تفهم ما الذي يتحدث عنه هذان, فهذا طبيعيّ لأن ذلك الغموض كان مقصوداً, لكنه يعني أيضاً ان سيرسي قد تقوم بشيء مفاجئ.

game-of-thrones-68-5
يبدو أن كل اللانيسترز يتشاركون في عدة أشياء كتوظيف متدينين لخدمتهم, وفقدان السيطرة/السلطة.

يغادر فاريس إلى ويستيروس للتجهيز لوصول دينريس إلى هناك, مما يعني أن هذا المحور على وشك أن يصبح مملاً من دون الثنائيّ تيريون/فاريس, ويعني أيضاً أن نكتتي حول لقاء يجمع ثيون بفاريس ودودة رمادية لم تعد صالحة, من الواضح أن غيم أوف ثرونز يكرهني.

يحاول الكُتاب من جديد مع مشهد يتضمن تيريون والعشيقين ميساندي & دودة رمادية, حيث يتبادل الجميع التهاني حول نجاح الصفقة التي عقدها تيريون مع النخاسين ويشربون نخباً لذلك. لكن يتضح في نهاية المطاف أن شكوكي (وشكوك دودة رمادية وميساندي أيضاً, لكن شكوكي أولاً, شكوكي مهمة جداً) كانت في محلها عندما تقرع أجراس المدينة بقدوم أسطول النخاسين الذين يشنون هجوماً على ميرين.

ثم فجأة في تلك اللحظة تصل دينيريس إلى ميرين على ظهر دروغون وتقول… لاشيء, مثل أم عادت مبكراً من سفرها لتجد أبناءها ”عاملين حفلة“. لا نرى دروغون إلا من بعيد وهذا يجعلني اتسائل ما إذا كان المسلسل استنفذ ميزانية المؤثرات البصرية على ذلك المشهد السخيف الذي قامت فيه دينيريس بمخاطبة الدوثراكيين على ظهر دروغون, وهو مشهد لم يكن ضرورياً البتة أن نراه على عكس مشهد هذه الحلقة.

كنت سأقول أن مشاهد تيريون وميساندي & دودة رمادية هي الأسوء في محور ميرين, لكن لم أكن أخذ بالحسبان أن هذا المشهد الغريب سيحدث الذي زاده غرابة أنها لم تتكلم حتى. تصل دينريس, الأعداء يهاجمون و… لا يحدث أي شيء, ولا تنطق أي كلمة.

رغم ذلك, لا ينفي هذا المشهد الغريب السوء الظاهر على مشاهد تيريون & ميساندي ودودة رمادية, إنها أسوء مشاهد الحشو في المسلسل, لأنه يجب علينا أن نتظاهر بأنها مسلية رغم أنها في الحقيقة ليست مسلية البتة, ولا تضيف أي شيء للمسلسل ولا تنفع سوى كحشو لعين.

ما تعلمناه من هذا المحور في هذا الموسم هو أن تيريون يستطيع أن يجعل أي مشهد رائعاً, باستثناء ما إذا وضعته مع أكثر شخصيتين مملتين في المسلسل.

game-of-thrones-68-6

هناك شيء واحد وجدته صعب التصديق قليلاً: شبه-تمرد جيش تولي على القرموط.

بربكم, نحن نتحدث عن الرجل الذي نجا من الزفاف الأحمر, جمع جيشاً و استعاد قلعة فرات. ثم فجأة وبدون داعي, يفضل نفس الجنود الذين ساعدوه في استعادة القلعة تجاهل أوامره والإستجابة لإدميور تولي الذي كان أسيراً لدى عدوهم, والذي من الواضح أنه يتصرف تحت أوامرهم. من الصعب التصديق أن هؤلاء الرجال تملكهم فجأة ولاء أعمى لإدميور تولي, بدل الرجل الذي, تحت إمرته, مكنهم من إستعادة القلعة. صعب جداً.

بعد أن يفعل إدميور تماماً ما توقع القرموط أن يفعله, يقرر هذا الأخير البقاء والقتال بدل الهروب, ”لم أخض قتالاً حقيقياً منذ فترة طويلة“ يقول, ونحن كذلك يا بريندن, نحن كذلك لم نر قتالاً حقيقياً منذ 5 حلقات.

أنا أتفهم إنزعاج الكثيرين من عدم رؤية شخص أسطوريّ كالقرموط يقاتل حتى أخر رمق, لكنني أتفهم أيضاً سبب تجاهلهم لذلك. أولاً, لا أتوقع أن القتال كان ليكون بروعة قتال برج السرّاء مثلاً, فلا أشعر أننا فوتنا رؤية شيء كبير؛ ثانياً, لو كان موت القرموط مهماً (أو بقاءه على قيد الحياة) لكنا قد رأيناه, لكن من الواضح أن شخصيته استنفذت أهميتها في القصة؛ ثالثاً, يحتمل أن القرموط لم يمت فعلاً, أو كما اقترح أحدهم: القرموط (متنكراً) هو من قال لجايمي أن القرموط مات.

على أية حال, القرموط يبقى ليقاتل وبريان تهرب برفقة بودريك. يلوح لها جايمي عندما يرى قاربهما وهو يطفو بعيداً عن القلعة. لقد أعطاها سيفه, ربما لا يزال فعلاً شرف و طيبة في داخل جايمي, لكن يبدو أن هذه الحلقة لم تكن اللحظة التي سنرى فيها هذا الجانب الطيب منه يظهر فعلاً.

مما يدفعني للتساؤل حول الهدف من هذا كله؟ ماذا كان الهدف من الحصار؟ ماذا كان الهدف من إرسال بريان للحصار؟ كنت أظن أن هذا الحصار سيكون اللحظة التي ستغير جايمي وتجعله جانبه الطيب يظهر, لكنني كنت مخطئاً. فلذلك عندما أنظر للأمر برمته فإنني محبط قليلاً من هذا المحور, ولست راضياً عليه كلياً.

game-of-thrones-68-7

هذه الحلقة طرحت تساؤلات عديدة تستدعي التفكير, نذكر من بينها: هل جايمي أقل أو أكثر شراً عندما يستعيد قلعة بدون قتل أحد (تقريباً) لكن بعد التهديد بقتل طفل رضيع؟ كيف يحفز الحب و العنف بعضهما البعض, وكيف يمنع أحدهما الأخر؟

ما الخلاصة التي خرجنا بها من هذه الحلقة؟ أظن أن هذه الحلقة كانت تدور حول الشخصيات وكيف يرى كل شخص نفسه, عن طريق جعل كل شخصية تقول بصوت عالِ كيف ترى نفسها.

أريا: ”أنا أريا ستارك“
جايمي: ”أنا أحب سيرسي“
تيريون: أنا أشهر قزم في العالم“

ليس من العيب أن يكون المسلسل واضحاً في ذلك (على عكس, مثلاً, ماد مِن, الذي يفضل التعامل مع مواضيعه بشكل مبطن أكثر) لكن المشكلة هو أن هذا أحياناً يجعل هذه الشخصيات تبدو أحادية المنظور بدل أن تكون شخصيات معقدة, إلى حين أن تحدث لهم أشياء أخرى تستدعي ظهور تلك التعقيدات من جديد.

إذا لم يكن كلامي واضحاً, ما أقصده هو أن المسلسل يجعل المشاهد يشعر بأن كل تلك التطورات التي رأيناها في شخصية أو أخرى ذهبت سدى عندما يراه يعود إلى نقطة البداية, ثم في الموسم التالي يكرر المسلسل هذه العملية. بعد فترة معينة يصبح الموضوع مزعجاً للغاية.

بريفيو الحلقة القادمة

مع تبقي حلقتين على النهاية هناك أسئلة تدرعم نفسها:

  • متى ستذهب أريا إلى ويستيروس؟ وهل ستلتقي بجون وسانسا؟
  • متى ستذذهب دينيريس إلى ويستيروس؟ وهل يمكن لأريا أن تذهب معها وتوفر أجرة السفر؟
  • كيف ينام جايمي في الليل؟
  • لماذا كان هناك حديث كثير حول كاتلين ستارك في هذه الحلقة؟

بريفيو الحلقة القادمة لا يعدنا بإجابة عن أي من هذه الأسئلة, لكنه يستعرض لنا معركة اللقيطين, التي سيخرجها نفس مخرج حلقة هاردهوم, وفيه تحذر سانسا أخاها من وحشية رامسي, ونرى فيه أيضاً دافوس الذي يبدو وكأنه اكتشف ما حدث لشيرين.

التقييم النهائيّ

الحلقة: أنا أشهر مُراجع طويل القامة لغيم أوف ثرونز في العالم
8 / 10 على ذكر دافوس, كيف تظنون أنه سيكتشف أن الساحرة الحمراء ضحت بشيرين وخسرت المعركة رغم ذلك؟ السيناريو المثاليّ بالنسبة لي هو أن يقرأ ذلك في مذكراتها الشخصية الحميمية التي تكتب فيها عن مجامعة (من تظنه) الأمير الموعود وإنجاب الأطفال (الشبحيين) منه, مستعيناً بدروس القراءة والكتابة التي تعلمها من شيرين. عدالة السماء!