VEEP: ”جوليا لوي درايفس“ هي نائبة الرئيس

هل تخلصت الرائعة (جوليا لوي درايفس) من لعنة ساينفلد؟ أم أنها ستعيش أبد الدهر تحت ظل (إلين بينيس)؟

منصب نائب الرئيس (أو نائبة الرئيس, في هذه الحالة) كان دائماً مصدر سخرية كونه منصباً يشغله من فشل في نيل الرئاسة, منصب بدون أي مسؤولية حقيقية. لكن مسلسل HBO الكوميديّ Veep يختار هذا كموضوع رئيسيّ له, بل إنه معنى إسم المسلسل.

العمل في السياسة يتضمن الكثير من المساومة. الجميع يريد مقابلاً لما يستثمرون فيه, سواء كان قانوناً, سياسة, موعداً أو معروفاً. الحصول على شيء بدون إعطاء أي شيء مقابله ليس شيئاً مستحيلاً, لكنه نادر الحصول.

مُشاهدة المسلسلات تشبه كثيراً العمل في السياسة: تريد شيئاً مقابل إستثمارك لوقتك في مسلسل معين. لكن رغم النقد الجيد الذي حصل عليه و الجوائز والترشيحات التي نالها, مسلسل VEEP لا يعطينا الكثير مقابل ما استثمرناه فيه. إنه مسلسل يدور حول مكتب يحتل الدرجة الثانية دائماً, لكنه أصبح بفعل ذلك بحذ ذاته مسلسلاً من الدرجة الثانية.

على عكس المسلسل الأصليّ الذي اشتق منه (و هو مسلسل بريطانيّ يدعى The Thick of It), المسلسل لا يتحدث في أية مواضيع مهمة, بالكاد مواضيع سخيفة, كمثال, إحدى الحلقات تدور حول المقارنة بين ملابس نائبة الرئيس (سلينا ماير) و زوجة الرئيس, التي لا تظهر في المسلسل حتى, ولا حتى الرئيس.

بدل ذلك, مسلسل VEEP يركّز على السياسة خلف الكوليس, كل تلك الصراعات و المشاحنات. لكن فريق المشاحنات الخاص بـ(سلينا ماير) غير مثير للاهتمام على الاطلاق, مع إستثناء وحيد لـ“غاري“ (الذي يلعب دوره Tony Hale), مُساعد (سلينا ماير) الحاضر و الجاهز دائماً, الذي يعرف كل كبيرة وصغيرة عن (سلينا) و كذا عن الشخصيات التي تلتقي بها في كل اللقاءات.

عدى عن ذلك, فالمسلسل تقريباً بلا أنياب, ساخر لكن ليس بذكاء. بداية, ليس لدينا أية فكرة عن ميول السيدة نائبة الرئيس السياسية, سوى إهتمامها بعقد لـ“الوظائف النظيفة“ (أياً ما كان هذا يعنيه), وهو فرصتها الوحيدة لتترك بصمتها على إدارتها.

تلعب (جوليا لوي درايفس) دور (سلينا ماير), نجمة صاعدة من حزب لم يذكر قط في المسلسل. لكن المسلسل لم يذكر لنا كيف وصلت (سلينا) إلى هذا المنصب أساساً, بالنظر إلى عدم قدرتها على إدارة طاقمها الفوضويّ, وإفتقادها إلى حس القيادة, وعدم قدرتها على إدراك انها فظة في غالب الوقت, بل تميل إلى الوقاحة أحياناً.

لم يكن هذا ليكون مشكلة لو كانت للشخصية مهارات تعويضية تجعلك تستوعب سبب إيمان بعض الأشخاص فيها. هل هي الكاريزما؟ شخصيتها الشعبوية؟ أم تسريحة شعرها؟

تسريحة شعر (سلينا) لا عيب فيها, لكن مسيرتها السياسية تبدو غير منطقية ولا يوجد أي سبب يدفعني للإهتمام بما يحدث لها أو للاشخاص الذين يحيطون بها. (سلينا) تلعب الدور المعتاد لـ ربّ عمل لا يملك أدنى فكرة عن ما يفعله بحق الجحيم, دور معتاد جداً على التلفزيون, وشخصيتها ليست حتى أفضل شخصية لعبت هذا الدور. و طاقمها لديه نفس العيب, كل شخصية فيه تستجيب للعراقيل التي تجابهها بالطريقة التي تتوقعها كل مرة, (إيمي) تصرخ و تشتم, (غاري) المساعد الشخصي الغير مُجدي الذي يقوم بمهمات صغيرة لكن يشتكي من سوء المعاملة, (مايك) يريد الاكل و النوم فقط ولا يهتم بمسيرة (سلينا) لدرجة انه يستخدم كلباً خيالياً للتهرب من القيام بأي عمل حقيقيّ, (دان) المخطط العبقريّ و المنقذ. المشاجرات بين هذا الطاقم تصبح رتيبة و متوقعة بعد أول ثلاثة حلقات من المسلسل.

دعوني أؤكد لكم, أنا أحب الكوميديا ”الخرقاء“ التي تدور حول شخصيات خرقاء أو أحداث سخيفة كأي شخص أخر, لكن VEEP ليس مضحكاً و لم يات بجديد بهذا الصدد, ومعظم نكاته تُفهم من بعيد. مثلاً, إذا قالت (سلينا) أنها سوف تولي بعض الوقت لإبنتها, فتأكد أن ما سيحدث هو العكس تماماً. المسلسل ليس سوى ”ذا أوفيس“ بطابع سياسيّ مع الكثير من الشتائم, و أظن أنني أستنقص من ”ذا أوفيس“ بهذه المقارنة.

هذا فاجئني إذ أن مؤلف المسلسل البريطانيّ الأصليّ Armando Iannucci هو ذاته مؤلف وكاتب هذا المسلسل, وكذلك كتب الفيلم الرائع In The Loop. المسلسل الأصلي يتلقى نقداً رائعاً جداً, ومما قرأت, فإن الشخصية الرئيسية به هي ملح المسلسل, بأداء رائع من Peter Capaldi, الذي يستخدم الشتائم و الصراخ لنيل ما يشاء. مقصدي هنا, هو أن هذا المسلسل كان لديه محور يستند عليه, على عكس VEEP.

ختاماً, كُتاب VEEP للأسف لم يقدمو أي جديد (أو أي كوميديا) حول عالم السياسة في واشنطون, تناول المسلسل أفكار يعرفها الجميع و تم ذكرها مراراً و تكراراً في مسلسلات و أفلام. وبهذا يكون VEEP مجرد مسلسل كوميديّ-غير-مضحك أخر على HBO.

في إنتظار الموسم الثاني هذا الشهر, نتمنى ان يتحسن المسلسل..

التقييم النهائيّ

الكتابة:
التمثيل:
الإخراج:
رأي شخصي:
7.5 / 10 (جوليا لوي درايفس) كوميديّة موهوبة, لكن VEEP أعطاها وجهاً و شكلاً واحداً فقط يتكرر على مدار الحلقات, الحوارات الخرقاء, المعاملة المهينة. أداءها, بالنظر إلى كتابة المسلسل, مذهل و تستحق عليه الجوائز و الترشيحات التي نالتها, لكن مسلسل VEEP في حلقاته الثمان لم ينتزع مني إلا ضحكات قليلة, ويبدو أن المسلسل لا يهتم بكونه منطقياً بل يقتصر على كونه غريباً بشكل مضحك. VEEP ليس بالتأكيد أفضل كوميديا على التلفزيون في الوقت الحاليّ.